شبكة تهريب داعش تربط خلايا إرهابية تركية وسويدية
قال أحد المشتبه بهم المعتقلين الذين قاموا بتهريب أعضاء من داعش إلى أوروبا، إن خلية سرية أعيد هيكلتها تعمل في تركيا ومرتبطة بشبكة إرهابية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لها صلات بخلية في السويد.
كشف المواطن العراقي مجبل الشويخي، الذي سجل نفسه كلاجئ في تركيا عام 2017، أمام مدعي عام تركي في إسطنبول، أن خلية داعش العاملة في السويد يقودها شخص يعرف باسم أبو عبيدة، وكشف كذلك أن هذه الخلية السويدية سميت على اسم زعيمها، وتعرف باسم “لواء أبو عبيدة” ضمن صفوف قيادة داعش.
ويبدو أن الشويخي علم بهذه المعلومات من مشغله في سوريا، المعروف باسم أبو طيبة، وهو أحد كبار قادة داعش. وقد أسر أبو طيبة إلى الشويخي بهذه التفاصيل بسبب دوره في تهريب أعضاء داعش إلى أوربا عبر تركيا واليونان. ويقال إن أحد أعضاء خلية داعش السويدية تواصل مع الشويخي لإعادة التنسيق بعد إطلاق سراح أعضاء الخلية في تركيا وفقدانهم الاتصال بشبكة داعش الأوسع.
انضم الشويخي، الذي عمل تحت الاسم المستعار أبو يقين العراقي، إلى داعش في عام 2015، وانتقل إلى تركيا بعد عامين، بعد إصابته في ذراعيه وساقيه في غارة جوية. في طلب اللجوء الذي قدمه، أدرج تاريخ ميلاده في 2 مايو / أيار 1991، وحدد مكان ميلاده على أنه منطقة نينوى في العراق، وقدم اسمي والديه على أنهما فاطمة عطا الله وسلمان علي. استقر في محافظة سكاريا، حيث حصل على بطاقة هوية تركية، مما مكنه من الوصول إلى الخدمات العامة وتأسيس عمل تجاري.
وبحسب وثيقة استخباراتية مؤرخة في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2023 حصل عليها موقع “نورديك مونيتور”، حدد قسم مكافحة الإرهاب في المديرية العامة للأمن (إمنيت) الشويخي باعتباره عميلاً ضمن وحدة استخبارات داعش تحت قيادة خالد حليف (المعروف أيضاً باسم أبو معاذ الشمالي)، الزعيم السابق للفرع التركي لداعش، بعد انتقاله إلى تركيا.
بعد أن عمل لمدة سبع سنوات في تركيا دون صعوبة تذكر، تم القبض على الشويخي في أعقاب هجوم داعش على كنيسة سانتا ماريا (كنيسة مريم أنا دوغوش) في منطقة ساريير بإسطنبول في 28 يناير / كانون الثاني 2024، والذي أسفر عن مقتل شخص واحد. كان الشويخي جزءاً من فريق استكشف الأهداف المحتملة في إسطنبول قبل الهجوم، وقدم معلومات ومقاطع فيديو وصور لقائد داعش أبو عبيدة. حصل الشويخي على 2000 دولار مقابل هذه الخدمة.
وللاستفادة من تخفيف العقوبة بموجب ما يسمى بقانون التوبة التركي، كشف الشويخي تفاصيل عمليات داعش في تركيا وسوريا وأوربا، وشارك معلوماته مع السلطات التركية.
وذكر الشويخي أنه كان قائداً متوسط المستوى في “لواء سلمان الفارسي”، وهو فرع تركي لتنظيم داعش كان تابعاً في الأصل لولاية دمشق التابعة للدولة الإسلامية.
وبحسب وثيقة استخباراتية أخرى حصل عليها موقع “نورديك مونيتور”، أعادت داعش تسمية المجموعة باسم عكاشة بن محسن في أغسطس/ آب 2022، ثم أطلقت عليها فيما بعد اسم “لواء سلمان الفارسي” في سبتمبر/ أيلول من نفس السنة.
وتتركز العلاقة بين خليتي داعش التركية والسويدية على جهودهما المشتركة لتحرير مقاتلي داعش الأسرى وعائلاتهم من معسكرات الاحتجاز في سوريا. وتتضمن عملياتهما نقل هؤلاء الأفراد إلى الدول المجاورة، وفي المقام الأول تركيا، ثم تسهيل نقلهم إلى أوروبا عبر اليونان.
بالإضافة إلى تنفيذ مهام مؤقتة، مثل الاستطلاع وتحديد الأهداف، عمل الشويخي في المقام الأول كزعيم لوحدة تهريب تابعة لداعش في إسطنبول، مما مكنه من نقل أعضاء التنظيم إلى أوربا. كما تولى قيادة فريق من خمسة أعضاء من داعش تم تحديدهم فقط بأسمائهم المستعارة: محمود، أحمد الجميلي، أبو هشام، أبو النور، وأبو سارة.
كما يدير تنظيم الدولة الإسلامية خلية تهريب ثانية داخل “لواء سلمان الفارسي”، ومقرها في أنقرة ويقودها فرد تم تحديده فقط باسمه المستعار، عبد الرزاق (المعروف أيضاً باسم أمين). تتكون خلية أنقرة من سبعة أعضاء: أبو أحمد العراقي، أنس المهاجر، أنس، أبو عبد الله الجميلي، أبو أحمد، أوس، ووضاح، ويبدو أنها جميعاً أسماء حركية.
وأوضح الشويخي أنه لم يلتق عبد الرزاق شخصياً، بل كانا يتواصلان عبر تطبيق تليجرام لتنسيق عمليات التهريب. وبحسب الشويخي، اتصل أحد عناصر داعش المدعو عبد الله الشامي، المقيم في السويد، بعبد الرزاق للاستفسار عن بروتوكول تواصل جديد لعناصر داعش الذين اعتقلوا في تركيا لانتمائهم إلى تنظيم داعش وأفرج عنهم لاحقاً.
والجدير بالذكر أن أعضاء داعش الذين أفرجت عنهم السلطات التركية تواصلوا مع أحد عناصر التنظيم في السويد لإعادة الاتصال بشبكة داعش في تركيا عندما لم يتمكنوا من العثور على قناة اتصال محلية. وهذا يشير إلى تعاون وثيق بين الخلايا التركية والسويدية داخل شبكة داعش، ويشير إلى وجود أعضاء من داعش على دراية بعمليات التنظيم في البلدين.
ويبدو أن الخلية السويدية أخذت اسمها من زعيم المجموعة أبو عبيدة، الذي لا تزال هويته الحقيقية مجهولة. وبحسب معلومات نقلها قائد داعش في سوريا للشويخي، فإن أربعة أعضاء من هذه المجموعة قيد الاعتقال حالياً. ومع ذلك، ليس من الواضح من تصريح الشويخي ما إذا كان أعضاء داعش السويديون المسجونون محتجزين في سوريا أو السويد أو تركيا.
ومن المعروف أن تنظيم داعش ينشط في السويد، حيث يقدر عدد الأفراد الذين سافروا إلى سوريا والعراق كمقاتلين أجانب للانضمام إلى داعش والقاعدة بين عامي 2012 و2016 بنحو 300 فرداً، وفقاً لدراسة نشرتها جامعة الدفاع السويدية في عام 2017. وهناك تقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك.
في أبريل/ نيسان 2017، أظهر تنظيم داعش قدرته على تنفيذ هجوم في قلب العاصمة ستوكهولم، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. فقد سرق رخمت أكيلوف، وهو مواطن أوزبكي وطالب لجوء رُفِض طلبه، شاحنة وقادها إلى شارع مزدحم في وسط ستوكهولم ودهس المارة. وقد استلهم أفكاره من دعاية داعش وأيديولوجيتها.
لم يكن أكيلوف بالتأكيد الوحيد الذي انجذب إلى أيديولوجية داعش، مما أثار مخاوف بشأن احتمال وقوع هجمات منفردة نيابة عن المنظمة الإرهابية. في يناير / كانون الثاني 2016، ألقى ضباط جهاز الأمن السويدي القبض على أيدين سيفجين، وهو مواطن سويدي يبلغ من العمر 20 عاماً ووالداه من تركيا وإيران، بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي من خلال محاولة صنع قنبلة محلية الصنع. يُعتقد أن سيفجين، الذي شعر بالإحباط بسبب محاولاته الفاشلة للسفر إلى سوريا عبر تركيا للانضمام إلى داعش، قد التزم بتنفيذ هجوم إرهابي على الأراضي السويدية بشكل منفرد. حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في عام 2016.
لا يزال التهديد الإرهابي في السويد، فضلاً عن التهديد ضد المصالح السويدية في الخارج، مرتفعاً. أشار تقرير التقييم السنوي لجهاز الأمن السويدي لعامي 2023-2024 إلى أن السويد أصبحت هدفاً محدّداً للإرهاب الإسلاموي العنيف في أعقاب حادث حرق القرآن الكريم أمام السفارة التركية في ستوكهولم في يناير / كانون الثاني 2023.
وذكر التقرير أن “ردود الفعل القوية التي تلت ذلك [حادث حرق القرآن] كانت بداية تحول السويد من هدف مشروع للتطرف الإسلاموي العنيف إلى هدف محدد. ولا تزال السويد في وضع حذر مع ارتفاع مستوى التهديد الإرهابي”.
وتعتقد أجهزة الاستخبارات السويدية أن الجهات الخارجية، بما في ذلك الدول الأجنبية المعادية، عازمة على استغلال هذه المخاطر لتقويض أمن السويد.
وقالت شارلوت فون إيسن، رئيسة مكتب مكافحة الإرهاب في جهاز الأمن السويدي، في حفل إطلاق التقرير السنوي: “يستغل المتطرفون العنيفون الأوقات العصيبة لنشر انعدام الثقة، وخاصة عبر الإنترنت. وقد يؤثر هذا على الجهات الفاعلة المنفردة أو المجموعات ويحفزها للانتقال من الفكر إلى العمل، وأحياناً بتوجيه من جهات فاعلة في الخارج. وتستغل القوى الأجنبية مثل هذه التطورات”.
وعلى النقيض من السويد، اتخذت حكومة الرئيس “رجب طيب أردوغان” الإسلاموية في تركيا نهجاً أكثر تساهلاً في قمع شبكات داعش. ويتم إطلاق سراح معظم المعتقلين من داعش بسرعة من خلال نظام العدالة الجنائية التركي، في حين عُرف عن وكالة الاستخبارات الوطنية التركية تعاونها مع بعض فصائل داعش في الماضي لتعزيز الأهداف السياسية لحكومة أردوغان، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي.
المصدر: موقع “نورديك مونيتور”