الشخصيات

عبد الرحيم الناشري (أبو بلال المكي)

هو أحد المجنِّدين والمخططين لتنظيم القاعدة، وهو مسؤول عن التخطيط لهجمات مختلفة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، ويعد العقل المدبر لتفجير المدمرة يو إس إس كول في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، والذي أسفر عن مقتل سبعة عشر جندياً أمريكياً. ألقي القبض على الناشري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، ونقل إلى غوانتانامو في عام 2006، بعد أربع سنوات في حجز وكالة الاستخبارات المركزية. وفي سبتمبر/ أيلول 2011، وجهت إليه لجنة عسكرية تسع تهم تتعلق بتورطه في التخطيط لهجمات لتنظيم القاعدة. وقد واجهت محاكمته تأخيرات متكررة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مزاعم الدفاع المتعلقة بالتعذيب الذي تعرض له أثناء احتجازه لدى وكالة الاستخبارات المركزية.

وُلِد الناشري في عام 1965 في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. ولا يُعرف الكثير عن حياته المبكرة. فوفقاً للجنة 11 سبتمبر / أيلول، شارك في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت في الثمانينيات. ووفقاً لقوة المهام المشتركة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية في غوانتانامو، فقد خاض أيضاً جهاداً عنيفاً في طاجيكستان من عام 1992 إلى عام 1993، وهناك التقى بعناصر القاعدة، بما في ذلك حمزة الغامدي، الحارس الشخصي لأسامة بن لادن. في عام 1993، ذهب للتدريب في معسكر جهاد وال، وهو معسكر تدريبي لتنظيم القاعدة بالقرب من خوست بأفغانستان. وفي العام التالي، التقى بن لادن لأول مرة أثناء إقامته في أحد بيوت الضيافة الخاصة به في جلال آباد بأفغانستان.

حاول الناشري العودة إلى القتال في طاجيكستان في عام 1995، لكنه لم يتمكن من دخول البلاد وسافر إلى أفغانستان بدلاً من ذلك. أثناء وجوده في قندهار في عام 1996، رأى بن لادن للمرة الثانية وسمعه يتحدث عن خططه لمحاربة الولايات المتحدة. تم تشجيعه على أداء البيعة لبن لادن، ولكن وفقاً للجنة 11 سبتمبر / أيلول، “لم يقتنع بالفكرة ورفضها”. عاد بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية واليمن، حيث ورد أنه فكر لأول مرة في مهاجمة سفينة أمريكية. في مرحلة ما عاد إلى أفغانستان، حيث قاتل مع طالبان ضد الجبهة الإسلامية المتحدة لإنقاذ أفغانستان في عام 1997. ورد أنه أصيب بالملاريا على الخطوط الأمامية وعاد إلى قندهار، حيث تعافى أثناء إقامته في مضافة تابعة لبن لادن.

انضم الناشري رسمياً إلى تنظيم القاعدة في عام 1998، بعد أن علم أن ابن عمه كان أحد الانتحاريين في هجوم القاعدة في أغسطس/ آب 1998 على السفارة الأمريكية في نيروبي. ووفقاً للجنة 11/9، فقد ساعد في وقت سابق من ذلك العام أحد عملاء تفجير السفارة في الحصول على جواز سفر يمني، كما قاد مؤامرة لتهريب الصواريخ إلى اليمن. وفي وقت لاحق من ذلك العام، التقى الناشري على انفراد مع بن لادن، الذي اقترح عليه فكرة مهاجمة سفينة حربية قبالة سواحل اليمن. ويتعارض تقرير قوة المهام المشتركة بأن هذا الهجوم كان فكرة بن لادن مع ادعاء لجنة 11/9 بأن الناشري هو صاحب الفكرة. وقد سافر إلى اليمن بعد أسبوع، لكنه عاد إلى أفغانستان في أواخر عام 1998 أو أوائل عام 1999، بعد أن ألقى مسؤولون يمنيون القبض على أحد شركائه. عاد الناشري إلى اليمن في ربيع عام 1999، بتكليف من بن لادن، لشراء قارب ومراقبة السفن الأمريكية قبالة الساحل. ثم رجع إلى أفغانستان في ذلك الخريف وأبلغ بن لادن بما توصل إليه.

في فبراير / شباط 2000، ورد أن الناشري حاول قيادة هجوم على السفينة الأمريكية يو إس إس سوليفان، لكنه فشل؛ لأن المتفجرات المستخدمة على متنها كانت ثقيلة للغاية وأدت إلى انقلاب السفينة. وأمره بن لادن بالمحاولة مرة أخرى. في سبتمبر / أيلول 2000، عاد الناشري إلى اليمن، واختار اثنين من الانتحاريين للعملية. علم الناشري أن بن لادن لم يوافق على اختياراته، لكنه أمر الانتحاريين بتنفيذ الهجوم على أي حال. عاد الناشري إلى أفغانستان لإخبار بن لادن أنه لا يستطيع استبدال الانتحاريين، ونفذ الانتحاريان الهجوم على السفينة الأمريكية التالية التي دخلت ميناء عدن – يو إس إس كول في 12 أكتوبر / تشرين الأول 2000. ووفقاً للجنة 11 سبتمبر / أيلول، فإن نجاح الهجوم جلب للناشري “مكانة فورية” داخل تنظيم القاعدة، وتم الاعتراف به لاحقاً بصفته رئيس عمليات القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

في عام 2001، وبناءً على تعليمات من بن لادن، بدأ الناشري في التخطيط لهجوم على سفينة في مضيق هرمز. وقضى بعض الوقت في باكستان لتجنيد العملاء والبحث عن القوارب للعملية. وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر / أيلول، عاد إلى أفغانستان، حيث التقى بالمهندس المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر / أيلول، خالد شيخ محمد، في قندهار لمناقشة عملية مضيق هرمز. وفي الأشهر التالية، سافر حول أفغانستان وباكستان، حيث التقى بعملاء القاعدة وساعد على التخطيط لهجمات أخرى. وفي أبريل / نيسان 2002، مُنع الناشري من دخول المملكة العربية السعودية. وفي ذلك الوقت تقريباً، ولسبب غير محدد، تم إلغاء عملية مضيق هرمز. وفي ذلك الصيف، استأجر شقة في دبي، وبدأ في التخطيط لهجوم على ميناء راشد. وفي السادس من أكتوبر / تشرين الأول، استهدفت القاعدة ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ. وفي وقت لاحق، اتهم المدعون العامون الناشري بالمساعدة على التخطيط لهذه العملية في ادعاء تقدمت به أيضاً لجنة 11 سبتمبر / أيلول، لكن تم إسقاط التهم في عام 2014 بسبب نقص الأدلة. ومع ذلك، كان من المعروف أن الناشري احتفل بنجاح الهجوم مع أحد شركاء القاعدة الآخرين في أكتوبر / تشرين الأول 2002.

أُلقي القبض على الناشري في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، أثناء إقامته في الإمارات العربية المتحدة. واعتباراً من 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، كان رهن الاحتجاز لدى الولايات المتحدة. وبعد القبض عليه، احتُجز الناشري في عدة مواقع سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في أوروبا الشرقية، بما في ذلك بولندا ورومانيا وليتوانيا، حيث تعرض لأساليب تعذيب مختلفة، بما في ذلك التعذيب بالماء، ونُقِل إلى خليج غوانتانامو في الرابع من سبتمبر/ أيلول 2006. وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، خلصت قوة المهام المشتركة إلى أن الناشري يشكل خطراً كبيراً وقيمة استخباراتية عالية.

في فبراير/ شباط 2009، أسقطت الولايات المتحدة التهم الموجهة إلى الناشري بعد صدور أمر من الرئيس باراك أوباما بتجميد إجراءات جميع القضايا التي تشمل نزلاء غوانتانامو في انتظار مراجعتها. وفي 20 أبريل/ نيسان 2011، أعاد المدعون الفيدراليون فتح القضية، ووجهوا إليه إحدى عشرة تهمة مختلفة تتعلق بتوجيهه للهجوم على المدمرة يو إس إس كول ومؤامرات أخرى لتنظيم القاعدة بقصد المطالبة بعقوبة الإعدام. وفي يوليو/ تموز 2011، تقدم محامو الناشري بطلب إلغاء عقوبة الإعدام كخيار، زاعمين أن الولايات المتحدة، باستخدامها التعذيب ضد موكلهم، تنازلت عن حق محاكمته وإدانته وإعدامه. وفي سبتمبر/ أيلول، أقرت محكمة الحرب في غوانتانامو التي ستحاكم الناشري تسعاً من التهم الإحدى عشرة التي وجهها المدعون الفيدراليون إليه في المحاكمة.

مثل الناشري أمام المحكمة للمرة الأولى في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 تمهيداً لتوجيه الاتهام إليه. ومنذ ذلك الحين، تأخر بدء محاكمته مراراً وتكراراً بسبب الجهود التي بذلها الدفاع لمجادلة شرعية القضية والحصول على أدلة بشأن تعذيبه أثناء احتجازه لدى وكالة الاستخبارات المركزية. وفي فبراير/ شباط 2013، استمعت المحكمة إلى شهادة الدكتور فينسنت ياكوبينو، الخبير في مجال التعذيب، في ضوء مزاعم الدفاع بأن الناشري عانى من اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة لاستجوابه القاسي من قِبَل وكالة الاستخبارات المركزية. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2014، قدم التماساً للمثول أمام المحكمة، زاعماً أن محاولة محاكمته أمام محكمة حرب غير قانونية نظراً لأن أفعاله الإجرامية لم تحدث في سياق حرب معترف بها؛ لأن الصراع المسلح بين الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة لم يكن قد بدأ رسمياً بعد في ذلك الوقت.

في أغسطس / آب 2016، رفضت لجنة قضاة من محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة استئنافات الدفاع بمحاكمة الناشري في محكمة مدنية بدلاً من محكمة عسكرية، مشيرة إلى أن القضية يجب أن تأخذ مجراها قبل أن يتمكن الناشري من استئناف إدانته. وفي مارس/ آذار 2017، كشفت وثائق رفعت عنها السرية مؤخراً من مجلس الأمن القومي أن الناشري يعاني بالفعل من أضرار نفسية طويلة الأمد ناجمة عن التعذيب.

في مايو/ أيار 2018، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن الحكومة الرومانية انتهكت حقوق الناشري باستضافتها أحد “المواقع السوداء” التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث احتُجز وتعرض للتعذيب. ووصفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان احتجازه في الفترة من 2003 إلى 2005 في رومانيا بأنه “نظام احتجاز شديد القسوة”، حيث عانى من “معاملة لاإنسانية … مكنتها رومانيا من خلال التعاون مع وكالة المخابرات المركزية”. وقضت المحكمة بأن احتجاز الناشري في رومانيا كان مخالفاً للمادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، “حظر التعذيب”، ومنحته تعويضات بقيمة 100 ألف يورو (117 ألف دولار).

في السادس عشر من إبريل/ نيسان 2019، ألغت محكمة مقاطعة كولومبيا قرارات صدرت على مدار أكثر من عامين عن القاضي العسكري الذي يشرف على قضية عقوبة الإعدام التي رفعتها الحكومة الأمريكية ضد الناشري. وقد نبع القرار من مخاوف من فشل القاضي العسكري في القضية، العقيد فانس سباث، في الكشف عن تضارب محتمل في المصالح. وقد تبين أن الموقف “مقلق بشكل خاص” فيما يتصل بحقوق الناشري في “الإجراءات القانونية الواجبة”، وأبطلت المحكمة جميع قرارات القاضي في قضية الناشري بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 وفبراير/ شباط 2018.

في 18 مايو/ أيار 2021، وافقت المحكمة العسكرية المختصة بمحاكمة الناشري على النظر في المعلومات التي تم الحصول عليها أثناء تعذيبه من قبل محققي وكالة المخابرات المركزية لدعم إجراءات ما قبل المحاكمة في خليج غوانتانامو. وكانت هذه هي المرة الأولى المعروفة علناً التي سُمح فيها للمدعين العامين باستخدام معلومات تم الحصول عليها من التعذيب بشكل قانوني في إجراءات المحاكمة في خليج غوانتانامو.

زر الذهاب إلى الأعلى