المؤسسات والمنظمات

تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان: لمحة عامة

تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية خراسان هو فرع من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ينشط في وسط وجنوب آسيا. تقدم هذه المقالة لمحة عامة عن التنظيم تشمل تاريخه وأيديولوجيته وهيكله التنظيمي وتكتيكاته وأهدافه. وتختتم بتقييم مفاده أن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان يشكل تهديداً كبيراً داخل أفغانستان، ومن المرجح أن يستمر في شن هجمات ضد المدنيين وحكومة طالبان بسبب انسحاب القوات الأمريكية وقوات شركائها التي كانت قدراتها في مكافحة الإرهاب تقيد أنشطته في السابق.

التاريخ

نشأ تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في عام 2014 مع انشقاق عدد من مقاتلي حركة طالبان وتنظيم القاعدة وطالبان باكستان النشطين في كل من أفغانستان وباكستان. في أعقاب هذه الانشقاقات، أرسل تنظيم داعش مبعوثين من العراق وسوريا للقاء المقاتلين المحليين، بما في ذلك عدد من قادة حركة طالبان باكستان. وفي يناير/ كانون الثاني 2015، تم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الجهود عندما أعلن تنظيم داعش تشكيل “ولاية خراسان”، وتم تعيين حافظ خان سعيد كأول أمير للفرع الجديد. وكان خان سعيد قد خدم سابقاً كقائد في حركة طالبان باكستان مسؤولاً عن العمليات في أوراكازي في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية في باكستان، مما أتاح لولاية خراسان شبكات باكستانية عميقة يمكن من خلالها تجنيد المقاتلين. ومن بين القادة الأوائل لولاية خراسان، كان هناك العديد من قادة حركة طالبان باكستان المسؤولين عن المناطق القبلية، مما أدى إلى ترسيخ موطئ قدم التنظيم في هذه المنطقة الحدودية الاستراتيجية.

وظل تاريخ تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان منذ عام 2015 يتأرجح بين التوسع العنيف والانكماش، مع قتال دوري ضد قوات الأمن الأفغانية وحركة طالبان والقوات الدولية. في عام 2015، حث زعيم طالبان آنذاك أختر منصور مقاتلي التنظيم على الاندماج “تحت راية واحدة” مع طالبان. وتصاعدت الحرب الكلامية إلى حملة قامت بها طالبان لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها وإضعاف الجماعات المتحالفة معه، مثل فصائل الحركة الإسلامية في أوزبكستان. سمح قادة مجلس شورى كويتا التابع لطالبان بهجمات إضافية ونشروا قوات كوماندوز النخبة “الوحدة الحمراء” لمحاربة التنظيم بدءاً من ديسمبر / كانون الأول 2015. في ولاية جوزجان، استسلم مقاتلو التنظيم لطالبان في صيف عام 2018 بعد حملة مستمرة. ومع ذلك، لم تكن العلاقة بين طالبان الأفغانية وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان عدائية بالكامل. يُزعم أن عناصر من شبكة حقاني، التي تم دمجها في طالبان، نسقت مع التنظيم في بعض العمليات. على سبيل المثال، ادعت وزارة الدفاع الأفغانية أن هجوماً واحداً على الأقل في عام 2018 أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه نفذه في الواقع مقاتلو شبكة حقاني.

كما لعبت الجهات الفاعلة الدولية دوراً في عمليات مكافحة الإرهاب المختلفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان. فقد شنت القوات الأمريكية وقوات الحكومة الأفغانية السابقة حملة منسقة ضد قوات التنظيم في شرق أفغانستان، مما أسفر عن مقتل العديد من قادته من المستوى المتوسط ​​والعالي. كما ألقت القوات الأفغانية القبض على زعيم التنظيم أسلم فاروقي والعديد من القادة الآخرين، مثل قاري زاهد وسيف الله (المعروف أيضاً باسم أبو طلحة)، في ولاية قندهار في مارس / آذار 2020. كما تعاون الجيش الإيراني مع طالبان لتأمين الحدود البرية الإيرانية مع أفغانستان وحرمان مقاتلي التنظيم من حرية الحركة.

في أعقاب هذه النكسات، خضعت ولاية خراسان لتحولات داخلية مع الاحتفاظ بقدرتها على تنفيذ هجمات مميتة في أفغانستان. في مايو / أيار 2019، أعلن تنظيم داعش عن وجود ولايات جديدة في باكستان والهند، وهي مناطق كانت تقع سابقاً ضمن نطاق ولاية خراسان الجغرافية. في يونيو / حزيران 2020، عين تنظيم داعش شهاب المهاجر أميراً جديداً لولاية خراسان بعد القبض على سلفه أسلم فاروقي. وكان المهاجر سابقاً مسؤولاً عن التخطيط لهجمات في المناطق الحضرية في كابول، ويقال إنه كان ذات يوم قائداً متوسط ​​المستوى في شبكة حقاني. وطوال عام 2020، نفذ تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان بنجاح هجمات بارزة على الرغم من سيطرته على أراضٍ صغيرة. وشملت هذه الهجمات هجوماً في مايو/ أيار 2020 على مستشفى ولادة في كابول أسفر عن مقتل 24 شخصاً، وهجوماً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 على جامعة كابول أسفر عن مقتل 22 شخصاً.

في يونيو/ حزيران 2021، قدرت الأمم المتحدة أن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان يتألف من مجموعة أساسية من المقاتلين يتراوح عددهم بين 1500 و2200 مقاتل يتمركزون في مقاطعات مثل كونار وننغرهار. ويتوزع هؤلاء المقاتلون على خلايا مستقلة نسبياً تعمل تحت راية تنظيم داعش وأيديولوجيته. وفي حين تفتقر هذه الخلايا إلى القدرة أو التنسيق أو الدعم المحلي للسيطرة على أراض كبيرة، فإنها تحتفظ بالقدرة على شنّ هجمات فردية، مثل هجوم 26 أغسطس/ آب على مطار حامد كرزاي الدولي في كابول والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 170 أفغانياً و13 عسكرياً أمريكياً.

الأيديولوجيا

إن ولاية خراسان هي إحدى ولايات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتشير خراسان على وجه التحديد إلى المنطقة التاريخية الممتدة عبر أجزاء من أفغانستان وباكستان وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وإيران. وتلتزم ولاية خراسان بالأيديولوجية العامة لتنظيم الدولة الإسلامية، والتي تسعى إلى إقامة خلافة عالمية عابرة للحدود الوطنية تحكمها الشريعة الإسلامية. في عام 2016، أصدر تنظيم داعش بياناً بعنوان “عقيدة ومنهج الدولة الإسلامية في التكفير”، والذي ذكر أن أي شخص يرفض الشريعة الإسلامية سيتم تصنيفه على أنه كافر (مرتد) ويمكن إعدامه نتيجة لذلك.

لقد تشكل تنظيم داعش كفرع من فروع تنظيم القاعدة، لكنه انحرف أيديولوجياً، بما في ذلك اعتقاده في العنف ضد المدنيين الشيعة. ويعمل تنظيم داعش وفقاً لسياسة “الجهاد الهجومي” العالمي لتطهير أراضيه من الكفار الأجانب ـ غير المؤمنين بالإسلام ـ والمرتدين، ويؤيد العنف ضد المجتمع المحلّي إذا اعترض على الالتزام بالشريعة ولم يتوافق مع عقيدة التنظيم. على سبيل المثال، شن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان العديد من الهجمات على أفراد من أقلية الشيعة الهزارة في أفغانستان.

في البداية، اجتذب التزام تنظيم داعش ـ ومن ثم ولاية خراسان ـ بعدم التسوية مع الغرب بعض أعضاء طالبان السابقين الذين أغضبتهم مفاوضات السلام التي أجرتها الحركة مع الولايات المتحدة. وأدان تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان المفاوضات في نشرته الإخبارية “النبأ” الصادرة في مارس/ آذار 2020، وذكر أن طالبان و”الصليبيين” [الأمريكيين] “حلفاء”. وفي عام 2021، تعهدت ولاية خراسان على وجه التحديد بالانتقام من طالبان بسبب اتفاق السلام الذي أبرمته مع الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، يعتنق تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان مفهوم توحيد الحاكمية ويرفض أي زعيم مسلم لا يحكم بالشريعة الإسلامية بأكملها. ويرفض التنظيم الاعتراف بطالبان كنظام إسلامي شرعي ويتهمها بأنها “قومية قذرة”؛ لأنها تحتكم إلى قاعدة عرقية وقومية ضيقة بدلاً من الالتزام بالجهاد الإسلامي الشامل.

الهيكل التنظيمي

يحتفظ تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان بهيكل قيادي هرمي، يقوده أمير، وهو حالياً شهاب المهاجر. وتتكون القيادة العليا للتنظيم من مجلس للشورى، بالإضافة إلى القادة الميدانيين على المستوى الإقليمي والقادة المسؤولين عن مختلف الوحدات الوظيفية، مثل الاستخبارات والخدمات اللوجستية. وفي حين أن القادة الأوائل لولاية خراسان الذين أسسوا التنظيم ينحدرون إلى حد كبير من حركة طالبان الباكستانية، فقد تنوعت قيادة المجموعة بعد ذلك. ويُعتقد أن المهاجر، المعروف أيضاً باسم ثناء الله غفاري، هو من أصل عربي / عراقي بحسب تحليل أجرته بي بي سي نيوز ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهي المرة الأولى التي يقود فيها التنظيم قائد من خارج المنطقة. ووجد تحليل أجري عام 2016 أن غالبية قادة ولاية خراسان من المستوى المتوسط ​​كانوا من مقاتلي طالبان السابقين. لكن التحليلات الأحدث لقيادة التنظيم وجدت مجموعة أوسع من الانتماءات، بما في ذلك مقاتلو لشكر طيبة والقاعدة في شبه القارة الهندية السابقون. وغالباً ما يتمتع هؤلاء المقاتلون بمعرفة وخبرة محلية كبيرة في الحرب المتمردة، مما يزيد من كفاءتهم التكتيكية.

وقد نجح تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في تجنيد المقاتلين من خلال استغلال الانقسامات بين الجماعات الجهادية القائمة، وتقديم الحوافز المالية، والدعاية للمكاسب التي تحققها المجموعة الأساسية لتنظيم داعش في العراق وسوريا على أرض المعركة. ومع ذلك، لم يحفز تدمير الخلافة الإقليمية لداعش في العراق وسوريا تدفق أعداد كبيرة من مقاتلي التنظيم إلى أفغانستان. وباعتبارها ولاية تابعة لداعش، تحافظ ولاية خراسان على الاتصال بالقيادة في العراق وسوريا، ولكنها تحتفظ أيضاً بدرجة من الحرية في إدارة عملياتها. على سبيل المثال، على عكس فروع تنظيم داعش الأخرى في آسيا، نادراً ما استخدمت ولاية خراسان النساء في أنشطتها القتالية.

ويعتمد تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان على عدة مصادر دخل لتمويل عملياته. وتشير تقديرات وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن التنظيم يجمع الأموال من خلال مزيج من التبرعات المحلية والابتزاز والدعم المالي من القيادة الأساسية في سوريا والعراق. بالإضافة إلى ذلك، خلصت وزارة الخزانة إلى أن ولاية خراسان كانت تحتفظ باحتياطيات مالية متواضعة اعتباراً من عام 2020 لكنها تعتمد على شبكة واسعة من سماسرة الأموال غير الرسميين في مدن مثل كابول وجلال آباد لتحويل الأموال.

التكتيكات والأهداف

على الرغم من تراجع قوته منذ ذروته في عام 2018، يواصل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان التخطيط لهجمات وتنفيذها في أفغانستان. وكثيراً ما ينفذ مقاتلو التنظيم هجمات انتحارية وتفجيرات عن بعد ضد قوات الأمن وأهداف مدنية. على سبيل المثال، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير وقع في 14 مايو/ أيار 2021 خلال عيد الفطر في مسجد على مشارف كابول وأسفر عن مقتل 12 مدنياً وإصابة 20 آخرين على الأقل. وشملت الهجمات الأخرى على المدنيين استخدام الأسلحة النارية وقطع الرؤوس والاختطاف. ففي 8 يونيو/ حزيران 2021، على سبيل المثال، أطلق مسلحون من التنظيم النار على مزيلي الألغام من الهزارة في ولاية بغلان، مما أسفر عن مقتل 10 وإصابة 16 آخرين. كما ينخرط تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في اشتباكات مسلحة مع قوات الأمن وحركة طالبان وجماعات مسلحة أخرى، على الرغم من أن هذه الاشتباكات أصبحت أقل تواتراً بعد هزائم التنظيم وخسارته للأراضي في عام 2018.

من يناير / كانون الثاني 2020 إلى يوليو / تموز 2021، نفذت ولاية خراسان 83 هجوماً مما أسفر عن مقتل 309 أشخاص. واستهدفت هذه الهجمات في المقام الأول المدنيين (35 هجوماً) وقوات الأمن (28 هجوماً)، بما في ذلك قوات حلف شمال الأطلسي والجيش الأفغاني ووكالات إنفاذ القانون وقوات الأمن الأخرى. وكانت ثلاثة عشر من الحوادث منذ يناير / كانون الثاني 2020 عبارة عن هجمات أو اشتباكات عنيفة ضد قوات طالبان.

ولا تشمل هذه البيانات الهجوم الذي وقع في 26 أغسطس/ آب على مطار حامد كرزاي الدولي والذي أسفر عن مقتل 183 شخصاً على الأقل، وهو أكبر عدد من القتلى في هجوم واحد لتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، مما جعل شهر أغسطس/ آب 2021 الشهر الأكثر دموية بالنسبة للتنظيم منذ يوليو/ تموز 2018.

مثل الجماعات السلفية الجهادية الأخرى، تخطط ولاية خراسان لهجمات عنيفة ضد الغرب، لكن معظم عملياتها ظلت محلية، والتي وقعت بشكل أساسي في كابول وولايتي ننغرهار وكونار الشرقيتين وفي ولاية جوزجان الشمالية. كان نشاط ولاية خراسان في ننغرهار وكونار – اللتين تشكلان القاعدة التاريخية لعمليات التنظيم – أكثر تواتراً وتنوعاً، بما في ذلك الهجمات ضد المدنيين وقوات الأمن وطالبان وجماعات مسلحة أخرى. واستهدفت الهجمات في كابول في المقام الأول المدنيين وقوات الأمن، في حين تركز العنف في جوزجان حول الاشتباكات العنيفة مع قوات طالبان.

تقييم التهديد

في الأمد القريب، يشكل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان تهديداً للمدنيين الأفغان وحكومة طالبان الأفغانية. ومن المرجح أن يكتسب التنظيم الجرأة، وسوف يحاول الاستفادة من عدم الاستقرار السياسي والافتقار إلى جهود مكافحة الإرهاب في أعقاب الانسحاب الأمريكي لتحدي سيطرة طالبان. ومن المرجح أن يواصل التنظيم التخطيط وتنفيذ الهجمات فضلاً عن توسيع جهود التجنيد، ولكن نجاحه سوف يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك سرعة طالبان ونجاحها في السيطرة على كامل البلاد، وجهود مكافحة الإرهاب المحلية والإقليمية، وقدرة التنظيم نفسه على إدارة صورته بين السكان الذين يكافح لتجنيدهم.

لقد خاض تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان تاريخياً معارك ضد جماعات جهادية أخرى ـ وخاصة طالبان ـ لتوسيع حصته في سوق النظام البيئي المسلح. وقد تعززت هذه المنافسة بجهود دعائية طويلة الأمد لوصف طالبان بأنها حركة قومية ذات مصالح ضيقة في أفغانستان، على النقيض من الأهداف العالمية لولاية خراسان. ومن المرجح أن يستمر هذا الصراع، مع محاولة التنظيم وصف نفسه بأنه سيقاتل بلا هوادة واستغلال هذه الرواية كأداة للتجنيد. كما أدى انسحاب القوات الأمريكية والشريكة من أفغانستان إلى خلق فراغ أمني من شأنه أن يشجع جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان على تحدي طالبان من أجل السلطة والسيطرة الإقليمية، الأمر الذي يجدد المنافسة بينهما. وكما يتبين من اختيار تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان التاريخي للأهداف ـ بما في ذلك الهجمات ضد المستشفيات والمدارس والمطارات ـ فإن العنف ضد المدنيين سيكون عنصراً محتملاً في هذه المنافسة، وهو ما سيتفاقم بسبب تجاهل طالبان لحقوق الإنسان. وإذا تمكنت طالبان من تعزيز سيطرتها بسرعة وكفاءة وإقامة حكومة مركزية قوية، فإن فرص ولاية خراسان التنافسية قد تكون محدودة، على الرغم من أن العنف المستمر قد يظل محتملاً.

إن تقليص الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان ـ وبشكل خاص عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان ـ من شأنه أن يمنح التنظيم مساحة استراتيجية لإعادة تنظيم صفوفه وزيادة وتيرة هجماته. وقد وجدت تحليلات سابقة أن عمليات مكافحة الإرهاب والخسائر الناجمة عنها بين قادة التنظيم كانت عاملاً مساهماً في الحد من عدد هجماته في أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة نفذت ضربات بطائرات من دون طيار ضد مخططات لم يُكشف عنها لولاية خراسان، فإن الحكومة الأمريكية تفتقر إلى خطط طويلة الأجل لمواصلة جهود مكافحة الإرهاب في البلاد أو الحفاظ على مستواها الحالي من جمع المعلومات الاستخباراتية بشأن التهديدات الإرهابية المحلية. كما ستتأثر الدرجة التي يتمكن بها تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان من إعادة تنظيم صفوفه في غياب جهود مكافحة الإرهاب الغربية بمدى نجاح طالبان والحكومات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك باكستان والصين، في تنفيذ حملات مكافحة الإرهاب الإضافية التي تستهدف مقاتلي التنظيم. وقد قدرت مجموعة دراسة أفغانستان المكلفة من قبل الكونجرس الأمريكي، في تقريرها النهائي، أن طالبان “ستواجه تحدي احتواء تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان دون دعم إضافي”.

علاوة على ذلك، من المرجح أن يحاول تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان الحفاظ على قدرته على الصمود من خلال “خط أنابيب التجنيد المتجدد والمتنوع” الذي يجتذب أعداداً كبيرة من المسلحين ذوي الخبرة من الجماعات القائمة على جانبي الحدود الأفغانية الباكستانية. ومع انخفاض الضغوط الدولية لمكافحة الإرهاب، قد يثبت خط أنابيب التجنيد التابع للتنظيم أنه كافٍ لضخ دفعة من المواهب المقاتلة التي تشتد الحاجة إليها في صفوفه، وتعزيز قوة المجموعة، وزيادة مستويات العنف. ومع ذلك، عانى تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في السابق من تجنيد أعضاء جدد داخل أفغانستان وباكستان بسبب افتقاره إلى الشعبية كمجموعة إرهابية أجنبية، على الرغم من وجود بعض الدلائل على أنه حقق مؤخراً اختراقات محلية محدودة، ولا سيما بين الأفغان الأصغر سنًّا في المناطق الحضرية. وإذا كان التنظيم غير قادر على توسيع قاعدته المحلية – وخاصة إذا بذلت طالبان والحكومات الإقليمية الأخرى جهوداً متضافرة لتقييد جهود التجنيد – فقد يجد نفسه مقيّداً في نشاطه وتوسعه.

إن الأنشطة الأخيرة لتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على خطط قوية لمكافحة الإرهاب وجمع المعلومات الاستخبارية في أفغانستان والمنطقة على الرغم من الانسحاب الأمريكي. وعلى الرغم من أن التنظيم لا يهدد الأراضي الأمريكية والأوربية بشكل مباشر [حتى الآن]، فإنه يساهم في عدم الاستقرار ونمو النظام البيئي الإرهابي في أفغانستان، مما يشكل تهديداً حاداً للمصالح الإقليمية الغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى