الولايات المتحدة تقتل جعفر التركي القيادي في تنظيم القاعدة في سوريا والعميل القديم لوكالة الاستخبارات التركية

تم القضاء على محمد يوسف ضياء تالاي، عميل القاعدة التركي الذي جندته وكالة الاستخبارات التركية للقيام بعمليات سرية في سوريا، في ضربة جوية دقيقة نفذتها القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في 23 فبراير / شباط.
كان تالاي، المعروف باسمه الحركي جعفر التركي في صفوف جماعة حراس الدين التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، من بين العديد من كبار الشخصيات في تنظيم القاعدة الذين أرسلهم جهاز الاستخبارات التركي لتنفيذ مهام سرية تهدف إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد. ويمثل مقتله انتكاسة كبيرة للشبكة الواسعة من الجماعات الوكيلة التي زرعها جهاز الاستخبارات التركي وأشرفت عليها – إما بشكل مباشر أو غير مباشر – الإدارة الإسلاموية للرئيس رجب طيب أردوغان.
ويأتي مقتل تالاي في أعقاب الضربة الأمريكية في 21 فبراير/ شباط التي أدت إلى تحييد وسيم تحسين بيرقدار، القيادي البارز في جماعة حراس الدين في شمال غرب سوريا.
وأصدرت القيادة المركزية الأمريكية لقطات من الضربة الدقيقة بطائرة من دون طيار، ووصفتها بأنها جزء من الجهود المستمرة “لتعطيل وتقليص محاولات الإرهابيين للتخطيط وتنظيم وتنفيذ هجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء المنطقة وخارجها”.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريللا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: “كما ذكرنا من قبل، فإننا سنواصل ملاحقة هؤلاء الإرهابيين لحماية وطننا وحماية مواطني الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة”.
وعلى الرغم من كونه مقيماً في أنقرة ومدرجاً على قائمة الإرهاب التركية، فقد عمل تالاي، الذي يبلغ من العمر 39 عاماً، لفترة طويلة تحت حماية جهاز الاستخبارات التركي. وقد تم إدراجه على ما يسمى “القائمة الصفراء” لوزارة الداخلية التركية، والتي تقدم مكافآت نقدية مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على الأفراد المطلوبين. ومع ذلك، حتى في ظل صدور أوامر اعتقال نشطة بحق تالاي، وعناصر آخرين من تنظيم القاعدة، فقد حافظوا على علاقة عمل وثيقة مع جهاز الاستخبارات التركي.
كان المسؤول عن تالاي في سوريا هو موسى أولغاتش، وهو رجل دين سلفي تركي معروف أيضاً باسم موسى أبو جعفر أو أبو سمية. كان أولغاتش نشطاً سابقاً في بلدان مختلفة، بما في ذلك باكستان ومصر، قبل انتقاله إلى سوريا. في مصر، لعب دوراً فعالاً في إنشاء خلية تجنيد لتنظيم القاعدة، وتسهيل حركة المسلحين الأتراك تحت ستار الدراسات العربية والإسلامية. داهمت السلطات المصرية منزله الآمن في القاهرة في عام 2007، مما أدى إلى اعتقاله وتسليمه لاحقاً إلى تركيا بعد احتجازه لمدة ثلاثة أشهر ونصف.
مع اندلاع الحرب الأهلية السورية، حشد جهاز الاستخبارات التركي أولغاتش لتنسيق نقل المقاتلين إلى سوريا. وقد ألغت حكومة أردوغان تحقيقاً جنائياً بدأ معه في عام 2011 بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب في عام 2014. وفي وقت لاحق، تم عزل ضباط الشرطة والمدعين العامين الذين حققوا في الحركة غير المشروعة للمقاتلين الأتراك إلى سوريا تحت إشراف جهاز الاستخبارات من مناصبهم.
بعد الغارة الجوية الأمريكية التي قضت على تالاي، لجأ أولغاتش إلى منصة إكس لنعي تلميذه: “اليوم، استشهد جعفر التركي (رحمه الله) بطائرة من دون طيار أمريكية في إدلب. كان أخاً شجاعاً وبطلاً ومجتهداً. تقبل الله شهادته وأنزل الدمار على قاتليه”.
ويواصل أولغاتش نشاطه انطلاقاً من محافظة إدلب، وهي منطقة خاضعة للسيطرة العسكرية التركية وتضم العديد من الميليشيات السورية المدعومة من أنقرة. وهو نشط للغاية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشر الدعاية عبر يوتيوب وفيسبوك لتجنيد الشباب للقضية الجهادية. وما زالت شبكته في تركيا نشطة وتدير العديد من المساجد والمجموعات الدراسية.
ومن الشخصيات الرئيسة في العمليات المسلحة التركية في سوريا إبراهيم شين، وهو معتقل سابق في خليج غوانتانامو أعيد إلى تركيا في عام 2005. وقد تورط مع شقيقه عبد القادر شين في تحقيق إرهابي عام 2014 مرتبط بتنظيم القاعدة. ومع ذلك، عرقلت الحكومة التركية التحقيق، مما سمح للأخوين بالاستمرار في تجنيد المقاتلين وتسهيل الدعم اللوجستي للجهاديين بالتعاون مع جهاز الاستخبارات التركي.
كانت مديرية العمليات الخاصة التابعة لجهاز الاستخبارات التركي تحت قيادة الضابط العسكري السابق كمال إسكينتان ـ المعروف في الأوساط الجهادية باسم أبو فرقان ـ تشرف على عمليات تنظيم القاعدة في تركيا. ولعب إسكينتان دوراً حاسماً في تسهيل الدعم التركي السري للفصائل الجهادية، ليس فقط في سوريا بل وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا.
وكان هاكان فيدان، الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات التركي منذ عام 2010، حتى تعيينه وزيراً للخارجية التركية في عام 2023، قد وافق على التحالف بين جهاز الاستخبارات والشبكات التابعة لتنظيم القاعدة. وقد تمت الموافقة على العملية برمتها شخصياً من قبل الرئيس أردوغان.
إن هذا التواطؤ يفسر الفشل المستمر الذي تتكبده أجهزة إنفاذ القانون والقضاء في تركيا في تفكيك خلايا الجهاديين التابعة لتنظيم القاعدة. ففي ظل السياسات الإسلاموية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، عملت الحكومة على تهيئة بيئة متساهلة للمجموعات الجهادية، الأمر الذي مكنها من العمل دون عقاب.
ومع تكثيف الولايات المتحدة لعملياتها التي تستهدف هؤلاء المسلحين، فإن العلاقة المعقدة بين جهاز الاستخبارات التركي والشبكات المتطرفة أصبحت تبرز بشكل متزايد.
المصدر: نورديك مونيتور
