إيران تعزز قوتها العسكرية في الخليج

في ظلّ تصاعد التوترات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة، عزز الحرس الثوري الإيراني وجوده العسكري في الخليج الفارسي، ونشر أنظمة صاروخية متطورة في جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى [الإماراتية المحتلة] في 22 مارس/ آذار.
أفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية أن الجزر محصّنة الآن بـ “عشرات من أنظمة الدفاع الصاروخي والجوي”، إلى جانب وحدات مشاة متمركزة. وكشف الأدميرال علي رضا تنكسيري، قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني، أن سفن الهجوم السريع التابعة للحرس الثوري، التي تسيّر دوريات في الخليج العربي والمياه المحيطة به، مجهزة الآن بصواريخ كروز جديدة جاهزة للعمليات وقادرة على استهداف الأصول البحرية.
في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني، أكد تنكسيري على الضرورة الاستراتيجية لتسليح الجزر، قائلاً: “نهجنا التكتيكي يقتضي تسليح هذه المجموعة من الجزر وتشغيلها. لدينا القدرة على ضرب قواعد العدو وسفنه الحربية وأصوله في المنطقة”.
على مدار الأشهر القليلة الماضية، كثف الحرس الثوري الإيراني تدريباته العسكرية على هذه الجزر الواقعة على طول ممر بحري حيوي لنقل الطاقة العالمية. يمر أكثر من خُمس إمدادات النفط العالمية عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي، مما يجعله بؤرة توتر جيوسياسي.
خلال هذه المناورات، كشف الحرس الثوري الإيراني عن سفينة حربية جديدة مجهزة بصواريخ بمدى 600 كيلومتراً، كما نشر صواريخ “فاتح” الباليستية بمدى 120 كيلومتراً، وصواريخ كروز “قدير” بمدى يتجاوز 300 كيلومتراً، عبر الجزر. كما أجرت البحرية التابعة للحرس الثوري سيناريوهات قتالية محاكية لاختبار قدراتها الدفاعية.
أثار توسع النفوذ العسكري الإيراني في المنطقة رد فعل من الولايات المتحدة التي عززت وجودها البحري لمواجهته. أرسلت واشنطن سفناً هجومية برمائية وسفن دعم إضافية للحد من خطر التهديدات الإيرانية لحرية حركة التجارة عبر مضيق هرمز.
وسط مخاوف من احتمال عرقلة إيران للتجارة البحرية، أمر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث بنشر مجموعتين من حاملات الطائرات في المنطقة. من المتوقع أن يعزز تمديد تمركز حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، ووصول حاملة الطائرات كارل فينسون المرتقب الشهر المقبل، المرونة العملياتية للقوات الأمريكية، مما يقوي قدرتها على الردع والمناورات الهجومية. ويهدف هذا التعديل الاستراتيجي أيضاً إلى تعزيز العمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين المدعومين من إيران، والذين هددت هجماتهم الصاروخية وطائراتهم المسيرة ممرات الشحن في البحر الأحمر.
اختتمت إيران مناوراتها الحربية الأوسع والأكثر تعقيداً منذ عقود، “حزام الأمن البحري 2025″، في 12 مارس / آذار. وقد أظهرت هذه المناورات، التي بدأت أواخر ديسمبر / كانون الأول 2024، قدرات إيران التسليحية المتطورة، وكشفت في الوقت نفسه عن نقاط ضعف في بنيتها التحتية للدفاع الجوي. صُممت هذه المناورات لتسليح إيران ضد أي ضربات محتملة من عدويها الرئيسيين، إسرائيل والولايات المتحدة.
أجرى جيش الجمهورية الإسلامية مناورات حربية واسعة النطاق تحاكي غارات جوية على بنيته التحتية النووية في 11 يناير/ كانون الثاني. اختبرت هذه المناورات دفاعات إيران الجوية ضد تهديدات متعددة المجالات بهدف “مواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والإلكترونية في ظروف ميدانية حقيقية”. ومع ذلك، لا يزال الجدل قائماً حول مدى تفوق بعض أنظمة الدفاع الجوي على أنظمة إس-300 الروسية الصنع التي استهدفتها إسرائيل في ضرباتها الانتقامية في 26 أكتوبر/ تشرين الأول.
سعت إيران أيضاً إلى تعزيز مخزوناتها من الأسلحة، كاشفة عن ألف طائرة مسيّرة حديثة الصنع، تزعم أنها تتمتع “بقدرات فريدة”، تشمل مدىً يصل إلى 2000 كيلومتراً، و”قوة تدميرية عالية”، وتحليقاً ذاتياً مستداماً، وتكنولوجيا التخفي. إضافة إلى ذلك، تستعد القوات البحرية الإيرانية لاستقبال سفينة حربية جديدة، وهو تطور يهدف إلى “تعزيز قدرة البلاد على إبراز قوتها البحرية” وفقاً لتصريح الأدميرال حبيب الله سياري.
كثّفت طهران كذلك مناوراتها العسكرية في مختلف القطاعات، مبرزة موقفها الدفاعي وطموحاتها الاستراتيجية. في الأشهر الأخيرة، أجرى الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني تدريبات دفاع جوي مكثفة بالقرب من منشآت نووية رئيسية في نطنز وفوردو ومفاعل آراك في خندب بهدف تعزيز الجاهزية لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية. كما أجرى الحرس الثوري مناورات حربية بحرية في الخليج العربي، بينما أجرت قواته البرية جولة ثانية من المناورات في جنوب غرب إيران، مركزة على الانتشار السريع والاستعداد القتالي. إضافة إلى ذلك، أطلق الجيش الإيراني مناورات “ذو الفقار” التي شملت جنوب إيران وخليج عُمان وشمال المحيط الهندي.
أُجريت المناورات الأهم، “حزام الأمن البحري 2025″، بالتنسيق مع الصين وروسيا في خليج عُمان بالقرب من مضيق هرمز، وهو ممر مائي حيوي يمر عبره حوالي 20% من النفط الخام المتداول عالمياً. وقد شهد هذا الممر المائي الاستراتيجي عمليات بحرية إيرانية متكررة، شملت الاستيلاء على سفن تجارية وهجمات على سفن شحن، وهو نمط أصبح واضحاً بشكل متزايد.
الكاتب: جوناثان سايح
