الشخصيات

علي خامنئي

هو آية الله علي خامنئي مرجع ديني شيعي، يشغل منصب الولي الفقيه والقائد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية منذ 4 يونيو / حزيران 1989، بعد وفاة روح الله الخميني، أوّل مرشد أعلى إيراني، ما يجعله أعلى سلطة دينية وسياسية في البلاد. ولد عام 1939 بمدينة مشهد، وتلقى فيها دروس اللغة العربية والمنطق والفقه والأصول والفلسفة على يد أشهر المدرسين والعلماء الشيعة.

أصبح خامنئي المرشد الأعلى بعد فترة رئاسته لإيران من 1981 إلى 1989. وفي عام 2012، اختارته مجلة فوريس في قائمة 19 شخصية مؤثرة في العالم. وصفه الصحفي والمعارض الإيراني أكبر غانكي في مجلة فورين أفيرز بأنه “الشخصية الأقوى في إيران”، مشيراً إلى أن “الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة تعمل كلها تحت السلطة المطلقة [لخامنئي]”. في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 2020، ورد أن خامنئي سلم السلطة لابنه مجتبى خامنئي بسبب متاعب صحية متزايدة. ونفى المسؤولون الإيرانيون تدهور صحة خامنئي، وانتشرت الشائعات عن تدهور صحته مرة أخرى في سبتمبر 2022 بعد أن ورد أن خامنئي خضع لعملية جراحية لانسداد الأمعاء.

ويسيطر خامنئي على الجيش الإيراني، بما في ذلك قوات النخبة من الحرس الثوري الإسلامي المسؤولة عن الدفاع عن الجمهورية الإسلامية ضد التهديدات الداخلية والخارجية. ووفقاً للمحلل الإيراني علي رضا نادر؛ فقد شكل خامنئي والحرس الثوري الإيراني “علاقة تكافلية تدعم سلطات المرشد الأعلى وتحافظ على الوضع الراهن”. وتمتد سيطرة خامنئي إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني المسؤول عن الاتصال بوكلاء إيران العالميين، بما في ذلك حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن. وقد استخدم فيلق القدس لبناء ودعم العلاقات مع الجماعات الدولية العنيفة التي تعارض الولايات المتحدة و/ أو تدعم سياسات إيران الشيعية المتشددة. وقد عرض دعم إيران لأي مجموعة تشارك في أعمال عدائية ضد إسرائيل، والتي وصفها بأنها “ورم سرطاني يجب “استئصاله”.

كما قاتلت القوات الإيرانية نيابة عن الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية في البلاد. وفي وقت مبكر من يونيو/ حزيران 2011، تعهد خامنئي بدعم نظام الأسد الذي يهيمن عليه العلويون معلناً: “أينما كانت الحركة إسلامية معادية لأمريكا، فإننا ندعمها”. وفي عام 2012، أمر فيلق القدس بزيادة الهجمات على أهداف غربية ردّاً على الدعم الأمريكي للمتمردين السوريين.

ويؤثر خامنئي بشكل مباشر على الانتخابات الإيرانية من خلال سيطرته على مجلس صيانة الدستور الإيراني، وهو الهيئة المسؤولة عن الإشراف على العملية الانتخابية. ففي عام 2004، فاز المحافظون بنسبة 70% من الانتخابات البرلمانية الإيرانية، بعد أن استبعد مجلس صيانة الدستور الآلاف من المرشحين الأكثر اعتدالاً.

ويشكل الإسلام والإسلاموية المبدأ الأساسي في التكوين الفكري والسياسي لخامنئي. عندما كان خامنئي في الثالثة عشر من عمره، استمع إلى رجل الدين الأصولي المناهض للشاه نواب صفوي، وهو يتحدث في مدرسته. وقد دفع هذا خامنئي إلى السير على طريق التطرف وبدأ في دعم أيديولوجية حركة فديان الإسلام الصفوية، التي بررت الإرهاب ضد حكومة الشاه ومؤيديها. ومضى خامنئي في ترجمة كتابين لسيد قطب: أبو الإسلاموية الحديثة. ففي عام 1962، أصبح خامنئي تلميذاً لآية الله روح الله الخميني، وانضم إلى احتجاجات الخميني ضد الشاه، واستمر في تولي أدوار قيادية في جمهورية الخميني الإسلامية، بما في ذلك خدمته لفترتين كرئيس لإيران.

يؤيد خامنئي أيديولوجية الخميني، وقد ركزت فلسفة الخميني على موضوعات وحدة العالم الثالث، والتحرر من اضطهاد الغرب، وتبني تخطيط الدولة كأداة للهندسة الاجتماعية. لقد صاغ الخميني الثورة الإسلامية على أنها ليس فقط صراعاً ضد الشاه، بل أيضاً صراعاً ضد الهيمنة الغربية المتخيلة. وحذر من المخاطر المزعومة للتدخل الأجنبي في الشؤون الإيرانية، ودعا إلى المقاومة ضد الدول الأجنبية التي يعتقد أنها مسؤولة عن الظلم ضد إيران.

يرى الخميني في كتابه الصادر عام 1970 بعنوان “الحكومة الإسلامية: حكومة الفقيه”أن الإسلام يتطلب وضع السلطة السياسية في أيدي الزعماء الدينيين. ويظل هذا المبدأ المتمثل في السلطة السياسية لرجال الدين، والمعروف باللغة الفارسية باسم “ولاية الفقيه”، من المبادئ الأساسية للنظام الحاكم في إيران. إن القانون الإيراني الحالي يجعل من “اعتقاد وممارسة ولاية الفقيه” شرطاً أساسياً للعضوية في الحرس الثوري الإيراني. وقد روج الخميني لفكرة الحكم الثيوقراطي من قبل عالم دين واحد، مدعياً لنفسه سلطات شبه دكتاتورية. وبعد وفاة الخميني عام 1989، أصبح خامنئي الخليفة الروحي للخميني.

وقد صور خامنئي صراع إيران ضد الغرب ـ والولايات المتحدة على وجه الخصوص ـ باعتباره معركة بين الخير والشر. ومثل الخميني، يشعر خامنئي بجنون العظمة تجاه علاقة إيران بالغرب، ويعتقد أن الولايات المتحدة هي مصدر عدوان يسعى إلى “إخضاع إيران واستسلامها”؛ فهو يرى في سعي إيران النووي بمثابة إعلان عن استقلال إيران عن الهيمنة الغربية (أي الولايات المتحدة). وحتى بينما تتفاوض إيران مع الولايات المتحدة، يواصل خامنئي الدعوة إلى “الموت لأمريكا”. ويصف المرشد الأعلى الولايات المتحدة بأنها “المتنمر” الذي “يستغل ضعف الدول الإسلامية”، بينما تناضل إيران من أجل السلام الإقليمي.

في أكتوبر / تشرين الأول 2014، اتهم خامنئي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإنشاء داعش كأداة لمحاربة إيران و”خلق انعدام الأمن” في المنطقة. ونتيجة لذلك، يعتقد أن إيران تخوض معركة “عادلة” ضد الولايات المتحدة، “الشيطان الأكبر”، التي تتحكم في “السياسات المتعجرفة والجشعة لشياطين العالم”.

جزء من الإرث الدائم لسلف خامنئي: الخميني، هو الفتوى التي أصدرها عام 1989، والتي تدعو إلى قتل الكاتب البريطاني سلمان رشدي بتهمة إهانة الإسلام بروايته “آيات شيطانية”. وعلى الرغم من أن الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي انتقد فتوى قتل رشدي في عام 1998، أوضح خامنئي في عام 2005 أن حكم الإعدام لا يزال ساري المفعول. وفي فبراير/ شباط 2016، عرضت 40 وسيلة إعلام إيرانية تديرها الدولة مكافأة مشتركة قدرها 600 ألف دولار لمن يقتل رشدي. وفي أكتوبر / تشرين الأول 2022، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مؤسسة “15 خرداد”، وهي مؤسسة خيرية إيرانية يرعاها المرشد الأعلى الإيراني مباشرة، والتي عرضت مكافأة بملايين الدولارات لمن يقتل رشدي منذ عام 1989. وفي عام 2012، رفعت المؤسسة مكافأتها إلى 3.3 مليون دولار ووعد بدفع كامل المبلغ على الفور لمن يقتل رشدي.

وكانت الأسئلة حول صحة خامنئي تلاحقه منذ عدة سنوات. في عام 2015، زُعم أنه أُدخل إلى المستشفى بسبب إصابته بسرطان البروستاتا في المرحلة الرابعة. في 5 ديسمبر / كانون الأول 2020، ادعى الصحفي الإيراني محمد أهوازي على تويتر أن خامنئي نقل السلطة إلى ابنه مجتبى خامنئي بسبب مخاوف صحية متزايدة. وبحسب أهوازي، ألغى خامنئي اجتماعاً كان مقرراً في 4 ديسمبر / كانون الأول مع الرئيس الإيراني حسن روحاني بسبب تدهور حالته الصحية. وزعم أهوازي أن حالة خامنئي ساءت بين عشية وضحاها، مما أدى إلى انتقال السلطة. في 7 ديسمبر/ كانون الأول، نفى المسؤول الإيراني مهدي فضائيلي على تويتر شائعات تدهور صحة خامنئي، وادعى أنه “منشغل بقوة في أداء مهامه وفقاً لروتينه”. وإذا مات خامنئي وهو لا يزال في السلطة، فإن نقل السلطة إلى ابنه سيكون مؤقتاً، حيث إن مجلس الخبراء الإيراني مكلف دستورياً باختيار الخليفة الدائم للمرشد الأعلى.

وتداولت تقارير إعلامية مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول 2022 أنباء عن تدهور صحة خامنئي. في 6 سبتمبر/ أيلول، ألغى مكتب خامنئي جميع مواعيده في المناسبات العامة. وبحسب ما ورد، فقد خضع لعملية جراحية في النصف الأول من ذلك الشهر بسبب انسداد الأمعاء، بعد أن عانى من آلام شديدة في المعدة وارتفاع في درجة الحرارة. ووفقاً لأحد المصادر التي استشهدت بها صحيفة نيويورك تايمز، كان خامنئي في حالة حرجة في مرحلة ما، لكنه أظهر في ما بعد علامات على تحسن صحته. وعلى الرغم من هذه التقارير، ظهر خامنئي علناً في 17 و21 سبتمبر/ أيلول. ونفت مصادر قريبة منه الأخبار المتداولة عن مشاكله الصحية.

وأثارت صحة خامنئي مخاوف بشأن من سيصبح المرشد الأعلى المقبل. في يونيو/ حزيران 2021، فاز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، مما أكد مكانته كخليفة محتمل لخامنئي. وكان خامنئي قد عين رئيسي في السابق، في عام 2016، رئيساً لآستان القدس الرضوية، التي تشرف على مؤسسة دينية بمليارات الدولارات تدير التبرعات لضريح إيمان رضا في مدينة مشهد. وأثار التعيين في هذا المنصب الرفيع تكهنات في إيران بأن خامنئي يفضل رئيسي؛ لأن الضريح هو أقدس مواقع الحج الشيعية في إيران ومصدر ثابت للدخل للبلاد. وفي مارس/ آذار 2019، عين خامنئي رئيسي رئيساً للسلطة القضائية الإيرانية. وبعد أقل من أسبوع، تم انتخابه لرئيس مجلس الخبراء. وفضل النظام الإيراني رئيسي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو/ حزيران 2021، والتي توقع المراقبون أنها تهدف إلى منح رئيسي الفوز.

في عام 2022، انتشرت الاحتجاجات ضد النظام الإيراني في جميع أنحاء إيران. في شهر مايو / أيار من ذلك العام، اندلعت الاحتجاجات بعد أن ألغت الحكومة مليارات الدولارات من دعم الواردات الغذائية وضاعفت بين عشية وضحاها أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز وزيت الطهي. وألقى خامنئي باللوم في الاحتجاجات على أعداء إيران الذين “يسعون” إلى إثارة الاضطرابات في البلاد لإسقاط الحكومة. في سبتمبر/ أيلول 2022، انضم الحرس الثوري الإيراني والباسيج إلى القمع العنيف للاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر/ أيلول، وهي امرأة كردية تبلغ من العمر 22 عاماً توفيت في الحجز بعد أن اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران في وقت سابق من الشهر لعدم التزامها بارتداء الحجاب بشكل صحيح. وأثار مقتلها احتجاجات في جميع أنحاء إيران واشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والحرس الثوري الإيراني. في 3 أكتوبر / تشرين الأول، أدلى خامنئي بأول تصريح له حول الاحتجاجات، حيث ألقى باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل والمحرضين الإيرانيين الذين يريدون “تخريب” البلاد.

في 1 أبريل / نيسان 2024، شنت إسرائيل غارة على قنصلية إيرانية في دمشق بسوريا. وأسفرت الغارة عن مقتل سبعة من قادة الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك العميد محمد رضا زاهدي، وهو أكبر مسؤول إيراني قُتل منذ مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في يناير / كانون الثاني 2020 في غارة جوية أمريكية. وأشرف زاهدي على القوات البرية للحرس الثوري الإيراني وعملياتها. ويُزعم أيضاً أنه كان له دور محوري في إمداد حزب الله بالصواريخ الإيرانية الصنع. وردّاً على ذلك، تعهد خامنئي في 10 أبريل/ نيسان بـ «معاقبة” إسرائيل. وفي 13 أبريل/ نيسان، صعدت مروحية تابعة للحرس الثوري الإيراني على متن سفينة ترفع العلم البرتغالي بالقرب من مضيق هرمز واستولت عليها. ووفقاً لتقارير إخبارية، فإن السفينة مملوكة جزئياً لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر. اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي إيران بالقرصنة، وفي وقت مبكر من صباح يوم 14 أبريل/ نيسان، شنت إيران أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل، حيث أرسلت أكثر من 300 طائرة من دون طيار وصاروخ باتجاه الدولة اليهودية. كما أطلق وكلاء إيران في اليمن والعراق النار على إسرائيل. وأسقطت قوات إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى جانب الحلفاء الإقليميين، 99% من المقذوفات. وتسببت القذائف في أضرار طفيفة بقاعدة عسكرية وإصابة طفل في جنوب إسرائيل. وفي أعقاب الهجوم، نشر خامنئي بياناً باللغة العبرية على موقع اكس (تويتر سابقاً) أعلن فيه أن القدس “ستكون في أيدي المسلمين، وسيحتفل العالم الإسلامي بتحرير فلسطين”.

يُذكر أنه على مدار سنوات، نشر خامنئي العديد من المؤلفات والبحوث في موضوعات إسلامية متنوعة أبرزها: الرؤية العامة للفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم، الأصول الأربعة في علم الرجال، عنصر الكفاح في حياة الأمة، شروط وأركان الثورة، الحكومة في الإسلام. كما ترجم كتابي “المستقبل لهذا الدين” و”بيان ضد الحضارة الغربية” للمفكر الإخواني المصري سيد قطب.

زر الذهاب إلى الأعلى