تقارير ودراسات

تركيا تحل محل سوريا كممر جوي لحزب الله

لقد نقلت قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني على مدى عقود الرجال والأسلحة إلى حزب الله في لبنان. وقد اعتمدت على طريقين رئيسين: “جسر بري” عبر العراق وسوريا، أو رحلات جوية إلى دمشق أو بيروت. وكثيراً ما استخدم الحرس الثوري الإيراني شركة ماهان للطيران لنقل الأفراد والأسلحة، على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على هذه الشركة.

في أعقاب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، أُغلق المجال الجوي السوري أمام الطائرات الإيرانية، وتعاملت شركة ماهان إير مع هذا الوضع من خلال إعادة توجيه رحلاتها عبر المجال الجوي التركي. وفي الفترة ما بين 13 ديسمبر/ كانون الأول 2024 ونهاية العام، قامت الشركة بتسيير 11 رحلة بين طهران وبيروت باستخدام أسطول من طائرات إيرباص إيه 340 وإيرباص إيه 300 بي 4-622 ار. وقد تعقبت مراقبة الرحلات الجوية مفتوحة المصدر التحول في مسارات الرحلات السابقة بين إيران ولبنان.

إن استمرار تشغيل رحلات شركة ماهان إير عبر تركيا يشير إلى مستوى من التعاون بين الحكومة التركية والحرس الثوري الإيراني. فتركيا تفرض سيطرة مشددة على مجالها الجوي، وكثيراً ما تحرم الطائرات الأرمينية والإسرائيلية، على سبيل المثال، من الوصول إلى مجالها الجوي، وبالتالي، فإن مرور العديد من رحلات شركة ماهان إير عبر المجال الجوي التركي لا يمكن أن يتم دون موافقة الحكومة التركية. أكثر من ذلك، يبدو أن أنقرة تتسامح الآن، إن لم تكن تسهّل بنشاط، نقل إيران للأسلحة والأفراد إلى حزب الله، وهو ما يشير إلى تحالف استراتيجي مع المصالح الإيرانية في المنطقة.

سواء أكانت عضواً في حلف شمال الأطلسي أم لا، فإن تكلفة تجاهل تواطؤ تركيا مع شركة ماهان إير باهظة. فخلال الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله، استخدم حزب الله أسلحة إيرانية الصنع، بما في ذلك صواريخ ألماس المضادة للدبابات، وطائرات من دون طيار طراز 358 المضادة للطائرات بدون طيار، وطائرات من دون طيار هجومية أحادية الاتجاه. وقد قامت طائرة إيرباص إيه 340 التابعة لشركة ماهان إير بتهريب جزء كبير من هذه الأسلحة إلى لبنان. علاوة على ذلك، فإن وجود أفراد من فيلق القدس على هذه الرحلات الجوية، الذين غالباً ما يستخدمون الركاب المدنيين كدروع بشرية لتجنب اعتراضهم من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، يؤكد على الأهمية الاستراتيجية لهذه الرحلات للأهداف الإقليمية الأوسع لإيران.

اعتباراً من يناير / كانون الثاني 2025، تتباهى شركة ماهان إيران بأسطول مكون من 22 طائرة إيرباص إيه 340، على الرغم من تأجير بعضها لشركة كونفياسا الفنزويلية وإيقاف البعض الآخر للصيانة. ومع ذلك، تلعب الطائرات السبع المتبقية دوراً حاسماً في دعم الحرس الثوري الإيراني اللوجستي والمالي لقواته بالوكالة في لبنان.

وفي الرد على هذا التهديد المتطور، يتعين على وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخزانة اتخاذ التدابير اللازمة لتعطيل عمليات فيلق القدس عبر تركيا. ومن الضروري إجراء حوار دبلوماسي مع أنقرة لضمان إغلاق المجال الجوي التركي أمام الرحلات الجوية الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على وزارة الخزانة توسيع نطاق عقوباتها على شركة ماهان إير من خلال تضمين طائرات إيرباص إيه 340 التي تم شراؤها حديثاً. وإذا ثبت أن الجهود الدبلوماسية غير كافية، فإن فرض عقوبات ثانوية تستهدف المديرية العامة للطيران المدني في تركيا قد يكون وسيلة قابلة للتطبيق للضغط على الحكومة التركية لوقف هذه الرحلات الجوية.

الكاتب: باباك تقويئي*

* صحفي وباحث في مجال الدفاع والأمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى