كيف يفكر نعيم قاسم: زعيم حزب الله الجديد؟
أصبح نعيم قاسم، الذي تم تعيينه مؤخراً أميناً عامّاً لحزب الله، محور الجهود الدعائية التي يبذلها الحزب؛ ففي الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول، ألقى بصفته نائباً للأمين العام آنذاك، خطابه الثالث بعد اغتيال الأمين العام حسن نصر الله، وسط شائعات عن فراره من لبنان إلى إيران.
وعلى خلفية مظلمة وغير واضحة ـ ربما للإشارة إلى حزن حزب الله على قادته الذين سقطوا، وخاصة نصر الله ـ وبجانبه علم الحزب، وعلى غير المعتاد علم لبنان على يمينه، وصورة لنصر الله على يساره، ألقى قاسم خطابه الأكثر تحدّياً حتى الآن. وكما كان يحدث مع خطب نصر الله، ترددت أصداء الموضوعات والعبارات التي أثارها خطاب قاسم وتم تضخيمها من قِبَل مسؤولي الحزب وأجهزته الإعلامية.
في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، اختار حزب الله قاسم ليخلف نصر الله في منصب الأمين العام. ويشير الخطاب الأخير للزعيم الجديد إلى الاتجاه الذي ينوي أن يقود الحزب إليه.
الموضوع الرئيس: حزب الله سيواصل القتال
كان خطاب قاسم يحمل موضوعاً عامّاً: حزب الله، كما كان متوقعاً، يعتزم الاستمرار في قتال إسرائيل. وتعهد قاسم قائلاً: “سنهزمهم ونجتثهم من أرضنا”. وأضاف أن حزب الله انتقل الآن من مجرد دعم حلفائه في قطاع غزة إلى “مواجهة حرب إسرائيل على لبنان منذ السابع عشر من سبتمبر/ أيلول”، وهو التاريخ الذي فجرت فيه إسرائيل آلاف أجهزة النداء التي كانت بحوزة أعضاء حزب الله وانتقلت إلى مرحلة أكثر عنفاً في قتال الحزب.
وأضاف قاسم أن حزب الله لم يتراجع، بل واكب التصعيد الإسرائيلي وانتقل إلى “المواجهة الأمامية” منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، وأن له “الحق في استهداف أي مكان في إسرائيل دفاعاً عن النفس” ورداً على التصعيد الإسرائيلي.
وكرر هذا البيان موقف قاسم خلال خطابه السابق، ولكن بتشديد أكبر، وقد تردد صداه في التصريحات العسكرية لحزب الله وعملياته على أرض المعركة، كما تناقض مع التقرير الذي تم تسريبه والذي يفيد بأن الحزب وافق أخيراً على فصل وقف إطلاق النار في لبنان عن الحرب في غزة وقبول شروط قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.
محاربة إسرائيل ضرورية
من الواضح أن اختيار مواصلة الحرب مع إسرائيل سوف يكون له ثمن باهظ، ليس فقط بالنسبة إلى حزب الله، بل وأيضاً بالنسبة إلى البيئة الأوسع التي تدعمه وكل لبنان. وعلى هذا، فقد اضطر قاسم إلى تبرير قرار الحزب بمواصلة الحرب بالقول، في المجمل، إن التقاعس عن مواجهة إسرائيل أكثر خطورة من التضحيات التي سوف تترتب على محاربة “الدولة اليهودية”.
إسرائيل تجسيد للشر وتشكل خطراً حقيقياً على لبنان
لتعزيز هذه الفكرة، لجأ قاسم إلى تذكير جمهوره بطبيعة إسرائيل. وقال إن “إسرائيل كيان مغتصب محتل يشكل خطراً حقيقياً على المنطقة والعالم… وتجسيداً للشر المبني على القتل والتهجير والمجازر وأسوأ رذائل الأرض”. ومن هذا المنطلق، فإن حزب الله لا يقاتل من أجل لبنان فحسب، بل من أجل البشرية جمعاء. وأضاف قاسم: “إسرائيل مشروع احتلال توسعي لن يكتفي بفلسطين، بل يريد المنطقة العربية بأكملها، والفلك الإسلامي بأكمله، بل يريد السيطرة على العالم من هذا الموقع في المنطقة”.
“إن لبنان إذن جزء من المشروع التوسعي الإسرائيلي”. هكذا قال قاسم متسائلاً في مكان آخر: “لماذا استمرت [إسرائيل] في احتلال لبنان من عام 1985 إلى عام 2000؟”. فأجاب إن إسرائيل فعلت ذلك وأنشأت جيش لبنان الجنوبي كخطوات تمهيدية لبناء المستوطنات في جميع أنحاء لبنان. “لقد فشلوا، لكنهم حاولوا اختراق جنوب لبنان مرة أخرى في عام 2006 لاحتلاله، لكنهم فشلوا أيضاً في ذلك الوقت”، كما قال، مشدّداً على أن إسرائيل تشكل خطراً نشطاً ودائماً على لبنان وسلامة أراضيه وحياة مواطنيه. أصر قاسم على أنه لا ينبغي لأنصار حزب الله أن ينخدعوا بأهداف الحرب العامة المحدودة ظاهرياً لإسرائيل في افتراض أن الإسرائيليين تخلوا عن توسعهم، وقال: “إذا لم تتوسع [إسرائيل] خلال فترة محددة، فذلك بسبب عجزها، لكن [إسرائيل] ستتوسع كلما شعرت بالفرصة للقيام بذلك”.
ولأن إسرائيل وضعت لبنان أيضاً على قائمة أهدافها، فقد زعم قاسم أن حزب الله “لا يستطيع فصل لبنان أو المنطقة عن فلسطين”، وسرد قائمة من المظالم اللبنانية ضد إسرائيل لإثبات هذه النقطة، وقال إن هدف إسرائيل من وراء كل عملياتها في لبنان هو الاحتلال وليس الدفاع. ولهذا السبب، قال قاسم إن إسرائيل غادرت الأراضي اللبنانية “فقط عندما طردتها المقاومة”. وبالتالي، فإن دعم حزب الله للفصائل الفلسطينية على مدار عام كامل لم يكن إسناداً بحتاً، كما زعم قاسم، بل كان أيضاً يخدم مصلحة وطنية لبنانية. وبحسب تعبيره، كان “إجراءً احترازياً لإحباط خيارات إسرائيل ومنعها من تحقيق أهدافها التوسعية”.
وزعم قاسم أن هذا الوضع لم يترك لحزب الله خياراً سوى المواجهة. وقال: “إنهم يواصلون مطالبتنا بالالتزام بالقرارات الدولية. لا توجد قرارات دولية يمكن لإسرائيل الالتزام بها. فهي تفعل ما تريد”. وأضاف: “اعلموا أننا إذا لم نواجه إسرائيل- بسبب القرارات الدولية أو لأي سبب آخر- فإن إسرائيل ستحقق أهدافها. سترتكب إسرائيل مجازر مروعة، ثم تطالب بالأرض، وسيؤدي حجم القتل الذي ترتكبه إلى استسلام الناس لمطالبها لتجنب نفس المصير”. وقال إن قتال حزب الله أعطى لبنان فرصة للبقاء ولتأمين المستقبل: “لكن عندما ننهض ونصدهم، ونتحمل التضحيات، ونؤذيهم، ونجبرهم على عدم متابعة هذا المسار، فإننا سنحمي الأجيال القادمة لعشرات ومئات السنين”.
كما قال إن أعمال التخريب الإسرائيلية تبرر هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول: “أليس من حق هؤلاء الفلسطينيين أن يتحركوا لطرد هذا الاحتلال وهز أركانه ومنعه من الاستمرار؟”. وشدد قاسم على فكرة “الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 75 عاماً ومقاومة الفلسطينيين […] وكل من معهم”.
كما سعى قاسم إلى تعزيز اهتمام أنصار حزب الله بمعركة الحزب وانتصاره النهائي. وقال إن إسرائيل، التي تعكس أساليبها الحربية طبيعتها الشريرة، تستخدم “القتل لإرهاب” اللبنانيين. وعلى النقيض من المقاومة الشريفة، فإن “إفلاس” إسرائيل الأخلاقي دفعها إلى “قتل جنود الجيش اللبناني”، و”قتل قوات اليونيفيل”. وتابع قاسم: “إنهم [الإسرائيليون] يقتلون بوحشية وخبث، ويستهدفون الأطفال والنساء وكبار السن والمستشفيات والمساعدات الإنسانية وعمال الطوارئ وكل المدنيين” لكسر معنويات أنصار حزب الله.
واستخدم قاسم منطقاً مماثلاً لإعادة توجيه اللوم عن الدمار الذي خلفته الحرب إلى وحشية إسرائيل. وتساءل: “من الذي يتسبب في [الضرر والدمار الذي لحق بلبنان]؟ من يدافع عن أرضه أم من يقتل البشر ويدمر كل شيء؟ والآن عندما ندافع عن أرضنا فإننا نسبب الأذى؟ ألا ترون أن إسرائيل هي التي تقتل وتهاجم؟”. كما سعى إلى التأكيد على أن إسرائيل لن تتوقف عن القتل إذا تخلت قاعدة دعم حزب الله عنه؛ لأن “مشروعها إقصائي، ضد المقاومة وأنصار المقاومة”.
الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، متواطئ
كما اغتنم قاسم الفرصة لإعادة صياغة وتبرير قضية حزب الله في عداوته للغرب وخاصة الولايات المتحدة. وقال إن جرائم إسرائيل وسعيها إلى الهيمنة لم تكن لتتحقق لولا “الدعم الأمريكي المطلق… لولا أمريكا، الشيطان الأكبر”. ثم حاول تأطير الحرب الإسرائيلية الحالية مع حزب الله ليس كدفاع عن النفس، بل كاستمرار لحرب عام 2006. وذكّر قاسم أتباعه بأن هذه الحرب لم تكن رد فعل على هجوم حزب الله على إسرائيل في الثاني عشر من يوليو/ تموز 2006، بل كانت حملة مخططة مسبقاً تهدف إلى إخضاع المنطقة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
“إن أمريكا، الشيطان الأكبر، تريد “شرق أوسط جديد”. لقد قالت كونداليزا رايس ذلك في عام 2006… والآن يكرر نتنياهو نفس الكلمة. وهذا يعني أن أمريكا وإسرائيل، من خلال تنفيذ هذه الإبادة والقتل المستمر في فلسطين ولبنان والمنطقة، وإطلاق يد إسرائيل، من خلال استخدام كل نفوذ الولايات المتحدة وقدراتها، “شريكان”… ونحن نواجه خطر “الشرق الأوسط الجديد” الذي يتم على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية، [ويتحقق] بأيدي إسرائيل، وبرعاية الشيطان الأكبر”.
حزب الله ينتصر
إن النصر لا بد وأن يكون له ثمن، كما قال قاسم، وحزب الله “ممتن” للتضحيات التي قدمها مقاتلوه. لكنه زعم أنهم يحققون النتائج المرجوة المتمثلة في تقريب الحزب ـ ولبنان ـ من النصر. وهذا أيضاً جزء آخر من سردية حزب الله: ففي كل اشتباك مع إسرائيل، سوف يخرج حزب الله منتصراً لا محالة. والواقع أن الحزب يدرك أن الاعتراف بخلاف ذلك من شأنه أن يدفع الجزء الكبير من قاعدة دعمه إلى البدء في التشكيك في فعاليته. وعلى هذا، فإن حزب الله لابد وأن يحول كل نكسة إلى نصر.
وقال قاسم إن إسرائيل حددت ثلاثة أهداف في بداية تصعيدها ضد حزب الله: 1) تدمير قدرة حزب الله على القتال “لحرماننا من القدرة على الدفاع عن أنفسنا أو بلدنا ومواجهة الاحتلال”. 2) إنهاء وجود حزب الله. و3) إعادة تشكيل لبنان بما يتناسب مع المصالح الإسرائيلية والأمريكية “لتوجيهها كما تراه مناسباً”. واعترف قاسم بأن إسرائيل وجهت ضربات مؤلمة لحزب الله في سعيها لتحقيق هذه الأهداف، ثم وصف الانتكاسات الأخيرة لحزب الله بأنها طبيعية: “مهمة المقاومة ليست العمل كجيش تقليدي يقاتل جيشاً آخر ويمنعه من التقدم. لا، مهمتها ملاحقة الجيش وتنفيذ العمليات ضده أينما حل. لذلك، عندما تتباهى إسرائيل بالدخول إلى لبنان مئات الأمتار، نرد: ما الذي أخركم كل هذا الوقت؟ أسبوعان ولم تتمكنوا من التوغل بشكل أعمق. في كل الأحوال، الرجال جاهزون للاشتباكات المباشرة أكثر فأكثر”.
وقال قاسم إن إسرائيل “فشلت [حتى] في تحقيق الهدف الأول”. واستمر في الادعاء بأن “حزب الله [ما زال] قوياً” على الرغم من الضربات المؤلمة التي تلقاها، وأنه استعاد توازنه وشغل مواقع القتلى ببدلاء أكفاء. وادعى أن هذا انعكس على ساحة المعركة، حيث أن مقاتلي الحزب أظهروا أنهم أفضل مما كان متوقعاً في الاشتباكات المباشرة مع القوات البرية الإسرائيلية. ولإثبات وجهة نظره، قال قاسم إن إسرائيل خسرت “25 قتيلاً و150 جريحاً” من جنودها في الأسبوع الأول من العمليات البرية، لكن إسرائيل لم تعترف بخسائرها إلا جزئياً.
وزعم قاسم أن حزب الله يستحوذ على زمام المبادرة في القتال. وأكد: “لقد وضعنا خلال الأسبوع الماضي معادلة أخرى، وهي إلحاق الألم بالعدو”، مما أدى إلى توسيع نطاق هجمات الحزب الصاروخية “كما رأيتم”. وتابع: “في يوم الأحد الماضي وحده، اعترفت إسرائيل نفسها بمقتل وجرح 100 شخص، والعدد على الأرجح أعلى من ذلك”. وأضاف أن الضربة الخاصة التي شنها الحزب في 13 أكتوبر/ تشرين الأول على بنيامينا وحدها أسفرت عن سقوط 70 قتيلاً وجريحاً. وفي الواقع، قُتل أربعة جنود إسرائيليين وأصيب 58 آخرون، سبعة منهم في حالة خطيرة و14 في حالة متوسطة. لكن غموض قاسم لم يكن مدفوعاً بالرغبة في الإيجاز، بل بالمبالغة في عرض نجاحات حزب الله. كما بالغ في تقدير تأثير هجمات الحزب الصاروخية المستمرة على إسرائيل؛ إذ وسع الحزب نطاق هجماته ولكنها تسببت في أضرار ضئيلة نسبياً.
وقال قاسم إن حزب الله نجح في إغلاق إسرائيل بالكامل بصاروخ واحد، مما أجبر الملايين على اللجوء إلى الملاجئ. كما زعم أن تأثير هجمات الحزب الصاروخية كان يتضخم عن غير قصد بسبب الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية التي كانت تسقط على “المستوطنات” وبالتالي تزيد من أضرار هجمات الحزب. وفي محاولة لإثبات أن حزب الله لا يزال يتمتع باليد العليا، زعم أن حتى صفارات الإنذار الصاروخية التي تطلقها الطائرات بدون طيار وصواريخ الحزب في جميع أنحاء إسرائيل “كان لها تأثير على المجتمع الإسرائيلي”.
انتصار حزب الله سيتحقق بوحدة اللبنانيين وصبرهم
ووعد قاسم جمهوره بأن حزب الله سيخرج منتصراً لا محالة. ورأى أن “المقاومة لن تخسر؛ لأنها صاحبة الأرض، ولأن مقاتليها استشهاديون، لا يقبلون إلا الحياة الكريمة”.
وقال إن حزب الله سينتصر؛ لأنه “قوي بمجاهديه وإمكانياته”، مضيفاً أن “نصر الله بنى مقاومة لا تخشى الموت”. ولكن في حين أن “صمود المقاومة” ضروري لكسب الحرب، فإن الأمر يتطلب أكثر من ذلك: على الجمهور أن يتوحد حول المقاومة، ومعاً سوف يحققون النصر الذي من شأنه أن ينهي “عدوان إسرائيل” ويستعيد الأراضي اللبنانية التي ما تزال محتلة. وقال إن هذا التلاحم يحدث بالفعل، ويتجلى في “التضامن بين حزب الله وحركة أمل وهذا الشعب الذي يعمل معاً بقوة ونشاط كاملين”. وأكد قاسم على تأثير التضامن الاجتماعي الأوسع نطاقاً، والذي يتجلى في “الوحدة الوطنية” و”الاحتضان الشعبي” لحزب الله و”الحكومة المتعاونة”.
ومع توفر هذه العناصر، ناشد قاسم جمهوره أن “يصبروا قليلاً”. وأضاف: “نحن أمام وحش هائج لا يتحمل أن تحبط المقاومة أهدافه، ولكن لدي أخبار جيدة: نحن من سيمسك بزمامه ونعيده إلى حظيرته”.
وبالانتقال إلى اليوم التالي للحرب، دعا قاسم إلى وحدة اللبنانيين “لبناء وإنقاذ هذا البلد على أساس مصيرهم الوطني المشترك، وعدم اللجوء إلى “إسرائيل [التي] تعطل حياتنا جميعاً”. وهذا يتطلب وحدة سياسية وعبر الطوائف لبناء لبنان “ضمن رؤية واضحة للصديق والعدو على حد سواء، وسنبقى معاً إن شاء الله”. ولمن لم يمتثل، ولمن “يراهن على أنه يستطيع أن يكسب شيئاً خارج هذا الإطار”، ألمح قاسم إلى عصا حزب الله: “سيبقى حزب الله، في تحدٍ لأولئك الذين لن يعجبهم ذلك، وفي كل الأحوال، فإن ساحة المعركة هي التي ستحدد النتيجة”.
ثم توجه لمخاطبة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وقال: “إن جيشكم الآن مهزوم، وإن شاء الله سينهزم أكثر”. وصرح قاسم بذلك لسببين؛ الأول لتلتقط وسائل الإعلام الإسرائيلية تعليقاته وتهديداته، مما يسهم في إضعاف معنويات الجمهور الإسرائيلي، ودفعهم إلى الضغط على حكومتهم لوقف الحرب. أما السبب الثاني، الذي لا يقل أهمية، فهو إعطاء أنصار ومؤيدي حزب الله إشارة إلى أن الحزب ما زال في موقع إملاء الشروط وليس إسرائيل.
وأكد قاسم “نحن لا نتحدث من موقف ضعف، إذا لم يرغب الإسرائيليون في وقف إطلاق النار، فنحن مستمرون في القتال، وبعد وقف إطلاق النار من خلال اتفاق غير مباشر يمكن للمستوطنين العودة إلى الشمال، ويمكن اتخاذ خطوات أخرى، ولكن إذا استمرت الحرب، فإن المستوطنات المهجورة ستزداد، ومئات الآلاف ـ بل مليونين ـ سيكونون في خطر في أي وقت. لا تصدقوا ادعاءات قادتكم حول قدراتنا، انظروا بأم أعينكم إلى قتلى وجرحى جيشكم، مع العلم أن ما يقولونه لكم أقل بكثير من الحقيقة”.
واختتم قاسم كلمته بالتعبير عن امتنان حزب الله لأنصاره على “تضحياتهم الكبيرة”، مؤكداً أن الحزب وجمهوره “في قارب واحد، وأنهم عائلة واحدة”. ثم طلب منهم المزيد من التضحيات، قائلاً: “يجب أن نتحمل ونتحلى بالصبر على الرغم من آلام اليوم”. ووعدهم بنتيجة مشرقة إذا استمروا في هذا المسار: “إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر. والنصر يأتي من خلال الصبر”. كما أن النصر سيأتي بفوائد مادية: “سيعود أنصار حزب الله إلى [بيوتهم] التي سنبنيها بشكل أجمل مما كانت عليه”. وسعى إلى التأكيد أن هذا ليس وعداً فارغاً، مدعياً أن حزب الله “بدأ في إعداد الأموال، عندما ننتهي وننتصر، للبدء في العمل، إن شاء الله، مع جميع الأطراف”. وأنهى خطابه بالقول: “لن نتخلى عنكم، كما نعلم أنكم لن تتركونا. وليشهد العدو والعالم هذه المقاومة العظيمة بشعبها العظيم”.