المؤسسة الدينية التابعة لأردوغان تتطلع إلى التوسع العالمي وتستهدف الوصول إلى 2.1 مليون شخص في الخارج بحلول نهاية عام 2025

كشفت رئاسة الشؤون الدينية التركية، المعروفة باسم ديانت، عن خطة توسع دولية واسعة النطاق بحلول نهاية عام 2025 بهدف الوصول إلى 2.1 مليون شخص في الخارج من خلال الخدمات الدينية والبرامج التعليمية والمبادرات الثقافية. وتؤكد هذه الخطوة على اعتماد أنقرة المتزايد على ديانت كأداة للقوة الناعمة، وخاصة في أوروبا وآسيا الوسطى وإفريقيا.
لقد خضعت رئاسة الشؤون الدينية التركية، التي أنشأتها الدولة التركية في البداية لمواجهة التطرف، لتحول جذري خلال حكم الرئيس رجب طيب أردوغان الذي دام 23 عاماً، وتطورت إلى أداة رئيسة لنشر الإسلام السياسي، بما يذكرنا بأيديولوجية الإخوان المسلمين، سواء داخل تركيا أو على المستوى الدولي.
وبحسب تقرير الأداء لعام 2025 الذي حصل عليه موقع “نورديك مونيتور”، من المقرر أن توسع رئاسة الشؤون الدينية التركية حضورها في أوروبا الغربية وإفريقيا، مع التركيز بشكل خاص على البلدان التي تضم أعداداً كبيرة من الجالية التركية، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا والنمسا وسويسرا.
وخارج أوروبا، تعمل رئاسة الشؤون الدينية التركية على تكثيف جهودها في البلقان وآسيا الوسطى، حيث تخطط لتمويل بناء المساجد، ودعم التعليم الديني المحلي، وتدريب الأئمة على الترويج لتفسير أنقرة للإسلام. وفي إفريقيا، ستوفر المنح الدراسية وتؤسس شراكات مع المؤسسات الدينية في العديد من البلدان، الأمر الذي من شأنه أن يوسع النفوذ الديني التركي.
وكجزء من جهودها التوسعية في مجال التواصل العالمي، تستعد ديانت لإطلاق سلسلة من المبادرات الجديدة التي تهدف إلى تعزيز نفوذها بين الجاليات التركية في الخارج والوصول إلى جمهور المسلمين الأوسع. وتشمل هذه المبادرات نشر وتوزيع النصوص الدينية دوليًّا بلغات متعددة، بما في ذلك العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية ولغات البلقان المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل ديانت على توسيع منصات التعليم الديني عبر الإنترنت لتوفير برامج تدريبية منظمة لمجتمعات المهجر.
ومن بين المكونات الأخرى لهذه الاستراتيجية زيادة المنح الدراسية للطلاب الدوليين، وخاصة أولئك الذين يتابعون الدراسات الإسلامية في تركيا. وتخطط ديانت أيضاً لاستضافة الطلاب الأجانب للتدريب اللاهوتي المتخصص، مما يعزز نفوذها الديني في الدوائر الأكاديمية العالمية. ولترسيخ مكانتها كسلطة دينية، ستنظم ديانت مؤتمرات دولية وندوات أكاديمية سعياً إلى تعزيز شرعيتها على الساحة العالمية.
ولضمان التنفيذ الفعال لهذه المبادرات، تعمل ديانت على التنسيق مع السفارات والقنصليات التركية والأجنبية والمؤسسات الإسلامية المحلية، مما يعزز وجودها في العديد من البلدان.
وتركز ديانت أيضاً على تجنيد الأتراك الذين يحملون جنسيات بلدان أجنبية، وتوصي بتدريبهم في تركيا قبل تعيينهم كأئمة في البلدان التي يحملون جنسياتها. ولدعم هذه المبادرة، خصصت 608 ملايين ليرة تركية (17.3 مليون دولار) للبرنامج. وقد تلقى أكثر من 1000 طالب من أوروبا وأمريكا الشمالية تعليمهم وتدريبهم في تركيا، حيث تولى العديد منهم بالفعل مناصب داخل ديانت.
على سبيل المثال، سيطلق الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (ديتيب)، وهو الفرع الألماني لديانت، برنامج تدريب جديد في عام 2025. وبموجب هذه المبادرة، سيتم إرسال 75 خريجاً من كلّيات الدراسات الإسلامية التركية إلى ألمانيا سنويّاً للمشاركة في برنامج تدريبي لمدة عامين في أكاديمية ديتيب في داهليم، شمال الراين وستفاليا. وعند الانتهاء من تدريبهم، سيتم تعيينهم أئمة في المساجد التابعة للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية، وسيكون عليهم الالتزام بالخدمة لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
وكانت وكالات الاستخبارات الأوروبية قد أثارت في وقت سابق مخاوف من استخدام الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (ديتيب) ومؤسسات أخرى تابعة لديانت في أنشطة المراقبة والدعاية وجمع المعلومات الاستخباراتية، وخاصة استهداف منتقدي أردوغان في المهجر.
وقد أطلقت عدة حكومات أوروبية، بما في ذلك حكومتا ألمانيا والنمسا، تحقيقات في مساجد ومراكز دينية تابعة لديانت بسبب مزاعم بالتجسس على شخصيات ونشطاء معارضين، لكن أنقرة رفضت مثل هذه المزاعم ووصفتها بأنها “لا أساس لها من الصحة”، واتهمت الدول المضيفة بكراهية الإسلام والتمييز ضد الجالية التركية المسلمة.
كما أعربت ألمانيا عن قلقها إزاء الأئمة المعينين من قبل ديانت، والذين تدفع الحكومة التركية رواتبهم. ويشير المسؤولون الألمان إلى افتقار هؤلاء إلى الاندماج في المجتمع الألماني وعدم قدرتهم على التحدث باللغة المحلية بوصفها قضايا مهمة.
وتم تخصيص مبلغ مذهل قدره 130.1 مليار ليرة تركية (3.7 مليار دولار) لديانت لعام 2025، وهو ما يتجاوز ميزانيات العديد من الوزارات الرئيسية، بما في ذلك وزارات الداخلية والخارجية والطاقة والموارد الطبيعية والثقافة والسياحة والصناعة والتكنولوجيا والتجارة. ونظراً لانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، يتم تخصيص ميزانية إضافية على مدار العام للمؤسسات الحكومية التي لديها عمليات / أو بعثات في الخارج، بما في ذلك ديانت، للتعويض عن ارتفاع التكاليف.
يُذكر أن ديانت تدير شبكة واسعة ومؤثرة من المراكز الدينية، حيث تشرف على 89,817 مسجداً في جميع أنحاء تركيا ومئات المساجد الأخرى في الخارج. كما توظف 143,429 شخصاً، يتألفون في المقام الأول من أئمة يلعبون دوراً رئيسياً في تقديم الخدمات الدينية والتواصل مع المجتمعات المحلية. وفي عملياتها الدولية، يبلغ إجمالي عدد موظفي ديانت 644 شخصاً، بما في ذلك 79 موظفاً دائماً و565 موظفاً متعاقداً.
المصدر: نورديك مونيتور
