تقارير ودراسات

الحرب في غزة قد تعقّد مهمة خلافة هنية.. من هم المرشحون المحتملون؟

تتمتع حركة حماس الفلسطينية بتاريخ من الاستبدال السريع والسلس للقادة الذين قتلوا في غارات جوية إسرائيلية.

وتأتي عملية اغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية في وقت تواجه حماس ضغوطاً شديدة منذ بدء الحرب في غزة قبل نحو عشرة أشهر في أعقاب هجوم الحركة على جنوب إسرائيل.

وقال مسؤول في حماس لوكالة أسوشيتد برس، عندما سئل عن عملية استبدال هنية: “نحن لا نناقش هذا الأمر الآن”.

كان هنية رئيسًا للمكتب السياسي للحركة حتى وفاته. وكان نائبه صالح العاروري، الذي قُتل في غارة إسرائيلية على بيروت في يناير/ كانون الثاني، وكان من المفترض أن يحل محله تلقائياً. وظلّ منصب العاروري شاغراً منذ وفاته.

ومن المتوقع أن يجتمع مجلس شورى الحركة، وهو الهيئة الاستشارية الرئيسية، قريباً، على الأرجح بعد جنازة هنية في قطر، لتسمية خليفة جديد. ولا تزال عضوية المجلس سرية، لكنه يمثل الفروع الإقليمية للحركة في غزة والضفة الغربية والشتات والأسرى في السجون الإسرائيلية.

وقد يكون عقد اجتماع كامل للقيادة معقداً بسبب ظروف الحرب الحالية؛ ذلك أن العديد من أعضاء المجموعة البالغ عددهم نحو ستين عضواً موجودون في غزة.

وقال هاني المصري، الخبير في شؤون المنظمات الفلسطينية. إن من الممكن تسمية مرشح توافقي قبل أن يتمكن مجلس الشورى من الانعقاد، على أن يعقد المجلس انتخابات رسمية في وقت لاحق. وكانت الانتخابات قد تأجلت بالفعل هذا العام بسبب الحرب.

وكان أحد نواب هنية هو زاهر جبارين، الذي وصف بأنه الرئيس التنفيذي للحركة بسبب الدور المهم الذي يلعبه في إدارة أموال حماس، بالإضافة إلى علاقاته الطيبة مع إيران وغيرها من الداعمين.

وقال المصري إن الاختيار الآن على الأرجح بين خالد مشعل، نائب آخر لهنية وزعيم سابق للحركة، وخليل الحية، وهو شخصية قوية داخل حماس وكان قريباً من هنية.

وقال المصري، الذي يرأس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن “الأمر لن يكون سهلاً”.

وسوف يضطر الزعيم السياسي الجديد لحماس إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيستمر في الخيار العسكري، أو تقديم تسويات سياسية، وهو خيار غير مرجح في هذه المرحلة.

كما أن دور زعيم الحركة مهم في الحفاظ على العلاقات والدعم من حلفاء حماس خارج الأراضي الفلسطينية. ومن الأهمية بمكان أيضاً دعم الحلفاء الإقليميين للزعيم القادم.

ويتمتع مشعل بخبرة سياسية ودبلوماسية، لكن علاقاته مع إيران وسوريا وحزب الله توترت بسبب دعمه للاحتجاجات العربية في عام 2011. وعندما كان في لبنان في عام 2021، ورد أن قادة حزب الله رفضوا مقابلته.

ولكن مشعل يتمتع بعلاقات جيدة مع تركيا وقطر، حيث مقر المكتب السياسي للحركة، ويعتبر شخصية أكثر اعتدالاً حيث ترأس حماس حتى عام 2017. واتصل به الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتقديم تعازيه في مقتل هنية.

أما يحيى السنوار، الشخصية القوية في حماس الذي يقود الحرب في غزة، فهو يقع على الطرف الآخر من هذا الطيف، ومن غير المرجح أن يدعم زعامة مشعل.

ويعد الحية، نائب السنوار، من القيادات البارزة التي تعيش في غزة، ويتمتع باتصالات دولية مهمة وعلاقات جيدة مع الجناح العسكري، وكذلك مع إيران وقطر ومصر وتركيا، وكان أول زعيم يتحدث بعد اغتيال هنية.

وقال الحية إن اغتيال هنية يثبت أن “خياراتنا (مع إسرائيل) هي الدم والمقاومة”، وليس المحادثات أو المفاوضات.

وقال أيضاً متحدثاً من طهران، وكان يقف إلى جانبه جبارين: “بقدر ما يؤلمنا مقتل هنية، فإننا نطمئن الأمة بأن خيارنا في حماس والمقاومة مستمر باستراتيجية واضحة.. لا تحيد باستشهاد قائد أو عشرة”.

بعد سنوات من العلاقات الباردة مع “محور المقاومة” بقيادة إيران بسبب دعمها للمعارضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد خلال الصراع في سوريا الذي بدأ في مارس / آذار 2011، بدأت حماس في إصلاح علاقاتها مع إيران والتصالح مع الأسد.

وكان الحية على رأس وفد ذهب إلى سوريا في عام 2022 والتقى بالأسد.

وقال المصري “إنه مثل هنية، الذي كان متوازناً ومرناً ولم يعتبر أي من الطرفين قيادته مشكلة”.

وقال المصري إن المرشح المحتمل الثالث هو نزار أبو رمضان الذي نافس السنوار على منصب رئيس حركة حماس في غزة، ويعتبر مقرباً من مشعل. كما أن موسى أبو مرزوق نائب مشعل هو مرشح محتمل آخر.

ومع تعثر محادثات وقف إطلاق النار، يبدو أن الاستراتيجية الإسرائيلية حتى الآن لم تترك للحركة سوى خيارات قليلة: الاستسلام أو مواصلة الحرب.

وقال هيو لوفات، الخبير في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، إن مقتل هنية وتعثر محادثات وقف إطلاق النار من المرجح أن “يعزز موقف المتشددين داخل الحركة ويدفع حماس نحو استراتيجيات متشددة بعيداً عن الدبلوماسية والسياسة”.

لكن لوفات قال إن الأمر لا يقتصر على السنوار وحده لدعم الزعيم الجديد، بل يتعلق الأمر أكثر بالتوافق الداخلي بين قيادة غزة وقيادة الخارج.

ويمكن لقطر، التي تستضيف قيادة حماس وتعد وسيطاً رئيسياً في المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، أن تلعب دور الحكم في تسمية خليفة هنية في حالة عدم وجود توافق داخلي أو إقليمي.

وبدأت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بعد الهجوم الذي شنته حماس وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص. كما احتجزت الحركة 250 آخرين كرهائن.

وأدت العملية الانتقامية التي شنتها إسرائيل إلى تدمير أحياء بأكملها في غزة وإجبار أغلب السكان على الفرار من منازلهم. وقد قُتل أكثر من 39 ألف فلسطيني وفقاً لوزارة الصحة في غزة التي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين في إحصاءاتها. كما أدت الحرب إلى إضعاف دور حماس في غزة، وربما في اختيار الزعيم المستقبلي للحركة.

 

المصدر:

https://abcnews.go.com/International/wireStory/war-gaza-complicate-haniyehs-replacement-contenders-112435315

زر الذهاب إلى الأعلى