لماذا يجب على ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية؟

خلال إدارته الأخيرة، تحدى الرئيس دونالد ترامب انتقادات الدبلوماسيين وأدرج الحرس الثوري الإيراني بالكامل على قائمة الإرهاب. وينبغي له الآن أن يصنف جماعة الإخوان المسلمين على نحو مماثل ـ منظمة إرهابية أجنبية.
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928، وسعت إلى التغلب على ضعف المسلمين الملحوظ على الساحة العالمية من خلال استئصال النفوذ الغربي. في عام 1946، وصفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية الجماعة بأنها تهديد متزايد بسبب حملة الاغتيالات التي شنتها ضد القادة المصريين الذين اعتبرتهم فاسدين للغاية بسبب اعتناقهم المبادئ الليبرالية. ويؤكد شعار الإخوان المسلمين ـ “الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا” ـ على توجهها الأيديولوجي.
إن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، سواء بشكل مباشر أو من خلال فروعها الخارجية، كما أن العديد من مؤسساتها الخيرية أصبحت مغذيات للجماعات الإرهابية. إن الأيديولوجية مهمة هنا. لقد أرست تعاليم سيد قطب، وهو من أبرز منظري الإخوان المسلمين، الأساس للحركات الجهادية الحديثة، كما تلهم أيديولوجية الإخوان المسلمين الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والدولة الإسلامية. إن استعداد الإخوان لاستخدام العنف لاستبدال الحكومات العلمانية بحكومات إسلامية يتماشى مع التصنيف الأمريكي للجماعات الإرهابية المحددة.
إن الولايات المتحدة ليست بمنأى عن خطر هذه الجماعة؛ ذلك أن المنظمات التابعة للإخوان المسلمين تسعى بشكل منهجي إلى استغلال المؤسسات الديمقراطية والتسلل إليها لتعزيز أجندتها. ففي الولايات المتحدة، تعمل منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (إسنا) على التأثير على الرأي العام وصنع السياسات وإجراءات إنفاذ القانون بما يتماشى مع الأهداف التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين.
إن المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين في الولايات المتحدة تستغل الحريات المدنية لتقويض الأمن القومي. وتمارس منظمة “كير” الضغوط ضد تدابير مكافحة الإرهاب، وتروج شكل متكرر لروايات كاذبة لنزع الشرعية عن إجراءات إنفاذ الأمن، وتسعى إلى إسكات الانتقادات المشروعة للتطرف الإسلاموي من خلال الحرب القانونية وتحت ستار مكافحة الإسلاموفوبيا. وفي الواقع، يبدو أن أفكارها عن حرية التعبير تتوافق مع تلك التي تمارَس في تركيا أو تحت حكم حماس في غزة.
في كثير من الأحيان، تعمل المنظمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين كأذرع علاقات عامة للإرهاب. على سبيل المثال، يدافع قادة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية عن الأفراد المدانين بتهم الإرهاب، زاعمين أنهم ضحايا للتمييز أو المخططات السياسية. ويبدو أن ازدراء حياة الأمريكيين يشكل عاملاً مشتركاً بين هذه المنظمات، حتى عند التعامل مع الإرهاب المدعوم من إيران. فقد أدانت المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، بينما تجاهلت التهديد الذي يشكله على الجنود والمدنيين الأمريكيين والاستقرار في الشرق الأوسط.
لقد دارت مناقشات في دوائر السياسة الأمريكية حول تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية لسنوات. وقد وثق إريك تراجر، أحد موظفي الكونجرس الذي يرأس الآن ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، كيف تهدد أيديولوجية الإخوان المسلمين وأنشطتهم المصالح الأمريكية. إن الاعتبارات السياسية، والمخاوف من ردود الفعل العنيفة، وجهود الإخوان المسلمين لإظهار وجه معتدل، تعمل على إحباط الجهود الرامية إلى التحرك. كما تساعد المخاوف بشأن الكيفية التي قد يتفاعل بها حلفاء الولايات المتحدة، مثل تركيا وقطر، على منع أي تحرك.
إن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية من شأنه أن يشير إلى أن إدارة ترامب ترفض التسامح مع الجماعات التي تقوض أمن الولايات المتحدة. ومن شأن مثل هذا الإجراء أن يفكك المخطط الذي يسمح لأنصار حماس وغيرهم بالاختباء وراء عباءة الشرعية. ومن شأنه أيضاً، أن ينزع الغطاء الزائف للاعتدال الذي تستخدمه جماعات الإسلام السياسي للتسلل إلى المؤسسات الأمريكية والتأثير على صناع السياسات.
إن المنتقدين يحذرون من أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية من شأنه أن يؤدي إلى تنفير حلفاء الولايات المتحدة، وخنق التنوع السياسي، واستهداف المسلمين بشكل غير عادل. وكل هذه الادعاءات تفتقر إلى أساس. فالعديد من الحلفاء المقربين، بما في ذلك مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يصنفون جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وسوف يؤدي اتباع النهج نفسه إلى تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف وإحباط أنشطة أولئك الذين يستخدمون الدين للترويج للعنف. ربما تشكو تركيا وقطر، ولكن بدلاً من التنازل دبلوماسيًّا، ينبغي أن تكون الرسالة هي وقف دعم الإرهاب. ويمكن لكل دولة راعية للإرهاب أن تتخذ الخيار الصحيح للفوز بإزالتها من قائمة الإرهاب. ويتعين على الولايات المتحدة أن تميز بين الإسلام كدين والجماعات الإسلاموية التي تستغل الدين لأغراض سياسية خبيثة.
فالحجة القائلة إن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية يقوض حرية التعبير، تفتقر أيضاً إلى أساس. فالقانون يحمي حرية التعبير المشروع، ولكنه لا يحمي المنظمات التي تقدم الدعم المادي للإرهاب أو تشجع على التخريب. والتصنيف لا ينتهك حقوق الأفراد في ممارسة الدين أو التعبير عن الآراء، بل إنه يستهدف بدلاً من ذلك أولئك الذين يتلاعبون بالحريات الديمقراطية لنشر التطرف وتجنيد الأتباع وتمويل شبكات الإرهاب.
إذا كانت هناك رغبة في أن يسود السلام في الشرق الأوسط، فلابد أن تعالج الحكومات ليس فقط العنف الإرهابي والشبكة المالية التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية، بل وأيضاً الشبكات الأيديولوجية التي تمكن هذه الجماعات من تعزيز وجودها. وربما يكون ترامب الشخص المناسب في الوقت المناسب لقلب الممارسة الدبلوماسية رأساً على عقب على النحو الذي من شأنه أن ينقذ أرواحاً لا حصر لها في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.
الكاتب: إريك نافارو
