تقارير ودراسات

هل يصبح تنظيم الدولة الإسلامية شوكة في خاصرة إدارة ترامب القادمة؟

في خضم حملة رئاسية ركزت في مناقشاتها للسياسة الخارجية على الحروب في أوكرانيا وغزة ولبنان، بقي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعيداً عن الرادار، يدعو أنصاره وعملاءه إلى مهاجمة الأمريكيين يوم الانتخابات.

لقد أحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤامرة خطيرة مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة أوكلاهوما قبل أسابيع فقط من التصويت، مما أثار السؤال حول ما إذا كان التنظيم يشكل تهديداً متجدداً؟

لكن الحقيقة هي أن هذه الجماعة الإرهابية تستحق دائماً المراقبة.

على مدى السنوات القليلة الماضية، منذ سقوط ما يسمى بالخلافة، اضطر تنظيم الدولة الإسلامية إلى إعادة حشد قواه من خلال هيكلة خلاياه في أوروبا وتعزيز معاقله في أفغانستان تحت راية فرعه هناك “ولاية خراسان” النشط للغاية، وفي الصومال من بين فروع أخرى.

والآن أصبح تنظيم الدولة الإسلامية على أهبة الاستعداد، ليكون شوكة كبيرة في خاصرة إدارة ترامب القادمة، ويريد بشكل خاص أن يكون نشطاً في موسم الأعياد هذا، كما فعل في السنوات الماضية.

في أعماق غرف الدردشة على روكيت شات، منصة التواصل المشفرة التي اختارها تنظيم داعش، ارتفعت وتيرة الحديث عن عملياته في الغرب مع اقتراب عيد الميلاد وعيد الشكر.

وكتب أحد عناصر داعش في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مرفقاً رابطاً على موقع يوتيوب يشرح تقنيات سرقة السيارات عن بعد: “للإخوة المهتمين بسرقة سيارة واستخدامها في الهجمات القادمة”.

وكانت عمليات الدهس بواسطة المركبات من السمات المميزة لعمليات داعش في السنوات الأخيرة، بما في ذلك هجوم عام 2017 على جسر لندن، وآخر على سوق عيد الميلاد في برلين (والذي تضمن شاحنة مسروقة) في عام 2016. ونشرت الجماعة الإرهابية مؤخراً أدلة أخرى، حث أحدها على استخدام الطائرات من دون طيار المدنية كأسلحة.

كما حثت سلسلة من الصور الدعائية المصورة في أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني المتابعين على التحرك. فقد حملت إحدى الصور شعار “استهدفوهم في معابدهم” مع سكين وكنيسة كاثوليكية في الخلفية، في حين تضمنت صورة أخرى شجرة عيد الميلاد وبرميل، وما يبدو أنه بندقية كلاشينكوف وقنبلة يدوية كزينة.

وقال لوكاس ويبر، وهو محلل كبير في مجال الاستخبارات في مؤسسة التكنولوجيا ضد الإرهاب، إن هناك “تهديداً متزايداً [من جانب داعش] للغرب خلال موسم الأعياد”.

وأضاف أن “تنظيم داعش بدأ في ملء مساحة المعلومات من خلال نشر صور دعائية تهديدية تصور أحد مقاتليه وهو يحمل بندقية بجانب شجرة عيد الميلاد، وآخر يحث المؤيدين على تقليد الجهاديين الأوربيين الذين نفذوا الهجمات الأخيرة في أوربا”.

وعلى الرغم من أن الصور غير الاحترافية التي ينشرها تنظيم الدولة الإسلامية قد تشير إلى عدم جدية هذه التهديدات، فإن هناك أكثر من سبب كاف لأخذها على محمل الجد.

في مارس/ آذار، نفذ تنظيم داعش هجوما مميتاً على مسرح في موسكو أسفر عن مقتل 145 شخصاً بوحشية. بعد ذلك، تعهدت الجماعة الإرهابية بارتكاب نفس المذبحة ضد هدف أمريكي، ثم أصدرت ملصقاً يظهر مبنى الكونجرس الأمريكي مع رسالة تقول: “أنت التالي”.

وقال ويبر إن المؤامرات الأخيرة التي تورط فيها مخططو داعش الصوماليون تظهر أن التنظيم لديه العديد من النواقل الدولية للهجمات.

وأضاف أن “فرع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال مرتبط بمخطَّطيْن في السويد، على سبيل المثال، حيث كان زعيم الفرع يعيش لبعض الوقت. كما ارتبط فرع التنظيم في الصومال بمخطط تفجير في إيطاليا”.

لكن الولايات المتحدة وأهميتها السياسية لا تغيبان أبداً عن عقول مخططي داعش.

ويعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي أعلن في حدث متلفز مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية الأول أبو بكر البغدادي في عام 2019، موضوعاً شائعاً للنقاش عبر الإنترنت بين أتباع التنظيم وعملائه.

وأثار أحد مؤيدي داعش على موقع روكيت شات محاولات اغتيال ترامب في الصيف الماضي، والتي وصفها بأنها “كسولة”، مطلقاً فرضيات حول إمكانية وجود فرص مستقبلية.

“أعتقد أنه إذا كان هناك شخص مخلص وذكي بما يكفي، فإنه يستطيع القيام بذلك”، تابع المستخدم. “إن الاستخبارات والأمن عمل بشري، ويمكنهم ارتكاب الكثير من الأخطاء… أعتقد أن الأمر يمكن أن يكون سهلاً”.

“نأمل أن ينجح أحدهم”، قال مستخدم آخر.

وكان تنظيم الدولة الإسلامية موضوع حديث دائم لترامب خلال حملته الأولى، حيث اتهم الرئيس باراك أوباما وإدارته بأنهم “مؤسسو” التنظيم الذين فشلوا بعد ذلك في إيقافه. وبمجرد تولي ترامب السلطة، قاد البنتاغون تحالفاً “مناهضاً لداعش” والذي قضى في النهاية على ممتلكات المجموعة من الأراضي في العراق وسوريا، كما وافق على إسقاط “أم القنابل” في عام 2017 على مقاتلي داعش في أفغانستان.

والآن، بعد مرور سنوات، ها هو تنظيم الدولة الإسلامية يستعيد قوته مرة أخرى مع تولي ترامب منصبه للمرة الثانية.

ويعتقد كولن كلارك، مدير الأبحاث في مركز صوفان، أن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان سيكون على رأس أولويات مسؤولي الاستخبارات الأمريكية من بين جميع فروع التنظيم الإرهابي.

وقال: “منذ البداية، ينبغي أن يكون التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان على رأس أولويات إدارة ترامب فيما يتصل بمكافحة الإرهاب. لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية خراسان عازماً على ضرب الغرب، ولن يرغب في شيء أكثر من شن هجوم رفيع المستوى في الولايات المتحدة”.

وتابع كلارك: “منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، يتعين على مستشاري مكافحة الإرهاب لدى ترامب التركيز على التهديد الذي تشكله العمليات الخارجية لتنظيم داعش في خراسان. وهذا يعني النظر إلى داعش ـ خراسان أينما يعمل، من جنوب ووسط آسيا إلى تركيا إلى أوروبا، والتنسيق بشكل وثيق مع أجهزة الاستخبارات الحليفة الأخرى لتبادل المعلومات”.

وقال كلارك إن بعض التعيينات التي أجراها ترامب في مجال الأمن القومي من الممكن أن تثير غضب العاملين في الاستخبارات في الحكومة الأمريكية الذين يقفون في طليعة تعقب تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما سيكون “طريقة سيئة لبدء ولايته الثانية”.

المصدر: الغارديان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى