طوفان الأقصى: حماس تطالب التنظيم العالمي للإخوان بدعمها
أعلنت جماعة الإخوان وأفرعها المختلفة دعمها لعملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مشيدةً بالهجمات التي شنتها الفصائل الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة ضمن هذه العملية.
ومنذ اللحظات الأولى لبدء الجولة الحالية من المواجهات بين الفلسطينيين وإسرائيل، لم تنقطع البيانات التي تصدرها جماعة الإخوان حول “طوفان الأقصى”، وتضمنت بعضها إشادة بالفصائل المنخرطة في المعركة ضد تل أبيب، وأخرى إدانة للهجمات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، والتي تستهدف البنية التحتية لقطاع غزة المحاصر.
ففي الـ8 من أكتوبر، خرج محمود حسين القائم بأعمال مرشد الإخوان- جبهة إسطنبول في كلمة متلفزة مبديا دعمه لحركة حماس وكتائب القسام في حربها الحالية، كما أشاد بالقدرات الهائلة والتخطيط الدقيق لكتائب القسام التي تمكنت من الدخول إلى النقاط والمواقع العسكرية في مستوطنات غلاف غزة، وقتلوا وأسروا كل من فيها، معتبرًا أن هذه العملية أثبتت هشاشة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية.
وعلى نفس المنوال، ظهر صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد- جبهة لندن، في كلمة متلفزة قال فيها إن فلسطين هي قضية جماعة الإخوان، معتبرًا أن العملية العسكرية التي شنتها كتائب القسام تمثل ردًّا حاسمًا لإفشال خطة فرض السيادة على المسجد الأقصى، ولردع أي عمل عسكري محتمل ضد قطاع غزة، ولوقف المراوغة في ملف الأسرى الفلسطينيين، وفق تعبيره.
اجتماعات سرية
وبعيدًا عن الإشادات الإعلامية والدعوات التي أطلقتها جماعة الإخوان لمناصرة الشعب الفلسطيني في المعركة الحالية، عقد قيادات بجماعة الإخوان الأم، لقاءات سرية بقيادات من حركة حماس لمناقشة الدعم الممكن تقديمه للفلسطينيين في الوقت الراهن.
وفي هذا الإطار، التقى حلمي الجزار، نائب رئيس الهيئة الإدارية العليا لجماعة الإخوان- جبهة لندن ومسؤول المكتب السياسي بها، عضو قيادة حركة حماس في الخارج هشام قاسم، خلال عشاء عمل في مدينة إسطنبول التركية، لمناقشة الأوضاع الحالية في قطاع غزة، وتضمن الحوار الذي دار بين الطرفين نقاشات حول ما يمكن أن يقدمه الإخوان في الوقت الحالي، وماذا تريده منها حركة حماس.
وركز القيادي بحركة حماس هشام قاسم على مسألة تقديم الدعم المادي من جميع أفرع الإخوان حول العالم لصالح الفلسطينيين والفصائل المقاومة، وتوفير المساعدات الإغاثية التي يحتاجها قطاع غزة، بالإضافة إلى توفير الدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية عبر القنوات والمواقع الإلكترونية ولجان وأفراد جماعة الإخوان الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
وطلب هشام قاسم من مسؤول المكتب السياسي لجماعة الإخوان حلمي الجزار، بأن تركز جماعة الإخوان على مسألة تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء أو إلى أي مكان آخر وفضح ما قال إنه مخطط لتصفية القضية الفلسطينية عبر ترك قطاع غزة فارغ والقضاء على الفصائل الفلسطينية.
وشدد عضو قيادة حركة حماس في الخارج على أن حركة حماس أعلنت من قبل، ظاهرياً، فك ارتباطها بالتنظيم العالمي/ الدولي لجماعة الإخوان، وبالتالي فلن يكون مقبولاً الإعلان عن أن أيّ من قيادات الحركة اجتمع بمسؤولين من جماعة الإخوان أو حضر أي فاعليات تنظمها الجماعة.
وبدوره، أكد حلمي الجزار على ضرورة عدم توجيه أي نقد للإداراتين المصرية والسعودية في الوقت الحالي، بالإضافة إلى العمل على الترتيب معهم ومع دولتي قطر وتركيا بشأن الرهائن الذين تحتجزهم كتائب القسام.
ووفقًا للمعلومات المتاحة، فإن مسؤول المكتب السياسي للإخوان حلمي الجزار وجه الدعوة لأيمن نور، المعارض المصري البارز ورئيس قناة الشرق الفضائية، لحضور العشاء الذي جمعه بهشام قاسم عضو قيادة حركة حماس في الخارج، لكن “نور” اعتذر عن قبول الدعوة؛ لأنه لا يريد أن يتورط في أي علاقة مع حركة حماس الفلسطينية في الوقت الحالي، خصوصًا وأن لديه علاقات بدول أوروبية منها فرنسا التي زارها، مؤخرا، والتقى بالعديد من الشخصيات فيها بعضهم من المحسوبين على اليمين الفرنسي المتطرف.
حملات إعلامية ودعوات للتظاهر أمام السفارات الإسرائيلية
وفي أعقاب اللقاء الذي جمع بين القياديين في جماعة الإخوان وحركة حماس، تواصل عدد من الكوادر الشبابية للجماعة على رأسهم صهيب عبد المقصود، عضو الهيئة الإدارية العليا للجماعة والمتحدث الإعلامي باسمها، مع حلمي الجزار وعرضوا عليه أفكاراً تتعلق بإطلاق حملات إعلامية لدعم القضية الفلسطينية مع التركيز على الأوضاع الحالية في قطاع غزة، وهو ما رحب به مسؤول المكتب السياسي للإخوان.
ومن جهته، وافق صلاح عبد الحق القائم بأعمال مرشد الإخوان- جبهة لندن على الأفكار المتعلقة بالحملات الإعلامية والتحركات الداعمة للقضية الفلسطينية في الوقت الراهن.
وتضمنت المقترحات التي تقدمت بها الكوادر الشبابية الإخوانية تنظيم عدد من التظاهرات المنسقة بصورة متزامنة في العديد من الدول، على أن يرفع المتظاهرون شعارات ضد عمليات القتل الجماعي للمواطنين الفلسطينيين وضد الدعوات لتهجيرهم إلى خارج قطاع غزة.
ومن المقرر أن تبدأ أولى هذه التظاهرات في الـ27 من أكتوبر الجاري، على أن يكون التظاهر أمام القنصليات والسفارات الإسرائيلية في مختلف الدول في أنحاء العالم. أما في مصر، فاقترح شباب الإخوان أن يتم الإعلان أن المظاهرات ستتجمع أمام السفارة الإسرائيلية، وفي حال تجمع عدد كبير من المحتجين يتم التوجه بهم لميدان التحرير في قلب العاصمة القاهرة.
غير أن صلاح عبد الحق، القائم بأعمال مرشد الإخوان- جبهة لندن، وحلمي الجزار نائب رئيس الهيئة الإدارية العليا ومسؤول الملف السياسي بالجماعة، أكدا على ضرورة أن لا تتبنى الجماعة، رسميا، دعوات التظاهرات حول العالم في بادئ الأمر، وأن يتم تأخير التبني إلى حين نجاح هذه الفاعليات، ولا سيما في العاصمة المصرية القاهرة.
على صعيد متصل، أطلق مجموعة من شباب الإخوان في مقدمتهم المخرج ومقدم البرامج بقناة الشرق، عز الدين دويدار، المقرب من جبهة لندن في الوقت الحالي، والمعروف بأنه كان أحد قادة الجبهة الثالثة في الإخوان (جبهة المكتب العام) والمعروفة أيضَا بتيار التغيير حملات إعلامية لدعم الفلسطينيين في الحرب الحالية.
ودشن عز الدين دويدار، والذي يزيد متابعوه على وسائل التواصل الاجتماعي عن 100 ألف متابع، مجموعة على موقع تيلجرام للتواصل الاجتماعي تضم العديد من المؤثرين/ الإنفلونسرز على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وتتولى هذه المجموعة ترتيب وتنسيق عمليات النشر حول الحرب في قطاع غزة، بما في ذلك الرد على الرواية الإسرائيلية حول الحرب.
ويعمل القائمون على هذه المجموعة على نشر التدوينات ومقاطع الفيديو باللغتين العربية والإنجليزية، لكنهم حرصوا على أن تبدو الحملات التي يطلقونها في صورة الحملات الشبابية غير الموجهة أو المرتبطة بجماعة الإخوان.
خاتمة
شكلت معركة طوفان الأقصى فرصة مناسبة لجماعة الإخوان لتظهر في صدارة المشهد مرة أخرى؛ فبعد أن انزوت الجماعة الأم ومن خلفها حركة حماس الفلسطينية، خلال الفترة الأخيرة، جاءت المعركة لتدفع بها إلى الواجهة.
وتحشد جماعة الإخوان بجبهاتها جهودها لدعم حركة حماس، وتقديم المساعدات لها في الوقت الحالي الذي تواجه فيه الحركة حملة إسرائيلية شرسة للقضاء عليها وإخراجها من معادلة الصراع، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من مسؤولي الحكومة الإسرئيلية.
بيد أن حركة حماس لا تريد لهذا الدعم أن يظهر للعلن؛ إذ إنه لا يفترض أن يبدو أن هناك علاقة قائمة بينها وبين جماعة الإخوان، حاليا، خاصةً وأن الحركة أعلنت في عام 2017، فك ارتباطها بالإخوان، ولذا فضل الطرفان أن يبقى الدعم سرّيًا في الفترة الراهنة، وحتى ينقشع الغبار الذي أثارته الحرب الحالية، والتي لم تضع أوزارها بعد.