تقارير ودراسات

رجال آية الله في أوروبا (1)

لقد أنشأ آيات الله في إيران شبكة واسعة من المساجد والمنظمات الإسلامية في مختلف أنحاء أوروبا لتصدير الأيديولوجية الخمينية. وسوف نبدأ بشبكتهم في أقصى بلدان شمال أوروبا، النرويج، وفي المقالات التالية، سوف نتناول الوضع في بلدان أوروبية أخرى بمزيد من التفصيل.

ذكرت تقارير محلية في النرويج أن جهاز الأمن النرويجي طلب طرد إمام مسجد الإمام علي الشيعي في أوسلو. ويتطلب طرد الإمام الذي لم يتم الكشف عن اسمه صدور قرار من القضاء النرويجي، لكن سبب الطرد ورد في التقارير بأنه “يستند إلى مصالح الأمن القومي”.

فمن هو هذا الإمام الإيراني في أوسلو؟ ولماذا يعدّ خطراً على الأمن القومي النرويجي؟

تشير مصادر إيرانية تابعت القضية في النرويج إلى أن هذا الإمام هو حجة الإسلام سيد مصطفى مطهري، الذي سافر إلى أوسلو من إيران في عام 2016.

ويُزعم أن الإمام يعمل لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية، وله علاقات بمواطن إيراني نرويجي مزدوج الجنسية، محمد داود زاده لولوئي، الذي أدانته محكمة دنمركية في يونيو/ حزيران 2020 بجمع معلومات عن المعارضين الإيرانيين في الدنمارك. وقالت المحكمة إن داود زاده أعطى معلومات عن أحد هؤلاء المعارضين “لشخص يعمل لصالح جهاز استخبارات إيراني لاستخدامها في خطط لاغتيال المعارض”.

ودخل داود زاده إلى النرويج قبل ثماني سنوات كطالب لجوء مزيف، ثم حصل على الجنسية النرويجية.

إن موقع مسجد الإمام علي على الإنترنت باللغة الفارسية، كما أن الروابط الموجودة باللغتين النرويجية والإنجليزية معطلة. ولا يذكر الموقع أسماء قادة المسجد، ويزعم أن المسجد “مؤسسة دينية عامة مستقلة لا تربطها أي صلة بأي حكومة”.

ومع ذلك، فإن البحث البسيط على جوجل باللغة الفارسية يثبت خلاف ذلك. ويذكر موقع تابع لمكتب ممثلية المرشد الأعلى للحج أن مطهري هو إمام مسجد الإمام علي في النرويج. وفي مقابلة نشرت على موقعه قبل ثلاث سنوات، يقول مطهري إنه مسرور بعدد مسيرات الأربعين التي تجري في جميع المدن الأوروبية.

ويقصد بالأربعين اليوم الأربعين من الحداد على الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، أقدس شخصية شيعية، والذي قُتل في معركة كربلاء في عام 680 م. ولم تكن مراسم الحداد هذه معروفة في أوروبا حتى سنوات قليلة مضت، ولكن النظام الإيراني روج لها عبر المغتربين الشيعة واستخدمها كتعبير عن الاحتجاج السياسي في جميع أنحاء أوروبا في السنوات الأخيرة على غرار مسيرة القدس السنوية.

وقال مطهري في المقابلة إن “الشباب المستفيق حديثاً في أوروبا من خلال مشاركته في مراسم الأربعين يظهر تضامنه مع المقاومة الإسلامية”.

ويشارك الآلاف في مسيرة الأربعين في لندن كل عام، ويلوحون بأعلام الحشد الشعبي: الميليشيا الشيعية المدعومة من إيران في العراق المسؤولة عن اختطاف وقتل جنود ومدنيين.

وفي سياق آخر من المقابلة، أظهر مطهري إخلاصه الكامل وولاءه للمرشد الأعلى الإيراني من خلال الإشادة برسائل خامنئي المفتوحة للشباب الشيعي في أوربا، والتي يلقي فها باللوم على القوى الغربية في حوادث الكراهية ضد المسلمين.

واختتم مطهري حديثه بالقول إن مسيرات الأربعين في أوربا ستساعد على تحفيز المقاومة ضد العقوبات ضد إيران.

كما أن إخلاص مطهري وولاءه للمرشد الأعلى لإيران واضح في مناصبه الرسمية السابقة. فقبل تعيينه إماماً لمسجد الإمام علي في أوسلو، عمل مطهري مع مؤسسة دار الحديث، التي أنشئت في عام 1995 بأوامر مباشرة من خامنئي كواحدة من الهيئات التابعة لجامعة المصطفى الدولية، إحدى الأذرع الرئيسية لإيران لنشر الأيديولوجية الخمينية في الخارج.

وهذا يتناقض بشكل صارخ مع ادعاء موقع مسجد الإمام علي على الإنترنت بأنه “مؤسسة عامة ودينية مستقلة لا علاقة لها بأي حكومة”.

إن مسجد الإمام علي يتلقى 600 ألف كرونة نرويجية سنوياً من أموال دافعي الضرائب النرويجيين، كما تساهم حكومات أوروبية أخرى في دعم المساجد والمراكز الإسلامية الإيرانية. ولابد أن يضحك زعماء إيران، وهم يعلمون أنهم قادرون على نشر نفوذهم في أوروبا والتحكم في تطرف الشباب الأوروبي بأيديولوجيتهم الخمينية السامة على حساب المال العام.

تستمر إيران في استغلال المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشأن تعزيز وحماية الحرية الدينية من خلال نشر شبكتها المعقدة من المساجد والمراكز الثقافية والتعليمية تحت ستار العبادة الدينية، ولكن مع النية الحقيقية لنشر الأيديولوجية الخمينية للإسلام الشيعي السياسي.

وقد أكد رئيس جهاز مكافحة التجسس النرويجي هاني بلومبورج هذا الأمر، حيث قال: “أستطيع أن أقول إننا نرى في أوروبا كيف تستخدم إيران المراكز الدينية والمساجد كمنصة للاستخبارات ومراقبة شخصيات المعارضة. لقد رأينا هذا أيضاً في النرويج”.

وفي مقالات لاحقة، سنبين أن النرويج ليست وحدها، وأن أجهزة الأمن الأوروبية الأخرى فشلت في التحقق بشكل صحيح من خلفيات الأشخاص الذين يرسلهم المرشد الأعلى إلى أوروبا للعمل في المساجد والمراكز الإسلامية الشيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى