تقارير ودراسات

تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يشيد بأنشطة حركة الشباب في شرق إفريقيا

في العدد الأخير من مجلة صدى الملاحم (العدد 19)، أشاد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بإعجاب كبير بالعمليات الأخيرة التي نفذتها حركة الشباب المجاهدين، فرع القاعدة في شرق إفريقيا.

يبدأ المقال، الذي كتبه عضو في التنظيم يُدعى عبد الله محمد المهاجر، بتمجيد العمليات الأخيرة التي نفذتها حركة الشباب كدليل على تقدم الجهاد في شرق إفريقيا.

وكتب المهاجر أن “كتائب المجاهدين استجابت لدعوة الجهاد، وتواصل توجيه ضربات قاتلة للمليشيات الحكومية والقوات الصومالية التي دربتها الولايات المتحدة […] والقوات الدولية تحت مظلة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة”.

وأضاف المهاجر قائلاً إن الهجمات الأخيرة، مثل هجوم مايو/ أيار 2023 على قاعدة أوغندية في بولو ماريير، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 جنديّاً من قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، “لا تزال تدهش التحالف الدولي، على الرغم من تحصيناته القوية، وقوة ترسانته العسكرية، وتوافر الغطاء الجوي”.

وفي إشارة إلى الهجوم المضاد المستمر ضد حركة الشباب في أجزاء مختلفة من الصومال، والذي توقف مؤخراً، يذكر المهاجر أنه ردّاً على الهجوم، “كتب جنود التوحيد ملاحم تاريخية بتفجير قواعد كاملة للقوات الخاصة الصومالية، التي دربها الأمريكيون. ولم يستطع الأمريكيون، ولا الأتراك، ولا الاتحاد الإفريقي، مساعدتهم”.

ويختتم المهاجر هذه الفقرة بالإشادة مرة أخرى بمهارات “التخطيط الدقيق والإعداد المحكم والجمع الدؤوب للمعلومات” التي أبانت عنها حركة الشباب باعتبارها الأسباب التي جعلتها قادرة على “صد عدوان الاحتلال والهيمنة الغربية”.

التوسع خارج الصومال

ويذهب المهاجر بعد ذلك إلى القول إن هذه الانتصارات لم تقتصر على الصومال، وأن حركة الشباب تعمل على توسيع الجهاد في مختلف أنحاء شرق إفريقيا، ويقول إن “ما يشير إلى مدى نشاط سوق الجهاد في شرق إفريقيا هو أن المجاهدين تمكنوا من فتح جبهة عسكرية كاملة ونشطة داخل كينيا”، ثم يزعم أن الهجمات المختلفة التي شنتها حركة الشباب داخل كينيا ـ حيث كانت تنشط لسنوات ـ حفزت السكان المحليين على الانضمام إلى الحركة وتعزيز جناحها الكيني. وتدير حركة الشباب جناحاً كينياً بقيادة أحمد إيمان علي، وهو كيني الأصل، الذي يضم مكوناً عسكرياً خاصاً به: جيش أيمن.

ونتيجة للنشاط المتزايد في كينيا، يقول المهاجر: “وصلت الدعوة إلى تحريض المؤمنين [على الجهاد] إلى تنزانيا والمناطق المجاورة”. ونتيجة لهذا، أصبحت معسكرات تدريب الشباب الآن مليئة بالأجانب الساعين إلى الانضمام إلى صفوف الحركة. ومع ذلك، تظل أنشطة الشباب الحالية داخل تنزانيا وشرق إفريقيا على نطاق أوسع غامضة.

في الماضي، كان لحركة الشباب فروع نشطة في تنزانيا، مثل “مركز أنصار الشباب المسلم” و”المهاجرون”، على الرغم من أن الفعالية الحالية لكل منهما لا تزال ضعيفة. ومع ذلك، يُعتقد أن الحركة لا تزال تجند التنزانيين في صفوفها.

وفي أماكن أخرى، جندت حركة الشباب أيضاً إثيوبيين وأوغنديين وروانديين وبورونديين في صفوفها بدرجات متفاوتة. ومع ذلك، تظل الحركة في منافسة شرسة مع فرع تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال من أجل السيطرة والنفوذ على الجهاد في شرق إفريقيا.

وبفضل التنسيق الذي قام به تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة بونتلاند في شمال الصومال، فإن عمليات التجنيد لصالح جماعات أخرى تابعة للتنظيم، مثل ولاية وسط إفريقيا في الكونغو وأوغندا وولاية موزمبيق، قد أدت إلى تقويض حصة الشباب في سوق التجنيد الأجنبية في جميع البلدان المذكورة أعلاه.

“حماية المدنيين”

ويختتم المهاجر مقاله بالقول إنه على الرغم من شيطنة الغرب لحركة الشباب وهجماتها، فإن الجماعة تعطي الأولوية لحماية المدنيين ولا تسعى إلى استهدافهم. ولإثبات هذه النقطة، اختار المهاجر تقريراً للباحثين جيسون وارنر وإيلين تشابين في عام 2018 عن التفجيرات الانتحارية التي نفذتها حركة الشباب للاستشهاد به “كدليل” على العمليات الدقيقة للحركة.

ومع ذلك، وكما ورد في تقارير إعلامية سابقة، فإن المدنيين ما زالوا من بين أكبر نسبة من ضحايا عنف حركة الشباب، وخاصة التفجيرات الانتحارية. وعلى أي حال، يزعم المهاجر أن حماية الحركة المزعومة لأرواح المدنيين تجعلها تحظى بشعبية بين سكان الصومال، الأمر الذي سيساعدها حتماً على “استعادة الشريعة” في البلاد وفي جميع أنحاء شرق إفريقيا.

تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحركة الشباب

على الرغم من أن حركة الشباب تظل تشكل تهديداً كبيراً ومستمراً لكل من الصومال وكينيا، فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا يزال ضعيفاً نسبياً مقارنة بذروته في أوائل إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وعلى مدار العام الماضي، خسر التنظيم اثنين من القادة المهمين: الأمير السابق خالد باطرفي، وخالد محمد صلاح الدين زيدان، نجل سيف العدل، الذي يُعتقد أنه الأمير العام الحالي لتنظيم القاعدة.

وعلى الأرض، كثف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أيضاً عملياته العسكرية ضد الميليشيات والقوات القبلية المعادية في جنوب اليمن. وأشار تقرير فريق العقوبات والرصد التابع للأمم المتحدة الصادر في يناير/ كانون الثاني 2024 إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حافظ على روابط قوية مع القيادة المركزية لتنظيم القاعدة، وخاصة سيف العدل. ومع ذلك، بعد وفاة نجله خالد، أصبحت هذه الروابط أكثر غموضاً.

وأشار تقرير الأمم المتحدة أيضاً إلى حالات وردت عن قيام الحوثيين بتدريب عناصر من القاعدة في شبه الجزيرة العربية على استخدام الطائرات بدون طيار وإطلاق سراح أعضاء من التنظيم كانوا قد اعتقلوهم في وقت سابق. ومن جانبه، لم يعلن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤوليته عن أي هجمات على الحوثيين منذ عدة سنوات.

كما أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا يزال يحافظ على صلات مهمة مع حركة الشباب المجاهدين في الصومال، مما يجعل مقال المهاجر الذي يشيد بالجماعة الصومالية منطقياً في سياق هذه العلاقة.

على سبيل المثال، ينص أحدث تقرير صادر عن فريق العقوبات والرصد التابع للأمم المتحدة في يوليو/ تموز 2024 صراحة على أن “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يحافظ على علاقة قوية مع حركة الشباب؛ حيث يتعاون كلاهما على التمويل، وتهريب الأسلحة، ونقل الأفراد بين اليمن وإفريقيا. وتشير إحدى الدول الأعضاء إلى الاستخدام المستمر للميناء في شقرة، أبين، للتهريب والعبور مع الصومال”.

وعلى هذا، فإن مقال المهاجر يشكل وثيقة إثبات أخرى للدعم والتعاون النشط بين فروع القاعدة على امتداد قارات العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى