جمعية الطلبة المسلمين الشيعة في الولايات المتحدة: حصان طروادة لإيران

في حين يستمتع معظم الأمريكيين بعطلة الشتاء، استضافت جمعية الطلبة المسلمين الشيعة في الولايات المتحدة ـ والمعروفة باسم أنجمان إسلامي ـ مؤتمرها السنوي تحت عنوان “المقاومة: واجب إسلامي” في هيرندون بولاية فرجينيا.
وتوضح الصور الترويجية المصاحبة موضوع المؤتمر، حيث تظهر جنوداً مسلحين في ساحة المعركة، مع رمز المثلث المقلوب المرتبط بحركة حماس المدرجة على قائمة الإرهاب، في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وعلى الرغم من أن جمعية الطلبة المسلمين الشيعة ليست محل اهتمام كبير مثل الجماعات الإسلاموية الأمريكية السنية الأكثر شهرة، مثل المسلمين الأمريكيين من أجل فلسطين، أو مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، فإن استمرار وجودها يؤكد على الفشل المستمر للمؤسسة الأمنية الأمريكية في معالجة التهديدات التي تشكلها الكيانات الإسلاموية المدعومة من الخارج، على الرغم من كونها موضوع تدقيق فيدرالي منذ ثمانينيات القرن العشرين على الأقل.
يعود تاريخ تأسيس جمعية الطلبة المسلمين الشيعة إلى ستينيات القرن العشرين. ووفقاً لبرنامج جامعة جورج واشنطن للتطرف، فقد شارك في تأسيسها إبراهيم يزدي، وهو سياسي إيراني بارز شغل منصب وزير خارجية إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979. كما لعب أحد مؤسسي الجمعية، المهندس مصطفى شمران، الذي تلقى تعليمه في بيركلي، دوراً أساسياً في تأسيس الحرس الثوري الإيراني، وشغل لاحقاً منصب وزير الدفاع في إيران ونائب رئيس الوزراء للشؤون الثورية.
ونظراً لأصولها، فليس من المستغرب أن يكون هدف الجمعية تعزيز مصالح الجمهورية الإسلامية في الداخل من خلال تعزيز الولاء الديني والسياسي المتعصب للمحور الإيراني ولآية الله علي خامنئي، حيث أن مؤتمراتها السنوية مليئة بصور خامنئي وسلفه آية الله روح الله الخميني الذي قاد ثورة 1979.
وشارك في المؤتمر، الذي انعقد في الفترة من 27 إلى 30 ديسمبر/ كانون الأول 2024، عدد من المتحدثين المتطرفين. ومن بين هؤلاء أبا ذر وحيدي، الذي نشأ في مدينة قم الإيرانية. ووفقاً لموقعه الشخصي على الإنترنت، فإنه يرأس حالياً المركز الإسلامي الفاطمي في هايوارد بولاية كاليفورنيا، ويدرس في مدرسة شيعية تدعى أكاديمية سابا.
وعلى منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، يتابع وحيدي أربعة حسابات فقط، ثلاثة منها مرتبطة بآية الله خامنئي. وتشمل منشوراته على المنصة تشجيع الحوثيين وهم يختطفون السفن المدنية في الشرق الأوسط، وكتابة أن “أفضل طريقة لهزيمة الظلم هي الاستماع إلى آية الله خامنئي والعمل بتوجيهاته”، كما نشر وحيدي رسومات تمجد نظام إطلاق الصواريخ الإيراني الضخم تحت الأرض. وعلى نحو مماثل، يمتلئ حسابه على إنستغرام بخطب خامنئي وتمجيد زعماء المحور الإيراني مثل زعيم حزب الله الراحل حسن نصر الله.
ومن بين المتحدثين أيضاً العراقية الكندية زينب رايتس، رئيسة تحرير موقع “تي ام جي نيوز”. ففي اليوم التالي لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، نشرت زينب مقالاً قالت فيه: “إذا كنت تدعم فلسطين ولكنك لم تصطف قط إلى جانب مقاومتها المسلحة، فإنك لست حليفاً حقيقياً”. وفي الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول، كتبت مقالاً عن دعوة آية الله السيستاني لجميع المسلمين لدعم “المقاومة الفلسطينية”، كما نشرت عدة منشورات على إنستغرام لدعم ثم رثاء زعيم حماس إسماعيل هنية والعقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول يحيى السنوار بعد وفاتهما. ونشرت منشورات مماثلة عن حسن نصر الله، وبدا أنها حزينة على وفاته.
هناك العديد من المتحدثين الآخرين في المؤتمر الذين كانت مواقفهم المعلنة سبباً للقلق. وجميعهم يتبعون الخط الأيديولوجي نفسه المتمثل في الدعم المعلن للعنف والولاء الثابت للحكومة الحالية في إيران، وهي السردية السائدة التي روجت لها جمعية الطلبة المسلمين الشيعة خلال فعالياتها ومؤتمراتها وعلى وسائل التواصل الاجتماعي لسنوات عديدة.
لقد لفت التزام جماعة الطلبة المسلمين الشيعة بالإسلاموية التي يتبناها النظام الإيراني انتباه وكالات إنفاذ القانون الأمريكية منذ عقود من الزمان. ففي تقييم للتهديدات أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1984، وُصفت الجمعية بأنها “امتداد للنظام الحالي في إيران”. كما اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الجمعية بتلقي تمويل من وزارة الخارجية الإيرانية، وزعم أن طهران تستخدم الجمعية لاستهداف المنشقين الإيرانيين على الأراضي الأمريكية. في الواقع، أشار التقييم إلى أنه في مارس / آذار 1982، تسلح أعضاء الجمعية بالسكاكين والغاز المسيل للدموع وعدد من الأسلحة الأخرى أثناء مواجهة عنيفة مع طلاب مناهضين للخميني.
وعلى نحو مماثل، كشف تقرير صادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 1987 أن أعضاء جمعية الطلبة المسلمين الشيعة كانوا مطالبين بالتعهد بالولاء للنظام الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، أوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 1994 أن الجمعية كانت “على اتصال” بحزب الله اللبناني. وأخيراً، خلال شهادة أدلى بها في مجلس الشيوخ في عام 1998، كشف رئيس قسم الإرهاب الدولي في مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك، ديل واتسون، أن الحكومة الإيرانية استخدمت الجمعية “للحصول على معلومات استخباراتية وخبرات فنية منخفضة المستوى”، وأنها “توفر أيضاً قاعدة موارد تشغيلية مهمة تسمح لحكومة إيران بالحفاظ على القدرة على شن عمليات ضد الولايات المتحدة”.
وعلى الرغم من كل هذا، لم تستمر الجمعية في العمل دون قيود فحسب، بل إنها لا تزال تتمتع بوضع الإعفاء الضريبي، حيث مُنحت الجمعية – التي تقدم ضرائبها تحت مسمى جمعية الطلبة المسلمين، مجموعة بان سيراه – هذا الوضع في عام 2010. وعلى الرغم من إلغاء هذا الإعفاء في نوفمبر / تشرين الثاني 2013، فقد أعيد لاحقاً وفقًا لخطاب من مصلحة الضرائب الأمريكية بتاريخ 28 سبتمبر / أيلول 2020. بعبارة أخرى، بينما يواجه وكلاء إيران في الشرق الأوسط عقوبات وتدقيقاً أمريكياً، تعمل جمعية الطلبة المسلمين الشيعة بحرية، مختبئة وراء الحماية والمزايا الضريبية التي توفرها حكومة الولايات المتحدة للجمعيات الدينية والثقافية.
لا ينبغي للولايات المتحدة أن تغض الطرف عن أنشطة جمعية الطلبة المسلمين الشيعة. لقد حان الوقت للتحرك بحزم قبل أن يتحول خطاب “المقاومة” الذي تروج له في مؤتمراتها السنوية إلى واقع من العنف على الأراضي الأمريكية.
المصدر: منتدى الشرق الأوسط / واشنطن
