تقارير ودراسات

استمرار الفوضى في سوريا: الميليشيات العراقية والتمرد العلوي

في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، أُعلن عن تشكيل ميليشيا عراقية جديدة: كتائب أولياء الحق. وحتى الآن، أصدرت المجموعة بياناً واحداً يعرض اسمها الكامل وشعارها ومبررات تأسيسها.

جاء في البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنّا من المجرمين منتقمون)

استمراراً لنهجنا في الدفاع عن المظلوم والتصدي للظالم، ونظراً للانتهاكات التي يرتكبها إرهابيو الجولاني في سوريا ضد الشيعة العلويين، والتي تعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، فإن كتائب أولياء الحق تؤكد التصدي لهذه العصابات التكفيرية، وسنبدأ عملياتنا العسكرية في القريب العاجل، وسندخل سوريا من جميع المحاور لحماية الطائفة العلوية.

والله ناصر المؤمنين

لا يُعرف الكثير عن قيادة هذه المجموعة، حيث أصدرت بيانًا واحدًا فقط، ولم تذكر أسماء أي من قادتها أو تنشر صوراً أو مقاطع فيديو. ومع ذلك، فإن إلقاء نظرة فاحصة على شعار كتائب أولياء الحق يُظهر تشابهاً واضحاً مع الميليشيات العراقية الأخرى، وبالتحديد سرايا أولياء الدم.

ويظهر في شعاري كتائب أولياء الحق وسرايا أولياء الدم قبضة تحمل بندقية كلاشينكوف تنبثق من خريطة العراق ودائرة تحيط بالخريطة تحمل كلمات خاصة بكل ميليشيا.

وحظيت سرايا أولياء الدم بالاهتمام لأول مرة في 24 أغسطس/ آب 2020، عندما أعلنت مسؤوليتها عن هجوم على قافلة عراقية يُزعم أنها تنقل بضائع أمريكية ونشرت لقطات درامية للحادث.

لا يزال مدى استعداد كتائب أولياء الحق لدخول سوريا غير مؤكد، ولا يمكن تحديده من خلال بيان واحد. ومع ذلك، هناك شيء واحد واضح: الساحل السوري ـ حيث وقعت اشتباكات متكررة بين القوات التي تقودها هيئة تحرير الشام والعلويين السوريين، فضلاً عن بقايا نظام الأسد ـ قد يشهد المزيد من التصعيد.

كما اندلعت اشتباكات على مشارف حمص، وهي منطقة يسكنها عدد كبير من العلويين والشيعة والسُنّة. وفي الرابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني، قُتل أكثر من 13 ضابطاً من الجيش السوري التابع لنظام الأسد في قرية فحل بريف حمص. ومن المؤكد أن العنف المستمر في هذه المناطق لن يؤدي إلا إلى تغذية نمو الجماعات المسلحة.

وقد دفعت الدعوات إلى العنف بين الموالين السابقين للأسد العديد من العلويين إلى حمل السلاح ضد القوات التي تقودها هيئة تحرير الشام في المحافظات الساحلية السورية في طرطوس واللاذقية، وكذلك في حمص. على سبيل المثال، دعا مقداد لؤي فتيحة (أبو جعفر)، وهو علوي وضابط سابق في الحرس الجمهوري السوري، العلويين إلى مقاومة هيئة تحرير الشام منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول.

وفي آخر فيديو له بتاريخ 27 كانون الثاني/ يناير، والذي ظهر فيه ملثماً، قال فتيحة: “من اليوم أدعو الأهالي إلى عدم تسليم سلاحهم، ومن يهاجم القرى [من هيئة تحرير الشام] فاقتلوه، اقتلوه، اقتلوه، وسنكون معكم بإذن الله، وسأتعاون مع مجموعة من إخواننا للقيام بعمليات عسكرية انتقامية في اللاذقية وريفها ردّاً على قتل أبنائنا في محافظة حمص وما يقوم به عناصر هيئة تحرير الشام من سرقة ونهب في جبلة واللاذقية”.

وتشمل الجماعات المسلحة الأخرى العاملة على الساحل السوري “المقاومة الشعبية السورية”، وهي ميليشيا موالية للأسد تأسست في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وتعهدت المجموعة بقتل قادة هيئة تحرير الشام رداً على ما قالت إنها عمليات قتل خارج نطاق القضاء للمسيحيين والعلويين والشيعة بعد سقوط نظام الأسد.

منذ الثامن من ديسمبر / كانون الأول، تمكنت “المقاومة الشعبية السورية” من قتل عدد من قيادات هيئة تحرير الشام والتنظيمات التابعة لها، وهم:

أحمد الوزير (أبو عكر)

محيي الدين التركي

أكرم السياح

عبد الرحمن غزالي

محمد خالد الصفدي

سالم جانباز

محمد عبد القادر خليل (أبو عبده تلبيسة).

إن غرب سوريا سوف يكون منطقة رئيسة يجب مراقبتها، حيث لا يزال الموالون للأسد محاصرين هناك ولكنهم قادرون على الوصول إلى السلاح. ومن المرجح أن تسعى الجهات الفاعلة الخارجية إلى استغلال هذه الفوضى، وخاصة إيران، التي تُتهم بتأجيج التمرد ضد هيئة تحرير الشام. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المنطقة بقيمة استراتيجية لطموحات الجمهورية الإسلامية الأوسع نطاقاً، إذ توفر الوصول المباشر إلى لبنان، حيث يتوق وكيلها الرئيسي، حزب الله، إلى إعادة بناء ترسانته العسكرية.

الكاتب: أحمد شعراوي*

* محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات يركز على التدخل الإيراني في الشؤون العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى