أهم ممول لتنظيم داعش-خراسان في أوروبا كان يعمل منذ فترة طويلة انطلاقاً من تركيا تحت أسماء مستعارة
كشفت معلومات سرّية حصل عليها موقع “نورديك مونيتور” أن أحد العناصر الرئيسيين في تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان (داعش-خ) – كان يتنقل سرّاً داخل وخارج تركيا تحت هويات متعددة، بما في ذلك هوية لاجئ ورجل أعمال أجنبي.
عصمت الله خالوزاي، الذي صنفته وزارة الخزانة الأمريكية كوسيط دولي لتنظيم داعش في ولاية خراسان في 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2021، كان يستخدم تركيا كمركز لوجستي محوري لحركة الأموال والمقاتلين.
وعلى الرغم من أن السلطات التركية كانت عل علم بأنشطته السرية لصالح الجماعة الإرهابية، فإن خالوزاي لم يخضع لتجميد الأصول من قبل حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان حتى 23 مارس/ آذار 2022، بعد أربعة أشهر من إدراج الولايات المتحدة اسمه على القائمة السوداء، وبعد طلب من الحكومة الأمريكية فقط.
ولكن المرسوم الرئاسي الذي أصدره أردوغان بتجميد أصول خالوزاي أغفل تفاصيل تعريفية بالغة الأهمية، بما في ذلك رقم الهوية الوطني الذي سُلم له من قبل هيئة إدارة الهجرة، وهي جزء من وزارة الداخلية. وينطبق رقم الهوية الوطنية على كل من المواطنين الأتراك والمقيمين الأجانب في تركيا.
وعلى الرغم من أن المرسوم أدرج عدة أسماء مستعارة يستخدمها خالوزاي ـ بما في ذلك عصمت الله خالوزاي، وعبد الأحد حليمة، وعكاشة جرار، ومحمد قاسم حقزاد، وشير عمر خيل ـ فإن أيّاً من هذه الأسماء لم يكن مصحوباً برقم هوية وطني. وهذا الإغفال مهم لأن مثل هذا الرقم ضروري لتتبع الأفراد بفعالية فيما يتصل بمعاملاتهم المرتبطة بالحكومة، بما في ذلك الضرائب، والخدمات الصحية، والعقوبات.
وبإغفال هذه التفصيلة الحاسمة، أعاق المرسوم بشكل كبير جهود الهيئات الحكومية والمؤسسات المالية التركية، مثل البنوك، لتعقب خالوزاي وتنفيذ عقوبة تجميد الأصول الصادرة في حقه. وفي تركيا، حيث تتطلب كل المعاملات المصرفية والحكومية تقريباً هذا الرقم التعريفي، سمح هذا الإغفال لخالوزاي بمواصلة أنشطته دون انقطاع إلى حد كبير.
وفي أعقاب تزايد الضغوط على تركيا، أصدر الرئيس أردوغان مرسوماً ثانياً في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول 2022 ـ بعد تسعة أشهر من القرار الأولي ـ أضاف فيه رقم هوية واحداً ـ 99401582772 ـ إلى الوصف. وقد تم تخصيص رقم الهوية هذا لخالوزاي تحت ما يبدو أنه اسمه المستعار، محمد قاسم حقزاد.
وتكشف المعلومات التي حصل عليها موقع “نورديك مونيتور” أن حقزاد سجل نفسه كمواطن أفغاني، وأعلن أن تاريخ ميلاده هو 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1977، وذكر أن اسمي والديه هما نازوك وخداييبيران. ولم يتم تقديم أي معلومات بشأن مكان إقامته في تركيا، وهو أمر غير معتاد إلى حد ما.
وجاء في المرسوم الرئاسي أن هذا هو رقم التعريف الوحيد الذي تستطيع السلطات ربطه به.
ولكن يبدو أن هذا البيان غير دقيق، حيث تشير المعلومات التي تمت مشاركتها مع موقع “نورديك مونيتور” إلى أن خالوزاي كان مسجلاً رسمياً كلاجئ في ثلاث مقاطعات تركية منفصلة على الأقل تحت أسماء مستعارة مختلفة، وحصل على رقم هوية وطني لكل طلب تمت الموافقة عليه.
وتظل الكيفية التي تمكن بها من التسجيل عدة مرات على الرغم من بصمات الأصابع وإجراءات التحقق من البيانات الحيوية التي أجرتها وكالة الهجرة لغزاً. فإما أن يكون ذلك نتيجة لنفوذ كبير من حليف قوي أو رشوة، وهو سيناريو معقول نظراً للفساد المستشري داخل وزارة الداخلية والوكالات التابعة لها، بما في ذلك الشرطة والدرك وهيئة الهجرة.
تحت اسم مستعار هو شير عمر خيل، سجل خاليزاي نفسه لدى الفرع المحلي لوكالة الهجرة في مدينة كارامان المحافظة في تركيا باعتباره لاجئاً، وحصل على رقم هوية وطني ينتهي بالرقم 4550. وذكر أن مقاطعة قندوز في أفغانستان هي مكان ميلاده، وحدد والديه بأنهما شيرين جولن ونور محمد، وذكر أن تاريخ ميلاده هو 1 يناير / كانون الثاني 1993، وأعلن أن محل إقامته هو مبنى سكني في 2 شارع 160، في وسط مدينة كارامان.
وفي محافظة قونية المجاورة، سجل خاليزاي نفسه مرة أخرى باسم مستعار هو عبد الأحد حليمة، وحصل على رقم هوية وطني ينتهي بالرقم 9088. وهذه المرة سجل تاريخ ميلاده على أنه 1 يناير/ كانون الثاني 1983، وحدد والديه بأنهما صاحب جمال ومراد، وكان محل إقامته المعلن شقة في شارع إرشاه في حي أولوباتلي حسن في منطقة كاراتاي في قونية.
تُعَد مدينتا قونية وكارامان من معاقل حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان. وكثيراً ما يجد المتطرفون والجهاديون سهولة أكبر في الاندماج في هذه المناطق بسبب تعاطف السكان المحليين مع الإسلاميين المتطرفين.
وفي حالة أخرى، سجل خالوزاي في إسطنبول باسم عظمة الله خالوزاي، وهو اسم مشابه جداً للاسم الوارد في قائمة وزارة الخزانة الأمريكية. ومن الغريب أن هذا الاسم لم يكن مدرجاً في مرسوم تجميد الأصول الرئاسي الذي أصدره أردوغان. وقد تم تخصيص رقم هوية وطني له ينتهي بالرقم 7668. وفي هذا التسجيل، قدم تاريخ ميلاده على أنه 1 يونيو / حزيران 1993، وأدرج عنوانه في مجمع سكني فاخر، دلتا ديلوكس سيتسي، في منطقة إسنيورت بإسطنبول.
ومن المحتمل جدّاً أن يكون لديه أسماء مستعارة وأرقام هوية إضافية، تسمح له بمواصلة أنشطته لصالح تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان.
وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، لم يقم خالوزاي فقط بتحويل الأموال لصالح داعش من تركيا، بل كان أيضاً متورطاً في تهريب البشر، بما في ذلك نقل ساعي داعش شخصياً من أفغانستان إلى تركيا في إحدى المناسبات.
وفي أحدث تقرير مراقبة أصدره فريق الأمم المتحدة لدعم التحليلات ومراقبة العقوبات بشأن تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في يونيو/ حزيران، وصف خالوزاي بأنه المشرف الرئيسي على تمويل تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية خراسان في أوروبا، علاوة على نشاطه فيما يتصل بتهريب المهاجرين. وذكر التقرير أيضاً أن الدول الأوروبية تعتبر تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان أكبر تهديد إرهابي خارجي لأمنها. وتظل تركيا حتى الآن مركزاً لوجستياً رئيسياً لعمليات التنظيم في أوربا.
المصدر: