ممول داعش يحصل على الجنسية التركية ويدير شركة لتأجير السيارات وينقل الإرهابيين إلى أوروبا
كشفت وثائق سرية حصل عليها موقع “نورديك مونيتور” أن أحد ممولي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والذي يساعد أيضاً على نشر العملاء في اليونان ودول أوروبية أخرى، أنشأ شركة لتأجير السيارات في إسطنبول وحصل على الجنسية التركية.
الرجل، وهو مواطن عراقي يُعرف باسم وسام حكمت أحمد فائق البرزنجي، عمل لفترة طويلة وسيطاً ومديراً مالياً لعمليات داعش في تركيا. وقد سهّل انتقال مقاتلي داعش من سوريا والعراق إلى تركيا وأوروبا، ودعم العمليات عبر الحدود للتنظيم.
دخل البرزنجي تركيا في البداية كلاجئ، مسجلاً تحت رقم الهوية الوطنية الأجنبية 99291505202. وبعد حصوله على الجنسية التركية، حمل الاسم التركي أوموت البرزنجي، وحصل على رقم الهوية الوطنية 34019454998. ولا تزال عملية حصوله على الجنسية غير واضحة؛ لأن مثل هذه الموافقات تتطلب عادةً فحصاً شاملاً من قبل المخابرات التركية والموافقة النهائية من الرئيس رجب طيب أردوغان.
ومن المحتمل أن يكون كبار المسؤولين الحكوميين قد ساعدوه، متجاوزين بذلك أي علامات حمراء، ربما ظهرت أثناء مراجعة طلبه للحصول على الجنسية التركية.
سرعان ما أسس البرزنجي بنية تحتية عملياتية في إسطنبول، حيث قدم الدعم اللوجستي لداعش، بدءاً من تنسيق السفر إلى إعداد وثائق الهوية وجوازات السفر المزورة. وحافظ على علاقات وثيقة مع خلايا داعش الأخرى في تركيا، والتي أعاد التنظيم هيكلتها تحت اسم “لواء سلمان الفارسي”.
وتشير بيانات السجل التجاري إلى أن البرزنجي يدير شركة لتأجير السيارات، هي “شركة بلاتينيوم لتأجير السيارات المحدودة”، التي أسسها في يوليو / تموز 2019 في منطقة أفجيلار بإسطنبول شخص يُدعى عبد الله جاسم عبد الله عبد الله، وهو مواطن عراقي. لا يُعرف الكثير عن عبد الله، الذي ربما كان اسماً مستعاراً يستخدمه البرزنجي نفسه أو ربما أحد أتباع داعش الآخرين.
في سبتمبر / أيلول 2022، وبالتزامن مع جهود إعادة تنظيم داعش في تركيا، استحوذ البرزنجي رسمياً على ملكية الشركة، وحصل على جميع الأسهم من عبد الله. وبعد مرور عام، قدم أوراقاً إلى غرفة التجارة لتحديث السجلات الرسمية باسمه التركي المعتمد حديثاً، مما يشير إلى أنه حصل على الجنسية التركية في ذلك الوقت.
ويبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية قام بتمويل شركة البرزنجي لتأجير السيارات لتسهيل احتياجات السفر لأعضائه في جميع أنحاء تركيا، وخاصة في إسطنبول. كما دعمت هذه العملية أيضاً أنشطة التهريب عبر الحدود التي تهدف إلى نقل مقاتلي داعش إلى أوروبا عبر اليونان.
وقد عمل البرزنجي بشكل وثيق مع أحد كبار عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، أبو نور، وهو مواطن عراقي يُعرف باسم صباح عطا سليمان سليمان (يُشار إليه أيضاً باسم سالم محمد صالح المنصور). وأبو نور متزوج من سيدة روسية عضوة في تنظيم داعش تدعى وزيحة إبراهيم حماد. وقد استخدم هويات متعددة، بما في ذلك وثائق هوية إيرانية تحت أسماء رشيد حسبوند ومحسن ماتوريان. وقد سجل أبو نور كل هذه الهويات بشكل منفصل في تركيا كلاجئ، وحصل على أوراق هوية تركية لكل منها.
وتشير الوثائق إلى أن السلطات التركية حددت اثنين فقط من الأسماء المستعارة لأبو نور على أنهما يشكلان تهديداً أمنياً لتركيا، بينما ظلت الأسماء الأخرى بدون علامات. وقد سمح له هذا النقص في التدقيق بالسفر إلى الخارج عدة مرات، مستخدماً الحدود البرية والمطارات لزيارة بلدان مختلفة، بما في ذلك العراق وعمان.
وتصور وثائق المخابرات أبو نور كفرد ثري يملك العديد من المنازل الآمنة في إسطنبول لإيواء أعضاء داعش الذين تم جلبهم من سوريا إلى تركيا. لقد كان بمثابة قناة حاسمة لتنظيم داعش، حيث قام بتسهيل نقل عناصر التنظيم إلى أوروبا باستخدام أوراق هوية مزورة. تم التعرف على جهة الاتصال الخاصة به في اليونان على أنها أبو وحيد (لم يتم الكشف عن الاسم الحقيقي)، الذي ساعد على شراء وثائق سفر مزورة لأعضاء داعش.
وتكونت ثروة أبو نور من الأموال التي جمعها داعش في سوريا والعراق، والتي تم إرسالها إليه فيما بعد في إسطنبول لتمويل البيوت الآمنة وكذلك نفقات السفر والمعيشة لعناصر داعش في تركيا. وكان يصرف الأموال كمخصصات شهرية للحفاظ على نشاط شبكات داعش في تركيا.
كما تم استخدام البيوت الآمنة لإيواء نساء داعش اللاتي تم إخراجهن من مخيمي الهول وروج في سوريا.
وتأسس مخيم الهول عام 2016 لإيواء العراقيين والسوريين الفارين من مناطق سيطرة داعش. بحلول مارس/ آذار 2019، تم توطين أكثر من 50 ألف امرأة وطفل في قسم خاص من المخيم يعرف باسم “الملحق” بعد الهزيمة النهائية لداعش على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ويحرس “الملحق” مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، الذين يقال إنهم يتلقون رشاوى للسماح لعائلات داعش بالهروب من المخيم.
ولا يزال “الملحق” بمثابة معقل لأيديولوجية داعش، حيث يعمل بموجب الشريعة الإسلامية الصارمة المشابهة لشريعة التنظيم. وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية منظمة إرهابية بسبب علاقاتها مع حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا جماعة إرهابية.
ويعيش بعض أعضاء داعش أيضاً في مخيم يعرف باسم روج، والذي يأوي العديد من النازحين داخلياً في محافظة الحسكة السورية.
ووفقاً للوثائق الاستخبارية، فقد سهّل أبو نور إطلاق سراح عضوة داعش الإيرانية فيان سليمان صبور الدوسكي مع ابنتها هيلي سالم (المشار إليها أيضاً باسم هيلين سالم محمد المنصور) في سوريا، ثم نقلهم إلى منطقة السليمانية في العراق.
وبحسب بيان قدمه مجبل الشويخي، عضو داعش الذي كان ضمن فريق استطلاع يقوم بمسح الأهداف المحتملة لهجوم إرهابي قبل قرار استهداف كنيسة سانتا ماريا (كنيسة المهد) في إسطنبول في يناير / كانون الثاني 2024، فإن أبو نور حصل على مبلغ 2000 دولار مقابل أعمال المراقبة التي أجراها قبل الهجوم على الكنيسة.
وهاجم تنظيم داعش كنيسة سانتا ماريا في منطقة ساريير بإسطنبول في 28 يناير / كانون الثاني 2024، مما أدى إلى مقتل شخص واحد. وكشفت التحقيقات أن داعش قام بمسح مواقع متعددة في إسطنبول قبل اختيار سانتا ماريا، التي أعطاها الأولوية [ربما] لموقعها الذي يسهل الوصول إليه وطرق الهروب المثالية.
تتمتع حكومة أردوغان بسجل باهت عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات صارمة ضد شبكات داعش في تركيا. ولطالما استغل داعش تركيا لنقل المقاتلين والخدمات اللوجستية والتمويل وتحديد الأهداف، كما يتضح من المعلومات الواردة من الأمم المتحدة ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي والوثائق القضائية التركية.
لسنوات، سمحت حكومة الرئيس أردوغان الإسلاموية لتنظيم داعش والجماعات الجهادية الأخرى باستخدام تركيا كمركز بسبب حروبها بالوكالة في سوريا. تم إطلاق سراح العديد من المشتبه في انتمائهم إلى داعش بعد اعتقالات قصيرة، مما يعكس ما وُصف بسياسة “الباب الدوار” داخل نظام العدالة الجنائية التركي. علاوة على ذلك، لا يزال العديد من المسؤولين وأعضاء السلطة القضائية ووكالات إنفاذ القانون في تركيا متعاطفين مع الجماعات الجهادية، بما في ذلك داعش.
المصدر: موقع “نورديك مونيتور”