منظمة خيرية مرتبطة بالحكومة التركية والجماعات الجهادية تكثف أنشطتها في المناطق التي سيطر عليها المتمردون المدعومون من تركيا في سوريا
كثفت منظمة خيرية إسلاموية مدعومة من الحكومة التركية أنشطتها في المناطق السورية التي تم الاستيلاء عليها خلال الهجوم الذي شنته الجماعات المدعومة من تركيا في 27 نوفمبر / تشرين الثاني. تقدم المنظمة الدعم اللوجستي في مناطق مثل تل رفعت، الواقعة على بعد حوالي 20 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، والتي تخلّت عنها الجماعات الكردية، وكذلك حلب، التي تخضع الآن لسيطرة هيئة تحرير الشام. تركز المنظمة جهودها على معالجة نقص الغذاء بين السكان المحليين مع تجنب انتقاد الجماعات التي استولت مؤخراً على هذه المناطق.
وأصدر بولنت يلدريم، رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات أو هيئة الإغاثة الإنسانية، وهي منظمة غير حكومية مقرها إسطنبول لها علاقات مع الاستخبارات التركية والجماعات الجهادية المتطرفة، رسالة فيديو على منصة التواصل الاجتماعي اكس، قال فيها: “لقد وصلنا إلى تل رفعت وقمنا بزيارة العائلات للاستفسار عن احتياجاتهم. لقد ذكروا نقصاً في الخبز. قررنا على الفور إرسال الدقيق لتشغيل المخابز”.
ودعا يلدريم أيضاً إلى دعم الحملات المنظمة لفائدة العائلات في تل رفعت ومناطق أخرى من سوريا في رسالة منفصلة تم تسجيلها على ما يبدو في حلب.
وفي مقطع فيديو آخر، تظهر لقطات مصورة متطوعي هيئة الإغاثة الإنسانية وهم يسافرون في ثلاث شاحنات باتجاه تل رفعت بعد سيطرة الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا على المنطقة. وأعرب أحد العاملين في الهيئة عن سعادته بعودة العائلات التي فرت من البلدة في وقت سابق.
وتتزامن التطورات الأخيرة مع هجوم مطول تشنه هيئة تحرير الشام والفصائل المتمردة المتحالفة معها المتمركزة في إدلب، والتي استولت على مساحات كبيرة من الأراضي في شمال غرب سوريا. ويشمل ذلك أجزاء كبيرة من مدينة حلب، باستثناء المناطق التي لا تزال تحت سيطرة القوات الكردية.
في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، استولى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا على تل رفعت، التي كانت خاضعة في السابق لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة. وتشتهر قوات سوريا الديمقراطية بدورها الرئيس في تفكيك الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في عام 2019. ومع ذلك، تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية السورية، المكون الرئيس لقوات سوريا الديمقراطية، فرعاً من حزب العمال الكردستاني، الذي تم تصنيفه منظمة إرهابية في تركيا.
ويبدو أن تسليم المساعدات بسرعة إلى تل رفعت من قبل هيئة الإغاثة الإنسانية، مباشرة بعد انسحاب وحدات حماية الشعب، كان مخططاً له مسبقاً.
إن هيئة الإغاثة الإنسانية منظمة خيرية غير حكومية معروف بأنها واجهة / أو أداة لجهاز الاستخبارات التركي، وقد اتُهمت ليس فقط بتهريب الأسلحة إلى الجهاديين التابعين لتنظيم القاعدة في سوريا، بل وأيضاً بالتورط في نقل مقاتلي داعش والقاعدة الجرحى بسيارات الإسعاف من سوريا إلى تركيا.
وتدخلت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً وتكراراً لإنقاذ هيئة الإغاثة الإنسانية من المشاكل القانونية التي تتعرض لها في تركيا، في حين حشدت الموارد والنفوذ الدبلوماسي لدعمها في عملياتها العالمية.
وكان موقع “نورديك مونيتور” قد نشر في وقت سابق تقريراً استخباراتياً للشرطة التركية يشرح بالتفصيل كيف نفذت مجموعة بن علي الليبية الجهادية أنشطة غير قانونية بمساعدة نائب رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية حسين أوروتش ومنسق المنظمة السابق في جنوب وشرق الأناضول صلاح الدين أوزر. ويزعم التقرير أن مجموعة بن علي انتقلت بين تركيا وسوريا لتقديم الدعم اللوجستي، وشراء الأسلحة ونقل المقاتلين الجرحى إلى الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا.
كما أجرت الشرطة التركية تحقيقاُ حول علاقات هيئة الإغاثة الإنسانية بتنظيم القاعدة، لكن الرئيس أردوغان تدخل لوقف التحقيق في عام 2014. وكشف التحقيق أن إبراهيم شين، وهو إرهابي مدان بالانتماء إلى القاعدة وكان محتجزاً في باكستان وفي معسكر غوانتانامو حتى عام 2005، كان يدير شبكة تجنيد وتهريب بين تركيا وسوريا. ويُزعم أن هيئة الإغاثة الإنسانية ساعدت على توفير الغطاء لهذه الشبكة.
وعلى الرغم من مواجهته لقضايا قانونية، حظي شين بحماية سياسية من الحكومة. وقد ألقي القبض عليه في يناير/ كانون الثاني 2014 ووجهت إليه الاتهامات في أكتوبر/ تشرين الأول، ولكن تم الإفراج عنه في أول جلسة للمحاكمة. وفي أعقاب ذلك، تم فصل ضباط الشرطة الأتراك الذين عملوا على القضية وإغلاق التحقيق.
بالإضافة إلى ذلك، صنفت روسيا هيئة الإغاثة الإنسانية التركية منظمة متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعات الجهادية في سوريا. وتضمنت وثائق الاستخبارات الروسية المقدمة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 10 فبراير/ شباط 2016 أرقام لوحات شاحنات مرتبطة بشحنات الهيئة من الأسلحة والإمدادات المتجهة إلى جماعات تابعة لتنظيم القاعدة، بما في ذلك جبهة النصرة، سلف هيئة تحرير الشام، وهي الجماعة التي ظهرت كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا عام 2012، ثم في عام 2016، حلت نفسها رسمياً وتحولت إلى هيئة تحرير الشام، ونأت بنفسها عن تنظيم القاعدة مع الحفاظ على أيديولوجيا وأهداف مماثلة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت هيئة تحرير الشام واحدة من أكثر الجماعات المسلحة نفوذاً في سوريا، وخاصة في منطقة إدلب، حيث تسيطر بشكل كبير.
كما أشارت رسائل إلكترونية مسربة لبيرات البيرق، صهر الرئيس أردوغان ووزير الخزانة والمالية السابق، إلى تورط هيئة الإغاثة الإنسانية في تسليح الفصائل الليبية. وتحكي وثيقة سرية عُثر عليها في رسائل البريد الإلكتروني كيف طالب مالك شركة شحن وحاويات مفلسة بتعويض من الحكومة التركية عن الأضرار التي لحقت بسفينته أثناء نقل الأسلحة بين الموانئ الليبية بأمر من السلطات التركية في عام 2011. وكشفت الوثيقة عن جميع تفاصيل شحنة أسلحة وافقت عليها الحكومة التركية إلى المتمردين في سفينة تعاقدت معها هيئة الإغاثة الإنسانية نيابة عنها.
وقد تم توثيق دعم الحكومة التركية لهيئة الإغاثة الإنسانية في سوريا سابقاً في سجلات الأمم المتحدة. فقد أصدر محققو لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية تحذيراً في تقريرهم المنشور في 8 فبراير / شباط 2022. وسلط التقرير الضوء على حالة استولى فيها أعضاء الجماعات الجهادية على منزل عائلة كردية وسلموه إلى هيئة الإغاثة الإنسانية، ثم حولت الهيئة العقار إلى مدرسة دينية افتتحت رسمياً في 22 يونيو / حزيران 2019 من قبل حاكم مقاطعة شانلي أورفا التركية. كما ورد أن الجيش التركي استولى على العديد من المنازل في قرية الداودية السورية.
وكانت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية قد لعبت في السابق دوراً رئيساً في تبادل الأسرى بين المعارضة السورية ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، مما سهل إطلاق سراح معتقلي المعارضة والسجناء الإيرانيين في عامي 2013 و2015.
المصدر: نورديك مونيتور