تقارير ودراسات

“المرأة، الحياة، الحرية”: المعارضة الصاعدة في إيران

في 19 أكتوبر / تشرين الأول 2023، حصلت مهسا أميني و”حركة المرأة، الحياة، الحرية” الإيرانية على جائزة ساخاروف لحرية الفكر من الاتحاد الأوروبي، بعد ما يزيد قليلاً عن عام من الاحتجاجات التي اجتاحت إيران بعد وفاة أميني.

توفيت أميني، وهي امرأة كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عاماً، في حجز الشرطة بعد اعتقالها بتهمة انتهاك قواعد اللباس الإلزامية في الجمهورية الإسلامية. وزعمت السلطات أنها توفيت بسبب مشاكل طبية، لكن عائلة أميني تؤكد أنها قُتلت بسبب ضربات على رأسها وأطرافها. أثار موتها أكبر موجة من الاحتجاجات في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

على رأس الحركة، هناك شابات إيرانيات يشاركن في احتجاجات واسعة النطاق، فضلاً عن التحدّي اليومي لقاعدة الحجاب الإلزامية التقييدية التي من المحتمل أنها أدت إلى وفاة أميني. وتحظى الحركة أيضاً بدعم عدد متزايد من الرجال، حتى عندما بدأت الحكومة في استهدافهم. في مقابلة، قالت المواطنة الإيرانية في الشتات مهسا بيرايي إنه يبدو أن “النظام يريد تخويف الرجال لمنعهم من دعم النساء في إيران، لكن لا أعتقد أنه سينجح”.

إن مشاركة المجتمع الإيراني من الجنسين ليست سوى واحدة من الجوانب العديدة التي تجعل هذه الحركة فريدة من نوعها ومتميزة عن الحركات السابقة. إن الطبيعة المختلفة للحركة هي محور مقال محمود مونشيبوري ورامتين زاميري “”المرأة، الحياة، الحرية” بعد عام: هل ستنجح احتجاجات إيران؟” المنشور في عدد شتاء 2023 من مجلة “ميدل ايست بوليسي”، حيث يستكشفان أبعاد حركة “المرأة، الحياة، الحرية” وقدرتها على إحداث تغيير دائم في إيران.

ويبدو أن جزءاً من السبب وراء هذه التغييرات المهمة في النهج هو الفجوة متزايدة الاتساع بين الأجيال. ويزعم محمود مونشيبوري ورامتين زاميري أن “هذه الفئة الجديدة انفصلت تماماً عن الجيل السابق، الذي سعى إلى إحداث التغيير من خلال العمل داخل النظام. ويشير هذا الاختلاف إلى تزايد انعدام الثقة، حيث يبحث النشطاء الشباب عن طرائق بديلة للتعبير عن مظالمهم”.

ويؤكد المؤلفان أن الحركة تغير جذرياً أساليب المعارضة في إيران، وتتحول من المناشدات الإسلامية إلى خطاب أكثر تصادمية ورفضاً صريحاً للتعامل مع الإسلاميين المتشددين والإصلاحيين.

تختلف المطالب الجذرية لحركة “المرأة، الحياة، الحرية” أيضاً عن مظالم الاحتجاجات السابقة. ويعرب الإيرانيون من “الجيل زد”، المولودون ما بين 1997 و2012، بشكل متزايد عن عدم رضاهم عن الوضع الراهن الذي يتسم بالفقر المدقع وعدم المساواة. إن الشباب “يتابعون العالم خارج إيران، عالم توجد فيه حدود لمشاركة الحكومات الديمقراطية في الحياة اليومية لمواطنيها”. لقد اهتم الشباب الإيراني بالديمقراطية، والعلمانية، وحرية التعبير، والتي يُنظر إليها على أنها وسائل للتعجيل بمستقبل اجتماعي واقتصادي مزدهر. كما يتزايد أيضاً بين الجيل الشبابي الجديد اهتمام أساسي بقضايا النوع الاجتماعي، حيث يدعم الرجال “قضية المرأة” لأول مرة.

ويشير المؤلفان إلى الطبيعة غير المؤكدة لمستقبل الحركة والبلاد نفسها، محذرين من أنه “ليس من الواضح ما إذا كنا سنشهد تحولاً، أو عودة إلى الوضع الراهن، أو انهياراً تعقبه عواقب غير متوقعة مثل الحكم شبه العسكري”.

ومع ذلك، فإنهما يترددان في التنبؤ بالسلبيات فقط، بحجة أنه “بمرور الوقت، فإن التحدي المعزز بالأرضية الأخلاقية العالية لديه القدرة على تمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر ديمقراطية”. لكن هذا المستقبل يعتمد على “ما إذا كانت الطبقة الرمادية، المعروفة باسم “الأغلبية الصامتة”، ستنضم إلى النضال وكيف ستفعل ذلك. وإلى أن ينضم هذا الجيل الأكبر سنّاً من الإيرانيين إلى المعركة، لن يكون أي تحرك كبير ممكناً”.

ومن بين أهم النقاط التي يمكن للقراء الاطلاع عليها في مقال محمود منشيبوري ورامتين زاميري “المرأة، الحياة، الحرية، بعد عام: هل ستنجح احتجاجات إيران؟”:

1 ـ يعد صعود حركة “المرأة، الحياة، الحرية” بعد وفاة مهسا أميني في عام 2022 مؤشراً على استياء مدني أكبر ومتزايد في إيران.

2 ـ تعمل حركة “المرأة، الحياة، الحرية” على تغيير أسلوب المعارضة في إيران:

ـ تحولت الاحتجاجات نحو خطاب المواجهة ورفض التعامل مع الإسلاميين المتشددين والإصلاحيين، بل وحتى المعتدلين.

ـ تلعب النساء دوراً رئيسياً في الحركة بطريقة لم يسبق لها مثيل في المنطقة، بينما يهتم الرجال أيضاً بشكل متزايد بقضية النوع الاجتماعي.

3 ـ يبدو أن المتظاهرين لم يعودوا يعتقدون أن الإصلاح يمكن أن يحدث من داخل النظام الحالي نظراً لعدم رغبته الكاملة في الاعتراف بالمظالم والتكيف مع التحولات التي تشهدها البلاد.

4 ـ تمثل الاحتجاجات تحدياً للقادة لأن سياسة النظام مصممة بحيث تكون معزولة عن الضغط العام.

5 ـ تختلف المظالم الحديثة عن مظالم الحركات السابقة، وتتوسع لتشمل الآن الديمقراطية والعلمانية والحلول العقلانية لقضايا الدولة والمجتمع.

ـ وجد استطلاع عبر الإنترنت أجري عام 2022 أن 60% يريدون تغيير النظام، بينما يفضل 41% الإطاحة بالنظام.

6 ـ يتصدر “الجيل زد” طليعة الاحتجاجات، مع تزايد المخاوف بشأن مستقبلهم مع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم.

ـ أتاح الوصول إلى الإنترنت قدراً أكبر من فرص التعبير عن الذات والتفاعل الاجتماعي والسياسي والاتصال بالعالم الأوسع.

ـ يمتلك الشباب، وخاصة الشابات، على نحو متزايد هوية فريدة تتشكل من خلال وصولهم إلى الثقافات ووجهات النظر الأخرى مثل فصل الدين/الأيديولوجية عن الدولة.

7 ـ الدافع الإضافي الأحدث للاحتجاجات هو “الفجوة العميقة بين الأجيال”: “الطبقة الرمادية” من أولئك الذين يبلغون من العمر 30 عاماً فما فوق تميل إلى أن تكون مؤيدة للإصلاح، ولكنها غير راغبة في الانخراط في أنشطة المجتمع المدني.

8 ـ يأمل المتظاهرون أن يتدخل العالم الغربي، ولكن ليس عسكرياً.

ـ يعتقد 73% من الإيرانيين أن الغرب يجب أن يدافع عن حقوق المتظاهرين من خلال الضغط على النظام بإجراءات مثل العقوبات الفردية وطرد السفراء الذين يخدمون خارج البلاد.

9 ـ مستقبل الاحتجاجات والنظام غير واضح.

ـ قد يؤدي القمع الشديد إلى تحويل الحركة إلى صراع عرقي طائفي، لكن الاستجابة الأكثر تدرجاً يمكن أن تقلل من سيطرة النظام.

ـ حتى لو انهارت السلطة الدينية، فإن عدم اليقين بشأن الحكومة التي ستتبعها يخلق التردد.

ـ من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجولة من الاحتجاجات ستؤدي إلى إصلاحات كبيرة، لكن يبدو أنها لا تزال تشكل تهديداً وجودياً للنظام.

يمكن قراءة مقال “”المرأة، الحياة، الحرية” بعد عام: هل ستنجح احتجاجات إيران؟” لمحمود منشيبوري ورامتين زميري في عدد شتاء (ديسمبر / كانون الأول) 2023 من مجلة “ميدل إيست بوليسي” على

الرابط التالي:

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/mepo.12722

زر الذهاب إلى الأعلى