تقارير ودراسات

حركة أمل تدعم حزب الله بشكل فاعل

حركة أمل هي حركة لبنانية شيعية وحزب سياسي، وهي بفارق بسيط أكبر حزب شيعي في البرلمان. وتدعم الحركة بشكل فاعل حزب الله. في الماضي، كانت حركة أمل وحزب الله عدوين لدودين يتنافسان على قيادة الشيعة في لبنان. واليوم، تعد الحركة حليفاً وثيقاً لحزب الله وتدعم أنشطته الإرهابية سياسياً وعسكرياً ومالياً.

“الثنائي الشيعي” أمل وحزب الله

لقد كانت العلاقة بين حركة أمل وحزب الله دائماً معقدة. تاريخياً، خاض التنظيمان حرباً دامية مع بعضهما البعض في الثمانينيات، وحتى اليوم، ما زالا يتنافسان سياسياً وأيديولوجياً. في الواقع، حركة أمل ليست مرادفة لحزب الله لأنها حركة علمانية وإصلاحية إلى حد كبير. لا تعترف حركة أمل بالمفهوم الإيراني لولاية الفقيه، ومن ثم، لا تعترف بسلطة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وفي الآونة الأخيرة، لم تدعم حركة أمل الجهود العسكرية التي يبذلها حزب الله لدعم نظام بشار الأسد. ومع ذلك، وعلى الرغم من التاريخ الدموي والتنافس الأيديولوجي بينهما، قامت الحركتان، خلال السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك، وخاصة في أعقاب حرب عام 2006 مع إسرائيل، بتوثيق تعاونهما السياسي وحتى العسكري من أجل حماية مصالحهما المتبادلة في لبنان، لدرجة أنهما يُعرفان اليوم في لبنان باسم “الثنائي الشيعي”. ويظل هذا التحالف السياسي مع حزب الله قوياً، على الرغم من التوترات المتأصلة بين الجانبين؛ وذلك بفضل جهود نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حركة أمل.

وقد استفاد حزب الله كثيراً من هذا التحالف. لقد سمح للحزب بالحصول على موطئ قدم حاسم في الحكومة اللبنانية، وبالتالي منحه إمكانية الوصول إلى الموارد الحكومية. علاوة على ذلك، فإن تحالفات حزب الله السياسية، وعلى رأسها التحالف مع حركة أمل، سمحت له بصد أي محاولة لإرغامه على نزع سلاحه (كان حزب الله الحركة الوحيدة التي لم تضطر إلى إلقاء سلاحها بعد الحرب الأهلية).

من جهتها، ذهبت حركة أمل إلى حد توحيد صفوفها مع حزب الله ضد أي محاولات جرت لتقويض الأصول الاستراتيجية لهذا الأخير. على سبيل المثال، في مايو/ أيار 2008، حاولت الحكومة اللبنانية انتزاع السيطرة على شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله. وقاوم حزب الله هذه الخطوة مدعياً أن شبكة الهاتف جزء حيوي من بنيته التحتية العسكرية، حيث تربط مسؤوليه ونشطاءه العسكريين والمواقع المختلفة التي يستخدمها الحزب لعملياته. رداً على ذلك، سيطر عناصر حزب الله بدعم من ميليشيات أمل المسلحة على بيروت الغربية وأجبروا الحكومة اللبنانية على التخلي عن محاولتها الاستيلاء على شبكة الاتصالات.

وكجزء من الاتفاق الذي أنهى في نهاية المطاف الأزمة السياسية في لبنان التي شهدت اشتباكات عنيفة (المعروف باسم اتفاق الدوحة)، مُنح حزب الله وحلفاؤه السياسيون فعلياً حق النقض في البرلمان اللبناني. أثبتت الانتخابات الوطنية لعام 2018 في لبنان أنها عرض مثير للإعجاب لقوة “الثنائي الشيعي”. خاض حزب الله وحركة أمل الانتخابات ضمن قوائم موحدة تسمى “الأمل” و “الوفاء” في جميع أنحاء البلاد. هذا بالإضافة إلى المنافسة على قوائم المرشحين مع الأحزاب الحليفة مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي. فاز حزب الله وحركة أمل معاً بـ 25 مقعداً (12 لحزب الله و13 لحركة أمل) من إجمالي 128. وتتكون كتلة “الثنائي الشيعي” (أو تحالف 8 آذار) جنباً إلى جنب مع حلفاء سياسيين آخرين لحزب الله وحركة أمل من 70 مقعداً.

والتعاون بين المجموعتين ليس سياسياً فحسب، بل يمتد إلى المجال الاقتصادي أيضاً. إن التحالف السياسي لحزب الله مع حركة أمل وبقية أعضاء كتلة حزب الله-أمل سمح له وللشركات التابعة له بالوصول إلى مختلف المناقصات الحكومية. على سبيل المثال، تعاونت مؤسسة جهاد البناء، وهي مؤسسة تنموية يديرها حزب الله، منذ عام 2006، على نطاق واسع مع وزارة الزراعة اللبنانية. وكانت هذه الوزارة، في الجزء الأكبر من السنوات الـ 15 الماضية، في أيدي وزراء شيعة من حزب الله وحركة أمل.

هذا النمط الذي تقوم بموجبه الأحزاب أو الحركات السياسية بتوريد العقود والعمل لصالح الشركات الطائفية ليس مجالاً حصرياً لحزب الله وحركة أمل، فهو ممارسة شائعة في لبنان، ولكنه يسمح لكيان إرهابي مثل حزب الله بالوصول إلى المشاريع الممولة من الحكومة. والمثال الآخر هو “المجلس اللبناني للتنمية والإعمار”. تأسس المجلس عام 1977 من قبل الدولة اللبنانية، وهو مسؤول مباشرة أمام رئيس مجلس الوزراء. والغرض الأساسي منه هو إعادة بناء البنية التحتية المتضررة في لبنان. ويمثل المجلس حالياً ثلاثة فصائل سياسية أساسية: حزب المستقبل بزعامة سعد الحريري، وليد جنبلاط، وحركة أمل. وبحسب التقارير، تمثل حركة أمل مصالح حزب الله في المجلس. وبالتالي، يتم أيضاً منح العديد من الشركات التابعة لهذه الفصائل السياسية مشاريع ومناقصات يديرها مجلس الإنماء والإعمار. وهذا يشمل الشركات التابعة لحزب الله مثل شركة البنيان للهندسة والمقاولات.

وأخيراً، هناك علامة أخرى على العلاقة القوية بين الجانبين، وهي التعاون الثقافي بين الحركتين. يشمل هذا التعاون، على سبيل المثال، أنشطة مشتركة بين أعضاء كشافة الإمام المهدي التابعة لحزب الله وكشافة الرسالة الإسلامية التابعة لحركة أمل.

خاتمة

أحد الدروس الرئيسية التي تعلمها حزب الله في أعقاب حرب عام 2006 مع إسرائيل هو أنه يجب عليه توسيع نفوذه إلى مجالات أخرى في لبنان، وليس التركيز فقط على بناء قوته العسكرية والاحتفاظ بها. ولم يكن تحقيق هذا النفوذ ليتحقق من دون دعم حلفاء سياسيين آخرين، وعلى رأسهم حركة أمل. وعلى هذا النحو، يجب علينا أن ننظر إلى حركة أمل، بوصفها متعاوناً وميسراً لمنظمة إرهابية محددة. إن التحالف بين حزب الله وحركة أمل، سواء كان ضرورة على الساحة السياسية اللبنانية أو تحالفاً استراتيجياً، يفيد حزب الله في الغالب. ومن دونه، من المؤكد أن الحزب سيواجه صعوبة أكبر في التعامل مع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، ومن الممكن أيضاً أن يجد صعوبة أكبر في الحفاظ على قبضته على مؤسسات الدولة اللبنانية. كما هو الحال الآن، كان لتعاون حركة أمل السياسي والاقتصادي مع حزب الله دور محوري في قدرة حزب الله على أن يكون له مثل هذا الوجود المسيطر في لبنان.

ليس هناك شك في أنه لولا دعم حركة أمل لكان حزب الله سيعاني من أجل الحفاظ على قدرته على البقاء على المستويين الاقتصادي والسياسي. وهنا تكمن أهمية دعم “أمل” لحزب الله. إن إضعاف حزب الله لن يساهم في أمن المنطقة فحسب، بل أيضاً في الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة اللبنانية المتعثرة.

ولذلك، فإن تفكيك هذه الشراكة سيكون له تأثير الدومينو الذي قد يؤدي في النهاية إلى عزل حزب الله سياسياً وحرمانه من الوصول إلى الموارد المالية الحكومية. وبحسب التقارير، حذر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، المسؤولين اللبنانيين بالفعل عندما زار البلاد في مارس / آذار 2019 من أن بعض الأفراد مثل الرئيس ميشال عون ونبيه بري هم أهداف شخصية محتملة للعقوبات. ربما حان الوقت لتنفيذ مثل هذه السياسة.

الرابط:

https://www.gfatf.org/archives/amal-movement-actively-supports-hezbollah/

زر الذهاب إلى الأعلى