أردوغان يسمح لأحد قادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني مدان في الولايات المتحدة بالعمل بحرية في تركيا

يواصل سامي العريان، أحد الشخصيات البارزة في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، والذي أدين بتهم الإرهاب في الولايات المتحدة، أنشطته في تركيا بدعم من الموارد التي توفرها الحكومة الإسلاموية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وعلى الرغم من أن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مصنفة منظمة إرهابية من قِبل شركاء تركيا الاستراتيجيين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، تؤمّن حكومة أردوغان منابر للأفراد المرتبطين بها للعمل بحرية، يستغل هؤلاء موارد تركيا لنشر خطابات معادية للسامية، والترويج للجهاد، وتأجيج التطرف في المجتمع التركي – ويبرز العريان كشخصية رئيسة.
مستغلاًّ الحساسيات المتزايدة المحيطة بالصراع الدائر بين حماس وإسرائيل، يظهر العريان بشكل متكرر على وسائل إعلام حكومية، مثل قناة تي آر تي وورلد، وهي قناة ناطقة باللغة الإنجليزية تابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الممولة من دافعي الضرائب، ووكالة أنباء الأناضول. يندد العريان بالغرب، وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها الرئيسة في الشرق الأوسط، إسرائيل، ويدعو إلى تفكيك الدولة اليهودية، ويدافع عن الهجمات الإرهابية، ويروج للخطاب الجهادي.
كما ظهر ككاتب في صحيفة ديلي صباح، وهي صحيفة مملوكة لعائلة أردوغان؛ ومجلة إنسايت تركيا، وهي مجلة تنشرها مؤسسة سيتا، المرتبطة بالاستخبارات التركية؛ وكذلك موقع ميدل إيست آي الإخباري المؤيد لحماس، وشبكة الجزيرة الممولة من قطر.
منذ إطلاق سراحه المشروط من السجن في الولايات المتحدة بعد إقراره بالذنب، وترحيله لاحقاً وترحيب حكومة أردوغان به في عام 2015، تمتع العريان بحماية أردوغان، وبإمكانية الوصول إلى الموارد السخية التي توفرها الحكومة، وبعلاقات وثيقة مع المنظمات الإسلاموية التركية.
عند وصوله، عُيّن على الفور في جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، وهي مؤسسة يشرف عليها نجم الدين بلال أردوغان، نجل أردوغان، وأنشأتها مؤسسة “إيليم يايميه الوقفية الإسلامية”. في عام 2017، ازداد نفوذه بإنشاء مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية (سيجا) في الجامعة، والذي يمثل منصة للعريان للتواصل مع الشركاء الأتراك والدوليين لنشر رسالته.
عمل العريان على بناء علاقات مع كبار المسؤولين الأتراك، بما في ذلك إبراهيم كالين، رئيس الاستخبارات التركية، وسركان كايالار، رئيس وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا)، التي تدير ميزانية بمليارات الليرات وتعمل في 61 دولة من خلال مكاتب اتصال.
يرفض العريان علناً إمكانية إجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل، مصرّحاً بأن مثل هذه المحادثات ستكون عقيمة. كما يرفض حل الدولتين للفلسطينيين، مجادلاً بأن القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة القادرة على حشد الشعوب في جميع أنحاء العالم، ويدعو إلى استهداف الإسرائيليين في كل مكان.
أشاد العريان علناً بهجمات حماس على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك احتجاز الرهائن، واصفاً إياها بأنها “نجاح كبير”. وقال في مقابلة مع موقع محلي في تركيا في يونيو/ حزيران 2024: “لأول مرة منذ عام 1973، تُستهدف إسرائيل داخل أراضيها، مما يثبت أن عقيدتها الأمنية لم تعد فعالة. لقد انهارت خرافات الردع والإنذار المبكر والحسم العسكري السريع”.
وقال إن جماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وأنصار الله [الحوثيين] وحركة المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم إسرائيل اليوم دون رادع. وأضاف: “على الرغم من قدراتها المتطورة في المراقبة والتقنية، فشلت إسرائيل في توقع هذا الهجوم أو منعه، مما أدى إلى تقويض الثقة في أجهزتها الاستخباراتية وقيادتها العسكرية”.
في مقال نُشر بتاريخ 21 أغسطس/ آب 2024، على الموقع المحلي نفسه، تنبأ العريان بزوال إسرائيل عقب ما وصفه بهزيمتها الاستراتيجية. وكتب: “نحن الآن ندخل مرحلة جديدة من الصراع، وعلينا الاستعداد لها… نعم، الثمن الذي دفعناه باهظ. لكن في النهاية، سيؤدي هذا النضال إلى تفكك الكيان العنصري [إسرائيل] والتحرر، وسيُمنح شهداؤنا الخلود والجنة”.
كما روّج لفكرة أن إسرائيل تشكل تهديداً مباشراً لتركيا، وأنها ستستخدم كل الموارد المتاحة لإضعافها، بما في ذلك الجماعات الإرهابية. ويتماشى هذا مع خطاب الرئيس أردوغان الأخير، حيث صنف إسرائيل رسميًّا، ولأول مرة في تاريخ تركيا، تهديداً للأمن القومي التركي، مدافعاً في الوقت نفسه عن هجمات حماس وغيرها من الجماعات الجهادية.
في مقابلة بتاريخ 27 أغسطس/ آب 2024، دعا العريان إلى قطع العلاقات التركية الإسرائيلية بشكل كامل، قائلاً: “يجب على تركيا فرض حصار تجاري شامل على إسرائيل. علاوة على ذلك، ينبغي على تركيا تبني سياسة صارمة واتخاذ إجراءات حاسمة ضد إسرائيل لقطع العلاقات بين البلدين”. وكانت تركيا قد أوقفت بالفعل جميع الواردات والصادرات مع إسرائيل العام الماضي.
لفتت نهلة، زوجة العريان، الأنظار أيضاً لمشاركتها في الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في جامعة كولومبيا. وادعى عمدة مدينة نيويورك، إريك آدامز، أن أفراداً على صلة بالإرهاب كانوا حاضرين في هذه الاحتجاجات. واستُخدمت صورة لنهلة، نشرها العريان على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، كدليل على وجود محرضين خارجيين. وأُلقي القبض على أكثر من 170 شخصاً في جامعة كولومبيا وكلية مدينة نيويورك، ويواجهون تهماً تشمل التعدي على ممتلكات الغير والتخريب الجنائي.
كشفت معارك العريان القانونية في الولايات المتحدة عن تورطه العميق مع حركة الجهاد الإسلامي وشخصيات فلسطينية مسلحة. أُلقي القبض عليه في فبراير/ شباط 2003 بتهمة قيادة حركة الجهاد الإسلامي في الولايات المتحدة واعتباره أمين مجلس الشورى، الهيئة الحاكمة العالمية للحركة. وشملت التهم التي وُجهت إليه التآمر لارتكاب جريمة قتل، وتقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية، والتآمر لتلقي تبرعات لإرهابيين مصنفين، وغسل الأموال.
في عام 2006، توصل العريان إلى اتفاق إقرار بالذنب، حيث اعترف بتهمة التآمر لتقديم خدمات لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مقابل إسقاط التهم الأخرى. حُكم عليه بالسجن 57 شهراً، تليها ثلاث سنوات من الإفراج المشروط.
خلال النطق بالحكم، أدان قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جيمس شيلتون مودي الابن العريان ووصفه بأنه “متلاعب ماهر” خدع جيرانه وأنصاره. وقال مودي: “لقد نظرتَ في عيون جيرانك، وقلتَ إن لا علاقة لك بحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. وقد كشفت هذه المحاكمة كذب ذلك”.
استشهد القاضي بأدلة على الدور القيادي للعريان في حركة الجهاد الإسلامي، بما في ذلك جهوده لضمان استمرار تدفق التمويل من إيران. قال مودي: “عندما شعرت إيران، مصدر التمويل الرئيس لحركة الجهاد الإسلامي، بالاستياء من عجز الحركة عن تبرير نفقاتها، لجأت إلى مجلس إدارتكم للحصول على إجابات”.
علاوة على ذلك، اتهم مودي العريان بدعم الهجمات الإرهابية بدلاً من التدخل لمنعها. واستشهد بتفجير انتحاري وقع عام 1995 في بيت ليد، حيث استهدف المهاجمون محطة حافلات مزدحمة، مما أسفر عن مقتل ركاب وأفراد من فرق الطوارئ. وبدلاً من إدانة الهجوم، ورد أن العريان استخدمه لجمع التبرعات لهجمات مستقبلية.
وقرأ مودي من رسالة وجهها العريان إلى أحد النواب الكويتيين، أشاد فيها بالهجوم بوصفه عملاً من أعمال النكاية: “إن العملية الأخيرة التي نفذها المجاهدان اللذان استشهدا في سبيل الله هي خير دليل على ما يمكن أن تقوم به قلة من المؤمنين في مواجهة الانهيار العربي والإسلامي”.
وانتقد القاضي نفاق العريان، مشيراً إلى أنه بينما يدرس أبناؤه في جامعات أمريكية مرموقة، فإنه يشجع الآخرين على إرسال أبنائهم في عمليات انتحارية. قال مودي: “يدرس أبناؤكم في أرقى جامعات هذا البلد، بينما تجمعون الأموال لتفجير أطفال الآخرين”.
يعمل العريان الآن متخفّياً في هيئة أكاديمي، بدعم وحماية كاملين من حكومة أردوغان. يظهر باستمرار على التلفزيون الحكومي التركي، ويساهم في وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية، ويلقي خطابات رئيسية في مناظرات ومؤتمرات في تركيا والخارج، ويروج لروايات معادية للولايات المتحدة وإسرائيل لجمهور أوسع.
المصدر: نورديك مونيتور
