أبو محمد الجولاني
وُلِد أبو محمد الجولاني في عام 1975 / أو 79 باسم أحمد حسين الشرع، وهو يشغل منصب القائد العام لهيئة تحرير الشام في سوريا. ترأس الجولاني جبهة النصرة منذ تأسيسها في يناير / كانون الثاني 2012 كفرع سوري لدولة العراق الإسلامية (المعروفة أيضاً باسم تنظيم القاعدة في العراق)، سلف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وبعد اندماج الجبهة مع جماعات جهادية أخرى في يناير / كانون الثاني 2017 لتشكيل هيئة تحرير الشام، تولى الجولاني منصب القائد العسكري للهيئة. وفي أكتوبر / تشرين الأول 2017، أصبح القائد العام للجماعة.
وقد نفى الجولاني وهيئة تحرير الشام أيّ ارتباط بتنظيم القاعدة، منذ أن قطعت جبهة النصرة علاقتها بالتنظيم في عام 2016. وفي فبراير/ شباط 2018، اندمجت مجموعة من المنشقين عن هيئة تحرير الشام في فرع غير رسمي للقاعدة يسمى حراس الدين. وفي حين يزعم بعض المحللين السوريين أن هذا يثبت أن هيئة تحرير الشام لم تعد تابعة للقاعدة، فإن الحكومة الأمريكية تؤكد أن المجموعتين مرتبطتان. وفي 31 مايو/ أيار 2018، عدلت وزارة الخارجية تصنيفها لهيئة تحرير الشام واعتبرتها “اسماً مستعاراً رسمياً” لجبهة النصرة، التي تؤكد وزارة الخارجية أنها لا تزال “تابعة للقاعدة”.
بعد انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، سعت الجبهة جاهدة لكسب الدعم الشعبي. وبدأ الجولاني في الظهور العلني بشكل أكبر والكشف عن معلومات سرية سابقة عن نفسه. ففي يونيو/ حزيران 2020، كشف الجولاني علناً عن اسمه الحقيقي بأنه أحمد الشرع، وأن عائلته تنحدر من بلدة فيق في مرتفعات الجولان السورية، حيث كان والده حسين علي الشرع خبيراً اقتصادياً. ويقال إن عائلته فرت من الجولان بعد أن استولت إسرائيل على المنطقة في حرب الأيام الستة عام 1967. ووفقاً للجولاني، فقد التحق بكلية الإعلام بجامعة دمشق لكنه غادرها في عام 2003 للانضمام إلى التمرد المناهض للولايات المتحدة في العراق.
في السابق، كان الكثير من المعلومات المعروفة عن الجولاني يستند إلى ما يسرّبه مسؤولون كبار في الاستخبارات العسكرية العراقية بشرط عدم الكشف عن هويتهم. ووفقاً لهؤلاء المسؤولين، عمل الجولاني لفترة مدرّساً للغة العربية. خلال حرب العراق عام 2003، قاتل الجولاني القوات الأمريكية وارتقى بسرعة في صفوف تنظيم القاعدة. في عام 2006، غادر الجولاني العراق بعد مقتل زعيم التنظيم، أبو مصعب الزرقاوي، في غارة جوية أمريكية. مكث لفترة وجيزة في لبنان، حيث قدم الدعم اللوجستي لجماعة جند الشام المرتبطة بالقاعدة قبل أن يعود إلى العراق، حيث ألقت القوات الأمريكية القبض عليه وسجنته في معسكر بوكا، وهو معسكر سجني على طول الحدود العراقية الكويتية كانت تديره الولايات المتحدة. احتجز في بوكا حوالي 100000 جهادي مشتبه به بين عامي 2003 و2009، بما في ذلك تسعة رجال وصلوا في وقت لاحق إلى مناصب عليا داخل تنظيم داعش.
في عام 2008، وبعد إطلاق سراح الجولاني من معسكر بوكا، واصل العمل لصالح دولة العراق الإسلامية (تنظيم القاعدة في العراق) إلى جانب أبو بكر البغدادي، وتم تعيينه رئيساً لعمليات التنظيم في ولاية الموصل. في عام 2011، أرسل البغدادي الجولاني إلى سوريا للاستفادة من فراغ السلطة الناجم عن الحرب الأهلية السورية وإنشاء محطة لدولة العراق الإسلامية هناك. أعلنت جبهة النصرة عن تشكيلها في يناير / كانون الثاني 2012 كفرع سوري لدولة العراق الإسلامية.
في ديسمبر/ كانون الأول 2013، نشرت قناة الجزيرة مقابلة بالفيديو مع الجولاني، الذي لم يكن وجهه ظاهراً أثناء المقابلة. ولكن في يوليو/ تموز 2016، نشر الجولاني مقطع فيديو يعلن فيه انفصال جبهة النصرة رسمياً عن القاعدة، بعد ساعات من إصدار زعيم القاعدة آنذاك أيمن الظواهري بياناً صوتياً يمنح جبهة النصرة الإذن بالانفصال. وخلال الفيديو، أكد الجولاني على تقاربه مع قيادة القاعدة، قائلاً: “نشكر [القاعدة] على تقييمها السليم للمصالح العامة [للجهاد]. وسيُسجل موقفها النبيل في سجلات التاريخ. لقد كانت قيادتها المباركة، وستظل، مثالاً على وضع احتياجات الأمة ومصالحها العليا قبل مصلحة أي مجموعة فردية. لقد طبقوا عملياً كلمات الشيخ أسامة بن لادن (رحمه الله)”.
في يناير/ كانون الثاني 2017، أعلن الجولاني وجبهة النصرة اندماجهما مع ثلاث فصائل متمردة رئيسية أخرى في سوريا لتشكيل هيئة تحرير الشام. شغل الجولاني منصب القائد العسكري للهيئة بينما شغل هاشم الشيخ منصب القائد العام حتى تنحيه في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، ليحل الجولاني محله على رأس الهيئة منذ ذلك الحين. في 31 مايو/ أيار 2018، عدلت الولايات المتحدة تصنيفها لجبهة النصرة [كجماعة إرهابية] وحددت هيئة تحرير الشام “كاسم مستعار رسمي” للجبهة.
في فبراير / شباط 2021، أجرى الجولاني مقابلة مع الصحفي في قناة “بي بي إس” الأمريكية مارتن سميث في إدلب. كانت هذه أول مقابلة يجريها الجولاني مع صحفي غربي. أثارت المقابلة جدلاً بين المعارضة السورية والناشطين لأن الجولاني ارتدى قميصاً بأزرار وسترة رياضية بدلاً من السروال الشامي التقليدي والعمامة، كما أنه لم يحمل بندقيته. خلال المقابلة، أخبر الجولاني سميث أن مصالح هيئة تحرير الشام تتوافق مع مصالح الولايات المتحدة والغرب. وقال إن الأراضي التي تسيطر عليها الهيئة لا تمثل “نقطة انطلاق للجهاد الأجنبي” ولا تشكل تهديداً للأمن الأوربي أو الأمريكي. وقال الجولاني إن كل دولة تحتفظ بقائمة من الإرهابيين المزعومين الذين تعتقد الدولة أنهم يعملون ضدها. وزعم أن “التعريف العملي للإرهاب” هو قتل الأبرياء ومهاجمة ممتلكات الناس، وهو ما يواصل نظام الأسد فعله، وبالتالي فإن حكومة الأسد تستحق هذا الوصف أكثر. كما أكد أن ارتباط هيئة تحرير الشام بتنظيم القاعدة قد انتهى، وندد باستمرار تصنيفه إرهابيّاً بوصفه “غير عادل”.
في 17 مايو / أيار 2021، انتشر مقطع فيديو على الإنترنت يظهر لقاء الجولاني مع العديد من شيوخ القبائل في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. أخبر الجولاني زعماء القبائل أن هيئة تحرير الشام تستعد لتكون بديلاً للنظام السوري. وأضاف أن إعادة البناء أصعب من الحرب، وأن هيئة تحرير الشام تريد توطيد العلاقات مع القبائل؛ لأنها تعتمد عليها لاستعادة ما دمرته الحكومة السورية.
في فبراير / شباط 2023، قام مراسل فرانس 24 وسيم نصر بجولة في إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام لتغطية سعي الجماعة المستمر للحصول على الشرعية الدولية، وقد رافقه مسؤولون من الهيئة. وخلال زيارته، التقى بالجولاني بعد إجراءات أمنية مشددة فرضها حراسه الشخصيون، وكانت هذه المقابلة هي الثالثة للزعيم الجهادي السوري مع وسائل الإعلام الأجنبية.