كيف يدمّر الإسلاميون الإسلام؟
خلال خطابه الأسبوعي في البرلمان الوطني، في 10 أبريل / نيسان 2018، أجرى الرئيس التركي القوي رجب طيب أردوغان محادثة قصيرة مع وزير التعليم في ذلك الوقت، عصمت يلماز، تم بث أجزاء منها عن غير قصد على شاشة التلفزيون، على الرغم من كتم صوت الميكروفون.
لقد كان مشهداً مثيراً للاهتمام: في منتصف خطابه، دعا أردوغان الوزير يلماز إلى المنصة، وسأله عن “التقرير عن الربوبية” الذي ذكره حليفه السياسي الرئيس، دولت بهجلي، في خطاب آخر قبل ساعات فقط. وعندما حاول الوزير، بمنتهى الاحترام، أن يشرح لرئيسه نتائج هذا التقرير، سُمع أردوغان وهو يقول: “لا، لا يمكن أن يحدث شيء من هذا القبيل”.
تم إعداد التقرير المعني قبل بضعة أسابيع من قبل فرع محلي لوزارة التعليم التركية، وحذر التقرير حكومة أردوغان من “انتشار الربوبية بين الشباب” المثير للقلق. ووجدت الدراسة الرسمية أنه حتى في المدارس الدينية التي ترعاها الدولة – أي مدارس الإمام الخطيب الثانوية التي ارتفعت مستويات الالتحاق بها بشكل كبير في عهد أردوغان بفضل الحوافز والتجنيد الحكومي – كان عدد كبير من الطلاب يفقدون إيمانهم بالإسلام. وخلص التقرير إلى أنه “بدلاً من الذهاب إلى الإلحاد، فإن معظم هؤلاء الشباب (الذين فقدوا إيمانهم) يختارون الربوبية”. وهذا يعني أنه على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها حكومة أردوغان لتربية “جيل تقي” جديد، فإن قسماً كبيراً من شباب تركيا يختارون الإيمان بإله غامض التعريف بينما يبتعدون عن العقيدة الإسلامية.
وقد لوحظ هذا الاتجاه الاجتماعي في السنوات الأخيرة من قبل العديد من الأتراك الآخرين أيضاً، وأصبح حديث اليوم في الأمة. لقد بحثت مئات المقالات في وسائل الإعلام المطبوعة وعشرات المناقشات في التلفزيون السؤال التالي: “لماذا ينزلق شبابنا إلى الربوبية؟” في أبريل / نيسان 2018، دحض علي أرباش، رئيس مديرية الشؤون الدينية (ديانت)، لأول مرة التقارير حول انتشار المعتقد الربوبي تماماً، ونفى احتمال أن يكون “أي عضو في أمتنا مهتماً بمثل هذه الفكرة المنحرفة [مثل الربوبية]”. ولكن بعد خمسة أشهر، أعلنت مديرية أرباش “الحرب” على الربوبية.
“طاعون الربوبية” في تركيا: لماذا الآن؟
ما هي القوة الدافعة وراء “طاعون الربوبية” هذا، كما يطلق عليه المحافظون الدينيون في تركيا؟ لقد وجد بعض النقاد المؤيدين لأردوغان الإجابة فيما أصبح حجر الزاوية في رؤيتهم للعالم: المؤامرة الغربية. ووفقاً للداعية التلفزيوني الإسلامي الشهير نهاد هاتيبوغلو، على سبيل المثال، تم “حقن” الربوبية في الأمة التركية المجيدة من قبل “الإمبرياليين” الذين يريدون إضعاف تركيا، عندما تصبح أخيراً عظيمة ومسلمة مرة أخرى. ووفقاً لعلي أرباش، كبير رجال الدين في الحكومة، فإن القوة الحقيقية وراء انزلاق الشباب التركي إلى الربوبية هي “المبشرون” الغربيون، الذين يفترض أنهم يتآمرون لجذب الشباب إلى الربوبية “لإبعادهم عن الإسلام”، ومن ثم جعلهم مسيحيين فيما بعد.
ومع ذلك، بالنسبة إلى الأتراك الآخرين، فإن الجدل حول الربوبية برمته لا يمثل مؤامرة كبرى، بل مفارقة كبرى: ففي تركيا، الدولة التي تفتخر في كثير من الأحيان بكونها “مسلمة بنسبة 99 بالمائة”، يحدث هذا في وقت أصبح فيه أولئك الذين يناصرون الإسلام ـ الإسلاميون، بما في ذلك الرئيس أردوغان وأنصاره في حزب العدالة والتنمية الحاكم ـ أكثر قوة من الناحية السياسية من أي وقت مضى.
في الواقع، قد يزعم المرء أن هذا ليس حتى مفارقة، بل هو سببية مفهومة: هناك هروب من الإسلام؛ لأن الإسلاميين في السلطة. وبما أن حكم حزب العدالة والتنمية أثبت بشكل لا لبس فيه أنه استبدادي وفاسد وقاس، فقد أصبح بعض أولئك الذين يشعرون بالاشمئزاز من سلطته وأجندته يشعرون أيضاً بالاشمئزاز من الإسلام.
وقد بدأ الكثيرون بالفعل في طرح هذه القضية في تركيا. وأحد هؤلاء هو تيميل كرامولا أوغلو، زعيم حزب السعادة الصغير، الذي يضرب بجذوره في الإسلام السياسي، مثل حزب العدالة والتنمية، ولكنه رغم ذلك انضم إلى المعارضة العلمانية الرئيسية ضد نظام أردوغان. قال كرامولا أوغلو في يونيو/ حزيران 2019: “هناك إمبراطورية خوف، ودكتاتورية في تركيا من قبل أولئك الذين يزعمون أنهم يمثلون الدين. وهذا يدفع الناس بعيداً عن الدين” (يمثل حزب كرمولا أوغلو الصغير أقلية متنامية من المحافظين المتدينين الذين سئموا نظام أردوغان. ولهؤلاء الناخبين الأتراك أيضاً برامج جديدة في حزبين سياسيين جديدين ترأسهما شخصيات رئيسة سابقة في حزب العدالة والتنمية انفصلت عن أردوغان: “حزب المستقبل” “بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، و”حزب العلاج” بقيادة قيصر الاقتصاد السابق علي باباجان).
ناقد آخر هو عالم الاجتماع التركي موكاهيت بيليتشي، المقيم في الولايات المتحدة، وهو نفسه مسلم متديّن، والذي يعرّف الاندفاع إلى الربوبية بأنه جزء من “أزمة التدين في الإسلاموية التركية”. وبعد هزيمة النظام العلماني الكمالي الذي دام قرناً من الزمان، لاحظ أن “التدين في تركيا بدأ يتنفس بحرية”. ومع ذلك، ونتيجة لذلك، “تم وضع التدين التركي على المحك، وبينما نجح سياسياً، فقد فشل روحياً”. ويضيف بيليتشي أن صعود الربوبية هو نتيجة لهذا الفشل الدراماتيكي. ويضيف أن:
“لا بد من التأكيد أن هذه العملية لا علاقة لها بالعلمانية الكمالية أو مشروع العلمنة الذي تقوده الدولة، والذي أسسه رجل الدولة المؤسس مصطفى كمال أتاتورك، بل هي بالأحرى علمنة عضوية، مدنية تماماً ولا تحدث بناءً على طلب الدولة، بل على الرغم منها. إنها نتيجة للتنوير المحلي والأصيل، وازدهار مشاعر ما بعد الإسلاموية. وبعد خيبة الأمل إزاء ادعاءات آبائهم الدينية، والتي يعتبرونها منافقة، يختار الجيل الأصغر سنّاً طريق الروحانية الفردية والرفض الصامت للتقاليد”.
طهران: “العاصمة الأقل تديّناً في الشرق الأوسط”
إن ما حدث في تركيا في العقد الماضي ليس سوى شكل أخف مما حدث في جمهورية إيران الإسلامية على مدى العقود الأربعة الماضية. هناك أيضاً، استعاد القسم الأكثر إسلاماً في المجتمع، والذي تم تهميشه لمدة قرن تقريباً في ظل نظام علماني، السلطة بحماسة ثورية. وفي إيران، كانت الثورة الإسلامية، التي بدأت عام 1979، أكثر وضوحاً ومفاجئة ودموية. وعلى النقيض من ذلك، كانت الثورة المستمرة خلال فترة ولاية حزب العدالة والتنمية في تركيا أكثر ضمنية وتدريجية وديمقراطية وسلمية نسبياً. ومع ذلك، من العدل في كلا البلدين أن نقول إن الإسلام وصل إلى السلطة السياسية بدافع الانتقام، ولكن نتنجت عنه عواقب غير مقصودة.
هذه هي الحال، ففي إيران نجح طموح ثورة 1979 في إعادة أسلمة المجتمع الإيراني، ولو جزئياً على الأقل، في تحقيق العكس: نزع الإسلام عن إيران. غالباً ما يلاحظ الزوار الأجانب لطهران هذه العواقب في حياتهم اليومية. وكان أحد هؤلاء الزوار هو نيكولاس بيلهام، مراسل مجلة الإيكونوميست في الشرق الأوسط. وقد اعتقلته المخابرات الإيرانية لأسابيع في صيف 2019 قبل أن يتمكن من الإبلاغ عن هذه الملاحظات:
“على الرغم من سمعة إيران الدينية، فقد تكون طهران العاصمة الأقل تديّناً في الشرق الأوسط. يهيمن رجال الدين على عناوين الأخبار ويلعبون دور شيوخ الطائفة في المسلسلات، لكنني لم أرهم قط في الشارع، باستثناء اللوحات الإعلانية. على عكس معظم الدول الإسلامية، فإن الأذان للصلاة غير مسموع تقريباً. كانت هناك حملة واسعة النطاق لبناء مساجد جديدة، ومع ذلك يتدفق عدد أكبر من الناس على المعارض الفنية في أيام الجمعة أكثر من الخدمات الدينية […]. الكحول محظورة ولكن يتم توصيل النبيذ إلى المنازل أسرع من البيتزا. في بيوتهن الآمنة، غالباً ما تزيل النساء أغطية رؤوسهن عند الدردشة عبر الإنترنت. وكانت قاعات السينما المظلمة توفر فترة راحة من شرطة الأخلاق التي تفرض الانضباط. وفي المقاهي تترك النساء حجابهن ينسدل بهدوء. أما الأكثر وقاحة فكن يسرن ببساطة في الشوارع، ويخاطرن بالسجن لمدة عشر سنوات […]. أطلقت إيران على نفسها اسم دولة ثيوقراطية، ومع ذلك شعرت بصعوبة تحديد مكان الدين بشكل محبط، وبدا المتدينون الحقيقيون مهمشين مثل الأقلية”.
إن هذا النقص السائد في التقوى ليس سوى جانب واحد من فشل حماسة الثورة الإيرانية لإعادة أسلمة المجتمع. أما الجانب الأكثر خطورة فهو الردة الصريحة عن الإسلام، وهو الغضب الذي تريد الجمهورية الإسلامية تجنبه من خلال معاقبته بالإعدام. وكما كتبت في مكان آخر، يبدو أن إيران هي الدولة الأولى ذات الأغلبية المسلمة من حيث إنتاج المنشقين عن الدين. ويتبنى العديد من هؤلاء المسلمين السابقين المسيحية، مما يجعل الكنيسة الإيرانية “الأسرع نمواً” في العالم. ووفقاً لإحدى الدراسات، يقدر عدد الإيرانيين الذين تحولوا من الإسلام إلى المسيحية من عام 1960 إلى عام 2010 بحوالي 100 ألف. وتقدر دراسة حديثة العدد بما بين 250.000 و500.000. ويمارس بعض هؤلاء المتحولين دينهم الجديد سراً في إيران، ويهرب آخرون إلى الخارج لإنقاذ حياتهم.
لا يزال هناك مرتدّون إيرانيون آخرون لا يتحولون إلى المسيحية، بل يصبحون بدلاً من ذلك “ملحدين” بتحدٍّ. إحداهن هي عزام كامغويان، وهي ناشطة نسوية نجت بالكاد من الثورة الإيرانية، وانتقلت إلى الخارج، وكتبت العديد من الكتب بما في ذلك “الإلحاد والتحرر من الدين والسعادة الإنسانية”. وفي مجلد آخر، تكتب بشغف عن كيف “دمر الإسلام حياة وأحلام وآمال وتطلعات ثلاثة أجيال متتالية” في إيران ما بعد عام 1979. وبطبيعة الحال، فإن القوة التي فعلت هذه الأشياء لم تكن الإسلام نفسه، بل الجمهورية الإسلامية. ولكن من الواضح أنه من السهل الخلط بين الأمرين في إيران ما بعد الثورة.
موجة علمانية في العالم العربي
ماذا عن العالم العربي؟ وهو بالطبع مشهد كبير ومتنوع، يضم 22 دولة منفصلة ذات تاريخ وأنظمة سياسية مختلفة، إلى جانب تركيبات طائفية أو عرقية أو قبلية متميزة. ومع ذلك، في جميع أنحاء العالم الناطق بالعربية أيضاً، من الممكن رؤية علامات موجة علمانية جديدة.
تم التقاط بعض هذه العلامات مؤخراً بواسطة الباروميتر العربي، وهي شبكة بحثية مقرها في جامعة برينستون وجامعة ميشيغان. وفي استطلاعات الرأي التي أجريت في ستة دول عربية ـ الجزائر ومصر وتونس والأردن والعراق وليبيا ـ وجد باحثوها أن “العرب فقدوا الثقة في الأحزاب والزعماء الدينيين”. وبناءً على ذلك، في غضون خمس سنوات، ارتفعت نسبة العراقيين الذين يقولون إنهم لا يثقون في الأحزاب الإسلامية من 51 إلى 78 %، وانخفضت “الثقة في الأحزاب الإسلامية” في البلدان المذكورة أعلاه من 35% عام 2013 إلى 20% عام 2018. كما انخفض معدل ارتياد المساجد بأكثر من 10 نقاط في المتوسط، وارتفعت نسبة العرب الذين يصفون أنفسهم بأنهم “غير متدينين” من 8% عام 2013 إلى 13%.
لماذا يحدث هذا؟ إحدى الإجابات عن هذا السؤال هي أن الكثير من الأشياء الفظيعة حدثت مؤخراً في العالم العربي باسم الإسلام. وتشمل الحروب الأهلية الطائفية في سوريا والعراق واليمن، حيث قاتل معظم المتحاربين في سبيل الله، وغالباً ما كان ذلك بوحشية مروعة. لقد عانى الملايين من الضحايا في هذه الحروب من الصدمة وخيبة الأمل من السياسة الدينية، وبدأ عدد غير قليل منهم في طرح أسئلة أعمق.
أحد الذين طرحوا تلك الأسئلة الصعبة ووجدوا الإجابة عنها في فقدان دينه هو أبو سامي، وهو رسام يبلغ من العمر 52 عاماً في بغداد. تحدث إلى شبكة إن بي سي نيوز في أبريل / نيسان 2019 باعتباره أحد “الملحدين المخفيين في العراق”. وقال: “كنا نسمع أن الإسلام هو دين السلام، لكن داعش تصرفت مثل الوحوش والبرابرة، وحتى أسوأ من ذلك”. ومن ذلك استنتج حكماً أوسع: “هل هذا دين مسالم؟ ليس كذلك على الإطلاق، ولا أريد أن أكون جزءاً من هذا الدين”.
مواطن عراقي آخر، المثقف والباحث الإسلامي غالب الشهبندر، يرى أيضاً هذه الديناميكية، وكمؤمن، يشعر بالقلق إزاءها. وحذر من أن “موجة الإلحاد ستعم العراق بسبب الممارسات الخاطئة للأحزاب الإسلامية”. “إنهم هم الذين دفعوا الناس إلى ترك الإسلام والديانات الأخرى”.
وفي سوريا المجاورة، التي مزقتها وحشية داعش وأمثالها، فضلاً عن النظام القاسي لبشار الأسد، هناك اتجاه مماثل: “ارتفاع الردة بين الشباب السوري”. وفي خضم كل أعمال العنف والفوضى، يشير الكاتب السوري شام العلي إلى أن “انتقاد الدين أصبح أكثر جرأة، وأن العديد من الشباب السوريين، وخاصة في أوروبا، يتخلون عن أنماط الحياة الدينية التي كانوا يحافظون عليها سابقاً في وطنهم”، ويضيف: “بعيداً عن النطاق الفردي، تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي العربية بالنقاد المعادين للدين ومحتواه، مما يدعو بشدة إلى إعادة التفكير في الأساطير الدينية أو السخرية منها تماماً”.
وفي السودان، حدثت تجربة مريرة أخرى مع الإسلاموية. من عام 1989 إلى عام 2019، عاشت الدولة الإفريقية ذات الأغلبية المسلمة تحت الحكم الاستبدادي للعقيد الذي تحول إلى رئيس عمر البشير. أدت الاحتجاجات في أوائل عام 2019 – أو “الثورة السودانية” – إلى طرد البشير من السلطة، بينما كشفت أيضاً عن فساده المذهل: ففي مقر إقامته وحده، عثرت قوات الأمن على أكثر من 350 مليون دولار نقداً. لقد كان درساً عاماً أن “الرجل الذي كان دائماً يثير المشاعر بالحديث عن بداياته المتواضعة” كان يخفي فقط “محاولته الشرهة لسرقة الأجيال”. وقد تعلم الجمهور هذا الدرس حقاً. وعلى حد تعبير عبد الوهاب الأفندي، وهو أكاديمي مسلم بارز مقيم في قطر، في السودان ما بعد الثورة، “جاءت الإسلاموية لتدل على الفساد والنفاق والقسوة وسوء النية. ربما يكون السودان أول دولة معادية للإسلاميين بشكل حقيقي من الناحية الشعبية”.
لكن ما هي الإسلاموية حقّاً؟
قد يكون من المفيد، في هذه المرحلة، أن نلاحظ أننا نتحدث هنا عن اتجاهات متصلة ولكنها متميزة. إن خيبة الأمل من الإسلاموية ـ في تركيا وإيران والسودان وأماكن أخرى ـ قد تؤدي إلى خيبة أمل من الإسلام نفسه. وهذا قد يؤدي إلى الإلحاد، أو الربوبية، أو المسيحية، أو قد يؤدي فقط إلى التوق إلى عقيدة أقل تسييساً. ومن المؤكد أن الخيار الأخير حاضر في جميع سياقات “ما بعد الإسلاموية” أيضاً. وفي نهاية المطاف، قد يبدو أنه اتجاه أكثر جوهرية من التخلي الكامل عن الإسلام.
ومع ذلك، ليس من السهل فصل الإسلام السياسي عن التيار الرئيس للإسلام السني أو الشيعي. ربما يقوم الإسلاميون ـ مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر ـ بزيادة تسييس الدين، كما تضيف الجماعات الإرهابية عنصراً ضارّاً من العنف الوحشي. ومع ذلك، فإن ما يناصرونه جميعاً ليس سوى الشريعة، التقليد القانوني للإسلام، الذي تمتلئ تفسيراته السائدة بوصايا يصعب قبولها من وجهة نظر حديثة. ومن الأمثلة على ذلك إعدام المرتدين والمجدفين، ورجم الزناة، وقطع أيدي اللصوص، والجلد العلني، وقواعد اللباس المفروضة على الإناث، وتفضيل الرجال على النساء، وتفوق المسلمين على غير المسلمين، والفكرة الشاملة لمجتمع مغلق لا يلهمه الدين فحسب، بل يخضع لرقابته أيضاً.
وكان الراحل محمد شحرور (ت 2019)، المثقف الشعبي السوري الذي نوقشت آراؤه الإصلاحية حول الإسلام على نطاق واسع في العالم العربي، قد أكد على هذه النقطة: “إن المشكلة لا تأتي من الإسلاميين فقط، الذين قد يكون لديهم برنامج سياسي محدد لتطبيق الشريعة، ولكن أيضًا من العلماء التقليديين السائدين الذين يؤيدون جميع التفسيرات القديمة للشريعة”. وفي إحدى كتاباته حيث دعا المسلمين إلى “العقل النقدي”، كتب شحرور:
“في البداية، اعتقدنا أن الإسلاموية سيتم تفسيرها على أنها انحراف عن التقليد العلمي السليم للعلماء، وتوقعنا من العلماء أن يدحضوا حجج الإسلاميين وطموحاتهم العدوانية لتسييس الإسلام وأسلمة العالم كله. وكم استغربنا عندما لم نسمع كلمة إدانة من علمائنا الكرام، بل تفسيرات شرعية تتغاضى أساساً عن تلفيقات الإسلاميين. ثم أدركنا أن تفسيرات العلماء للردة والجهاد والحرب لم تكن في الواقع تختلف كثيراً عن مواقف الإسلاميين”.
من هذا المنظور، فإن خيبة الأمل المعاصرة تجاه الإسلام لا ترجع فقط إلى الإسلاميين (سواء تم تعريفهم على أنهم حركات سياسية أقرب إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو الإرهابيين الأكثر تطرفاً)، ولكن أيضاً بسبب رجال الدين المحافظين ـ السنة أو السلفيين أو الشيعة ـ الذين يؤيدون وجهات النظر الدينية التي تتحدى المفاهيم الحديثة للحرية والمساواة وحقوق الإنسان.
ولنأخذ على سبيل المثال المملكة العربية السعودية، التي عارضت مؤخراً بغضب نمط الإخوان المسلمين من الإسلاميين، ولكنها تفرض أيضاً الشكل الأكثر صرامة للشريعة في الداخل. كما تجرم السلطات السعودية، على قدم المساواة مع الإرهاب، “الدعوة إلى الفكر الإلحادي بأي شكل من الأشكال، أو التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي”. ومع ذلك، كما لاحظ الصحفي حكيم الخطيب، فإن “الكثير من المواطنين في المملكة يديرون ظهورهم للإسلام”، وبعضهم يوضح ذلك في مواقع مثل “سعوديون بلا دين”. ويبدو أن أحد دوافعهم هو فظاظة نوع الإسلام المفروض عليهم، إلى جانب الفرص المتاحة في العصر الحديث للتعرف على العالم البديل هناك، جاء على لسان الخطيب:
“من بين أمور أخرى، ربما يكون ما يدفع السعوديين في المقام الأول إلى التخلي عن دينهم هو مخطوطة الشريعة الإسلامية الصارمة واللاإنسانية في البلاد، إلى جانب سهولة الوصول إلى المعلومات ووسائل الاتصال الجماهيري”.
من الصعب معرفة الحجم الحقيقي لهذا الهروب من الإيمان ـ حيث لا توجد استطلاعات للرأي، ومعظم الناس متحفظون ـ لكنه يبدو خطيراً بما فيه الكفاية، ليس فقط في المملكة العربية السعودية، ولكن أيضاً في الممالك العربية المجاورة، لإثارة قلق وسائل الإعلام بشأن “ميل متزايد بين الشباب في مجتمعاتنا الخليجية إلى الإلحاد”.
يلعب الإنترنت، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، دوراً رئيساً هنا كما تمت الإشارة إليه كثيراً، ولكن ليس فقط كناقل “للفكر الملحد” من الخارج، كما يعتقد المحافظون عادة، بل كمساحات حرة حيث يمكن أخيراً التعبير عن الإحباطات الداخلية ومشاركتها، كما يوضح عبد الله حميد الدين في كتابه الصادر عام 2019 “البدع المغردة: الإسلام السعودي في التحول”. هناك فقدان للثقة عند جيل الشباب، كما يظهر حميد الدين من خلال تجربته الشخصية، ليس فقط بسبب الأسئلة التي يطرحونها، ولكن أيضاً بسبب “الشك والإحباط من الإجابات التي يقدمها بسهولة علماء الدين الذين يتمتعون بسلطة تقليدية”.
وتأتي قصص مماثلة من المغرب، حيث السياسة والقوانين معتدلة نسبياً، ولكن الصراع بين الإسلام التقليدي والقيم الحديثة لا يزال قائماً. ومن الذين اتخذوا هذا الصراع سبباً للتخلي عن الإسلام هو المسلم السابق محمد الذي تحدث إلى أكاديمي غربي. ويبدو أن ما جعله ملحداً هو تزكية النفس عند إخوانه المسلمين:
كان السبب الرئيس وراء خسارته للإيمان هو رؤية المؤمنين المسلمين الذين يرون أنفسهم “المالكين الوحيدين للحقيقة الواحدة والأصيلة”، والاعتقاد بأن “المسلمين، والمسلمين وحدهم، لهم الحق في دخول الجنة”. “وماذا عن بقية العالم؟”، سأل محمد نفسه: “كان لدي زميل في المدرسة والدته من أصل يهودي. لم أستطع أن أفكر في تلك المرأة الجميلة في الجحيم. وبالمثل، شعرت بالاشمئزاز من الأحاديث – الأقوال المنسوبة إلى النبي محمد – والتي بدت غير أخلاقية فيما يتعلق بالنساء والكفار والحروب وما إلى ذلك”.
ويتحدث ملحدون مغاربة آخرون عن أسباب مماثلة لفقدانهم الإيمان. بالنسبة إلى عبد الله، وهو مسلم سابق آخر، كان السبب الرئيس هو كراهية المثليين التي واجهها في الأوساط الإسلامية. وتساءل: “كيف يمكن أن يدين الله المثليين بسبب خطاياهم، إذا كان الله نفسه خلقهم؟”. وبالنسبة إلى مسلم سابق آخر، كان ما يفسد الإيمان هو “الحيرة الناجمة عن قضايا أخلاقية مثل عدم المساواة بين الجنسين”.
لهذا السبب على وجه التحديد، يحذر الإسلاميون ورجال الدين المحافظون، من شمال إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، المسلمين من القيم الحديثة مثل الحرية الفردية، أو حرية التعبير، أو المساواة بين الجنسين. ففي ماليزيا، ألقيت خطب في المساجد ضد “الليبرالية والتعددية”، في حين أدان رئيس وزرائها السابق “نزعة حقوق الإنسان”. وفي المملكة العربية السعودية، تدير وزارة التعليم برنامجاً حكومياً في المدارس لبناء “الحصانة” ضد “الليبرالية” و”العلمانية” و”التغريب”. وفي تركيا، يحتفل المثقفون المؤيدون لنظام أردوغان بما يصفونه بـ “أزمة الديمقراطية الليبرالية”.
الإسلام في أزمة
كل الحكايات والملاحظات والتقارير والإحصائيات التي ذكرتها حتى الآن هي مقتطفات من قصة أكبر بكثير: أن الحضارة الإسلامية العظيمة تعيش أزمة كبيرة. قد يبدو هذا تصريحاً فضفاضاً جداً بالنسبة إلى بعض الآذان في الغرب، ولكن في الواقع يمكن اعتباره حكماً عادلاً من قبل معظم المسلمين المعاصرين، بما في ذلك الإسلاميين والمحافظين الذين انتقدتهم حتى الآن. إنهم سيختلفون معي ببساطة بشأن نوع الأزمة التي نعيشها.
بالنسبة إلى الكثيرين، وخاصة الإسلاميين، فإن الأزمة هي في المقام الأول أزمة سياسية: فمنذ إلغاء الخلافة، لم يعد لدى المسلمين دول أو قيادات قوية قادرة على حشدهم وتوحيدهم من أجل التغلب على صراعاتهم الداخلية وهزيمة أعدائهم الخارجيين (الغرب وإسرائيل عادة) وتحقيق النجاح الدنيوي، كما أن المجتمعات الإسلامية غارقة أيضاً في الأفكار الملتوية “غير الإسلامية” – إن لم يكن أيضاً العملاء المأجورون والطابور الخامس – للإمبرياليين، بينما هم أنفسهم مستغرقون في “النوم”. ويضيف الإسلاميون عادة أن المسلمين، لكي يستيقظوا، يحتاجون إلى حركة طليعية (التي غالباً ما تكون هم أنفسهم)، أو “صلاح الدين الجديد” (الذي غالباً ما يكون زعيمهم الكاريزمي)، القادر على استعادة وحدة المسلمين وإحياء مجدهم القديم.
وقد يتفق المحافظون مع هذه الحجة، لكنهم يضيفون عادة أن الأزمة الحالية تنطوي على عنصر أخلاقي أساسي أيضاً، ولو بمعنى أننا ـ نحن المسلمين ـ لسنا أتقياء بما فيه الكفاية. فعلى عكس المسلمين الأوائل، كما يقول المحافظون، انغمسنا نحن المسلمين المعاصرين في المكاسب والملذات الأرضية بدلاً من المكاسب والملذات السماوية. وبالتالي فقدنا نعمة الله والقوة الروحية لديننا.
وبعبارة أخرى، قد يجادل كل من الإسلاميين والمحافظين بأن النظرية التي بين أيدينا ـ التراث الإسلامي ـ مثالية، في حين أننا نفشل فقط في ممارستها. وبعد كل ممارسة فاشلة، يمكنهم أن يقولوا بسهولة: “لكن هذا ليس الإسلام الحقيقي”، على أمل أن تنجح الممارسة التالية. لكن الحقيقة المرة هي أننا ـ نحن المسلمين ـ لدينا مشكلة مع النظرية نفسها، خاصة على المستوى نفسه الذي يرى فيه الإسلاميون والمحافظون أن التقاليد الإسلامية لا تشوبها شائبة: القيم.
وهنا ما أعنيه. حتى بضعة قرون مضت، لم يكن أحد في العالم يكاد ينتقد الحضارة الإسلامية بسبب قيمها. وبالنسبة لأجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك أوروبا، لم يكن لديها شيء أفضل لتقدمه. فعندما كان الكاثوليك والبروتستانت يذبحون بعضهم البعض خلال حرب الثلاثين عاماً (1618-1648)، على سبيل المثال، بدت الإمبراطورية العثمانية متعددة الأديان وكأنها منارة للتسامح. وبالمثل، عندما تعرض اليهود للاضطهاد في إسبانيا الكاثوليكية في منتصف القرن الخامس عشر، فر العديد منهم إلى الحضارة الإسلامية بحثاً عن الأمان والحرية.
ومع ذلك، مع صعود الحداثة الليبرالية، تغير العالم بشكل كبير ـ يمكن القول إلى الأفضل، على الأقل من حيث قيمه ـ لقد أصبحت “حقوق الإنسان” قيمة “عالمية” يقبلها قسم كبير من البشرية (وإن لم يكن من قبل أنظمتهم الحاكمة غير الخاضعة للمساءلة). وبالتالي فقد أصبح من الحقائق البديهية أنه لا ينبغي إجبار أي شخص على الإيمان بدين ما، وأن جميع الأفراد يجب أن يكونوا قادرين على أن يعيشوا حياتهم كما يرونها مناسبة، طالما أنهم لا يؤذون أي شخص آخر. وبالمثل، فإن المساواة بين جميع الناس أمام القانون، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو جنسهم، قد خلقت شعوراً جديداً بالعدالة.
وكان على الديانات التقليدية، التي وُلدت جميعها قبل العصر الحديث بوقت طويل، أن تتكيف، وقد تكيف معظمها. تخلى البروتستانت عن اضطهاد “الهراطقة” و”السحرة” بإحراقهم أو بمعاقبتهم بأيّ وسيلة فظيعة أخرى. قاوم الكاثوليك، الذين يتضمن تاريخهم الطويل أحداثاً مروعة مثل الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، الأفكار الحديثة مثل العلمانية السياسية أو الحرية الدينية حتى القرن العشرين، لكن الكنيسة خطت أخيراً خطوة كبيرة إلى الأمام مع المجمع الفاتيكاني الثاني في الستينيات وإعلانه الليبرالي: كرامة الإنسان. اليهودية، التي لم تكن لديها أبداً القوة السياسية لاضطهاد أي شخص، ومع ذلك كانت لا تزال تتمتع بجماعية صارمة، مرت عبر “الهسكلة” أو التنوير اليهودي الذي ساعد اليهود على الاندماج في المجتمع الحديث، وحتى على ريادته.
ولكن في الإسلام، لم نتخذ بعد هذه الخطوة الليبرالية الكبيرة. ولا تزال السلطات السائدة في العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة تتمسك بنظرة عالمية وفقه ما قبل الحداثة، والذي من المستحيل إخفاء تعارضه مع القيم الحديثة. ولا يبدو مقنعاً أن نقول: “الإسلام دين السلام” مع إضافة “لكننا نقتل كل من يرتد عنه”. وعلى نحو مماثل، ليس من المنطقي الإصرار على أن “الإسلام يحترم المرأة كثيراً” بينما لدينا نصوص موثوقة حول كيفية ضرب الزوجة بالطرائق المناسبة.
الطريق إلى الأمام: الحداثة الإسلامية
إن الأزمة الكبرى التي تواجهها الحضارة الإسلامية العظيمة تتولد عن الصراع بين هؤلاء المسلمين الذين يريدون التمسك بهذه النظرة العالمية والفقه ما قبل الحداثي (والأسوأ من ذلك فرضهما على الجميع)، وغيرهم من المسلمين الذين قبلوا القيم الليبرالية الحديثة. وربما يكون البعض من هؤلاء، خاصة أولئك الذين يعيشون في الغرب دون أن يشعروا بضغوط الإسلاميين والمحافظين، يتهربون من المشكلة، ولكنهم يضطرون إلى مواجهتها عندما ينظرون إلى التعاليم التقليدية بعناية أكبر. ويصف إبراهيم موسى، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة نوتردام، كيف يمكن أن يُفاجأ هؤلاء “المسلمون المعاصرون المثقفون دينياً”:
“عندما يستمع هؤلاء المسلمون المعاصرون الملتزمون إلى الخطب والتعاليم التي تُلقى في المساجد أو يقرأون الفتاوى الصادرة عن العلماء، فإن حساسيتهم ومنطقهم السليم غالباً ما تهتز ويشعرون بالإهانة. لكن ما يسمعونه هو السُّنة الحقيقية”.
وموسى نفسه من المؤيدين للتيار المسمى “الحداثة الإسلامية” أو “التقدمية الإسلامية”، وهو الجهد المبذول لإعادة قراءة المصادر الأساسية للإسلام – القرآن والسنة – من خلال وضعها في سياقها التاريخي، ومن ثم إعادة تفسيرها، بشكل غير حرفي، في ضوء السياق الحديث. ولد هذا التيار في القرن التاسع عشر، مع الإصلاحيين السياسيين مثل الشباب العثماني أو الإصلاحيين الدينيين مثل المصري محمد عبده أو الهندي سيد أحمد خان، الذين بنوا الأساس الفكري لما أطلق عليه المؤرخ كريستوفر دي بيليج بحق “التنوير الإسلامي”. في القرن العشرين، تعرضت الحداثة الإسلامية لضغوط بسبب الحلقة المفرغة من الصراع بين المستبدين العلمانيين والإسلاميين، ولكن تم التعبير عنها بشكل أكبر من قبل مثقفين مثل فضل الرحمن مالك، الذي قدم تفسيراً تأويلياً جديداً للقرآن ودراسة تحليلية نقدية للسنة النبوية.
إن الحداثة الإسلامية تشبه ما فعله المسيحيون واليهود أثناء اعتناقهم للحداثة الليبرالية: فهي وفية لجذورها الدينية، مع تقديرها لإنجازات العقل. يرسم دانييل فيلبوت هذا القياس بحكمة في كتابه الصادر عام 2019 “الحرية الدينية في الإسلام”، حيث يوضح كيف يمكن أن يكون طريق الكاثوليكية إلى الكرامة الإنسانية مثالاً للإسلام لتنمية “بذور الحرية” الخاصة به، والتي هي موجودة بالفعل في القرآن الكريم والسنة.
وباعتباري مسلماً، كنت أتصارع مع هذه القضايا. أعتقد أن هذا الطريق ـ الحداثة الإسلامية ـ هو بالفعل الطريق الأكثر أماناً للمضي قدماً للأمة. إنه طريق البقاء مخلصين لأسس الإسلام، مع اعتناق القيم الحديثة المتجذرة في الضمير الإنساني المعاصر، ولكن أيضاً مواءمتها مع عقيدتنا. إنها رؤية أقرب إلى تجربة العالم الأنجلوسكسوني، حيث كان الدين والحرية والتقدم الحديث يسيران جنباً إلى جنب بدلاً من أن يكونا خصمين لدودين.
ومع ذلك، إذا ظلت الحداثة الإسلامية مهمشة، فإن الأمة سوف تتمزق أكثر بين طرفين متطرفين: المحافظون والإسلاميون الذين يريدون الحفاظ على عصر مضى بل وإحياؤه، والمسلمون ذوو العقول الحديثة الذين سيتم دفعهم إلى “الربوبية”، والإلحاد، وأنواع مختلفة من العلمانية المتشددة. ستكون تجربة شبيهة بما عاشته فرنسا، حيث خرج الدين والحرية كقوتين متعارضتين، مما أدى إلى إغراق المجتمع في حروب ثقافية مريرة.
وقد حدث حتى الآن بعض من ذلك في الحضارة الإسلامية. ولكن حروباً ثقافية أكثر مرارة، إن لم تكن دموية، قد تأتي، خاصة إذا أصر المحافظون والإسلاميون على أساليبهم غير الليبرالية والمتعصبة والعنصرية. إن ارتباط المحافظين الصارم بالتقاليد، ومحاولات الإسلاميين الاستبدادية لفرضها، أدى بالفعل إلى شل المجتمعات وتدمير العديد من الأفراد. وما لم يغيروا مسارهم، فقد يكون هناك المزيد من العواقب.
مصطفى أكيول*
* صحفي وكاتب تركي. مؤلف كتاب “الإسلام من دون تطرف: دعوة من أجل الحرية” (دار نورتن: نيويورك، 2011).
الرابط:
https://www.hudson.org/national-security-defense/how-islamists-are-ruining-islam