تقارير ودراسات

هل تحوّل الإخوان المسلمون من صديق إلى عدو مع استعادة تركيا علاقاتها مع مصر؟

بعد ما يقرب من عقد من الجمود الدبلوماسي، اتفقت مصر وتركيا على استعادة العلاقات الدبلوماسية، وقد تمت بالفعل زيارات رفيعة المستوى بين البلدين. وفي الآونة الأخيرة، كان وزير التجارة المصري في تركيا، وتم الاتفاق بين الجانبين على رفع مستويات التجارة إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2030.

بدأ هذا التقارب في أوائل عام 2021، لكن الاختراق الكبير جاء خلال حفل افتتاح بطولة كأس العالم قطر 2022، عندما تصافح كل من الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي بحضور حاكم قطر تميم بن حمد آل ثاني.

وتوترت العلاقة بين الاثنين بعد أن نددت تركيا بإطاحة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في انقلاب يوليو/ تموز 2013. وكان أردوغان أول زعيم يزور مصر بعد انتخاب مرسي رئيساً لاستعراض العلاقة الأيديولوجية الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، بل إن تركيا قدمت طلباً رسمياً إلى مجلس الأمن الدولي لاعتبار الرئيس السيسي مجرم حرب بعد أن قام بتدبير الانقلاب، وطردت كلتا الدولتين سفير الدولة الأخرى.

وسرعان ما أصبحت تركيا ملاذاً آمناً لقادة جماعة الإخوان المسلمين المنفيين، وأصحاب وسائل الإعلام المناهضة للنظام، وغيرهم من الرعاة الإسلاميين، بعد أن أعلنت الحكومة المصرية أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية في ديسمبر/ كانون الأول 2013. وكان وجود جماعة الإخوان المسلمين في تركيا هو السبب الرئيس للخلاف بين القاهرة وأنقرة، وكان ترحيلهم هو الموضوع الرئيس في كل المفاوضات السابقة بين الاثنين. وبحسب أحد التقارير، يقيم في تركيا حوالي 8000 عضو في جماعة الإخوان و3000 ناشط إسلامي؛ ومن بين هؤلاء، تم منح الجنسية لـ 2000 شخص، بينما يقيم الباقون بشكل غير رسمي ويتم تصنيفهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين.

وأصرت مصر على تسليم كل من لجأوا إلى تركيا. وفي الأسابيع الأخيرة، ورد أن القاهرة سلمت السلطات التركية قائمة بأسماء المطلوبين في مصر بتهم الإرهاب، والذين حُكم على العديد منهم بالإعدام غيابياً.

وتزامنت عملية التقارب بين تركيا ومصر مع تخفيف حدة الخطاب المناهض لمصر في وسائل الإعلام التركية. وفي عام 2021، أصدرت أنقرة تعليمات إلى العديد من القنوات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين مثل قناة الشرق وتلفزيون الوطن بالتوقف عن بث البرامج السياسية التي تنتقد النظام المصري، وضغطت عليها لتقتصر فقط على البرامج غير السياسية. وفي وقت لاحق، تم إغلاق موقع قناة الشرق لعدم التزامها بالتعليمات الحكومية. كما تم القبض على العديد من أعضاء الجماعة لاستخدامهم حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة الناس للاحتجاج ضد الحكومة في مصر.

في الأيام الأولى من دبلوماسية القنوات الخلفية، لم تُظهر مصر أي حماس تجاه الإجراءات المناهضة للإخوان التي كانت الحكومة التركية تتخذها، مشيرة إليها فقط على أنها “بادرة جيدة”. بينما رفضت تركيا تغيير موقفها، واستمرت في اعتبار جماعة الإخوان حركة سياسية.

ولكن بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة، بدأت تركيا في اتخاذ إجراءات صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وقد ألقت الشرطة القبض على العشرات من كبار قادة الجماعة، في حين تم ترحيل سبعة من أعضائها إلى الدول المجاورة، ويقال إن العديد منهم غادروا إلى المملكة المتحدة والولايات المتحدة وإندونيسيا وماليزيا خوفاً من رد فعل عنيف من السلطات التركية. وطُلب من الآخرين الذين يقيمون في تركيا منذ عقد من الزمن مغادرة البلاد في غضون خمسة أشهر. وتفيد التقارير أيضاً أن العديد منهم قد تم رفض تجديد بطاقات إقامتهم، وبالتالي ليس لديهم خيار سوى مغادرة البلاد. كما سحب حزب العدالة والتنمية عضوية الحزب للمرتبطين بالإخوان في مصر والذين حصلوا على الإقامة التركية.

وتزامنت هذه الإجراءات الصارمة مع حرمان العديد من قيادات الإخوان البارزة من الجنسية، ومن بينهم الداعية وجدي غنيم، الذي حكمت عليه محكمة مصرية بالإعدام غيابياً عام 2018. وعبر غنيم عن خيبة أمله بعد القرار التركي. وقال إنه بعد ترحيله من قطر، وجد ملاذاً في تركيا؛ ومع ذلك، عليه الآن أن يبحث عن سكن جديد. غنيم مدرج على قائمة الإرهاب في كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهو ممنوع من دخول المملكة المتحدة.

ومن المرجح أن توقف تركيا عملية التجنيس والإقامة الإنسانية التي أطلقتها الحكومة بعد الإطاحة بمرسي.

هذه التغيرات المفاجئة في التوجهات السياسية لتركيا تجاه الإخوان يمكن إرجاعها إلى إدراك أنقرة أن الجماعة، كقوة سياسية، لم تعد ذات أهمية في بلدها (مصر)، وأن وجودها في تركيا لم يعد مطلوباً بسبب سيناريوهات سياسية واستراتيجية سريعة التغير. ولا يمكن لتركيا التأثير على السياسة في مصر من خلال استضافة أعضاء الإخوان. وبدلاً من ذلك، أصبح وجودهم عبئاً على الاقتصاد، ومن المرجح أن يساء استخدامه من قبل خصوم أردوغان السياسيين.

الرابط: 

https://www.middleeastmonitor.com/20230804-has-the-muslim-brotherhood-turned-from-friend-to-foe-as-turkiye-restore-ties-with-egypt/

زر الذهاب إلى الأعلى