هجوم نيو أورليانز: تحليل أولي
قُتل ما لا يقل عن 15 شخصاً وجُرح حوالي 35 في هجوم دهس بسيارة في يوم رأس السنة الجديدة في الحي الفرنسي في نيو أورليانز. التحقيقات جارية، ولا تزال دوافع المهاجم وانتماءاته وتنسيقه المحتمل غير مؤكدة. ومع ذلك، تم العثور على علم مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) متصلاً بالسيارة المستخدمة في الهجوم. يبدو أن الجاني، شمس الدين جبار، وهو مواطن أمريكي يبلغ من العمر 42 عاماً وعضو سابق في الجيش الأمريكي، يمتلك خبرة فنية وأمناً تشغيلياً قويًّا، حيث تم اكتشاف عبوات ناسفة بدائية في مكان الحادث، كما كان يرتدي درعاً كاملاً للجسم. على الرغم من عدم إثبات ارتباط المهاجم بتنظيم الدولة الإسلامية رسمياً، فقد شهد عام 2024 ارتفاعاً كبيراً في الهجمات المستوحاة من داعش في الولايات المتحدة وزيادة أوسع في العنف المرتبط بالتنظيم في جميع أنحاء العالم. كإجراء احترازي، تم تأجيل مباراة كرة القدم الجامعية التي كانت مقررة يوم 1 يناير / كانون الثاني بين جامعة جورجيا وجامعة نوتردام لمدة 24 ساعة. وفي حادث منفصل، انفجرت شاحنة تيسلا سايبر تراك في لاس فيجاس خارج فندق ترامب ويجري التحقيق في الحادث أيضاً باعتبارها عملاً إرهابياً.
ويراجع المحققون لقطات فيديو لثلاثة رجال وامرأة، وهم يضعون متفجرات في الحي الفرنسي قبيل الهجوم. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن سائق السيارة لم يتصرف بمفرده، على الرغم من التشكيك في هذا الادعاء في وقت متأخر من يوم الأربعاء 1 يناير / كانون الثاني. وتُظهِر التكتيكات والتقنيات والترتيبات المستخدمة في الهجوم دراية فنية وإلماماً قويًّا بتدابير الأمن التشغيلية. استخدم الجاني تطبيقاً لمشاركة المركبات لاستئجار السيارة، وتظهر صور الجاني، الذي قتل لاحقاً في اشتباك مع الشرطة، وهو يرتدي درعاً كاملاً للجسم. بالإضافة إلى ذلك، تشير العبوتان الناسفتان اللتان تم العثور عليهما في السيارة المستخدمة في الهجوم إلى بعض الكفاءة الفنية. ومع ذلك، يمكن أن تشير هذه التكتيكات والتقنيات والترتيبات أيضاً إلى التنسيق مع آخرين، افتراضياً أو شخصياً. وقالت أليثيا دنكان، وكيلة خاصة مساعدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي في نيو أورليانز، في مؤتمر صحفي في الأول من يناير / كانون الثاني، إن المحققين لا يعتقدون أن المشتبه به “كان المسؤول الوحيد”. إذا كان الهجوم مستوحى بالفعل من داعش، فمن المحتمل أن يكون المجندون عبر الإنترنت من التنظيم، كما حدث في مؤامرات سابقة في الولايات المتحدة، قد ساعدوا الجاني على التخطيط للهجوم، بما في ذلك دعم تصنيع الأجهزة المتفجرة.
لقد تم إحباط العديد من المؤامرات والهجمات المستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة. ففي سبتمبر/ أيلول، تم القبض على مواطن باكستاني كان يحاول دخول الولايات المتحدة من كندا بتهمة التخطيط لهجوم يستهدف مركزاً يهوديًّا في بروكلين دعماً لداعش. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، خطط مواطن أفغاني، بالتنسيق مع مجنِّدي تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، لهجوم جماعي يتم تنفيذه في يوم الانتخابات. وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، ألقت الشرطة القبض على مراهق في ولاية أريزونا بتهمة التخطيط لهجوم مستوحى من داعش على مسيرة في مدينة فينيكس برايد من خلال طائرة بدون طيار بدائية الصنع محملة بالمتفجرات. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، تم القبض على مواطن أمريكي يبلغ من العمر 28 عاماً في هيوستن بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على مراكز تجنيد عسكرية محلية وتقديم الدعم المادي لتنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك عرض شقته كملجأ آمن لعملاء التنظيم. لطالما استخدم تنظيم داعش الدهس بالمركبات كجزء من أسلوب عمله، حيث ألهم المتطرفين لتنفيذ هجمات مماثلة في نيس وبرلين وستوكهولم ومدينة نيويورك على مر السنين.
وقد احتفى مؤيدو تنظيم الدولة الإسلامية بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز على الإنترنت في غرف الدردشة المختلفة، بما في ذلك بين المؤيدين الناطقين باللغة الإنجليزية. وأشادوا بالجاني على هجومه وعلى التدابير الأمنية التشغيلية المختلفة التي استخدمها لتنفيذ عمليته بنجاح. إن غالبية الهجمات الأخيرة نفذها أشخاص منفردون دون دعم مباشر من داعش، مما يشير إلى أن الموارد الرقمية حاسمة في تطرف الجناة وكذلك في توفير المعرفة التشغيلية لكيفية تنفيذ الهجمات. وكانت حسابات مختلفة لتنظيم الدولة الإسلامية على تطبيق تيليجرام وروكيت شات قد دعت إلى شن هجمات إرهابية خلال عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، حيث يسعى التنظيم إلى اغتنام زخم الاحتفالات قبل حلول العام الجديد. ويأتي هجوم نيو أورليانز في الوقت الذي يعمل تنظيم داعش على الرفع من وتيرة أنشطته الإعلامية والعملياتية على مستوى العالم بهدف الاستفادة من سقوط نظام الأسد في سوريا. يُذكر أن فرع داعش في الصومال نفذ في 31 ديسمبر / كانون الأول أيضاً هجوماً نوعياً بسيارتين ملغومتين استهدف قاعدة عسكرية في منطقة بونتلاند شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل نحو 22 شخصاً وإصابة آخرين.
المصدر: صوفان جروب