تأثير جماعة الإخوان المسلمين على تنظيم القاعدة وداعش وإيران
قبل الصعود إلى أعلى المناصب في داعش والقاعدة، كان أبو بكر البغدادي، وأسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، ينتمون إلى سلف إيديولوجي مشترك: جماعة الإخوان المسلمين. تسلط مسارات هؤلاء القادة المتطرفين الثلاثة الضوء على التداخل الأيديولوجي الكبير بين الجماعات الإسلامية العنيفة الأكثر شهرة اليوم ـ داعش والقاعدة ـ وحركة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم.
في احتفاله بالذكرى السبعين لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين، كتب يوسف القرضاوي أن جماعة الإخوان المسلمين “ليست فقط أكبر حركة إسلامية، لكنها أم كل الحركات الإسلامية”. وباعتبارها سلف الحركة الإسلامية الحديثة، كان لجماعة الإخوان المسلمين تأثير عميق على النظام الاعتقادي الذي يغذي تنظيم القاعدة، وداعش، وجمهورية إيران الإسلامية. وعلى الرغم من خلافاتها، فإن هذه الجماعات تشترك في أسس أيديولوجية تستند إلى كتابات المنظر الإخواني الراحل سيد قطب وغيره من كتاب الإخوان، والتي شكلت هذه الكيانات على ما هي عليه اليوم.
كما كانت جماعة الإخوان بمثابة جسر يربط بين الإسلاميين الشباب ـ بمن فيهم بن لادن والبغدادي والظواهري ـ وبين الجماعات الجهادية الأكثر عنفاً. وعلى الرغم من أن استراتيجيات التنفيذ الخاصة بها قد تختلف، إلا أن المجموعات الثلاث، في جوهرها، تحافظ على رؤية إسلامية مشتركة لإقامة خلافة عالمية. وهذه الخلافة سنية بطبيعتها، وهي لعنة بالنسبة إلى جمهورية إيران الإسلامية الشيعية. ومع ذلك، كان لجماعة الإخوان المسلمين، وخاصة قطب، تأثير عميق على إيران.
لا تحتفظ جماعة الإخوان المسلمين بعلاقات رسمية مع داعش والقاعدة، وعلى السطح قد تبدو المجموعات الثلاث مختلفة، حيث يدعو كل من القاعدة وداعش إلى الجهاد العنيف، في حين تسعى جماعة الإخوان المسلمين رسمياً إلى تغيير المجتمعات من الداخل. “الإخوان المرتدون”، قصة الغلاف التي نشرت في مارس / آذار 2016 في مجلة “دابق” التابعة لداعش، والتي تندد بالردة المفترضة لجماعة الإخوان المسلمين، هي مثال على استنكار داعش العلني لجماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، أعربت المجموعات في بعض الأحيان عن دعمها لبعضها البعض. في يونيو/ حزيران 2017، أصدر فرع تنظيم القاعدة في اليمن بياناً يدعم قطر بعد أن تعرضت البلاد لانتقادات جزئية بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين. ووفقاً للتقارير، كان العديد من قادة تنظيم القاعدة في اليمن مرتبطين سابقاً بحركة الإخوان المسلمين هناك، وقد قاتلت المجموعتان في بعض الأحيان جنباً إلى جنب ضد الحوثيين. وفي الوقت نفسه، دعمت إيران حركة حماس، فرع الإخوان المسلمين، وقدمت مبادرات تجاه الإخوان المسلمين ضد أعدائهم المشتركين.
في الواقع، هذه الجماعات ـ الإخوان المسلمين، والقاعدة، وداعش، وإيران ـ تشترك في أكثر من مجرد أسس أيديولوجية عميقة، وأوجه التشابه تفوق بكثير الاختلافات بينها. كما حفزت الأهداف الإقليمية طويلة المدى أيضاً أشكالاً مختلفة من التعاون بين الجماعات الثلاث، على سبيل المثال، بين فرع داعش في سيناء وحركة حماس التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أو بين إيران والإخوان المسلمين ضد المملكة العربية السعودية، حيث تحتشد بعض حكومات الشرق الأوسط ضد الإسلاموية والجماعات المتطرفة التي تستلهم قطب. وفي حين تختلف هذه المجموعات في كثير من الأحيان في استراتيجيات المواجهة العامة، إلا أنها في نهاية المطاف مرتبطة ببعضها البعض من خلال أيديولوجيتها المشتركة ورؤيتها لدولة إسلامية عالمية تحكمها الشريعة الإسلامية.
الإخوان المسلمون وداعش
لقد ازدرى داعش علناً جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأنها “سرطان مدمر” يحتكم لدين الديمقراطية بدلاً من الله. وعلى الرغم من الاختلافات العملياتية بينهما، وفّرت جماعة الإخوان المسلمين منصة لتلقين الشباب مبادئ الإسلاموية وجسراً للمجندين للوصول إلى الإسلاموية الأكثر عنفاً مثل داعش، كما دعمت الفصائل داخل الجماعات بعضها البعض على أساس الأهداف المشتركة والأعداء المشتركين والجبهة الإسلامية الموحدة.
جسر الإخوان إلى داعش
رسمياً، تلتزم جماعة الإخوان المسلمين بشكل غير جهادي من السلفية، وتحافظ على موقف علني ينبذ العنف، وهو الموقف الذي تبناه الفرع المصري الرئيس في السبعينيات مقابل السماح بتنظيم نفسه سياسياً في مصر. وعلى الرغم من هذا الموقف الرسمي، دعمت جماعة الإخوان المسلمين السياسات العنيفة التي ينتهجها فرعها الفلسطيني، حماس. كما تم ربط جماعة الإخوان المسلمين بالعنف في مصر منذ سقوط الحكومة التي يقودها الإخوان هناك عام 2013، كما يستخدم القائمون على تجنيد الجماعات الإسلامية العنيفة في كثير من الأحيان أدبيات جماعة الإخوان المسلمين وأيديولوجيتها كجزء من برنامج التلقين الديني للمجندين المحتملين، الذين ينتقلون بعد ذلك بسهولة إلى الجماعات الجهادية العنيفة بشكل علني مثل تنظيم القاعدة وداعش.
تعرّف بعض أعضاء تنظيم القاعدة وداعش لأول مرة على سلالات السلفية العنيفة من خلال جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يتحولوا إلى الجماعات الإسلامية الجهادية بشكل علني. ومن بين هؤلاء زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.
أبو بكر البغدادي
كان خليفة داعش المتوفى، أبو بكر البغدادي، قد تنقل بين التنظيمات الإسلامية الثلاثة. وتقدم البغدادي من سلفية الإخوان المسلمين إلى السلفية العنيفة لتنظيم القاعدة، ثم انفصل في نهاية المطاف عن تنظيم القاعدة ليؤسس داعش. أثناء وجوده في الدراسات العليا في جامعة صدام للدراسات الإسلامية في العراق، انضم البغدادي إلى جماعة الإخوان المسلمين بناءً على طلب عمه إسماعيل البدري. وكان شقيق البغدادي الأكبر، جمعة، ينتمي أيضاً إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفي حين أن جماعة الإخوان المسلمين لم تدع رسمياً إلى العنف، إلا أن البغدادي وشقيقه انجذبوا بشكل طبيعي نحو عناصر من جماعة الإخوان المسلمين الذين ينسجمون بشكل وثيق مع الفلسفة الجهادية العنيفة. كان البغدادي يعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين تخضع لسيطرة “أهل القول وليس الفعل”، ومع ذلك فقد وجد بسهولة أرواحاً مشابهة داخل المنظمة. وفي نهاية المطاف، ترك جماعة الإخوان المسلمين رسمياً ليتبع مساراً إسلامياً أكثر عنفاً بشكل علني.
بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أسس البغدادي الجماعة السنية المتشددة: جيش أهل السنة والجماعة. وفي نهاية المطاف، قضى البغدادي بعض الوقت في معسكر بوكا، وهو مركز اعتقال أمريكي في العراق، حيث التقى بسجناء آخرين سيشكلون فيما بعد القيادة العليا الأساسية لتنظيم داعش. وبعد إطلاق سراحه، أصبح البغدادي مسؤولاً كبيراً في تنظيم القاعدة في العراق. وفي عام 2010، أعادت الجماعة تسمية نفسها إلى دولة العراق الإسلامية وعينت البغدادي زعيماً لها. في أبريل / نيسان 2013، أعلنت دولة العراق الإسلامية أن جبهة النصرة قد تعهدت بالولاء للمجموعة، وهي خطوة أحادية اعترض عليها كل من زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. ومع ذلك، غير تنظيم الدولة الإسلامية اسمه إلى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، وأعلن خلافته الجديدة في يونيو/ حزيران 2014.
والبغدادي ليس بأيّ حال من الأحوال المتطرف الوحيد الذي بدأ طريقه إلى التطرف العنيف مع أيديولوجية الإخوان. ويوضح المقاتلون الأجانب في داعش، مثل حسين مصطفى بيري، التأثير المتطرف الذي لا تزال أيديولوجية الإخوان تمارسه في توجيه الشباب والشابات إلى طريق التطرف العنيف.
دراسة حالة: حسين مصطفى بيري
وفقاً لحسين مصطفى بيري، الذي ترك الدراسة في الكلية التركية، فإن مُجنِّد داعش إبراهيم أسامة بدا وكأنه “مثال نموذجي للدولة الإسلامية” بلحية وشعر طويل وسروال واسع. بعد شهر أو شهرين من لقائهما الأول، بدأ أسامة بتغذية عقل بيري بالمطبوعات الدينية والسياسية التي كتبها إلى حد كبير منظرو جماعة الإخوان المسلمين.
قال بيري إنه سرعان ما “تبنى أفكار [المؤلفين]”، وإن أسامة “أخبرني بأشياء وأنا استمعت إليها”.
وبعد بضعة أشهر من هذا التلقين، أخبر أسامة بيري عن داعش. وقال بيري إنه فوجئ في البداية بولاء أسامة لداعش بسبب الاختلافات الأيديولوجية بين داعش والإخوان. وعلى وجه الخصوص، بعد أن قيل له إن داعش “تعتبر جماعة الإخوان المسلمين مرتدين”.
ومع ذلك، أصبح بيري مفتوناً بفكرة الجهاد العنيف. وبحلول سبتمبر/ أيلول 2014، كان قد قرر الانضمام إلى داعش، ثم تولى أسامة الأمور اللوجستية. أعطى بيري رقم هاتف للاتصال به ورتب لتهريبه عبر الحدود.
بعد خضوعه لتدريب عسكري في سوريا، تم تعيين بيري في وحدة تركية تم إرسالها لمحاربة وحدات حماية الشعب في تل أبيض بسوريا. اعتقلت القوات التركية بيري في يونيو/ حزيران 2015، عندما حاول هو ومقاتلون آخرون من داعش العبور إلى تركيا مع لاجئين سوريين يحاولون الهروب من القتال، حين اجتاحت وحدات حماية الشعب داعش.
داعش والإخوان: الأهداف المشتركة تتجاوز العقيدة
بينما تبادلت جماعة الإخوان المسلمين وداعش الاتهامات وسط خلافات حول التكتيكات والإستراتيجية، وجدت العناصر داخل كل مجموعة أرضية مشتركة للتعاون بسهولة لوجستياً وبطرائق أخرى.
مصر
تقاسم الإخوان المسلمون وداعش عدوًّاً مشتركاً هو الحكومة المصرية منذ الإطاحة بحكم الجماعة في مصر عام 2013. حظرت مصر جماعة الإخوان المسلمين في وقت لاحق من ذلك العام وصنفتها منظمة إرهابية. منذ ذلك الحين، تورط الإخوان في هجمات إرهابية متعددة ضد القوات المصرية.
على سبيل المثال، تم اتهام جماعة الإخوان المسلمين، بالتعاون مع حماس، بتفجير سيارة مفخخة في يونيو/ حزيران 2015 أدى إلى مقتل النائب العام المصري هشام بركات. وفي الشهر التالي، داهمت قوات الأمن شقة في القاهرة، حيث اعتقدت أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تخطط لشن هجمات إرهابية. وقُتل في الغارة تسعة من أعضاء جماعة الإخوان، من بينهم برلماني سابق. وفي المقابل، وصفت جماعة الإخوان المسلمين الحادث بأنه “نقطة تحول” ودعت إلى ثورة في جميع أنحاء البلاد، كما أعلن تنظيم داعش معارضته للحكومة المصرية، وأعلن مسؤوليته عن تحطم الطائرة الروسية رقم 9268 في سيناء، والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصاً في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
ويحتفظ تنظيم داعش بفرع تابع له في شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو ولاية سيناء، مما يمنح الجماعة موطئ قدم في مصر، ويسمح لها بتوجيه هجمات ضد الدولة. وكانت الجماعة الإرهابية، التي كانت تعرف سابقاً باسم أنصار بيت المقدس، قد أعلنت الولاء لتنظيم داعش في نوفمبر / تشرين الثاني 2014 وغيرت اسمها إلى ولاية سيناء. وبحسب ما ورد، تضم المجموعة ما بين 1000 و1500 عضواً. وشن تنظيم ولاية سيناء هجمات أكثر دموية على الجيش المصري منذ يوليو/ تموز 2015، وشنت مصر حملة عسكرية كبيرة ضد ولاية سيناء في عام 2018، مما أسفر عن مقتل مئات المسلحين وفقاً للحكومة المصرية. ومع ذلك، تواصل الجماعة تنفيذ هجمات متفرقة في البلاد. وفي أبريل/ نيسان 2019، أعلنت ولاية سيناء أنها ستوسع نطاق هجماتها لتشمل جنوب شبه جزيرة سيناء، حيث تتمتع مصر بوجود أمني أقوى.
وفي يناير/ كانون الثاني 2016، دعا داعش جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى التخلي عن فلسفتها اللاعنفية وحمل السلاح علناً ضد الحكومة المصرية. وحث شريط فيديو نشره داعش في 23 يناير/ كانون الثاني الإخوان المسلمين في مصر على “استخدام الخبرة التي اكتسبوها من الإطاحة بالنظام المرتد السابق لحسني مبارك” لإسقاط “النظام المرتد الحالي للرئيس السيسي”. ويرى بعض المراقبين المصريين أن الأعضاء الأصغر سنّاً في جماعة الإخوان المسلمين يتجهون بشكل متزايد إلى العنف في مواجهة حملات القمع الحكومية على تنظيمهم. ويشيرون إلى المداهمات العنيفة والحكم بالإعدام على الرئيس السابق محمد مرسي، باعتبارها رسالة مفادها أن موقف الجماعة المناهض للعنف غير فعال. ربما كان أبو عزام الأنصاري، مؤيد داعش، يتحدث باسم الكثيرين عندما غرد في يونيو/ حزيران 2015: “إن سلمية جماعة الإخوان المسلمين، التي لا تزال تصر عليها، قادت قادتها إلى الموت وسمحت لأعدائها بالخروج أبرياء تماماً. وإن السلمية لا تقبلها إلا البهائم”.
كما استفاد تنظيم داعش من العنف المصري لجذب الشباب المصريين إلى قضيته. ومع تصاعد العنف في مصر، لجأ بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى الجماعات الجهادية للانتقام من الحكومة والجيش. يزعم شيخ من قبيلة السواركة في شبه جزيرة سيناء المصرية أن العنف المستمر يحول أعضاء الإخوان الشباب الذين يعيشون في سيناء “إلى موارد بشرية يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية في عملياته في سيناء”. ويعتقد الشيخ أن القتال سيؤدي إلى ظهور خلايا جديدة لداعش في مصر، ويقول إنه “لا يمكن للمرء فصل جماعة الإخوان المسلمين عن تنظيم الدولة الإسلامية”.
ووفقاً للناشط الإخواني السابق مصطفى النمر، فإن أكثر من 100 ألف أسرة لديها أسباب للانتقام من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ويعيش النمر الآن، في تركيا بعد أن قضى عقوبة السجن في مصر. ولاحظ النمر أن الأعضاء الأصغر سناً في جماعة الإخوان يتقلدون أدواراً قيادية في مصر. ويؤمن هؤلاء الأعضاء الأصغر سناً بـ “عنف الدفاعي” وفقاً لشادي حامد من معهد بروكينغز. وباعتبارها أبرز جماعة جهادية تعمل في سيناء، يُعتقد أن تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة الإسلامية يتمتع بموقع جيد للاستفادة من الشباب المصريين الذين يسعون للانتقام من الحكومة المصرية.
حماس وولاية سيناء
قد تقدم شبه جزيرة سيناء أفضل مثال على التعاون المباشر بين جماعة الإخوان المسلمين وداعش. بعد سقوط الحكومة التي يقودها الإخوان في مصر في عام 2013، تعاون فرع الإخوان المسلمين الفلسطيني حماس وولاية سيناء بشكل متزايد ضد الحكومة المصرية التي كثفت العمليات العسكرية ضد الجماعتين منذ عام 2013.
وقد قامت مصر بإغراق العشرات من أنفاق التهريب التابعة لحماس تحت الحدود بين غزة ومصر، وناقشت المحاكم المصرية إعلان حماس منظمة إرهابية. وفي أعقاب اجتماعات بين قيادة حماس والحكومة المصرية في مارس/ آذار 2016، أنكرت حماس أي صلة لها بجماعة الإخوان.
وعلى الرغم من الجهود العلنية التي بذلتها حماس لإصلاح علاقاتها مع مصر، عزز الجناح العسكري للجماعة، كتائب عز الدين القسام، تعاونه عبر الحدود مع ولاية سيناء نتيجة للضغوط التي شعر بها على نحو متزايد من جانب مصر. وبحسب ما ورد، التقى قادة ولاية سيناء مع حماس لمناقشة التنسيق العسكري. يُزعم أن حماس استخدمت برنامج الطائرات من دون طيار الناشئ للتجسس على المواقع العسكرية المصرية نيابة عن ولاية سيناء، كما زُعم أن حماس منحت ولاية سيناء حق الوصول إلى شبكة الأنفاق تحت الأرض الواقعة أسفل الحدود بين غزة ومصر. ووفقاً لتقرير لموقع “واي نت نيوز”، دفعت حماس لولاية سيناء عشرات الآلاف من الدولارات شهرياً حتى عام 2015 لتهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة، في حين قامت حماس أيضاً بتهريب الأسلحة إلى سيناء. كما ورد أن مقاتلي ولاية سيناء تلقوا العلاج الطبي في غزة.
بدأت العلاقات بين حماس وولاية سيناء في التدهور عام 2017، بعد أن وافقت حماس على تعزيز وجودها الأمني على طول الحدود بين سيناء وغزة كجزء من اتفاق المصالحة مع الحكومة المصرية. في يونيو/ حزيران من ذلك العام، بدأت حماس في بناء منطقة عازلة على طول الحدود لتقليل التهريب مقابل قيام مصر بتخفيف إغلاق حدودها مع غزة وتوفير الكهرباء للقطاع. وفي أغسطس/ آب، قتل انتحاري من داعش أحد حرس الحدود التابعين لحماس في قطاع غزة في أول تفجير انتحاري يستهدف حماس. وفي يناير/ كانون الثاني 2018، نشرت ولاية سيناء مقطع فيديو أعدمت فيه الجماعة أحد أعضائها المتهم بتهريب الأسلحة إلى حماس. دعا أحد مواطني غزة ورجل دين من داعش في سيناء يُدعى أبو كاظم المقدسي أتباع داعش إلى مهاجمة حماس بسبب فشلها في منع اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ليبيا
بحسب ما ورد، انضم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى معسكرات تدريب داعش والقاعدة. ووفقاً لتقرير إخباري صدر في يناير/ كانون الثاني 2016، تلقى أعضاء جماعة الإخوان الشباب ما بين 150 و250 دولاراً يومياً للمشاركة في معسكرات التدريب الليبية.
الإخوان المسلمون والقاعدة
ربما يكون دور جماعة الإخوان المسلمين كجسر للمنظمات الجهادية أكثر وضوحاً في علاقات الجماعة بتنظيم القاعدة. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشيخ عبد المجيد الزنداني عام 2004 بسبب “تاريخه الطويل في العمل مع بن لادن، حيث كان بمثابة أحد قادته الروحيين”، كما قاد الزنداني حزب الإصلاح السياسي التابع لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
اعتقلت السلطات الأمريكية محمد جمال خليفة عام 1994 في قضية بتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993. وكان أيضاً قيادياً بارزاً في جماعة الإخوان المسلمين وفقاً للحكومة الأمريكية. وقام في ما بعد بإدارة مؤسسة خيرية في الفلبين يُزعم أنها قامت بنقل الأموال إلى جماعة أبو سياف، وقام أيضاً بغسل الأموال لصالح بن لادن. قُتل عام 2007.
كما دعمت جماعة الإخوان المسلمين إنشاء بنك التقوى في جزر البهاما عام 1988، وكشفت الحكومة الأمريكية أن البنك كان عبارة عن شركة صورية تدعم الجماعات الإرهابية مثل حماس والجبهة الإسلامية للإنقاذ وتنظيم القاعدة. ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، قدم البنك “خطاً ائتمانياً سرياً” لأحد المقربين من بن لادن. واتهمت الحكومة مدير البنك يوسف ندا بتقديم مساعدات مالية لتنظيم القاعدة وبن لادن.
ألقى محمد بديع، المرشد الروحي الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين، خطبة عام 2010 توازي إعلان تنظيم القاعدة عام 1996 الذي استهدف الغرب. وعلى وجه التحديد، أعلن بديع أن المقاومة من خلال “الجهاد والتضحية وتربية جيل جهادي يسعى للموت كما يسعى الأعداء للحياة” هي “الحل الوحيد ضد الغطرسة والطغيان الصهيوني الأمريكي”. وأعلن كذلك أن الولايات المتحدة “تشهد الآن بداية نهايتها، وتتجه نحو زوالها”. وحكمت محكمة مصرية على بديع بالإعدام عام 2015 بتهمة التخطيط لهجمات ضد مصر، على الرغم من إلغاء الحكم لاحقاً.
أدت هذه الأمثلة إلى طرح قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كإرهابيين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 في مجلسي الكونغرس. ودعا مشروع القانون الولايات المتحدة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وإدراج الأعضاء السابقين في الجماعة الذين انضموا إلى تنظيم القاعدة في ما بعد كإرهابيين.
وقد مرّ العديد من أشهر قادة تنظيم القاعدة من خلال جماعة الإخوان المسلمين.
أسامة بن لادن
أشهر عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، انضم إلى تنظيم القاعدة هو المؤسس المشارك للتنظيم أسامة بن لادن. وكان بن لادن ينتمي إلى فرع جماعة الإخوان المسلمين في شبه الجزيرة العربية وفقاً لأيمن الظواهري، أحد مؤسسي تنظيم القاعدة.
وفي رسالة أرسلها في أبريل/ نيسان 2011، قبل أسبوع واحد فقط من وفاته، قال بن لادن إن جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين تدعو فقط إلى “أنصاف الحلول”، لكن هناك تيارات سلفية داخل الجماعة تعترف بالحقيقة. وتوقع بن لادن أن تنضم جماعة الإخوان المسلمين إلى الجهادية العنيفة لتنظيم القاعدة، قائلاً: “إن عودة الإخوان وأمثالهم إلى الإسلام الحقيقي هي مسألة وقت”.
وبعد وفاة بن لادن في عام 2011، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بياناً يشير إلى بن لادن بكلمة “الشيخ” الشرفية، كما أشادت الجماعة بـ “المقاومة” في أفغانستان والعراق، ونسبت الفضل في ما حققته من نجاحات إلى بن لادن.
أيمن الظواهري
شارك أيمن الظواهري في تأسيس تنظيم القاعدة مع أسامة بن لادن عام 1988. وقبل ذلك بسنوات، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة آنذاك، عندما كان مراهقاً في مصر، حيث تم القبض عليه بسبب ذلك، عندما كان في الخامسة عشرة من عمره. انضم إلى حركة الجهاد الإسلامي المصرية عام 1973، واعتقل مع أعضاء آخرين في الجهاد الإسلامي عام 1981 بتهمة اغتيال الرئيس أنور السادات. والظواهري هو زعيم سابق لجماعة الجهاد الإسلامي التي اندمجت مع تنظيم القاعدة عام 2001.
أدان الظواهري الحملة التي تشنها مصر على جماعة الإخوان المسلمين. نشرت صحيفة الوطن المصرية محادثات جرت بين الرئيس المصري السابق محمد مرسي وشقيق الظواهري محمد الظواهري. ووفقاً لهذه المحادثات، يُزعم أن مرسي، عندما كان رئيساً، تواطأ مع الظواهري لإطلاق سراح الإرهابيين من السجون المصرية من أجل حشد الدعم لجماعة الإخوان المسلمين.
خالد شيخ محمد
كان لجماعة الإخوان المسلمين تأثير عميق على خالد شيخ محمد، الناشط في تنظيم القاعدة والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، وفقاً لملف عام 2011 في مجلة نيويورك.
انتقلت عائلة محمد إلى الكويت من باكستان في الخمسينيات، ولد في الكويت عام 1965. وبعد وفاة والده بعد أربع سنوات، تولى إخوة محمد مسؤولية تعليمه. كانت جماعة الإخوان المسلمين غير قانونية في الكويت، لكن الحكومة سمحت لها بالعمل من أجل الحفاظ على سيطرتها عليها. شاهد محمد شقيقه الأكبر زاهد، وهو يصبح قائداً طلابياً لجماعة الإخوان المسلمين في جامعة الكويت. بدأ محمد، بعد شقيقه، في الالتحاق بالمعسكرات التي تديرها الجماعة في سن السادسة عشرة. وهناك تعرف على أيديولوجية الجماعة وتعرف على أحد منظريها الأكثر شهرة، سيد قطب. وبحسب ما ورد، أصبح مفتوناً بتعاليم قطب الجهادية المناهضة للغرب.
بعد المدرسة الثانوية، ذهب محمد عام 1984 إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة. وبحسب ما ورد، تطورت كراهيته للأمريكيين أثناء دراسته في ولاية كارولينا الشمالية معتبراً إياهم عنصريين. وبحسب أحد معلمي محمد في الكويت، فقد عاد من الولايات المتحدة عام 1986 وهو مقتنع أن أمريكا تكره العرب بسبب علاقتها بإسرائيل.
بعد وقت قصير من عودته إلى الكويت، تبع محمد إخوته إلى باكستان، حيث كانوا يعملون في جهود الإغاثة في الحرب. كان ذلك في بيشاور، في باكستان، حيث اتصل محمد بأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، القادة المستقبليين لتنظيم القاعدة. وقد تباعدت مساراتهما من تلك النقطة، لكن محمد وبن لادن جددا علاقتهما عام 1996، بعد ثلاث سنوات من تدبير ابن شقيق محمد، رمزي يوسف، للهجوم الأول على مركز التجارة العالمي.
وكان يوسف قد ألهم محمد للقيام بدور نشط في التخطيط لهجمات ضد الولايات المتحدة. وعندما التقى محمد بن لادن مرة أخرى عام 1996، بدآ في وضع الأساس لهجمات 11 سبتمبر.
الإخوان المسلمون وجبهة النصرة
جبهة النصرة، الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، هي جماعة متمردة مكرسة لاستبدال حكومة الرئيس بشار الأسد بنظام إسلامي. وقد انتقد زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، جماعة الإخوان المسلمين بسبب انحرافها عن التعاليم الإسلامية التقليدية، ومع ذلك، فقد تم توثيق استخدام جبهة النصرة لمواد من جماعة الإخوان المسلمين في برنامج التلقين الديني للجبهة.
وفي عام 2014، انتخبت جماعة الإخوان السورية محمد حكمت وليد لولاية مدتها أربع سنوات كزعيم للجماعة. خلال مقابلة مع قناة الجزيرة في مايو / ايار 2015، رفض وليد الإدانة العلنية لجبهة النصرة أو داعش باعتبارها جماعات إرهابية. وبدلاً من ذلك، وصف الأسد ونظامه بأنهما “أكبر الإرهابيين” في سوريا. كما أدان وليد عمل التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب في سوريا ووصفه أنه انتقائي و”مشبوه ومربك”.
ودافعت جماعة الإخوان المسلمين عن جبهة النصرة في عام 2012 بعد أن صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. ووصف فاروق طيفور، نائب زعيم جماعة الإخوان السورية آنذاك، التصنيف أنه “خاطئ للغاية ومتسرع للغاية” بالنظر إلى ما أسماه “الجو الرمادي” في ذلك الوقت في سوريا. وبحسب طيفور، فإن الشعب السوري ينظر إلى جبهة النصرة على أنها وسيلة دفاع موثوقة ضد “الجيش النظامي وعصابات الأسد”.
وفي عام 2016، غيرت جبهة النصرة اسمها رسمياً إلى جبهة فتح الشام وتخلت عن أي علاقات رسمية مع تنظيم القاعدة. وأشاد فصيل الإخوان المسلمين في سوريا بالقرار باعتباره خطوة نحو جعل الثورة السورية “محلية حقاً”. وفي العام التالي، أشاد الجولاني بالإيديولوجية المشتركة لتنظيم القاعدة والإخوان المسلمين. وقال الجولاني لقناة الجزيرة إنه على الرغم من أنهما قد يختلفان في تكتيكاتهما، إلا أن كلا المجموعتين تستمدان أيديولوجيتهما من نفس المصادر.
الإخوان المسلمون وإيران
لا يبدو للوهلة الأولى أن جماعة الإخوان المسلمين السنية والجمهورية الإسلامية الشيعية في إيران حليفان طبيعيان، كما أنهم لا يحتفظون بعلاقات رسمية. وفي حين لا توجد روابط تنظيمية بين جماعة الإخوان المسلمين والحكومة الإيرانية، إلا أن لديهما روابط أيديولوجية. وكان لجماعة الإخوان تأثير في إنشاء الجمهورية الإسلامية وفي قادتها.
في عام 1946، أنشأ طالب اللاهوت الإيراني مجتبى ميرلوهي، المعروف أيضاً باسم نواب صفوي، فدائيي الإسلام. وسعت الجماعة إلى تطهير إيران من خلال القضاء على من اعتبرتهم أفراداً غير طاهرين. وقد تم تصميم فدائيي الإسلام على غرار النظام الخاص، وهو الفصيل المسلح السري التابع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر والمسؤول عن العديد من الاغتيالات. وفي الخمسينيات، التقى صفوي بمنظر الإخوان سيد قطب الذي دعا صفوي لزيارة مصر والأردن. وهناك التقى صفوي بقادة آخرين في جماعة الإخوان المسلمين. وفي وقت لاحق، قام صفوي بتقديم روح الله الخميني إلى جماعة الإخوان. أُعدم صفوي عام 1956، لكنه كان له تأثير ناجح على الثورة المستقبلية قبل وفاته. وفي وقت لاحق، دعمت جماعة فدائيي الإسلام المستوحاة من جماعة الإخوان المسلمين رؤية الخميني لإقامة جمهورية إسلامية في إيران خلال السبعينيات، وأصبح أعضاؤها جنوداً للحكومة بعد الثورة الإيرانية عام 1979.
سمع المرشد الأعلى الحالي لإيران، علي خامنئي، صفوي يتحدث في مدرسته عندما كان مراهقاً. ونسب خامنئي الفضل إلى صفوي في إشراكه في السياسة عندما بدأ في دعم أيديولوجية حركة فدائيي الإسلام التي يتزعمها صفوي. وقام خامنئي بترجمة كتابين من كتب قطب إلى اللغة الفارسية.
وعلى الرغم من الانقسامات بين الشيعة والإخوان السنة، أيدت جماعة الإخوان المسلمين ثورة الخميني الإيرانية عام 1979، باعتبارها تحقيقاً لهدفهم المتمثل في إقامة دولة إسلامية. وقبيل عودة الخميني إلى إيران، أرسلت جماعة الإخوان المسلمين ممثلين عن فروعها العالمية إلى باريس لتهنئته على نجاحه في الثورة. وفي عام 1982، قال زعيم الإخوان المسلمين عمر التلمساني إن جماعة الإخوان المسلمين تدعم الخميني سياسياً، على الرغم من أن السنة والشيعة ظلوا منقسمين دينياً. قامت حكومة الخميني بعدد من المبادرات تجاه الإخوان المسلمين. أصدرت إيران في عهد الخميني طابعاً بريدياً عام 1984 لإحياء ذكرى إعدام قطب عام 1966. في عام 1988، أطلقت حكومة الخميني من جانب واحد سراح أسرى الحرب المصريين الذين قاتلوا إلى جانب العراق في الحرب الإيرانية العراقية بناء على طلب أحد زعماء الإخوان المسلمين، الشيخ محمد غزالي.
اعتنق كل من الإخوان والخميني مركزية الإسلام في السياسة والحكم. وبينما لا يزال الإخوان المسلمون وإيران منقسمين على أسس طائفية، اعترف الإخوان المسلمون في وقت مبكر برؤية الخميني، لكونها حققت الهدف الذي روجوا له منذ فترة طويلة. أعلن أحد المنظرين الأوائل لجماعة الإخوان المسلمين، أبو الأعلى المودودي، عام 1939 أن “الإسلام ليس مجرد عقيدة أو مركب ديني… بل هو نظام شامل يهدف إلى إبادة جميع الأنظمة الاستبدادية والشريرة في العالم”. إن مفهوم الخميني لولاية الفقيه، المستند إلى فلسفة شيعية من القرن التاسع، قدم مفهوم الفقيه الإسلامي الذي يتمتع بالسلطة النهائية على المجالات السياسية والدينية في إيران من أجل ضمان الامتثال الكامل للشريعة الدينية.
أيديولوجية مشتركة
تشترك جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وداعش في أيديولوجية أساسية. انبثقت داعش من تنظيم القاعدة في العراق، وكان مؤسسو تنظيم القاعدة من طلاب منظري الإخوان الأوائل، مثل سيد قطب. ونتيجة لذلك، أصبحت الجماعات المتطرفة العنيفة مثل داعش بمثابة امتداد لأيديولوجية الإخوان الأساسية وفقاً لوزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة. ويعتقد المحلل الأردني فهمي جدعان أيضاً أن إيديولوجية داعش والإخوان هي في الأساس نفس الشيء. وفي حين تبنى ثوار إيران تكتيكات مختلفة عن جماعة الإخوان المسلمين أو تنظيم القاعدة، فإن النفوذ الإيديولوجي للإخوان المسلمين كان حاضراً أيضاً بين مؤسسي الثورة الإسلامية.
سيد قطب
كان سيد قطب (1906-1966) أحد المنظرين البارزين لجماعة الإخوان المسلمين، وقد ألهمت أعماله مجموعة من الإسلاميين العنيفين، بما في ذلك أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وقد وصف النقاد الغربيون قطب بأنه “أبو الأصولية الإسلامية الحديثة”. وفقاً لتقرير لجنة 11 سبتمبر، كان لقطب “تأثير فكري قوي” بشكل خاص على بن لادن. وفي كتابه فرسان تحت راية النبي، أشاد زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بقطب؛ لأنه أسس الحركة الجهادية. في إيران، كان قطب يُقرأ على نطاق واسع من قبل أولئك الذين سيعملون على بناء ودعم ثورة الخميني. وفي مقال له بمجلة الدراسات الإسلامية، وصف يوسف أونال قطب بأنه “شخصية مؤثرة” بين الثوار الإيرانيين، وبأن كتاباته “لعبت دوراً فعالاً في تشكيل خطاب الإسلاموية في إيران ما قبل الثورة”.
تعد كتابات قطب عن الإسلاموية من بين الكتابات الأكثر شعبية في العالم الإسلامي؛ فقد كتب أن الإسلام كان “ثورة ضد أي وضع إنساني تُمنح فيه السيادة، أو الربوبية للبشر”، ويعتقد أن الإسلام يعني استعادة سلطة الله على الإنسان. لقد رفض قطب العلمانية الغربية، واعتقد أن الدولة الحديثة في مصر غير إسلامية. أثناء دراسته في أمريكا ما بين عامي 1948 و1950، شعر بالاشمئزاز مما اعتبره انحلالا أمريكيا. ووصف الكنائس بأنها “مراكز ترفيه وملاعب جنسية”. لقد نظر إلى الثقافة الأمريكية بأكملها على أنها فاسدة، وغير عادلة، وعنصرية، ومادية، وخالية من الأخلاق، كما كان يكره اعتراف أمريكا بدولة إسرائيل الجديدة.
وسعت كتابات قطب مفهوم الجاهلية، الذي كان يستخدم لوصف الدولة الهمجية قبل نزول النبي محمد. يعتقد قطب أن العالم أصبح في حالة جاهلية جديدة، وأن المسلمين في كل مكان يعيشون على نحو أعمى وفي جهل كما كانت الحضارة في عصر ما قبل محمد، وقال إن المسلمين يجب أن يعودوا إلى العيش في حالة من “الإسلام النقي”، وهو ما لا يمكنهم تحقيقه إلا من خلال شن الجهاد العنيف ضد غير المؤمنين. أشهر أعماله “في ظلال القرآن” و”معالم في الطريق” كلاهما كُتبا أثناء وجوده في السجن. استخدم الشيخ عمر عبد الرحمن، المعروف أيضاً باسم “الشيخ الأعمى”، “المعالم” كمصدر إلهام لوعظه. ويقضي عبد الرحمن حكماً بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب (توفي عام 2017).
ويذهب قطب إلى أن الإنسانية أمام اختيار مصيري بين الجاهلية والإسلام، كما كان يرى أنه لا يمكن أن يكون هناك حل وسط بين الاثنين، وأن الإسلام يمثل الله بينما تمثل الجاهلية الشيطان. وبعد سنوات، استلهم بن لادن آراء قطب من أجل تبرير الهجمات العنيفة التي يشنها تنظيم القاعدة، بوصفها دفاعاً عن الإسلام ضد أعدائه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
تم شنق قطب بسبب خطابه المتطرف ومحاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 29 غشت / آب 1966. وقد ألهمت تعاليمه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين شكلوا مجموعات مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي المصري في السبعينيات والثمانينيات. اندمجت حركة الجهاد الإسلامي مع تنظيم القاعدة في عام 2001.
ويمكن رؤية تأثير قطب خارج نطاق جماعة الإخوان أيضاً، ووفقاً لأحد الأعضاء المؤسسين للجماعة الإسلامية، “لقد أثر قطب على جميع المهتمين بالجهاد في جميع أنحاء العالم الإسلامي”. وقال الظواهري إن دعوة قطب “إلى توحيد الله والاعتراف بسلطان الله وسيادته على الأرض كانت الشرارة التي أشعلت الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج. ولا تزال الفصول الدموية لهذه الثورة تتكشف يوما بعد يوم”.
الخلافة
من القضايا المركزية في الأيديولوجية الإسلامية مفهوم الخلافة، وهي دولة تحكمها الشريعة الإسلامية ويرأسها فرد يُعين باسم “الخليفة”، ويُعتقد أنه من نسل النبي محمد. انحلت آخر خلافة إسلامية عام 1924 مع تفكك الإمبراطورية العثمانية وظهور الدول القومية المختلفة التي تشكل اليوم الشرق الأوسط الحديث. رفض مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا الدول القومية التي تم إنشاؤها بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. وبدلاً من ذلك، دعا إلى القومية العربية وإنشاء خلافة إسلامية واحدة.
وفي حين يؤمن كل من الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش بالخلافة، فإنهم يختلفون في أساليبهم لتحقيق هذه الرؤية المشتركة.
تحاول جماعة الإخوان المسلمين “بناء قاعدة شعبية تؤمن بالنظام الإسلامي وتعرف أفكاره الأساسية”. أدوات الإخوان الأساسية لإحداث التغيير هي الدعوة والمشاركة السياسية؛ ففي انتخابات مصر عام 2012، على سبيل المثال، استفادت جماعة الإخوان المسلمين من حسن النية المبني على عقود من تقديم الخدمات الاجتماعية للفوز بالرئاسة في مصر.
ويعتقد تنظيم القاعدة أن الخلافة الإسلامية العالمية ستساعد المسلمين على العودة إلى الممارسات الإسلامية للجيل الأول من القادة المسلمين. ويتحدى تنظيم القاعدة ما يعتبره هيمنة الغرب العالمية من خلال “الجهاد الدفاعي” لحماية أراضي المسلمين من “الحملة الصليبية الجديدة التي تقودها أمريكا ضد الدول الإسلامية…”. وقد حددت فتوى أسامة بن لادن عام 1996 أهداف تنظيم القاعدة المتمثلة في توحيد المسلمين تحت راية الشريعة، وإزالة الوجود الأمريكي من الأراضي الإسلامية المقدسة، والتصدي لمظالم “التحالف الصهيوني الصليبي”.
وفي عام 2005، كشفت مصادر إعلامية عن خطة تنظيم القاعدة متعددة المراحل لمدة 20 عاماً لتحقيق هذا الهدف. بدأت الخطة بـ”مرحلة الصحوة” ما بين 2000 و2003، والتي دعت إلى شن هجوم واسع النطاق على نيويورك لدفع الولايات المتحدة إلى الرد. وبعد ذلك ستأتي مرحلة القتال المباشر ما بين 2003 و2006، يليها زيادة نشاط تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط والجهود المبذولة للإطاحة بالأنظمة العربية. وبعد ذلك، سيعلن تنظيم القاعدة، وفقاً لهذه الخطة، قيام الخلافة ما بين 2013 و2016.
وفي حين نجح تنظيم القاعدة في بعض هذه المراحل ـ مثل هجمات 11 سبتمبر والاشتباك مع القوات الأمريكية في أفغانستان ـ فقد اغتصب داعش الإطار الزمني للقاعدة. لقد نظر تنظيم القاعدة تحت قيادة بن لادن إلى إنشاء دولة إسلامية، باعتباره هدفاً طويل الأمد وثانوياً مقارنة بالهدف المباشر المتمثل في الإطاحة بأمريكا.
وتظهر الوثائق التي تم العثور عليها من مجمع بن لادن في باكستان أنه يعتقد أن ضرب الولايات المتحدة كان أكثر أهمية من تشكيل الخلافة الإسلامية، وأن الصعوبات التي تواجه الحكم اليومي والحفاظ على الدعم الشعبي للخلافة تثير قلقه. في إحدى الرسائل، كتب بن لادن أن تنظيم القاعدة يجب أن يضمن قدرته على السيطرة على الدولة قبل إنشائها. ولتحقيق هذه الغاية، كان يعتقد أن تنظيم القاعدة يجب أن يهزم أولاً عدوه الرئيس: أمريكا. وكتب: “على الرغم من أننا كنا قادرين على إنهاك وإضعاف عدونا الأكبر عسكرياً واقتصادياً قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن العدو ما يزال يمتلك القدرة على إسقاط أي دولة نقيمها”، كما أدان تنظيم القاعدة إعلان داعش قيام الخلافة “دون استشارة المسلمين”. وانتقد الظواهري تنظيم داعش لعدم تنسيق خلافته مع الجماعات الجهادية الأخرى من خلال المحاكم الشرعية، وهو ما وصفه بـ “المنهج النبوي”.
وأعلن تنظيم داعش إحياء الخلافة في يونيو/ حزيران 2014، مشيراً إلى أنه من دون تحقيق الخلافة “كل السلطات القائمة اليوم هي ببساطة أنظمة حكم دنيوية يصاحبها الدمار والفساد والظلم والإكراه والخوف وانحطاط الإنسان وانحداره إلى مستوى الحيوان”. على الرغم من أن داعش خسر آخر معقله الإقليمي في العراق وسوريا بحلول مارس / آذار 2019، فقد أنشأ ما يسميه ولايات خارج سوريا والعراق كجزء من هدفه المتمثل في توسيع خلافته.
بالنسبة إلى إيران، فإن فكرة الدولة الإسلامية ليست نظرية؛ فقد تصور الخميني لأول مرة قيام دولة إسلامية في إيران في وقت مبكر من عام 1941 في كتابه “كشف الألغاز”، وكتب أن الدولة “الموجهة والمنظمة وفقاً للقانون الإلهي” هي وحدها التي ستكون مقبولة لدى الله. وعلى النقيض من الدولتين المتصورتين لتنظيم القاعدة وداعش، لم يكن من الضروري إدارة جمهورية الخميني الإسلامية من قبل رجال الدين. ومع ذلك، كتب أن الإشراف الديني سيكون ضرورياً لضمان الالتزام بالشريعة الدينية.
وهنا مرة أخرى، استمد الخميني نفوذه من جماعة الإخوان المسلمين. وقد رددت الرقابة الدينية التي تصورها الخميني كتابات قطب التي تقول إنه لا ينبغي السماح للناس باتخاذ خيارات تتعارض مع الإرادة الإلهية. وكتب الخميني في كتابه “كشف الأسرار”: “لقد أنشأ الله الجمهورية الإسلامية”. لذلك، وفي حين أن جماعة الإخوان المسلمين روجت إلى حد كبير لمنهجية بطيئة وإستراتيجية لتحقيق الخلافة من خلال صناديق الاقتراع في الدول القائمة، اشترط الخميني على أتباعه التصرف بشكل حاسم لإقامة دولة إسلامية داخل إيران من خلال الثورة. وعندما عزز الخميني رؤيته في الستينيات، طور آليات للرقابة الدينية على الحكومة، وجعل المعتقد الديني مبدأ أساسياً في كل جانب من جوانب دولته الإسلامية النظرية آنذاك.
التحالفات المحتملة
في يناير/ كانون الثاني 2016، ذكرت صحيفة الشرق الأوسط العربية ومقرها لندن، أن داعش والقاعدة والإخوان المسلمين يناقشون تشكيل مجلس شورى مشترك في ليبيا وفقاً لوثيقة مسربة حصلت عليها الصحيفة. وذكرت الصحيفة أن المناقشات حول التحالف جاءت بسبب رغبة المجموعات في إرسال رسالة معارضة مشتركة من الإسلاميين الليبيين إلى حكومة الوحدة الليبية. أفادت التقارير أيضاً أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا يتلقون رواتب يومية مقابل انضمامهم إلى معسكرات تدريب داعش والقاعدة.
وفي مقال نشرته مجلة فورين أفيرز في مارس / آذار 2016، افترض الكاتب بروس هوفمان أن تنظيم القاعدة وداعش يمكن أن يتجها نحو الاندماج بسبب الأيديولوجيات المشتركة والقناعة المشتركة بأن المسلمين يجب أن يتحدوا عندما يتعرضون للتهديد. وفي سبتمبر/ أيلول 2015، أصدر أيمن الظواهري بياناً قال فيه: “إذا حدث قتال بين الصليبيين والصفويين والعلمانيين، مع أي جماعة من المسلمين والمجاهدين، بما في ذلك جماعة أبي بكر البغدادي ومن مع، فخيارنا الوحيد هو الوقوف مع المجاهدين المسلمين…”، كما تواصلت القاعدة مع جماعة الإخوان المسلمين.
وبحسب التقارير، عقد قادة المجموعتين اجتماعات في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 في الأردن. ويُزعم أنهم ناقشوا خططاً لبدء نقل مقاتلي القاعدة السوريين والعراقيين إلى مصر لمعارضة الحكومة الجديدة التي يقودها الجيش، والتي كانت قد أطاحت قبل بضعة أشهر بجماعة الإخوان المسلمين من السلطة السياسية. ولم تسفر هذه اللقاءات عن علاقات رسمية بين المجموعتين، لكن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري ـ الذي أشاد بانتظام بمنظر جماعة الإخوان المسلمين سيد قطب ـ هب للدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين على الساحة الدولية. في عام 2018، تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البرنامج الإخباري الأمريكي “60 دقيقة” بأن المملكة العربية السعودية ستقضي على أي بقايا لأيديولوجية الإخوان المسلمين من مدارسها. وأصدر الظواهري تسجيلاً صوتياً اتهم فيه السعودية والولايات المتحدة بالعمل معاً لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي. كما دعا جميع المسلمين إلى الاتحاد وتركيز طاقاتهم على محاربة الولايات المتحدة.
وفي يونيو/ حزيران 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر علاقاتها مع قطر، بحجة الدعم القطري لجماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية الأخرى، كما أدرجت هذه الدول أيضاً العديد من الأفراد المرتبطين بالإخوان المقيمين في قطر، بما في ذلك المنظر الإخواني يوسف القرضاوي على قوائمها للإرهاب. وردًّاً على ذلك، أصدر تنظيم القاعدة فيديو بعنوان “سقط القناع” يدين فيه الإجراءات ضد قطر والإخوان. وألقت صحيفة “المسرى” التابعة لتنظيم القاعدة باللوم في هذه القطيعة الدبلوماسية على الانزعاج العربي من الدعم القطري لجماعة الإخوان المسلمين.
يعتقد وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، أنه يجب فصل الإسلام عن الشؤون السياسية. ووصف جمعة العام الذي قضاه الإخوان في السلطة بأنه “الأسوأ” في تاريخ مصر الحديث. وحذر في عام 2014 من أن داعش والإخوان يتجهون نحو تحالف رسمي، وتوقع أن يشكل قادة الإخوان الذين تم إطلاق سراحهم مؤخراً من السجون المصرية مجموعات عنيفة من شأنها “التحريض من قطر، والتآمر من ليبيا، وتعبئة التنظيم الدولي [لجماعة الإخوان المسلمين] من تركيا، والتحالف مع تنظيم الدولة الإسلامية [داعش]”.
ونظراً لشدة الخلاف بين الفلسفتين السنية والشيعية، فمن غير المرجح أن تطور إيران والإخوان أي تعاون رسمي. ومع ذلك، أبدى قادة الإخوان إعجابهم بالفكرة الأساسية للثورة الإيرانية. في يناير/ كانون الثاني 1982، أوضح زعيم الإخوان المسلمين عمر التلمساني لوسائل الإعلام المصرية أنه على الرغم من وجود فجوات مذهبية كبيرة بين السنة والشيعة، فإن جماعة الإخوان المسلمين دعمت الخميني “سياسياً؛ لأن الشعب المضطهد تمكن من التخلص من حاكم ظالم واستعادة حريته…”. وفي يناير/ كانون الثاني 2009، قال القيادي الإخواني محمد مهدي عاكف لوكالة مهر للأنباء إن الإخوان “يدعمون أفكار مؤسس الجمهورية الإسلامية”. وأشاد عاكف بـ “استمرار إيران في دعم موقف الإخوان المسلمين من مقاومة الاحتلال”.
وقد أدى هذا الموقف المشترك إلى أكبر رابط عملياتي لإيران مع جماعة الإخوان المسلمين: الدعم الإيراني لفرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين: حماس. وقد زودت إيران الحركة في غزة بالأسلحة والتدريب والمال. ورغم أن حماس منظمة سنية في المقام الأول، فإن دعم إيران تجاوز الانقسام الشيعي السُني إلى التركيز على وجود عدو مشترك في إسرائيل. وقدمت إيران الدعم المالي والعسكري خلال حملة التفجيرات الانتحارية التي قامت بها حماس في الانتفاضة الثانية. وفي أعقاب فوز حماس الانتخابي في الانتخابات الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، قامت إيران بتزويد حماس بما يقدر بنحو 23 مليون دولار شهرياً في شكل مساعدات مالية وعسكرية، بما في ذلك نفقات الإدارة. وفي غشت / آب 2017، وصف الزعيم السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار إيران بأنها “أكبر داعم مالي وعسكري” لحماس، ووصف الدعم العسكري الإيراني لحماس بأنه “استراتيجي”، وقال للصحفيين إن إيران تساعد حماس في بناء “قوتها العسكرية من أجل تحرير فلسطين”.
وعلى الرغم من الانقسام الأيديولوجي، فقد اقتربت إيران والإخوان من التوحد؛ إذ جددت مصر وإيران الاتصالات الدبلوماسية خلال رئاسة محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان المسلمين، في الفترة 2012-2013. وزار مرسي إيران في عام 2012، في أول زيارة دولة يقوم بها زعيم مصري منذ قطع البلدين العلاقات بينهما بعد معاهدة السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل عام 1979، ثم أصبح محمود أحمدي نجاد أول رئيس إيراني يزور مصر في أوائل عام 2013، ولكن عندما تمت الإطاحة بمرسي في وقت لاحق من ذلك العام، انتقد الإيرانيون خضوع آيات الله للولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي عام 2014، التقى ممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين وفيلق القدس الإيراني، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإسلامي، في تركيا لمناقشة التحالف ضد المملكة العربية السعودية. ووفقاً لمصدر إخواني نقلاً عن برقية مسربة من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، فإن الطرفين كانا يتشاركان كراهية المملكة العربية السعودية، وناقشا الاتحاد ضد عدوهما المشترك في اليمن. وانهارت المحادثات في نهاية المطاف بسبب الخلافات حول التكتيكات والإستراتيجية العالمية. ربما انتهى اجتماع تركيا بالفشل، لكنه أظهر أن هناك رغبة ـ إن لم تكن إرادة قوية ـ لدى الإخوان المسلمين وإيران للمصالحة.
خاتمة
في عام 1979، أسس روح الله الخميني جمهورية إيران الإسلامية وحقق هدفاً طويل الأمد للإخوان المسلمين من خلال إنشاء دولة إسلامية. وعلى الرغم من التحول الناجح الذي حققه الخميني في إيران من خلال الثورة، فإن جماعة الإخوان المسلمين تظل ملتزمة إلى حد كبير بتحقيق هدفها من خلال انتقال أكثر سلمية يشمل تحويل الحكومات والمجتمعات القائمة من الداخل، ويهدف إلى حشد القوة الاجتماعية والدعم واسع النطاق من أجل فرض الهيمنة السياسية في نهاية المطاف. ويعتقد تنظيم القاعدة أن الهدف المباشر هو هزيمة العدو الرئيس للإسلام: أمريكا، وبعد ذلك يمكن إنشاء الخلافة. وللقيام بذلك، فإنها (أي الخلافة) تحتاج إلى القوة المادية لمواجهة الولايات المتحدة والقوة الدينية ـ أو السلطة ـ لإلهام الآخرين لقضيتها. يحتاج داعش إلى قوة مادية وسياسية ودينية ـ أو سلطة ـ للحفاظ على أراضيه وتوسيعها وتبريرها وجذب أتباع جدد. لقد جمعت إيران هذه العناصر الثلاثة، مما مكنها، على عكس داعش، من الحفاظ على دولتها الدينية القمعية من خلال الخوف والقوة العسكرية، وكل ذلك تحت إشراف ديني.
ومن الممكن أن يكون الإخوان والقاعدة وداعش وإيران في بعض الأحيان منافسين اسميين، استناداً إلى خلافات تكتيكية وإستراتيجية وأيديولوجية، ولكن من خلال تقاسم الأيديولوجية الأساسية، تظل هذه المجموعات مرتبطة بشكل أساسي ببعضها البعض. ومن الممكن أن تتطور الشراكات والتعاون غير الرسمي المتكرر بسهولة إلى تنسيق رفيع المستوى، نظراً لمعتقداتهم الراسخة وأهدافهم المشتركة. لقد حاولت إيران والإخوان بالفعل التوحد ضد أعداء مشتركين، وفشلوا في ذلك. ورغم أنه من المرجح أن يظل الإخوان المسلمون وإيران منفصلين بسبب الاختلافات الإيديولوجية، فإن تأثير الإخوان المسلمين على تطور إيران الحديثة لا يمكن تجاهله. إن هذا الإيمان الأساسي المشترك بسيادة الإسلام وضرورة وجود دولة ثيوقراطية يحكمها الإسلام يشكل جوهر كل هذه الكيانات.
* صدر هذا التقرير عن مشروع مكافحة التطرف بنيويورك، الولايات المتحدة، في يناير / كانون الثاني 2020.