تقارير ودراسات

سقوط الأسد: فيلق القدس يواجه أزمة استراتيجية

بصفته قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، فإن وجود إسماعيل قاآني في طهران وسط الوضع المتغير بسرعة في سوريا، يشير إلى حالة من عدم اليقين لدى القيادة الإيرانية وفقدان محتمل للنفوذ.

وورث قاآني قيادة فيلق القدس قبل خمس سنوات بعد اغتيال سلفه الجنرال قاسم سليماني.

والآن يجد نفسه في مواجهة سيناريو لم يتوقعه المخططون الاستراتيجيون الإيرانيون على الأرجح: سقوط حليفهم الرئيس في الشرق الأوسط، بشار الأسد.

لقد كانت سوريا بمثابة أصل استراتيجي بالغ الأهمية بالنسبة إلى إيران، حيث وفّرت جسراً برّياً حيوياً لحزب الله في لبنان، وعملت كقاعدة أمامية للنفوذ الإقليمي الإيراني.

ويمثل سقوط الأسد انتكاسة جيوسياسية كبرى للجمهورية الإسلامية.

وظهر محمد رضا غلام رضا، نائب رئيس وزارة الاستخبارات السابق ونائب قائد فيلق القدس السابق أثناء قيادة سليماني، على التلفزيون الرسمي الإيراني وقال: “كان ينبغي لنا أن نمنع هذا الوضع”.

وفي تصريحات غير مسبوقة، زعم أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وبعض الدول العربية “خدعونا”.

وقال نائب فيلق القدس السابق: “قبل شهرين قدموا لنا ضمانات بعدم حدوث شيء، وخدعتنا تركيا وبعض الدول العربية، وكان الجميع يظن أن هذه الوعود والضمانات ذات مصداقية، لكنها لم تكن كذلك، لقد خدعونا”.

وأضاف: “على أيّ حال، حدثت المفاجأة، وبناء على تقديراتنا وتوقعاتنا، كان ينبغي لنا منعها وزيادة قواتنا، لكن ذلك لم يحدث”.

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد زار دمشق قبل أسبوع والتقى بشار الأسد.

وبعد اللقاء تناول العشاء في أحد المطاعم السورية بدمشق، ونشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً ومقاطع فيديو تصور الحدث كإشارة إلى أجواء السلام والأمن في سوريا.

كما التقى عراقجي مع الوزير التركي فيدان للمرة الثانية. وتشير بعض التقارير غير المؤكدة إلى أجواء متوترة بين الوزيرين، لكن تصريحات نائب قائد فيلق القدس السابق، التي تشير بشكل مباشر إلى “خداع” إيران من قبل فيدان، تعطي مصداقية لهذه التقارير.

في أقل من أسبوعين، سيطر المتمردون السوريون على دمشق، وسقطت مدن رئيسة في الشمال والجنوب، بما في ذلك حلب وحماة ودير الزور، في أيديهم.

وعبّر مواطنون سوريون عن ارتياحهم من خلال هدم تماثيل والد بشار، حافظ الأسد، الرئيس السابق للبلاد.

وتم إطلاق سراح السجناء أيضاً.

وفي أول إعلان لهم على التلفزيون الرسمي بعد الهجوم الذي صدم العالم، أعلن المتمردون نهاية حكم الأسد الاستبدادي الذي استمرّ 24 عاماً.

وأظهرت لقطات مجموعة من الأشخاص داخل استوديو الأخبار في التلفزيون الرسمي، يقرأ أحدهم بياناً من “غرفة عمليات فتح دمشق”.

وجاء في البيان “تحرير دمشق وسقوط الطاغية بشار الأسد، وإطلاق سراح كل المعتقلين ظلماً في سجون النظام”، داعياً المقاتلين والمواطنين إلى حماية “ممتلكات الدولة السورية الحرة”.

وأبلغت قيادة الجيش السوري ضباطها أن نظام الأسد انتهى رسميًّا، لكن الجيش أعلن لاحقاً أنه يواصل عملياته ضد “المجموعات الإرهابية” في ريف حماة وحمص ودرعا.

وقال دبلوماسيان إيرانيان لـ”إيران واير” إن عملاء الجمهورية الإسلامية حاولوا منع إلحاق الأذى بالقوات والمواطنين الإيرانيين في سوريا.

وكانت إيران والمرشد الأعلى علي خامنئي من أكبر الداعمين لنظام بشار الأسد في سوريا.

وقد تزامن جزء كبير من رئاسة خامنئي والسنوات الأولى من زعامته مع رئاسة حافظ الأسد، ثم تولى ابنه بشار السلطة.

إن وصف خامنئي لسوريا بأنها “خط المواجهة الأمامي للمقاومة” ضد إسرائيل يظهر مدى استعداد الحكومة الإيرانية للاستثمار في هذا السياق، وخاصة قبل حرب غزة ـ إسرائيل، التي أدت إلى انهيار “محور المقاومة” وتفكك الجماعات التابعة لإيران.

إن الوجود المكثف للحرس الثوري الإيراني في سوريا، والذي استهدفته إسرائيل بانتظام على مدى العقد الماضي، ليس سوى جانب واحد من الإنفاق الإيراني الذي استنزف خزينة طهران في السنوات الست الماضية بسبب العقوبات الأمريكية.

وكان جزء كبير من المساعدات الإيرانية لبشار الأسد يتمثل في توفير النفط المجاني لسوريا، كما كشف النائبان السابقان في البرلمان الإيراني بهرام بارسائي وحشمة الله فلاحت بيشه عن ديون “غير مسددة”.

وكتب بارسائي على موقع إكس: “عندما كنت في البرلمان، كانت سوريا وبشار الأسد مدينين لإيران بمبلغ 30 مليار دولار، وهو ما لم يتم الموافقة عليه من قبل البرلمان أبداً”.

“بمعدل 70 ألف تومان مقابل الدولار الواحد، فإن هذا يعادل 2 كوادريليون تومان، فما هو وضع هذا المبلغ الضخم الآن؟”.

وقال فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إن “الحكومة لم تتمكن بعد من تسوية مليارات الدولارات من تكاليف الحرب السابقة”.

ومع استمرار تطور الوضع في سوريا، تواجه الجمهورية الإسلامية تحدّياً صعباً يتمثل في إعادة معايرة نفوذها في المنطقة، في حين تكافح في الوقت نفسه لإيجاد حل للتكاليف غير المحسومة المترتبة على دعمها للأسد.

الكاتب: فرامرز دافار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى