تقارير ودراسات

قوة الرضوان: وحدة العمليات الخاصة في حزب الله

يُنظر منذ فترة طويلة إلى حزب الله، الذي يمتلك الآلاف من المقاتلين المدربين وترسانة كبيرة من الصواريخ وغيرها من الأسلحة، بصفته العدو الأشد شراسة لإسرائيل. وقد اكتسبت وحدة الرضوان النخبوية التابعة للحزب، وهي قوات خاصة مسؤولة عن العمليات المعقدة وغير العادية، والتي كانت في السابق وحدة عسكرية غير معروفة نسبياً، اهتماماً متجدداً في الأشهر الأخيرة. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن وحدة الرضوان، على وجه الخصوص، تشكل تهديداً كبيراً.

تم إنشاء وحدة الرضوان بمساعدة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ويتم تدريب مقاتليها على تنفيذ الكمائن والاغتيالات والعمليات التي تتطلب تسللاً عميقاً، وهي موجودة منذ عام 2006 على الأقل، عندما نفذت عملية أسر جنديين إسرائيليين، وهو ما كان العامل المحفز لحرب يوليو/ تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

وكانت تسمى سابقاً “وحدة التدخل السريع”، ثم أعيد تسميتها عام 2008، بعد مقتل عماد مغنية، أحد كبار القادة العسكريين لحزب الله، الذي كان يحمل الاسم الحركي “الحاج رضوان”، تكريماً له.

وبعد تدخل حزب الله لصالح النظام السوري في الحرب الأهلية السورية، بدأت وحدة الرضوان القتال بشكل مباشر إلى جانب الجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه.

وبحسب التقارير، تم نشر مقاتلي الوحدة في جنوب وشمال سوريا لمحاربة قوات المتمردين، وكذلك في القنيطرة في مرتفعات الجولان السورية، حيث حافظت العناصر المرتبطة بإيران على وجودها لسنوات. وبعد انتهاء المراحل الرئيسة للحرب الأهلية السورية، تمركزت وحدة الرضوان في شمال سوريا، وكذلك في سراقب بمحافظة إدلب. وفي هذه المنطقة، عملت بالتنسيق مع حركة حزب الله النجباء ولواء فاطميون.

في مايو / أيار 2017، زُعم أن وحدة الرضوان انسحبت من سوريا وأعيد نشرها في جنوب لبنان. لكن في فبراير / شباط 2020، استهدفت القوات الجوية التركية مقاتلين من الوحدة داخل الأراضي السورية كجزء من عملية “درع الربيع”، مما أسفر عن سقوط أكثر من عشرين قتيلاً.

وأشار محللون إلى أن القتال الطويل لوحدة الرضوان في سوريا منحها خبرة ميدانية كبيرة، وجعل صفوفها أكثر تماسكاً وصلابة وعزز من قدراتها القتالية كقوة كوماندوز، مما ساعدها على تحقيق تأثيرات عملياتية واستراتيجية كبيرة في حرب حزب الله ضد إسرائيل.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن وحدة الرضوان، بصفتها وحدة هجومية خاصة، هي رأس الحربة في صراع حزب الله طويل الأمد مع إسرائيل، وبرز دورها بشكل واضح في الهجمات عبر الحدود التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة، بعد هجوم حماس في أكتوبر / تشرين الأول والحرب الإسرائيلية على غزة.

ويزعم محللون عسكريون إسرائيليون أن وحدة الرضوان مكلفة بمهمة احتلال منطقة الجليل شمالي إسرائيل. وقال تامير هايمان، الجنرال المتقاعد الذي قاد المخابرات العسكرية الإسرائيلية حتى عام 2021: “إن وحدة الرضوان ملتزمة بتكرار ما حدث في 7 أكتوبر / تشرين الأول في جنوب إسرائيل في الشمال”.

وفي العام الماضي، شاركت وحدة الرضوان في التدريبات العسكرية العامة التي أجراها حزب الله، حيث أظهرت ترسانة عسكرية واسعة النطاق وبرنامج تدريبي متطور لمحاكاة التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية.

وأظهرت مقاطع الفيديو الدعائية التي أنتجها الجهاز الإعلامي لحزب الله نماذج من التكتيكات القتالية للوحدة وتدريبات بالذخيرة الحية، تخللتها تهديدات لإسرائيل.

ويُعتقد أن عدد مقاتلي وحدة الرضوان يبلغ حوالي 2500 مقاتل، وهو ما يمثل حوالي خمسة بالمائة من إجمالي القوة البشرية المقدرة لحزب الله.

وقالت شركة جينز، وهي شركة استخبارات مفتوحة المصدر، إنها قدرت أن حزب الله يضم حوالي 25 ألف مقاتل بدوام كامل، مع عدد مماثل من الاحتياطيين.

ويتوزع مقاتلو الوحدة على عدة وحدات فرعية صغيرة (فرق). ويبلغ عدد كل وحدة فرعية 7-10 مسلحين متمركزين في القرى الشيعية في لبنان. وتعمل هذه القرى كنقاط مرجعية لوجستية للفرق. وتتمركز الفرق في محيط القرى، ويتم عزلها عن السكان المدنيين.

وبحسب التقارير، تعمل ثلاثة مراكز للرعاية النفسية في جنوب لبنان لمساعدة أفراد وحدة الرضوان ودعمهم نفسياً.

ويُسمح لقادة الفرق بالعمل باستقلالية تكتيكية كبيرة، دون الاعتماد على مساعدة لوجستية خارجية (وغير آمنة). بالإضافة إلى ذلك، تتكون الوحدة من مهندسين قتاليين، وبالإضافة إلى التدريب العسكري، يتم تدريبهم في مجالات الأمن السيبراني وجمع المعلومات.

ويُعرف عن أعضاء وحدة الرضوان أنهم أكثر قدرة بكثير من مقاتلي حزب الله العاديين، مع التدريب الخاص الذي توفره كتيبة صابرين، إحدى كتائب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

ويتم قبول المجندين في وحدة الرضوان بعد عملية فحص دقيقة. ولا يبدأ التدريب إلا بعد إجراء الفحص، ويشمل تدريب القناصة، والحرب المضادة للدبابات، والقتال اليدوي، والتدريب على المتفجرات، والقيادة التكتيكية، فضلاً عن تدريبات القوات الخاصة. ويتضمن النوع الأخير تعليم المتدرب التصرف في حالة الأسر، وتشغيل الطائرات من دون طيار لجمع المعلومات الاستخبارية.

وتركز تدريبات وحدة الرضوان أيضاً على اللياقة البدنية والجري لمسافات طويلة والملاحة الجبلية والحرب التكتيكية، ويتلقى عناصر الوحدة التدريبات مباشرة من كتيبة صابرين التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وبحسب التقارير، فإن وحدة الرضوان لديها القدرة على الوصول إلى جميع الأسلحة الموجودة في ترسانة حزب الله ذات الصلة بعملياتها.

وتزعم المخابرات العسكرية الإسرائيلية أنه خلال الحرب على غزة، تم تكليف وحدة الرضوان بغارات عبر الحدود تهدف إلى مهاجمة المدنيين واحتجاز الرهائن كما فعلت حماس.

وقال القائد السابق للقوات الإسرائيلية في الشمال المواجه للبنان إنه “في السنوات الأخيرة، قام حزب الله بنقل قواته الخاصة المعروفة باسم وحدة الرضوان إلى المنطقة الحدودية الإسرائيلية ووسع قوتها النارية، مع قدرة أكبر على القيام بعمليات هجومية خاطفة وعميقة”.

ولا تزال وحدة الرضوان منتشرة على طول الخط الأزرق ـ الحدود التي تراقبها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ـ وتقوم بعمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية عن شمال إسرائيل. وتشارك الوحدة في القتال منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023، ومن المتوقع أن تقود أي توغلات مستقبلية لحزب الله في إسرائيل.

ووفقاً لتقارير أمريكية وإسرائيلية، كان قائد وحدة الرضوان حتى 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 هو خليل جواد شحيمي (اسمه الحركي سراج)، والذي قتل في غارة جوية إسرائيلية. وفي 8 يناير/ كانون الثاني 2024، في بلدة مجدل سلم، قتلت غارة جوية إسرائيلية وسام الطويل (اسمه الحركي جواد)، نائب قائد الوحدة مع مقاتل آخر من حزب الله.

زر الذهاب إلى الأعلى