تقارير ودراسات

سقوط الأسد: دليل آخر على أن إيران مستعدة للتخلي عن حلفائها

في 3 مايو/ أيار 2024، قال جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، إن إسرائيل لم تكن يوماً وفية لحلفائها، و”لم تدعم أحداً في تاريخها”.

يُظهر انهيار نظام الأسد في سوريا أن ظريف مخطئ تماماً؛ ولم يعد على حلفاء إيران أخذ كلام طهران على محمل الجد. منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أظهرت تصرفات إيران تجاه حلفائها أن وعودها بالنصرة عابرة، إن لم تكن جوفاء.

وصف المرشد الأعلى علي خامنئي نظام الأسد ذات مرة بأنه ركيزة أساسية من ركائز “محور المقاومة” الذي تقوده إيران. وفي 30 مايو/ أيار 2024، أعلن خامنئي أن “المقاومة هي الهوية الجوهرية لسوريا، ويجب أن تبقى كذلك”. وبعد ستة أشهر فقط، رحل بشار الأسد.

عندما بدأت هيئة تحرير الشام هجماتها على مواقع نظام الأسد في حلب، تراجع الحرس الثوري الإيراني فعلياً وسمح للتنظيم، المدعوم من تركيا، والذي كان يتبع سابقاً تنظيم القاعدة، بالتقدم نحو دمشق. ويتناقض هذا بشكل صارخ مع ما حدث عام 2013، عندما ساعد الحرس الثوري الإيراني الأسد في تنظيم دفاعاته عن دمشق ودفع الجماعات السنية السورية إلى التراجع.

بدا استعداد النظام الإيراني للتخلي عن حلفائه القدامى في سوريا واضحاً بمجرد أن شنت هيئة تحرير الشام هجومها في 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2024. يُحكم النظام الإيراني قبضته على وسائل الإعلام الحكومية، لذا، تعد التغييرات الخطابية مهمة، وغالباً ما تعكس تحولات خفية في سياسة الدولة.على سبيل المثال، بدلاً من الإشارة إلى هيئة تحرير الشام بـ “المقاتلين الإرهابيين”، بدأت وسائل إعلام النظام الإيراني فجأة في استخدام مصطلح “جماعة مسلحة” الأكثر حيادية. وهذا يشير إلى أن القيادة الإيرانية ربما تكون قد تخلت بالفعل عن عميلها في دمشق، وترغب في إظهار نهج أكثر موضوعية تجاه المتمردين. ولئلا يلتقط الأسد هذه الإشارة، انضم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أي قبل يوم من فرار الأسد إلى موسكو، إلى نظيريه الروسي والتركي في قطر، وصرح للتلفزيون الرسمي الإيراني بأنه يجب تهيئة مساحة للحوار بين الأسد و”جماعات المعارضة الشرعية”.

مع انهيار حليفهم القديم، سعى المسؤولون الإيرانيون إلى إلقاء اللوم على نظام الأسد وحده. على سبيل المثال، حمّل بهروز ثابتي، أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، المسؤولية لفساد الجيش السوري، قائلاً: “كان ينبغي أن يكون هناك 400 جندياً على خط المواجهة، لكن 360 منهم تلقوا رشوة للبقاء في منازلهم”.

كما عكست صحيفة “وطن إمروز” المتشددة هذا التحول في الموقف عندما انتقد المعلق محمد جليلي سياسة الأسد القاسية تجاه شعبه، قائلاً إن الوجود الإيراني في سوريا “لا قيمة له”، وإن السياسة الأفضل قد تكون “ترك مصير هذا البلد لرغبات شعبه الجديدة”.

ربما كان الاستراتيجيون الإيرانيون مستائين من الأسد، لكن قطع العلاقات مع الحلفاء له عواقبه. فإذا كان النظام على استعداد للتخلي عن دعم الأسد في وقت حاجته، فإلى من ستلجأ طهران بعد ذلك؟ وهذا، جزئياً، ما دفع مهدي خاراتيان، المحلل الإيراني في جامعة شريف للتكنولوجيا، إلى مقارنة انهيار النظام السوري بسقوط جدار برلين: “إذا لم تستطع إيران إعادة النظر في سياساتها تجاه المنطقة، فستخسر لبنان والعراق، وفي النهاية، إيران”.

في الواقع، مع إزاحة الأسد وتراجع نفوذ حزب الله، ربما تكون قطعتا الدومينو الأوليتان قد سقطتا. والسؤال الآن هو ما إذا كانت أحجار الدومينو ستتوقف عند بغداد وصنعاء أم أنها ستصل إلى طهران نفسها.

الكاتب: حسين إحساني

https://www.meforum.org/mef-observer/the-fall-of-syria-further-proves-iran-cant-sustain-its-allies

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى