هل تستطيع سوريا ولبنان ردع حزب الله؟

في 17 مارس/ آذار، اتفقت السلطات اللبنانية والسورية على وقف إطلاق النار بعد اشتباكات على الحدود الشمالية للبنان مع سوريا أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل. تُعد هذه الاشتباكات الأحدث على الحدود السورية اللبنانية بسبب تواجد حزب الله. تسعى الحكومة السورية الجديدة، التي تولت السلطة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد سقوط نظام الأسد، إلى تحقيق الاستقرار في سوريا بعد أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية. ومع ذلك، فإن استمرار نشاط حزب الله على طول الحدود يهدد الاستقرار في البلاد.
هذا مهم لأن سوريا تقف عند مفترق طرق. في 20 مارس/ آذار، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دمشق للقاء القيادة السورية الجديدة، والتقت بالرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، ومسؤولين آخرين. وصرح مكتبها في بيان: “بعد أكثر من ثلاثة أشهر من سقوط نظام الأسد، يتوق الشعب السوري إلى بداية جديدة وآفاق حقيقية لإعادة بناء حياته في بلده”. وعند وصول وزيرة الخارجية إلى دمشق، أضافت أنه “من الضروري السيطرة على الجماعات المتطرفة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم”.
أشار البيان أيضاً إلى الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في اللاذقية، شمال غرب سوريا، مطلع مارس/ آذار. اتُّهم مسلحون موالون للأسد بقتل عناصر من قوات الأمن السورية الجديدة، وردًّا على ذلك، شنّ عدد من الميليشيات هجوماً عنيفاً في اللاذقية، ما أسفر عن مقتل أفراد من الأقلية العلوية. ويبدو أن دمشق ترددت في تهدئة الفوضى ومعاقبة الجناة لمنع المزيد من الاشتباكات.
على بعد حوالي 160 كيلومتراً من مناطق الاشتباكات في اللاذقية، تقع مدينة القصير في سوريا. تُعد القصير بوابة إلى شمال لبنان. خلال الحرب الأهلية السورية، استخدم أعضاء حزب الله القصير كمحطة انطلاق لدخولهم سوريا لدعم نظام الأسد. في تلك الأيام، كان حزب الله حليفاً لدمشق، وكان بإمكان مقاتليه عبور هذه المنطقة بحرية. لا يزال لحزب الله آلاف المسلحين في لبنان، حيث يخزن كميات كبيرة من الصواريخ والذخائر لـ”المقاومة” ضد إسرائيل. ومع ذلك، استخدم حزب الله هذه الأسلحة أيضاً لاضطهاد اللبنانيين ودعم نظام الأسد، كان كلٌّ من حزب الله والأسد مدعوماً من إيران.
كان سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بمثابة انتكاسة لحزب الله. جاء ذلك في الوقت الذي قصفت إسرائيل أصول الحزب خلال أشهر من القتال بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024. زادت إسرائيل من ضرباتها على الحزب بعد أن رفض وقف هجماته على إسرائيل. كان حزب الله يدعم حماس في غزة، وأطلق آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023. في هذا السياق، سقط نظام الأسد. وصل الشرع إلى السلطة، ولأن القوى الجديدة في دمشق عارضت تدخل حزب الله وإيران في سوريا، لم يعد بإمكان طهران الاعتماد على طريقها البري عبر البلاد.
تسعى حكومة الشرع إلى توحيد سوريا. كان الشرع قائداً لهيئة تحرير الشام، وهي جماعة كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة. ومع ذلك، يحاول الشرع اليوم تصوير نفسه كشخصية معاصرة في سوريا الجديدة. لم يكتف باستضافة دبلوماسيين غربيين وزيارة تركيا ودول عربية مختلفة، بل وقع أيضاً اتفاقية مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شرق سوريا.
يبدو أن حزب الله يريد إفساد هذا المسار. فقد اعترضت دمشق عدة شحنات أسلحة كانت متجهة إلى الحزب خلال الأشهر الماضية. وتُعد الاشتباكات قرب القصير جزءاً من هذه القصة. قتل حزب الله عناصر من قوات الأمن السورية، ويواصل زعزعة استقرار الحدود. وهذا هو النموذج نفسه الذي يستخدمه في جنوب لبنان. وبينما يدعي أنه “يقاوم” إسرائيل، فإنه لا يستطيع استخدام هذه الذريعة في سوريا؛ لأن العديد من السوريين كانوا ضحايا للحزب خلال الحرب الأهلية السورية.
إذا استمرّ حزب الله في الصدام مع الحكومة السورية الجديدة، فقد يشجع ذلك الحكومة على الاعتماد على ميليشيات متطرفة أخرى، كتلك التي هاجمت العلويين في اللاذقية مطلع مارس/ آذار. قد يؤدي ذلك أيضاً إلى مزيد من المؤامرات مع إيران أو روسيا، اللتين دعمتا نظام الأسد ولا تزالان تملكان مصالح في سوريا. على سبيل المثال، لروسيا قاعدة عسكرية في اللاذقية. إضافة إلى ذلك، إذا لم تتمكن الحكومة السورية من السيطرة على الحدود، فسيكون من الصعب عليها التعامل مع تهديدات داعش والعمل مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية لدمج مختلف قوات الأمن والجماعات المسلحة في سوريا.
هناك الكثير على المحك في سوريا. هذه فترة حساسة. تتعرض العديد من الجماعات المدعومة من إيران لضغوط شديدة في المنطقة. على سبيل المثال، بدأت الولايات المتحدة غاراتها الجوية على الحوثيين في منتصف مارس/ آذار. حزب الله ضعيف، وفي لبنان رئيس ورئيس وزراء جديدان يريدان ردع الجماعة. تبدو الميليشيات المدعومة من إيران في العراق أكثر انقساماً من ذي قبل. شنت إسرائيل هجوماً جديداً على حماس في 18 مارس/ آذار. إذا ضغطت الولايات المتحدة ودول أخرى على لبنان لردع حزب الله ومنع المزيد من الاشتباكات مع سوريا، فقد يُسهم ذلك بشكل كبير في استقرار دمشق والحد من خطر التطرف.
الكاتب: سيث جيه فرانتزمان
https://nationalinterest.org/feature/can-syria-and-lebanon-rein-in-hezbollah
