فصيل باكورا
– بعد ثلاث سنوات من مقتل شيكاو، يبدو أن بوكو حرام تتقدم على تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا بقيادة باكورا
ـ إن فصيل بوكو حرام الذي كان يقوده أبو بكر شيكاو في السابق هو اليوم تحت قيادة قائد يدعى باكورا دورو، الذي نجح في انتزاع أراض من قبضة جماعة جهادية منافسة هي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، والتي تتميز عموماً بأنها أقوى بكثير من تنظيم شيكاو.
ـ إن فصيل باكورا يبتعد بشكل متزايد عن “الحركة الجهادية العالمية”، الأمر الذي يحد من جاذبيته الإعلامية، ولكن يسمح له أيضاً بالطيران بعيداً عن رادار نظام مكافحة الإرهاب الدولي.
في مايو/ أيار 2021، فجّر أبو بكر شيكاو، زعيم بوكو حرام المصاب بجنون العظمة، عبوة ناسفة لقتل نفسه لتجنب القبض عليه من قبل جماعة جهادية منافسة هي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. كان شيكاو، “الوجه” الوحيد لبوكو حرام، قد أثار عداوة الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا وكبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية بتجاهله الأوامر، وأبرزها ما يتعلق بالتحذيرات من استعباد جماعته المشين للنساء المسلمات. ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من ولاء شيكاو الرسمي لتنظيم الدولة الإسلامية، طردته قيادة التنظيم من “ولاية غرب إفريقيا” في عام 2016، وتعاونت في النهاية مع القيادة الجديدة لـ “الولاية” في التخطيط لهجومها الأخير ضد شيكاو وفصيله المنشق بعد خمس سنوات.
لقد بدأ فصيل شيكاو في خسارة مقاتلين لصالح “ولاية غرب إفريقيا” بعد وفاته. ويمكن تفسير عودة هؤلاء المسلحين إلى تنظيم الدولة الإسلامية جزئياً بحقيقة أن العديد منهم ربما اختاروا القيام بذلك من قبل، لكنهم كانوا يخشون الانتقام منهم أو من أسرهم من قبل شيكاو المعروف بوحشيته. علاوة على ذلك، من المرجح أن يكون الموالون قد انجذبوا إلى تنظيم “ولاية غرب إفريقيا” بعد الاعتراف الرسمي به من قبل تنظيم الدولة الإسلامية كفرع له في المنطقة، في حين تم “طرد” فصيل شيكاو قبل سنوات. وبعد ثلاث سنوات من وفاته، لا يزال فصيل شيكاو يخسر مقاتليه، سواء بسبب الحرب الأخوية المستمرة مع “ولاية غرب إفريقيا” أو بسبب الفرص المغرية التي يقدمها برنامج إعادة التأهيل التابع للجيش النيجيري، وهي أكثر جاذبية عند مقارنتها بالظروف القاسية الموجودة في معسكرات بوكو حرام.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، فقد أثبت فصيل شيكاو قدرته العالية على الصمود. ولم تنهر الجماعة المنشقة على الرغم من وفاة زعيمها، الذي قاد بوكو حرام منذ إطلاق تمردها في عام 2010. علاوة على ذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى أن فصيل شيكاو ربما يكتسب بالفعل أرضاً ضد تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، وخاصة حول بحيرة تشاد.
كانت بوكو حرام بقيادة شخصين من “الباكورا” في أعقاب وفاة شيكاو: باكورا دورو وياكورا مود. وقد تم كسر هذا الترتيب عندما قتل باكورا دورو باكورا مود، والذي يُعتقد أنه كان من دعاة إصلاح العلاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. أدى هذا إلى مزيد من القتال بين حفنة من المقاتلين الموالين لباكورا القتيل والشخص الذي يقود فصيل شيكاو القديم الآن.
ويقال إن أسلوب باكورا القيادي مختلف تماماً عن أسلوب شيكاو؛ فهو يمتنع عن الظهور في وسائل الإعلام، لكنه يعمل جنباً إلى جنب مع المقاتلين في عملياتهم، سواء كانت غارات على القرى أو كمائن ضد تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا والجيوش في المنطقة. وعلى النقيض من ذلك، نادراً ما قاتل شيكاو في المعارك وكان حريصاً على الظهور في مقاطع الفيديو ووسائل الإعلام قدر الإمكان. ساهمت تصرفات شيكاو الغريبة في قرار قيادة داعش في سوريا بعدم السماح له بالظهور في مقاطع الفيديو قبل أن يتم طرده تماماً. وبالتالي، تمكن الفصيل من البقاء وحتى اكتساب الأرض تحت قيادة زعيمين مختلفين تماماً: شيكاو وباكورا.
ونتيجة لافتقار فصيل شيكاو-باكورا إلى أي جهاز إعلامي رسمي، فإنه لا يحظى باهتمام إعلامي كبير. ويميل الفصيل إلى عدم إعلان مسؤوليته عن أي هجمات. وجاء الاستثناء من هذه القاعدة مباشرة بعد وفاة شيكاو، عندما ظهر باكورا مود في عدة مقاطع فيديو ليعلن عن قيادته للمجموعة، بعد أن اختاره شيكاو خليفة له في وصيته. وفي مقاطع الفيديو، قلد باكورا الراحل أسلوب داعش في إعلان مسؤوليته عن الهجمات.
إن فصيل باكورا يبتعد بشكل متزايد عن “الحركة الجهادية العالمية”، فهو لا يرتبط إلا بعلاقات خارجية محدودة، وهو فاشل في الترويج للأفكار الجهادية الرئيسة من خلال وسائل الإعلام كما تفعل الجماعات الأخرى. وعلى هذا، فحتى إذا حظي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا بأكبر قدر من الاهتمام والتغطية من الحكومة النيجيرية، فضلاً عن الحكومات ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، فإن المحللين وعناصر الأمن لا ينبغي أن يغفلوا عن التهديد الذي يشكله باكورا ومقاتلوه، والطرق المختلفة التي قد تتطور بها جماعة بوكو حرام في المستقبل.
الرابط: