تقارير ودراسات

اعتقال مواطن طاجيكي في نيويورك يكشف دور تركيا كمركز لوجستي لداعش ـ خراسان

سلط اعتقال مواطن طاجيكي يبلغ من العمر 33 عاماً في الولايات المتحدة الضوء على دور تركيا كقناة أساسية للعمليات المالية واللوجستية المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وفرعه في خراسان.

ففي 26 فبراير/ شباط، ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي، من خلال فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب في نيويورك – والتي تضم أفراداً من مكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة شرطة نيويورك وأكثر من 50 وكالة فيدرالية وحكومية ومحلية أخرى – القبض على منصوري مانوشيخري. ويواجه مانوشيخري تهماً متعددة، بما في ذلك التآمر لتقديم الدعم المادي لداعش ـ خراسان، والحيازة غير القانونية للأسلحة النارية، والاحتيال على الهجرة.

ووفقا لوثائق قضائية قُدِّمَت إلى المحكمة في المنطقة الشرقية من نيويورك، دخل مانوشيخري الولايات المتحدة في البداية بتأشيرة سياحية في يونيو/ حزيران 2016، لكنه بقي فيها بشكل غير قانوني بعد انتهاء صلاحية التأشيرة في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. وفي الفترة ما بين ديسمبر/ كانون الأول 2021 ويونيو/ حزيران 2023، تآمر مع أشخاص في تركيا لتقديم الدعم المالي واللوجستي لتنظيم داعش وفرعه في خراسان، اللذين صنفتهما الحكومة الأمريكية منظمات إرهابية أجنبية.

وتشير الأدلة التي حصلت عليها السلطات الفيدرالية إلى أن مانوشيخري كان على اتصال مباشر مع عناصر داعش في تركيا، حيث كان يرسل الأموال لدعم أنشطة المجموعة. وفي حين أن الشكوى لا تذكر صراحة أسماء شركائه المقيمين في تركيا، فإن التفاصيل تشير بقوة إلى تورط المواطنين الطاجيك شامسولو رادجوبوف وشامل حكماتوف.

كان رادجوبوف يمتلك سيارة هيونداي سيدان تحمل لوحات ترخيص بولندية استُخدمت في هجوم 28 يناير / كانون الثاني 2024 على كنيسة سانتا ماريا (كنيسة مريم أنا دوغوش) في منطقة ساريير بإسطنبول. نفذ الهجوم، الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، المواطن الطاجيكي أميرجون خوليكوف (المعروف أيضاً باسم حمزة) والطاجيكي الروسي المولد ديفيد تاندويف، اللذان استخدما سيارة رادجوبوف للهروب بعد مقتل مواطن تركي.

وعلى الرغم من معرفة وكالة الاستخبارات التركية المسبقة بعلاقات رادجوبوف ورفاقه بتنظيم الدولة الإسلامية، لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى بعد الهجوم. وقد نجح هؤلاء الأفراد في الحصول على وثائق هوية تركية كلاجئين، متجاوزين بذلك العلامات الحمراء التي كان ينبغي الانتباه إليها أثناء عمليات التحقق من الخلفية الخاصة بهم والتي تتضمن في العادة تدقيقاً من قبل الاستخبارات التركية.

وكشف تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه في الفترة من ديسمبر/ كانون الأول 2021 إلى أبريل/ نيسان 2023، سهّل مانوشيخري تحويل ما يقرب من 70 ألف دولار إلى عملاء داعش ـ خراسان وعائلاتهم. وتم تحويل الأموال من خلال وسطاء، بما في ذلك رادجوبوف، الذي تم تحديده باسم “سي سي-2” في الشكوى الفيدرالية.

ويبدو أن أحد المتآمرين الآخرين، المشار إليه باسم “سي سي-1″، هو شامل حكماتوف، وهو من المجنِّدين وجامع تبرعات لداعش-خراسان منذ فترة طويلة ويعمل في تركيا، والمعروف أيضاً باسمه المستعار أبو مسكين. وقد تم القبض عليه في تركيا في يونيو / حزيران 2023 بناءً على مذكرة توقيف صادرة عن السلطات الطاجيكية.

وتضمنت المراسلات بين مانوشيخري وحكماتوف مناقشات حول جمع الأموال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوزيع المساعدات المالية على أعضاء داعش، وتحويلات الأموال المسجلة. وفي إحدى الرسائل، أرسل مانوشيخري مقطع فيديو لنفسه في ميدان رماية في نيوجيرسي، وهو يطلق النار على ما يبدو من بندقية هجومية، مع تعليق يقول: “الحمد لله، أنا مستعد”. ويقال إنه كان يرتاد ميادين الرماية في مختلف أنحاء البلاد.

وقد لفت تطرف مانوشيخري انتباه السلطات في أغسطس/ آب 2024، عندما أبلغ أحد أفراد الأسرة عن مخاوفه بشأن سلوكه العنيف. وقد ذكر هذا الشخص بالتفصيل تاريخه من العنف المنزلي والتهديدات بالاعتداء.

بالإضافة إلى ذلك، وُجهت إليه تهمة حيازة أسلحة نارية غير قانونية. ففي فبراير / شباط 2022، عُثر عليه ومعه أسلحة متعددة، بما في ذلك بندقية هجومية من طراز أي. كيه-47 وبندقية تكتيكية. في وقت لاحق، عرض عليه مواطن روسي كان يعيش معه في بروكلين مسدساً من طراز جلوك 22 مقابل 1000 دولار عبر رسالة نصية في 8 فبراير / شباط 2024.

كما جاء في التحقيقات أن مانوشيخري متورط في عملية احتيال تتعلق بالهجرة من خلال الاتفاق على زواج وهمي مع مواطنة أمريكية في عام 2017 للحصول على إقامة قانونية. وتشير ملفات المحكمة إلى أنه قدم بيانات كاذبة في وثائق الهجرة، مما أدى إلى تحريف زواجه وطلاقه اللاحق. وفي عام 2021، سعى للحصول على الإقامة بموجب قانون العنف ضد المرأة، مدعياً زوراً أنه تعرض للإساءة من قبل زوجته. وتًظهر الرسائل النصية التي حصلت عليها السلطات أنه دفع لزوجته المفترضة تكاليف الزواج، ثم دخل معها في نزاعات مالية فيما بعد بشأن المدفوعات المستمرة.

في حالة إدانته، يواجه مانوشيخري عقوبة قصوى بالسجن لمدة 45 عاماً في سجن فيدرالي، حيث يواجه اتهامات تتعلق بالدعم المادي لمنظمة إرهابية محددة، وانتهاكات تتعلق بالأسلحة النارية، والاحتيال على الهجرة. ولا يزال التحقيق مستمرّاً، حيث تسعى السلطات إلى تحديد أعضاء إضافيين في شبكته.

ولم توضح الشكوى ما إذا كانت السلطات الأمريكية طلبت التعاون من المسؤولين الأتراك في التحقيق مع شركاء مانوشيخري. ومع ذلك، تشير تقارير سابقة إلى أن السلطات التركية كانت على علم بعمليات داعش ـ خراسان داخل حدودها، لكنها فشلت في اتخاذ إجراءات استباقية.

في نوفمبر / تشرين الثاني 2024، نشر موقع “نورديك مونيتور” وثائق استخباراتية تشير إلى أن جهاز المخابرات التركي حجب لفترة طويلة معلومات بشأن الهجمات التي خطط لها تنظيم داعش ـ خراسان على الكنائس والمعابد اليهودية والبعثات الدبلوماسية الغربية في إسطنبول وأنقرة. وبحسب التقارير، لم يتم تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الشرطة التركية إلا في 21 ديسمبر / كانون الأول 2023، بعد أن أعلنت السفارات الغربية في تركيا عن تعليق عملها بسبب تهديد إرهابي وشيك. رفضت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان في البداية هذه التحذيرات الأمنية، متهمة الدول الغربية بالتدخل السياسي ومحاولة التأثير على الانتخابات المحلية.

في أعقاب الهجوم على الكنيسة، فرضت الحكومة التركية بسرعة أمراً بحظر النشر للسيطرة على الأخبار. وسعت وسائل الإعلام والدعاة الموالون للحكومة إلى تحويل اللوم، فروجوا لنظريات المؤامرة التي تقول إن أجهزة استخبارات أجنبية كانت وراء الهجوم. على سبيل المثال، اقترح مقال في صحيفة حريت، وهي صحيفة موالية للدولة، أن “وكالات الاستخبارات الأجنبية التي تستهدف تركيا استخدمت داعش كمنظمة بالوكالة”، حتى إن الداعية الحكومي نديم شينر صرح في 31 يناير/ كانون الثاني بأن الموساد الإسرائيلي ربما يكون هو من دبر الهجوم.

وعلى الرغم من جهود حكومة أردوغان لصرف الانتباه عن التحقيق، فإن الأدلة المتزايدة ـ بما في ذلك الشكوى الفيدرالية الأمريكية التي تم رفع السرية عنها مؤخراً ـ تؤكد أن تنظيم الدولة الإسلامية وفرعه في خراسان يستغلان تركيا كمركز لوجستي لعملياتهما. وتعزز المعلومات التي كشفت عنها التحقيقات الأمريكية الاتهامات المتداولة منذ فترة طويلة بشأن تقاعس السلطات التركية وتواطئها على تمكين الشبكات المرتبطة بتنظيم داعش من العمل في البلاد.

 

المصدر: نورديك مونيتور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى