روابط وثيقة: حركة طالبان الباكستانية تستفيد من ملاذها الآمن في أفغانستان
أفاد فريق الدعم التحليلي ورصد العقوبات التابع للأمم المتحدة بأن هناك “علاقة وثيقة” بين حركة طالبان الأفغانية وحركة طالبان في باكستان. ووفقاً لفريق الرصد، تواصل حركة طالبان في باكستان (المعروفة باسم “تحريك طالبان باكستان”) “العمل على نطاق واسع في أفغانستان وتنفيذ عمليات إرهابية في باكستان من هناك” بدعم من حركة طالبان الأفغانية. بالإضافة إلى ذلك، تتلقى حركة طالبان الباكستانية الدعم من تنظيم القاعدة الذي تدعمه أيضاً حركة طالبان الأفغانية.
وقدم فريق الرصد تفاصيل عن تدريبات وعمليات حركة طالبان الباكستانية في أفغانستان في أحدث تقرير له عن أفغانستان في العاشر من يوليو/ تموز 2024. وأشار التقرير إلى أن “حركة طالبان الأفغانية أثبتت عدم قدرتها أو عدم رغبتها في التعامل مع التهديد الذي تشكله حركة طالبان باكستان، وأن هذا التهديد يشكل تحدّياً كبيراً للغاية بالنسبة لحركة طالبان الأفغانية”.
الروابط وثيقة
“لا تعتبر طالبان الأفغانية حركة طالبان باكستان جماعة إرهابية: فالروابط وثيقة والديون المستحقة لحركة طالبان باكستان كبيرة” حسبما أفاد فريق الرصد التابع للأمم المتحدة. والديون التي يشير إليها فريق الرصد هي دعم حركة طالبان باكستان لحركة طالبان الأفغانية على مدى ما يقرب من عقدين من الزمان، حيث قاتلت حركة طالبان أفغانستان للإطاحة بالحكومة الأفغانية وطرد الولايات المتحدة وحلفائها من البلاد. نجحت طالبان في النهاية عندما اجتاحت أفغانستان خلال صيف عام 2021 واستولت على كابول في 15 غشت / آب 2021. وغادرت الولايات المتحدة أفغانستان في نهاية ذلك الشهر.
لقد قُتل عشرات الآلاف من مقاتلي طالبان الباكستانية خلال التمرد الدموي الذي شنته حركة طالبان الأفغانية. كما وفرت حركة طالبان الباكستانية ملاذاً آمناً لقادة ومقاتلي طالبان الأفغانية، عندما سيطرت على مساحات شاسعة من غرب باكستان ما بين 2007 و2013.
تتقاسم حركة طالبان الأفغانية وطالبان الباكستانية نفس الأهداف الإيديولوجية: السيطرة على بلديهما وفرض نسختهما القاسية من الشريعة الإسلامية. وقد نجحت حركة طالبان الأفغانية في تحقيق هذه الأهداف في صيف عام 2021، عندما أعادت تأسيس إمارة أفغانستان الإسلامية القمعية. وعلى نحو مماثل، تسعى حركة طالبان الباكستانية إلى الإطاحة بالحكومة الباكستانية وتأسيس إمارة إسلامية في باكستان.
هناك روابط تنظيمية عميقة بين طالبان الأفغانية وطالبان الباكستانية. في منتصف غشت / آب 2021، بعد أيام قليلة من سيطرة طالبان الأفغانية على أفغانستان، جدد نور والي محسود، أمير حركة طالبان الباكستانية، البيعة لإمارة أفغانستان الإسلامية التابعة لحركة طالبان. وفي بيانه، هنأ محسود “أمير المؤمنين” لحركة طالبان الأفغانية، هيبة الله أخوندزاده، وكذلك نوابه، سراج الدين حقاني (نائب أمير الإمارة الإسلامية ووزير الداخلية الآن)، ومحمد يعقوب صاحب (نائب الأمير الآخر ووزير الدفاع الآن)، والملا برادار. كما أقسم أمير القاعدة الولاء لأمير طالبان وأشار إليه باسم “أمير المؤمنين”.
ويشير فريق الرصد إلى أن حركة طالبان الأفغانية زودت حركة طالبان الباكستانية “بأسلحة من عيار ثقيل، وخاصة أجهزة الرؤية الليلية، التي تم تزويدها بها منذ استيلاء طالبان على السلطة”. كما استولت حركة طالبان الأفغانية على مليارات الدولارات من الأسلحة والمعدات التي قدمتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لقوات الدفاع والأمن الوطني الأفغانية السابقة. ويشير توفير المعدات العسكرية المتطورة والمكلفة والتي يصعب الحصول عليها، مثل أجهزة الرؤية الليلية، إلى مدى التزام حركة طالبان الأفغانية بدعم حركة طالبان الباكستانية.
القاعدة تدعم حركة طالبان الباكستانية داخل أفغانستان
أوضح فريق الرصد بالتفصيل كيف يقدم تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وهو الفرع الإقليمي للقاعدة في أفغانستان وبنجلاديش والهند وباكستان، دعماً حاسماً لحركة طالبان الباكستانية في كل من أفغانستان وباكستان. كما وصف فريق الرصد البنية الأساسية المزدهرة لتنظيم القاعدة في أفغانستان، والتي تدعمها حركة طالبان الأفغانية، بما في ذلك إنشاء وتشغيل معسكرات تدريب في 12 من مقاطعات أفغانستان البالغ عددها 34 مقاطعة.
ويتدرب عناصر حركة طالبان الباكستانية في معسكرات القاعدة في ولايات قندهار وكونار وننغرهار وتخار. وفي الوقت نفسه، تساعد القاعدة في شبه الجزيرة الهندية حركة طالبان الباكستانية على تنفيذ هجمات إرهابية داخل باكستان، وتعلن أحياناً حركة الجهاد الباكستانية مسؤوليتها عن هذه الهجمات بهدف تخفيف الضغوط على الحركة. وفي تقرير سابق، أشار فريق الرصد إلى أن القاعدة كانت تدرب انتحاريين من حركة طالبان الباكستانية في معسكرات في كونار.
وأفاد فريق الرصد أيضاً بأن “دعم القاعدة لحركة طالبان الباكستانية يشمل مشاركة عناصرها من الأفغان في تشكيلاتها وفتح معسكراتها التدريبية في أفغانستان لمقاتليها”. وأضاف الفريق أن “التدريب الذي توفره القاعدة في شبه الجزيرة الهندية أدى إلى تغيير تكتيكات حركة طالبان الباكستانية وشن هجمات بارزة ضد أهداف صعبة”.
هل تعدّ حركة طالبان الباكستانية “أكبر جماعة إرهابية في أفغانستان”؟
يصف فريق الرصد حركة طالبان الباكستانية بأنها “أكبر جماعة إرهابية في أفغانستان، ويقدر عدد مقاتليها بنحو 6 آلاف إلى 6500 مقاتل”.
ولكن مجلة “لونغ وار جورنال” التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لا توافق على هذا الرأي؛ إذ تشير إلى أن حركة طالبان الأفغانية وإمارة أفغانستان الإسلامية تشكلان أكبر جماعة إرهابية في البلاد. فبالإضافة إلى إيواء حركة طالبان الأفغانية لجماعات إرهابية أخرى مثل تنظيم القاعدة وطالبان الباكستانية، فإن العديد من قادتها، بما في ذلك سراج الدين حقاني، مدرجون على قائمة الحكومة الأميركية للإرهابيين العالميين. كما تصنف شبكة حقاني التابعة لسراج الدين، وهي فصيل متكامل وربما الأقوى في حركة طالبان، على أنها منظمة إرهابية أجنبية.
المصدر: