تقارير ودراسات

الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تواجه مستقبلاً غامضاً

تواجه الميليشيات الموالية لإيران في العراق مستقبلاً غير مؤكد بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفي ظل ضغوط السلطات العراقية لحل الجماعات المسلحة أو دمجها في أجهزة الأمن الرسمية.

ضمت الميليشيات الشيعية المعروفة باسم الحشد الشعبي عشرات الألوية في ذروة معركة العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2017. ومع انتهاء الحرب على داعش، اندمجت هذه المجموعات جزئياً في جهاز الأمن العراقي، وأصبحت تتلقي رواتب حكومية. ومع ذلك، استمرت بعض أقوى الميليشيات في تنفيذ عمليات مستقلة.

والآن تتعرض هذه الميليشيات لضغوط من جهات حكومية مختلفة في العراق. على سبيل المثال، أشار وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في منتصف يناير/ كانون الثاني إلى أن الميليشيات الموالية لإيران يجب أن تضع سلاحها، لكن أكرم الكعبي، الأمين العام لحركة النجباء، رفض الجهود الرامية إلى نزع سلاح مجموعته ومجموعات أخرى ضمن ما يسمى “محور المقاومة” حسب تقرير نُشر في 24 يناير/ كانون الثاني في صحيفة الأخبار اللبنانية المؤيدة لحزب الله.

ووصفت صحيفة المدى، وهي صحيفة عراقية يسارية، موقف الكعبي بأنه قد يشكل تهديداً محتملاً للقوات الأمريكية في العراق، التي بدأت تتعرض منذ عام 2019 لزيادة في الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار من قبل الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا. وتوضح التصريحات المتبادلة بين قادة الميليشيات والحكومة أن العراق وصل مرة أخرى إلى طريق مسدود في ما يتعلق بنزع سلاح ميليشياته القوية. ومع ذلك، ربما تتغير حسابات بغداد بسبب الأحداث الأخيرة في سوريا.

مع بدء انهيار نظام الأسد في أوائل ديسمبر/ كانون الأول، أرسلت الحكومة العراقية قوات إلى الحدود السورية. وأعيد فتح الحدود بين العراق وسوريا في عام 2019، عندما هُزم تنظيم داعش، وكانت بمثابة قناة لدخول الميليشيات العراقية الموالية لإيران إلى سوريا على مدى السنوات العديدة الماضية. ومن بين الميليشيات التي لعبت دورًا على الجانب السوري من الحدود كتائب حزب الله، التي كانت أيضاً في طليعة مهاجمي القوات الأمريكية في العراق، واستهدفت القوات الأمريكية في الأردن في يناير/ كانون الثاني 2024، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة. ومع انهيار نظام الأسد، واجهت بغداد احتمال عودة أعضاء الميليشيات إلى البلاد، فضلاً عن فرار الموالين لنظام الأسد إلى العراق. وعبر ما لا يقل عن 2000 جندي سوري إلى العراق وأُعيدوا في النهاية إلى سوريا في الأسبوع الثالث من ديسمبر/ كانون الأول.

ومع فقدان الميليشيات قدرتها على العمل في سوريا، أوقفت أيضاً أكثر من عام من الهجمات على إسرائيل. فتحت لواء “المقاومة الإسلامية في العراق”، شاركت عدة ميليشيات في هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على الدولة اليهودية. لكن في 15 يناير/ كانون الثاني، أصدر الكعبي بياناً قال فيه إن “المقاومة” ستعلق هذه الهجمات، وهو التطور الذي جاء في سياق وقف إطلاق النار في غزة بين حماس وإسرائيل. ومع ذلك، فإن انتهاء دورها في سوريا ووقف الهجمات على إسرائيل أنهى أيضاً جزءاً من المبررات التي كانت لدى هذه الميليشيات للاحتفاظ بسلاحها خارج سيطرة الدولة العراقية.

لقد أدى تحول الأرض تحت أقدام الميليشيات إلى انهيار جليد من التكهنات في العراق حول مستقبل هذه الجماعات. ويبدو أن إيران غير مبالية بهذا التطور، حيث زعمت صحيفة طهران تايمز الموالية للنظام في أوائل يناير/ كانون الثاني أن الحشد الشعبي يواجه حملة “تشهير” في العراق، في حين قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي لرئيس الوزراء العراقي الشيعي محمد شياع السوداني إن “الحشد الشعبي عنصر حاسم من عناصر السلطة في العراق، ويجب بذل المزيد من الجهود للحفاظ عليه وتعزيزه بشكل أكبر”.

في الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني، أثناء زيارة السوداني للمملكة المتحدة، أفادت صحيفة المدى أن عناصر داخل هيئة الحشد الشعبي رفضت الاندماج في وزارة الدفاع أو أي قطاع آخر في الدولة. في الوقت نفسه، قال وزير الخارجية العراقي حسين إن وجود أسلحة في العراق خارج سيطرة الدولة أمر غير مقبول. وبعد يومين، أشار تقرير لصحيفة المدى إلى أن حسين صرح بأن قضية هيئة الحشد الشعبي مسألة عراقية داخلية، في إشارة إلى أن طهران لن تتدخل فيها. وفي التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني، بثت قناة السومرية العراقية تعليقاً حول احتمالات “حل” هيئة الحشد الشعبي، مما يوضح مدى تقدم المناقشات حول هذا الموضوع في العراق.

في 18 يناير/ كانون الثاني، زعمت قناة ار تي العربية الروسية أن ثلاث ميليشيات داخل هيئة الحشد الشعبي، وهي كتائب حزب الله والنجباء وأنصار الله الأوفياء، رفضت دعوات لتسليم سلاحها. كما ذكرت وكالة إرم نيوز أن كتائب حزب الله والنجباء رفضتا التخلي عن سلاحهما. وأكدت أنصار الله الأوفياء، التي تشكل اللواء التاسع عشر من هيئة الحشد الشعبي، أنها ترفض نزع سلاحها في بيان صدر في 27 يناير/ كانون الثاني.

يُذكر أن كتائب حزب الله كانت في طليعة مهاجمي القوات الأمريكية في الماضي وهي قريبة جداً من الحرس الثوري الإيراني. على سبيل المثال، عندما قُتل رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في يناير / كانون الثاني 2020، قُتل معه أبو مهدي المهندس، أحد مؤسسيها ونائب قائد قوات الحشد الشعبي.

 

المصدر: مجلة الحرب الطويلة

زر الذهاب إلى الأعلى