تقارير ودراسات

مظاهرات الثورة الإسلامية التي تنظمها الدولة تتعارض مع الواقع القاسي الذي يعيشه الإيرانيون

احتفلت الدولة الإيرانية يوم 10 فبراير / شباط بالذكرى السادسة والأربعين للثورة الإسلامية على خلفية الجدل الدائر حول المحادثات المحتملة مع الولايات المتحدة، وتصاعد السخط العام، وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

ويتضمن الحدث عادة مسيرات ترعاها الدولة في جميع أنحاء البلاد، وخطاباً للرئيس في ساحة آزادي بطهران، وإعلاناً للمشاركين يصدره مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية، والذي يُقرأ في ختام الفعاليات في طهران والمدن الأخرى.

ويشارك في هذه المسيرات كبار المسؤولين، مثل رؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فضلاً عن القادة العسكريين.

وفي هذا العام، بثت القنوات التلفزيونية المملوكة للدولة عدداً أقل من اللقطات الجوية للمظاهرات، والتي كانت تستخدم في السنوات السابقة لإظهار الحشود الكبيرة. وبدت التغطية أكثر تحفظاً، مما يعكس التحديات الدولية والسياسية والاقتصادية المتعددة التي تواجه طهران.

تشهد العملة الوطنية، الريال، حالة من السقوط الحر، حيث فقدت أكثر من 10% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في أربعة أيام، منذ خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي في 7 فبراير / شباط، والذي نفى فيه بشدة احتمال إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.

ويخشى العديد من الإيرانيين المزيد من انخفاض قيمة الريال قبل حلول العام الإيراني الجديد (20 مارس/ آذار) ما لم يحدث تقدم في المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ـ الذي تخلى عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في عام 2018 ـ أو تأمين اتفاق جديد. وقد أدى احتمال تفعيل آلية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول إلى تكثيف هذه المخاوف.

احتجاجات شعبية وسط احتفالات الدولة

في مساء الأحد، وبينما أضاءت الألعاب النارية التي نظمتها الدولة سماء طهران، هتف المواطنون في عدة أحياء في شرق وغرب وجنوب العاصمة، وكذلك في مدن كبرى أخرى، بشعارات من نوافذهم وأسطح منازلهم.

وشملت هذه الهتافات “الموت للجمهورية الإسلامية”، و”الموت لخامنئي القاتل”، و”الموت للديكتاتور”.

كما ترددت أصداء الهتافات التي دوت في الاحتجاجات واسعة النطاق التي اندلعت في عامي 2022 و2023 إثر وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً أثناء احتجازها لدى ما يسمى شرطة الأخلاق. وقد قمعت قوات الأمن تلك الاحتجاجات التي نُظمت تحت شعار “المرأة، الحياة، الحرية”.

وفي حين قدمت القنوات التلفزيونية المملوكة للدولة، كما هي العادة، تغطية واسعة النطاق لمسيرات الذكرى والخطابات، زاعمة أن المشاركين فيها بلغوا الملايين، فإن الصور ومقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى نسبة مشاركة أقل بكثير مقارنة بالسنوات السابقة.

خطاب بزشكيان مخيب للآمال

أعرب بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن خيبة أملهم في خطاب الرئيس مسعود بزشكيان، وانتقدوه لفشله في معالجة المخاوف العامة الملحة. وأشار كثيرون إلى أنه لو تم انتخاب منافسه المتشدد سعيد جليلي رئيساً، لربما كانت تصريحاته تشبه تصريحات بزشكيان إلى حد كبير.

وفي كلمته، جدد الرئيس الإيراني الولاء للمرشد الأعلى خامنئي، متهماً “الأعداء” بمحاولة خلق الانقسامات بين الإيرانيين وتصوير البلاد على أنها ضعيفة. كما انتقد بشدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واتهمه بالنفاق، مدعياً أن ترامب زاد من الضغوط على إيران في الوقت الذي عرض التفاوض وحاول “إخضاع الثورة الإسلامية”.

وقال بزشكيان إن “ترامب يقول دعونا نتفاوض، لكنه يوقع على وثيقة تحتوي على كل المؤامرات الممكنة ضد إيران، ثم يدعي أنه مستعد للحديث”.

كما انتقد الرئيس الولايات المتحدة لدعمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصفه بأنه “مجرم متهم من قبل المنظمات الدولية”، في إشارة إلى مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

 

الكاتب: مريم سينائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى