بوكو حرام (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد)
بوكو حرام هي جماعة جهادية مقرها شمال شرق نيجيريا، وتنشط أيضاً في الكاميرون وتشاد والنيجر. تروج الجماعة لنسخة سلفية جهادية من الإسلام، وتسعى إلى إقامة خلافة أو دولة إسلامية في نيجيريا. ولتحقيق هذا الهدف، نفذت الجماعة هجمات واسعة النطاق داخل نيجيريا، بما في ذلك الهجوم على مقر الأمم المتحدة في أبوجا في عام 2011، واختطاف ما يقرب من 300 تلميذة في أبريل / نيسان 2014، والمذبحة التي استمرت عدة أيام في بلدة باغا الشمالية والقرى المحيطة بها في يناير/ كانون الثاني 2015، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 2000 مدني. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، هاجمت جماعة بوكو حرام قاعدة عسكرية في ولاية بورنو، ونهبت الأسلحة والمعدات والمركبات، وخلفت أكثر من 100 جندي قتيل. منذ عام 2009، أودت بوكو حرام بحياة حوالي 30 ألف شخص، وشردت أكثر من مليونين وفقاً لتقرير نشرته صحيفة ديفينس بوست في يناير / كانون الثاني 2019.
تأسست بوكو حرام في عام 2002 في مايدوجوري، نيجيريا، على يد رجل دين سلفي يدعى محمد يوسف. وعلى الرغم من أن يوسف دعا إلى إقامة دولة إسلامية في نيجيريا، لم يتخذ في ذلك الوقت العنف كوسيلة لتحقيق ذلك. وقد تغير هذا النهج في عام 2009، عندما لجأ أعضاء بوكو حرام إلى العنف ردّاً على حملة القمع التي شنتها الحكومة النيجيرية، وأدت إلى مقتل زعيمها. ومنذ ذلك الحين، شنت بوكو حرام حملات شبه عسكرية استهدفت الحكومة النيجيرية وجيرانها، فضلاً عن العشرات من الهجمات الإرهابية التي يرتكبها بشكل متزايد مفجرون انتحاريون من الأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، أدى الوضع الأمني المتقلب في نيجيريا وما حولها إلى تمكين المسلحين من العبور إلى الكاميرون وتشاد والنيجر من أجل الإفلات من قوات الأمن النيجيرية وتنفيذ هجمات إقليمية.
وعلى الرغم من أنها كانت في الأصل حركة سرية، استولت بوكو حرام على مساحات واسعة من الأراضي في شمال شرق نيجيريا، واحتفظت بها من أجل تحقيق رؤيتها للدولة الإسلامية. وفي الفترة ما بين 2011 و2015، استولت الجماعة على منطقة تعادل مساحة بلجيكا تقريباً. منذ عام 2015، طرد الجيش النيجيري جماعة بوكو حرام من جميع الأراضي التي كانت تسيطر عليها تقريباً. واعتباراً من يونيو / حزيران 2018، كان النطاق الجغرافي لبوكو حرام يتكون من ولايات أداماوا وبورنو ويوبي في شمال شرق نيجيريا، بالإضافة إلى المناطق الواقعة على طول الحدود مع الكاميرون وحول بحيرة تشاد.
أعلن الرئيس النيجيري محمد بخاري النصر على بوكو حرام قبل الأوان في ديسمبر/ كانون الأول 2015. ومع ذلك، أعقب هذا الإعلان تفجيرات انتحارية متتالية ارتكبتها الجماعة في شمال شرق البلاد. اعتباراً من أكتوبر / تشرين الأول 2021، تواصل المجموعة شن هجمات في جميع أنحاء البلاد، بل إنها بدأت في توسيع عملياتها عبر شمال وسط نيجيريا. وقد تم تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي.
وكما أشار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حافظت بوكو حرام على علاقاتها مع فرع تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وقد تدرب العديد من أعضاء بوكو حرام وقاتلوا إلى جانب القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي قبل العودة إلى نيجيريا. ومع ذلك، في مارس / آذار 2015، أعلن زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو الولاء لتنظيم داعش، وأعادت الجماعة تسمية نفسها باسم ولاية غرب إفريقيا، ولكن يُزعم أن شيكاو لم يطع أوامر داعش بالتوقف عن مهاجمة المسلمين أو التوقف عن استخدام الأطفال كمفجرين انتحاريين. وفي غشت / آب 2016، بعد أشهر من التوتر المتصاعد بين شيكاو وقيادة داعش، أعلنت داعش من جانب واحد عن بديل لشيكاو، أبو مصعب البرناوي، على الرغم من رفض شيكاو التنازل عن السلطة للزعيم الجديد. وفي وقت لاحق، قسم مقاتلو بوكو حرام ولاءاتهم بين شيكاو والبرناوي، حيث تجمع أتباع البرناوي تحت راية ولاية غرب إفريقيا التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. ومنذ ذلك الحين، انخرط الفصيلان في اشتباكات مستمرة، مما أدى إلى مقتل العديد من رفاق شيكاو. في 7 يونيو / حزيران 2021، أصدر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا تسجيلاً صوتياً يؤكد مقتل شيكاو في مواجهة يوم 18 مايو / أيار – حيث فجر شيكاو عبوة ناسفة وقتل نفسه – بين التنظيم وبوكو حرام في بورنو.
وقد حاول تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا استيعاب بوكو حرام، وربما أدى مقتل شيكاو إلى إضعاف عزيمة بعض مقاتلي الجماعة. في 27 يونيو / حزيران 2021، أعلنت مجموعة من مقاتلي بوكو حرام الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. وفي مقطع فيديو أنتجه الذراع الإعلامي الرسمي لداعش، شوهد عدة مئات من الرجال ينشقون إلى المعسكر المنافس بعد وفاة شيكاو. وزعم أحد المسلحين: “سوف نتحد معاً لمحاربة (الكفار)”. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان جميع مقاتلي بوكو حرام سينقلون ولاءاتهم، أو ما إذا كان سيتم استيعاب بوكو حرام في تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. وبالنظر إلى أن الفيديو لم يظهر فيه كبار قادة بوكو حرام، يعتقد بعض الخبراء الإقليميين أن المحتوى كان دعاية وأن المجموعتين لا تزالان منقسمتين.
بعد وفاة شيكاو، دعا قادة بوكو حرام المسلحين إلى البقاء موالين للجماعة ومواصلة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. وفي 15 أكتوبر/ تشرين الأول، ادعى الجيش النيجيري أن البرناوي قُتل. لكن الجيش لم يقدم تفاصيل عن مكان أو الظروف التي أدت إلى مقتل البرناوي. ويُزعم أن مالام باكو، عضو مجلس شورى تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، تولى قيادة التنظيم بعد وفاة البرناوي. ومع ذلك، في 22 أكتوبر / تشرين الأول، أعلن مستشار الأمن القومي النيجيري باباجانا مونجونو أن قوات الأمن النيجيرية “قتلت” باكو، إلى جانب عضو بارز آخر في تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، في 20 أكتوبر / تشرين الأول.
وتتبنى بوكو حرام أيديولوجية سلفية جهادية شديدة العنف. قبل تغيير علامتها التجارية إلى ولاية غرب إفريقيا التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في مارس / آذار 2015، كانت الجماعة تشير إلى نفسها عادة باسم جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد. أما بوكو حرام، فهو الاسم الذي أطلقه السكان الناطقون بلغة الهوسا في شمال شرق نيجيريا على الجماعة، ويُترجم إلى “التعليم الغربي خطيئة”.
مثل الجماعات السلفية الأخرى، تسعى بوكو حرام إلى تجسيد مجتمع المسلمين الذين عاشوا في زمن النبي محمد وبعده مباشرة (السلف). وقد تدرب مؤسس الجماعة، محمد يوسف، كداعية سلفي والتزم بتعاليم ابن تيمية، وهو عالم من القرن الرابع عشر كان يبشر بمبادئ الأصولية الإسلامية. وبعد وفاة يوسف في عام 2009، تبنت الجماعة ممارسة التكفير، حيث يستطيع المسلم تكفير وقتل المسلمين الآخرين الذين يعتبرهم غير مؤمنين. وفي دفاعه عن حقه في قتل أتباع دينه “غير المؤمنين”، ادعى شيكاو أن “جهل” غير المؤمن المفترض بمبادئ بوكو حرام لا ينبغي “أن يؤخذ في الاعتبار” قبل قتله.
وبسبب البنية اللامركزية للجماعة، ليس بالضرورة أن يتبع جميع المقاتلين المذهب السلفي التكفيري. في الواقع، قد يكون العديد من الأعضاء أفراداً غير متدينين مدفوعين بمظالم حقيقية ومتصورة، بما في ذلك فشل الحكم المحلي، والتوترات الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، والتفاوت الاقتصادي الكبير في نيجيريا. ومع ذلك، هناك تيار داخل بوكو حرام يلتزم بممارسات عنيفة ومتطرفة، حتى إن تنظيم الدولة الإسلامية اعتبرها في بعض الأحيان وحشية للغاية.
وأشار بعض المحللين إلى أن الجماعة انقسمت في السنوات الأخيرة بين فصائل تؤكد على الحاجة إلى بناء روابط أقوى مع المنظمات الجهادية الدولية والفصائل التي تسعى إلى الحفاظ على التركيز المحلي الحصري للجماعة بهدف إقامة دولة إسلامية في نيجيريا. وفي مارس / آذار 2015، تعهد شيكاو بالولاء لتنظيم داعش نيابة عن الجماعة. وقبل زعيم داعش أبو بكر البغدادي البيعة في وقت لاحق من ذلك الشهر. وتسببت بيعة شيكاو لداعش في حدوث توتر داخل صفوف بوكو حرام. ووفقاً لما قاله الفريق في مشاة البحرية الأمريكية توماس فالدهوزر، فإن شيكاو لم يمتثل لأوامر تنظيم الدولة الإسلامية بالتوقف عن مهاجمة المسلمين واستخدام الأطفال كمفجرين انتحاريين. في أوائل غشت / آب 2016، زُعم أن الرجل الثالث في بوكو حرام، مامان نور، أبلغ قيادة داعش عن شيكاو “لقتله أعضاء في الجماعة، وخاصة القادة … لمجرد أنهم [شككوا] في هجماته على المساجد والأسواق”. وبعد ذلك، قسم مقاتلو بوكو حرام ولاءاتهم بين شيكاو والزعيم المعين من قبل داعش أبو مصعب البرناوي. ومنذ ذلك الحين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الفصيلين، مما أدى إلى مقتل العديد من رفاق شيكاو ومقتله هو أيضاً في مايو / أيار 2021.
وعلى الرغم من الانقسام والتوترات بين بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، ظلت بوكو حرام موالية لتنظيم داعش. قبل وقت قصير من وفاته في 18 مايو / أيار 2021، أصدر شيكاو تسجيلاً صوتياً يوضح فيه ولاءه لداعش. وقال شيكاو إنه لم يتمرد على داعش أو زعيمها وألقى باللوم في خلافه مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا على “الآخرين” الذين سعوا إلى زرع الفرقة ورفضوا نقل رسائله إلى قيادة داعش.
وتعدّ بوكو حرام جماعة منقسمة ذات هيكل تنظيمي لامركزي، ويوجد تحت زعيم الجماعة مجلس شورى، وهو هيئة صنع القرار المكونة من 30 عضواً، والتي تقود الخلايا الإقليمية للجماعة. وتختلف هذه الخلايا حسب الموقع والتخصص التكتيكي، بدءاً من القوات المقاتلة، وخبراء المتفجرات، ومقدمي خدمات الرعاية الاجتماعية، والاستخبارات والمراقبة، واللجنة الطبية.
وفي حين يُعتقد أن عدد مقاتلي بوكو حرام الأساسيين لا يتجاوز المئات، إلا أن الآلاف من السكان المحليين يتعاطفون مع الجماعة ويقاتلون من أجلها. قدرت وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك ما لا يقل عن عدة آلاف من القوات التي تقاتل في صفوف بوكو حرام اعتباراً من عام 2015. ويرجع ذلك جزئياً إلى جهود مكافحة الإرهاب في عهد الرئيس بوهاري – فضلاً عن النقص الحاد في الغذاء في شمال شرق نيجيريا – ويُعتقد أن هذا العدد قد انخفض في جميع أنحاء البلاد طوال عام 2016 وأوائل عام 2017. في ديسمبر/ كانون الأول 2016، قالت القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) إن بوكو حرام فقدت على الأرجح “عدداً كبيراً من المقاتلين… مما يقلل من القدرة الإجمالية للمنظمة”. ومع ذلك، قدرت “أفريكوم” أن الجماعة لا تزال تضم “بضعة آلاف من الأعضاء”. ومن الواضح أن هذه التقديرات لم تشمل ما يقرب من 10,000 صبي تم الإبلاغ عن اختطافهم وتدريبهم على يد بوكو حرام بين عامي 2014 و2016.
لقد تأسست بوكو حرام وقادها الداعية السلفي محمد يوسف حتى وفاته على يد الجيش النيجيري في عام 2009. وبرز أبو بكر شيكاو كزعيم للجماعة في يوليو/ تموز 2010، وأصبح معروفاً بإصدار الأوامر بشن هجمات على المساجد واستخدام الأطفال كمفجرين انتحاريين. في أوائل عام 2012، انفصلت جماعة تطلق على نفسها اسم “أنصارو” أو “طليعة حماية المسلمين في أفريقيا السوداء” عن بوكو حرام بعد أن أشارت إلى خلافات حول القتل العشوائي الذي ترتكبه الجماعة ضد المدنيين المسلمين. وبحسب التقارير، قدم الفرع المنشق نفسه على أنه البديل “الإنساني” لبوكو حرام، وقال إنه سيركز الهجمات على المسيحيين والحكومة النيجيرية. ويُعتقد أن زعيمه، خالد البرناوي، قد تدرب سابقاً مع فرع تنظيم القاعدة الإقليمي، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وأشار المحللون إلى أن بوكو حرام وأنصارو لا يزالان مرتبطين من الناحية العملياتية. وقال المحلل الأمني جاكوب زين إن أنصارو تعمل بمثابة “وحدة عمليات خارجية” لبوكو حرام، بينما قال المحلل ديفيد أوتو إن المجموعتين تسعيان معاً “نحو هدف مشترك”. وأشار زين أيضاً إلى أنه من خلال العمل جنباً إلى جنب مع بوكو حرام، أعطى مقاتلو أنصارو الأولوية للنجاح العملياتي على الخلافات الأيديولوجية مع أبي بكر شيكاو. وبحسب ما ورد، ألقت السلطات النيجيرية القبض على زعيم جماعة أنصارو خالد البرناوي في أبريل/ نيسان 2016 واتهمته باختطاف وقتل 10 مواطنين أجانب. ووفقاً لتقرير أصدره جاكوب زين في سبتمبر / أيلول 2016، كانت جماعة أنصارو “هادئة” نسبياً، على الرغم من أن التقارير الأمنية النيجيرية تشير إلى أن الجماعة لا تزال نشطة.
في غشت / آب 2016 ـ بعد ما يقرب من عام ونصف من بيعة بوكو حرام لتنظيم داعش تحت قيادة شيكاو ـ انقسمت الجماعة إلى فصيلين متحاربين: أحدهما موال لشيكاو، والآخر للزعيم المعين من قبل داعش أبو مصعب البرناوي. وجاء الانقسام بعد أن أعلن داعش تعيين البرناوي في 2 غشت / آب، وسرعان ما أصدر شيكاو رسالة صوتية نفى فيها تغيير القيادة وأشار إلى إعلان داعش على أنه انقلاب. ومع ذلك، ورد أن شيكاو أكد مجدداً تعهده بالولاء لزعيم داعش أبي بكر البغدادي، مشيراً إلى البغدادي في التسجيلات الصوتية اللاحقة باسم “الخليفة”. يُشار عادةً إلى الفصيل الموالي لشيكاو باسم بوكو حرام، في حين يُعرف الفصيل التابع لمركز داعش باسم ولاية غرب إفريقيا. واشتبك الفصيلان في الأشهر التالية، مما أدى إلى مقتل العديد من رفاق شيكاو. وفي فبراير / شباط 2019، أفيد أنه تم استبدال البرناوي كزعيم لولاية غرب إفريقيا. خليفته، أبو عبد الله بن عمر البرناوي (المعروف أيضاً باسم با إدريسا)، غير معروف نسبياً ولكن تم تنصيبه عندما قام أعضاء في الفصيل باعتقال أبي مصعب البرناوي وسيطروا على المجموعة. حدث تغيير القيادة على خلفية خلافات داخلية أكبر داخل الفصيل. وفي أوائل عام 2020، استمر الاقتتال الداخلي داخل الفصيل، وتم التخلص من خليفة البرناوي، با إدريسا، بالمثل. وبعد ذلك أعيد تعيين أبي مصعب البرناوي زعيماً لتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، واستمر الفصيل في الاشتباك مع جماعة بوكو حرام التابعة لشيكاو.
وجاء الانقسام في غشت / آب 2016 بعد أشهر من التوتر المتزايد داخل صفوف بوكو حرام. في يونيو/ حزيران 2016، أخبر الفريق في مشاة البحرية الأمريكية توماس فالدهوزر مجلس الشيوخ أنه قبل عدة أشهر، انفصل “حوالي نصف” مقاتلي بوكو حرام عن شيكاو بسبب فشله المزعوم في الالتزام بمشورة داعش. ووفقاً لوالدهاوزر، فإن شيكاو لم يمتثل لأوامر تنظيم الدولة الإسلامية بالتوقف عن مهاجمة المسلمين الآخرين والتوقف عن استخدام الأطفال كمفجرين انتحاريين.
كانت بوكو حرام منذ فترة طويلة جماعة منقسمة تتألف من فصائل وفروع مختلفة. اعتباراً من عام 2018، كان الانقسام الأكثر وضوحاً داخل الجماعة بين الموالين لشيكاو والموالين لأبي مصعب البرناوي. ولكل من هذين الفصيلين بدوره مجموعة فريدة من النزاعات الداخلية. على سبيل المثال، يُقال إن شريحة من أتباع البرناوي عارضت تساهل قائده العسكري مامان نور في المفاوضات مع الحكومة النيجيرية. وبحسب التقارير، تصاعد التوتر داخل صفوف فصيل البرناوي بعد فشل نور في الحصول على فدية قبل إطلاق سراح 104 من تلميذات دابشي المختطفات في فبراير / شباط 2018. ويُزعم أن نور قُتل على يد رجاله في 21 غشت / آب 2018. كما تم إعدام زعيم بوكو حرام علي غاغا على يد رجاله في 27 سبتمبر / أيلول 2018؛ لأنه خطط للهروب مع أكثر من 300 أسير من بوكو حرام والاستسلام للجيش النيجيري. ووفقاً للعقيد تيموثي أنتيغا من قوة العمل المشتركة المتعددة الجنسيات، فإن هذه الحوادث تساعد على تصوير بوكو حرام على أنها منظمة تخضع لرقابة جيدة ولحكم صارم ولا تتسامح مع خيانة أي شخص بغض النظر عن منصبه أو سلطته. ومع ذلك، قد تشير أيضاً إلى أزمة ثقة ناشئة ومشاكل أساسية في القيادة والتابعين.
في 18 مايو / أيار 2021، اشتبكت قوات ولاية غرب إفريقيا وبوكو حرام في بورنو، حيث قام شيكاو بتفجير عبوة ناسفة وقتل نفسه في هذه العملية. وفي 7 يونيو / حزيران، أصدرت ولاية غرب إفريقيا تسجيلاً صوتياً يؤكد مقتل شيكاو. وقد حاولت داعش استيعاب بوكو حرام، وربما أدى مقتل شيكاو إلى إضعاف عزيمة بعض مقاتلي الجماعة. وبعد وفاة شيكاو، دعا قادة بوكو حرام المسلحين إلى البقاء موالين للجماعة ومواصلة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. وفي 15 أكتوبر/ تشرين الأول، أكد الجيش النيجيري مقتل البرناوي. لكن الجيش لم يقدم تفاصيل عن مكان أو الظروف التي أدت إلى مقتله. ويُزعم أن مالام باكو، عضو مجلس شورى ولاية غرب إفريقيا، تولى قيادة التنظيم بعد وفاة البرناوي. ومع ذلك، في 22 أكتوبر / تشرين الأول، أعلن مستشار الأمن القومي النيجيري باباجانا مونجونو أن قوات الأمن النيجيرية “قتلت” باكو، إلى جانب عضو بارز آخر في التنظيم، في 20 أكتوبر / تشرين الأول.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ورد أن مؤسس بوكو حرام محمد يوسف تلقى تمويلاً من أسامة بن لادن، الذي وزع 3 ملايين دولار على الجماعات السلفية النيجيرية. واليوم، يُعتقد أن بوكو حرام تعتمد على مزيج من مصادر التمويل المحلية والنشاط الإجرامي المربح، وخاصة الاختطاف للحصول على فدية. وقد اختطف أعضاؤها أجانب ونيجيريين أثرياء منذ أوائل عام 2013. وبحسب التقارير، تلقت المجموعة أيضاً 3.15 مليون دولار من مفاوضين فرنسيين وكاميرونيين مقابل عائلة فرنسية اختطفتها المجموعة من شمال الكاميرون في فبراير / شباط من ذلك العام. وقد قدر المسؤولون الأمريكيون أن بوكو حرام تتلقى ما يقرب من مليون دولار مقابل اختطاف وإطلاق سراح كل نيجيري ثري تختطفه.
ويُعتقد أيضاً أن بوكو حرام تمول نفسها من خلال عمليات السطو على البنوك، وأموال الحماية من الحكام المحليين، والتبرعات الأجنبية. ويُشتبه في أن الجماعة تتلقى أيضاً تمويلاً من المتعاطفين الدينيين المحليين والأفراد المعارضين للحكومة النيجيرية. وأشار بعض المحللين الأمنيين إلى أن بوكو حرام قد تكون أقل اعتماداً على مصادر التمويل الكبيرة لأنها لا تشتري أسلحة متطورة وتدير عمليات منخفضة التكلفة.
كما تشير التقارير إلى أن بوكو حرام تلقت تمويلاً محدوداً من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ولكن يقال إن هذا الدعم لم يكن له تأثير يذكر على التمويل الإجمالي للجماعة. ومنذ مبايعة الجماعة لتنظيم داعش في مارس/ آذار 2015، ربما يكون مصدر التمويل هذا قد جف، نظراً للعداء والتنافس بين تنظيمي القاعدة وداعش. ويبدو أن العلاقة المالية بين بوكو حرام والجماعات المتطرفة الأخرى محدودة أيضاً. وفي عام 2016، ظهرت تقارير عن استسلام أعضاء بوكو حرام الجائعين لقوات الأمن النيجيرية، مما يشير إلى أن الجماعة لا تزال تعاني من ضغوط مالية كبيرة. ومع ذلك، وجدت بوكو حرام مصادر أخرى للدخل. وفي فبراير / شباط 2022، أعلنت السلطات النيجيرية اكتشاف 96 ممولاً سرياً للإرهاب في جميع أنحاء البلاد يقدمون الدعم المالي لبوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. كما أبلغت وحدة الاستخبارات المالية النيجيرية عن وجود 123 شركة و33 مكتب للصرف مرتبطين بالإرهاب في البلاد. كما حددت السلطات هوية 26 من الخاطفين المشتبه بهم وسبعة متآمرين.
ومن المرجح أن ينضم النيجيريون إلى بوكو حرام لعدة أسباب. ومن بين هذه الدوافع الإيمان بالإيديولوجية الدينية للجماعة، وتكتيكات الإكراه التي يستخدمها أعضاء بوكو حرام، والمظالم المحلية، والتي قد تشمل عدم كفاية فرص العمل الحكومية وغيرها من الخدمات الأساسية، فضلاً عن انتهاكات الحقوق الإنسانية مثل الاعتقالات غير القانونية والتعذيب. قد يتم أيضاً جذب المجندين للانضمام إلى الجماعة بسبب الروابط العائلية مع الأعضاء الآخرين.
ويُعتقد على نحو متزايد أن بوكو حرام تقوم بتجنيد أعضائها قسراً. وبالإضافة إلى ذلك، لجأت الجماعة بشكل متكرر إلى اختطاف أطفال المدارس كوسيلة للتجنيد والحصول على فدية لتمويل عملياتها. وفي الفترة بين عامي 2014 و2016، أفادت التقارير أن الجماعة اختطفت 10 آلاف صبي ودربتهم كجنود مشاة. وقال أحد هؤلاء الصبية لوكالة ميرسي كوربس للمساعدات الإنسانية: “لقد غزت [بوكو حرام] قريتنا وطلبت من جميع الشباب أن يخرجوا ويتبعوهم أو يُقتلوا… وبعد أن قتلوا أول شخص اشتكى من ذلك، اتبعناهم جميعاً”. ويُعتقد أن بوكو حرام ترسل العديد من هؤلاء المجندين إلى الكاميرون حيث يتم “إعادة تثقيفهم” بأيديولوجية بوكو حرام وفقاً للمحلل جاكوب زين.
وفي شمال شرق نيجيريا وحده، اختطفت جماعة بوكو حرام أكثر من 1000 طفل في الفترة من 2013 حتى 2018. واللافت أن الجماعة الجهادية اختطفت أكثر من 276 فتاة من شيبوك في عام 2014، واعتباراً من يناير / كانون الثاني 2021، بينما تم إنقاذ بعض الفتيات أو إطلاق سراحهن بعد مفاوضات، لم يتم تحديد مصير حوالي 112 فتاة بعد. على الرغم من أن الجماعة اختطفت الأطفال والنساء بشكل مطرد في السنوات التي أعقبت عملية شيبوك، لم تنفذ الجماعة المتطرفة عملية اختطاف جماعي مرة أخرى إلا في 11 ديسمبر / كانون الأول 2020، حيث اختطفت أكثر من 300 تلميذ في كانكارا. ومع ذلك، في 17 ديسمبر/ كانون الأول، تم إطلاق سراح التلاميذ وتسليمهم إلى الحكومة، حيث زعمت الحكومة أنهم تفاوضوا مع قطاع الطرق بدلاً من بوكو حرام لاستعادتهم.
علاوة على ذلك، لم تقصر بوكو حرام عمليات اختطافها على نيجيريا. وفقاً لمكتب الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والصراعات المسلحة، ارتكبت بوكو حرام أكثر من 5741 انتهاكاً ضد الأطفال ـ داخل نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر ـ بين يناير/ كانون الثاني 2017 وديسمبر/ كانون الأول 2019. تم تجنيد 3,601 طفلاً في هذا الإطار الزمني، وتم إجبار 1,385 طفلاً على القتال والقيام بمجموعة متنوعة من أدوار الدعم بما في ذلك الاستعباد الجنسي. وعلى الرغم من عدم الكشف عن رقم دقيق، زعم التقرير أيضاً أن بوكو حرام تستخدم في الغالب الفتيات “كقنابل بشرية”.
كما حاولت بوكو حرام تجنيد أعضاء من خلال تقديم القروض المالية، وقد يكون مثل هذا الدعم المالي جذاباً لأصحاب الأعمال الطموحين الذين يشعرون بخيبة أمل بالفعل بسبب النقص الحاد في الفرص الاقتصادية في شمال نيجيريا. ويُعتقد أن هؤلاء الأفراد إما يقبلون القروض من الجماعة قبل الانضمام أو ينضمون إليها مع توقع تلقي الأموال. وتواصل بوكو حرام أيضاً تقديم الحوافز المالية. ففي أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2021، على سبيل المثال، سيطرت الجماعة على بلدات متعددة في ولاية النيجر النيجيرية، وقامت بتجنيد القرويين للانضمام إلى الجماعة، وبحسب التقارير، عرضت عليهم المال مقابل الانضمام.
وقد سعت الحكومة النيجيرية إلى مواجهة تجنيد بوكو حرام من خلال برنامجها الخاص للقضاء على التطرف وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، والذي يطلق عليه “الممر الآمن”. تم إطلاق البرنامج في عام 2016 لتعليم المهارات المهنية ويقدم العفو للمسلحين الذين ينضمون إليه طوعاً. منذ وفاة زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو في مايو / أيار 2021، استسلم الآلاف من مقاتلي الجماعة وعائلاتهم للسلطات النيجيرية وانضموا إلى برنامج الحكومة لمكافحة التطرف. ووزع الجيش النيجيري منشورات تعهد فيها بالعفو عن المقاتلين الذين استسلموا وخضعوا للبرنامج. وقال المنشقون عن بوكو حرام لصحيفة نيويورك تايمز إنهم تركوا الجماعة لأنها كانت بلا قيادة ولم يعد لديها إمدادات ثابتة من الأسلحة. وقال بعض المنشقين أيضاً إنهم سئموا العيش في البرية ويخشون على أنفسهم الموت. كما أعربوا عن مخاوفهم من معاملتهم كعبيد إذا انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. يتم نقل الأفراد الذين لا يظهرون رغبة صادقة في الإصلاح إلى السجن. وأفادت السلطات العسكرية النيجيرية أن أكثر من 8000 من مقاتلي بوكو حرام استسلموا للجيش النيجيري، واستفادوا من برنامج مكافحة التطرف اعتباراً من مارس / آذار 2022.
ومع ذلك، يواجه البرنامج أيضاً انتقادات بسبب فشله في الوصول إلى أعضاء من المستوى المتوسط والعالي في بوكو حرام، ويقوم في الواقع باستقطاب أعداد كبيرة من المدنيين الذين فرّوا من بوكو حرام وتم تصنيفهم بشكل خاطئ على أنهم جهاديون. علاوة على ذلك، كانت هناك تقارير إعلامية متعددة عن عودة مقاتلي بوكو حرام السابقين إلى الجماعة بسبب ما وصفوه بالوعود الفاشلة بالوظائف والتعليم والدعم الاقتصادي من الحكومة النيجيرية. وقال بعض مقاتلي بوكو حرام السابقين لصحيفة آيريش تايمز الأيرلندية إنهم فقدوا الثقة في الحكومة النيجيرية بعد إغلاق العديد من مخيمات النازحين. وبحسب المقاتلين، فإن عمليات الإغلاق لم تترك لهم سوى خيارات قليلة وأجبرتهم على العودة إلى الجماعة للبقاء على قيد الحياة.
في بداية الحملة العسكرية التي شنتها بوكو حرام في عام 2009، استخدم أعضاؤها تكتيكات بدائية، مثل إطلاق النار من سيارة مارة، والتي لا تتطلب تدريباً متقدماً. وتغيرت هذه الطريقة عندما بدأت المجموعة في استخدام أشكال أكثر تطوراً من الأسلحة، بما في ذلك المتفجرات التي قام بتجميعها أعضاء سبق لهم أن تدربوا إلى جانب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ولم تكشف بوكو حرام سوى القليل عن كيفية تدريب جنودها. وإلى جانب إدارة معسكرات التدريب في نيجيريا، يُعتقد أن الجماعة تقوم بتدريب جنودها في الكاميرون والصومال. وفي أوائل عام 2015، ألمحت الجماعة إلى تجنيد الأطفال وتدريبهم عندما نشرت صوراً عبر تويتر لمعسكرات تدريب الجنود الأطفال (أشبال الجهاد). وبحسب التقارير، قامت الجماعة بتدريب أطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات على حمل القنابل إلى المساجد والأسواق. بالإضافة إلى ذلك، أُجبرت العديد من النساء والفتيات اللاتي اختطفتهن الجماعة في السنوات الأخيرة على تنفيذ عمليات انتحارية. على مر السنين، زادت بوكو حرام عدد الانتحاريات بسبب سهولة إخفاء الأسلحة تحت الحجاب والعادات الإسلامية التي تحظر على الرجال تفتيش النساء. معظم مراكز الأمن والسيطرة في الشمال الشرقي في نيجيريا يديرها ضباط أمن ذكور، مما يسهل على الانتحاريات السير في المناطق المزدحمة مع قدر أقل من الكشف. بالإضافة إلى ذلك، تقوم بوكو حرام بتجنيد النساء لتمييز المجموعة وأفعالها عن الجماعات السلفية الأخرى وكذلك لجذب اهتمام إعلامي أكبر.