تقارير ودراسات

كيف يقوض الجهاديون مشاريع البنية التحتية في إفريقيا؟ كينيا نموذجاً

يواجه مشروع ضخم للبنية التحتية في كينيا ـ والذي كان يروج له سابقاً كأحد أكثر مشاريع البنية التحتية طموحاً في إفريقيا ـ صعوبات كبيرة بسبب التهديدات المستمرة والاضطرابات التي تسببها الجماعات الجهادية المسلحة، لا سيما حركة الشباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تعمل على إفشال المشروع، مما يعطل مسعى كينيا لتصبح مركزاً تجارياً إقليمياً على المحيط الهندي.

وبدأت كينيا التخطيط لمينائها الثاني للمياه العميقة، ميناء لامو، منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، عندما أجرت وزارة الطاقة والاتصالات دراسة لبحث جدوى إنشاء ميناء رئيسي على طول ساحل البلاد. وبعد عقود من التخطيط، انطلق المشروع رسمياً في عام 2013.

وأُنشئ ميناء لامو لإعادة تشكيل التجارة الإقليمية من خلال ترسيخ مكانة كينيا كمركز لوجستي رئيس لشرق إفريقيا والقرن الإفريقي. وبفضل حوافزه الاستراتيجية وإمكانياته في المياه العميقة، كان الميناء يهدف إلى جذب شركات الشحن الرئيسة، وتعزيز خطوط الاتصال القارية والدولية.

كان هذا الميناء جزءاً من ممر لامو – جنوب السودان – إثيوبيا للنقل، حيث شمل المشروع طرقاً وخطوط سكك حديدية وخط أنابيب نفط يمتد من ميناء لامو إلى إثيوبيا وجنوب السودان، وهما دولتان غير ساحليتين، وتم تصميمه لإحداث نقلة نوعية في التجارة الإقليمية.

لكن خطة كينيا الطموحة لبناء ممر اقتصادي بقيمة 25 مليار دولار عبر منطقتها الشمالية واجهت عقبة كبيرة بسبب الهجمات المستمرة التي تشنها حركة الشباب، وهي جماعة مسلحة مقرها الصومال، والتي تستهدف عمال البناء وأفراد الأمن في المنطقة.

وقال يوسف حسن عبدي، عضو لجنة الأمن في البرلمان الكيني، لصحيفة وول ستريت جورنال: “في الواقع، لا توجد طرق مناسبة، ولا سكك حديدية، ولا خط أنابيب. لقد أصبح المشروع الآن بمثابة عبئ ثقيل”.

عندما تم افتتاح المشروع، كان هناك مخاوف من أن يتحول إلى “فيل أبيض” [استثمار ذو تكلفة تشغيلية مرتفعة دون أي فائدة أو عائد مادي] بسبب الظروف الأمنية المعقدة في المنطقة.

وتشنّ حركة الشباب، وهي جماعة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة، تمرداً ضد الحكومة الصومالية منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، حتى إنها سيطرت مرة واحدة على العاصمة مقديشو.

وترى حركة الشباب أن هذا النوع من الطرق الجديدة يشكل تهديداً؛ لأن الأرض المعبدة تجعل من الصعب زرع المتفجرات وتساعد على استجابة أمنية أسرع.

وشنّت حركة الشباب عدة هجمات مدمرة في كينيا، بما في ذلك مذبحة مركز ويستجيت التجاري عام 2013 التي أودت بحياة 67 شخصاً، وهجوم عام 2020 على قاعدة عسكرية أمريكية كينية مشتركة بالقرب من ميناء لامو، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين.

وفي الفترة ما بين عامي 2021 و2023، واجهت جهود بناء طرق جديدة في كينيا مقاومة عنيفة من قبل الجهاديين، حيث قُتل 16 شخصاً، وجُرح 40 في هجمات شنّها مسلحون استهدفت عمالاً كينيين وصينيين وفقاً لباتريك موتاهي، رئيس مركز حقوق الإنسان ودراسات السياسات ومقره نيروبي، والذين لجأوا إلى غابة بوني الواقعة على طول الحدود بين الصومال وكينيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى