تقارير ودراسات

الجهاديون وحلفاؤهم يصلون إلى حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا

وصل الجهاديون وحلفاؤهم المدعومون من تركيا إلى ثاني أكبر مدينة في سوريا، حلب، الجمعة 29 نوفمبر/ تشرن الثاني، حيث شنّوا هجوماً خاطفاً ضد قوات الحكومة المدعومة من إيران وروسيا.

وتعد هذه المعارك من بين الأعنف منذ سنوات؛ إذ قتل فيها 255 شخصاً حتى الآن وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وكان معظم القتلى من المقاتلين، لكن الحصيلة تشمل أيضاً 24 مدنيّاً، معظمهم قتلوا في غارات جوية روسية.

وبدأ الهجوم يوم الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار في لبنان المجاور بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران.

وبحلول يوم الجمعة، سيطر الجهاديون وحلفاؤهم على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، في أكبر خسارة للأراضي تتكبدها الحكومة منذ سنوات.

بعد ذلك دخلوا الأحياء الغربية من حلب، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة، وكانت مركز الصناعة في سوريا قبل الحرب.

وقال المرصد إن “هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها… تمكنت من دخول أطراف حيّي الحمدانية وحلب الجديدة… بعد تنفيذ هجومين انتحاريين بسيارتين مفخختين”.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن هيئة تحرير الشام، وهي تحالف جهادي يقوده فرع القاعدة السابق في سوريا، قصفت سكناً للطلاب في المدينة، مما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين.

وشنّت طائرات حربية سورية وروسية غارات جوية مكثفة على جيب للمعارضة في محيط إدلب، قاعدة تمركز الجهاديين، حيث نفذت 23 غارة بحسب المرصد.

كما وصلت تعزيزات للجيش إلى حلب، بحسب ما أكد مسؤول أمني سوري لوكالة فرانس برس، طالباً عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الأمر.

وقال بيان للجيش إن القوات صدت الهجوم على المدينة واستعادت بعض المواقع.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن “أكثر من 14 ألف شخص – نصفهم تقريباً من الأطفال – نزحوا” بسبب العنف.

وقال أحد سكان حلب، سرمد (51 عاماً)، لوكالة فرانس برس، إنه كان يسمع “أصوات الصواريخ والقصف المدفعي على مدار الساعة”.

وأضاف: “نخشى أن تندلع الحرب ونضطر للنزوح من منازلنا مرة أخرى”.

وقال ناصر حمدو (36 عاماً)، الذي يعمل في محلّ للحلويات، إنه أصبح يتابع الأخبار منذ بدء الأعمال القتالية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الجهاديين وحلفاءهم قطعوا الطريق السريع الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق على بعد نحو 300 كيلومتر جنوباً.

وقال حمدو: “نحن قلقون من أن يؤدي إغلاق الطرق إلى ارتفاع أسعار الوقود ومنع وصول البضائع إلى المدينة”.

ووصف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، الوضع في حلب بأنه “انتهاك لسيادة سوريا”.

وأعرب عن دعمه “للحكومة السورية لاستعادة النظام سريعاً في هذه المنطقة”.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام الصباغ “استمرار الدعم الإيراني للحكومة والشعب والجيش السوري”.

وتخضع منطقة إدلب لهدنة بوساطة تركية وروسية منذ عام 2020. وقد تم انتهاك وقف إطلاق النار مراراً وتكراراً، ولكنه إجمالاً ظلّ صامداً إلى حد كبير.

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس في الجيب المتمرد جهاديين يتقدمون بالدبابات، بينما كان هناك تبادل مكثف لإطلاق النار في منطقة تبعد سبعة كيلومترات فقط عن حلب.

وأظهرت صور لوكالة فرانس برس دبابات مهجورة ومركبات عسكرية أخرى.

وقال المراسل إن الجهاديين وحلفاءهم المدعومين من تركيا تلقّوا أوامرهم من قيادة العمليات المشتركة.

وقال المحلل نيك هيراس، من معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة، إن المقاتلين “يحاولون استباق احتمال شن حملة عسكرية سورية في منطقة حلب”.

وذكر هيراس أن الحكومة السورية وداعمها الرئيس روسيا كانت تستعد لحملة كهذه.

وتدخلت روسيا في سوريا عام 2015، مما أدى إلى تحويل مجرى الحرب الأهلية التي اندلعت قبل أربع سنوات لصالح الحكومة، التي فقدت قواتها في ذلك الوقت السيطرة على معظم أنحاء البلاد.

وهناك مصالح أخرى أيضاً على المحك.

فبالإضافة إلى روسيا، يحظى الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من إيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها، بما في ذلك حزب الله اللبناني.

وتتمتع الميليشيات المدعومة من إيران بحضور كثيف في منطقة حلب بعد دعمها الحاسم للجيش في استعادته للمناطق التي كانت تحت سيطرة المتمردين في المدينة في عام 2016.

وقال هيراس إن القوات المناهضة للحكومة “في وضع أفضل للسيطرة على القرى مقارنة بقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا، في حين يركز الإيرانيون على لبنان”.

وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى إن القوات الحكومية “لم تكن مستعدة على الإطلاق” للهجوم.

وقال عبد الرحمن: “من الغريب أن نرى قوات النظام تتلقى ضربات قوية كهذه على الرغم من الغطاء الجوي الروسي والمؤشرات المبكرة على أن هيئة تحرير الشام ستشن هذه العملية”.

“هل كانوا يعتمدون على حزب الله الذي أصبح الآن مشغولاً في لبنان؟”.

المصدر: وكالة فرانس برس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى