أبو بكر البغدادي
شغل أبو بكر البغدادي منصب خليفة داعش منذ إعلان نفسه الزعيم الديني والسياسي والعسكري لجميع المسلمين في يونيو/ حزيران 2014 حتى وفاته عام 2019. وكان البغدادي مختبئاً منذ انهيار خلافة داعش في سوريا والعراق. تم الإعلان عن وفاته أو إصابته الخطيرة في عدة مناسبات، لكنه عاد للظهور مرة أخرى في التسجيلات الدعائية لداعش، آخرها في غشت / آب 2018. وأعلنت الحكومة الأمريكية في 27 أكتوبر / تشرين الأول 2019 أن القوات الأمريكية قتلت البغدادي في غارة شنتها في سوريا في الليلة السابقة، وعين تنظيم الدولة الإسلامية أبا إبراهيم الهاشمي القرشي خليفة له.
ولد البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، عام 1971 في سامراء بالعراق، وكان حريصاً لمدة طويلة على إخفاء هويته وخلفيته. وبحسب ما ورد، لم يكن هناك سوى صورتين متاحتين للجمهور له قبل صعود داعش إلى الساحة الدولية عام 2014. وكان البغدادي، المعروف باسم “الشيخ الخفي”، يرتدي قناعاً في اجتماعاته مع قادة آخرين في داعش. ومع ذلك، ظهر لأول مرة بوجه مكشوف في يوليو / تموز 2014 من على منبر الجامع الكبير في الموصل.
في عام 1999، حصل البغدادي على درجة الماجستير والتحق ببرنامج الدكتوراه في جامعة صدام للدراسات الإسلامية في التلاوة والدراسات القرآنية على التوالي. أثناء مرحلة الدراسات العليا، ورد أن البغدادي قرأ أعمال قادة جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتنقوا الجهادية. في هذا الوقت، أقنعه عمه، إسماعيل البدري، بالانضمام إلى جماعة الإخوان. ومع ذلك، بحلول عام 2000، أفادت التقارير أن البغدادي نفذ صبره من الإخوان بسبب ما اعتبره “تأجيل الجهاد” وإعطاء الأولوية للعمل التربوي / النظري على العمل.
ردّاً على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أسس البغدادي “جيش أهل السنة والجماعة”، وهي جماعة سنية متشددة لمحاربة القوات الأمريكية. ألقت القوات الأمريكية القبض على البغدادي لاحقاً واحتجزته في معسكر بوكا، وهو معسكر اعتقال يديره الأمريكيون على طول الحدود العراقية الكويتية. كان بوكا يحتجز 100 ألف من الجهاديين المشتبه بهم ما بين 2003 و2009، بما في ذلك تسعة رجال سيشغلون مناصب عليا في قيادة داعش. على الرغم من أن تواريخ اعتقاله تختلف بين التقارير، فإن الخبراء رجحوا وجود البغدادي في بوكا في وقت مبكر من عام 2004 وحتى أواخر عام 2009. وكان السجن، الذي تم تشغيله في أم قصر بالعراق من عام 2003 إلى عام 2009، يضم نزلاء أصبحوا فيما بعد قادة كبار في داعش.
بعد وقت قصير من إطلاق سراحه من معسكر بوكا، انضم البغدادي إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. وفي أبريل / نيسان 2010، بعد مقتل أمير التنظيم حامد الزاوي (أبو عمر البغدادي)، أصبح البغدادي أميراً لتنظيم داعش.
وسرعان ما أتاحت فوضى الحرب الأهلية السورية ـ التي بدأت عام 2011 ـ الفرصة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق للتوسع في سوريا. ونتيجة للفوضى، شكلت القاعدة فرعاً لها في سوريا، جبهة النصرة، تحت قيادة ناشط القاعدة المحلي أبو محمد الجولاني. وفي ربيع عام 2013، أمر البغدادي الجولاني وجبهة النصرة التابعة له بوقف التعاون مع الجماعات المسلحة السنية في سوريا والتركيز على الاستيلاء على الأراضي. ورفض الجولاني الإذعان لاستراتيجية البغدادي.
في أبريل / نيسان 2013، أعلن البغدادي علناً ومن جانب واحد، أن جبهة النصرة هي امتداد لتنظيم الدولة الإسلامية. وأطلق على اندماج المجموعتين اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو داعش. وقال البغدادي في بيان مسجل نشرته المواقع الجهادية: “لقد حان الوقت لنعلن لأهل الشام والعالم أجمع أن جبهة النصرة هي مجرد امتداد وجزء من دولة العراق الإسلامية”. وعارض الجولاني مرة أخرى البغدادي، مما دفع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى التدخل وتحذير البغدادي من الاندماج. رفض البغدادي أمر الظواهري وواصلت الجماعة تمددها في سوريا. وفي 29 يونيو/ حزيران 2014، أعلن قيام “دولة الخلافة الإسلامية” وسمى نفسه “الخليفة”.
خلال صيف عام 2014، ورد أن البغدادي التقى بصالح السبعاوي، وهو مهندس ساهم في ترسانة الأسلحة الكيميائية لصدام حسين، وجنده لتطوير برنامج مماثل للأسلحة الكيميائية لصالح تنظيم الدولة الإسلامية. وفي عهد السبعاوي، نجح داعش في تصنيع قنابل وصواريخ غاز الخردل والكلور. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، خطط البغدادي والسبعاوي لتطوير ترسانة من الأسلحة البيولوجية والكيميائية بهدف استخدامها في حملات عسكرية محلية وضد المدن الأوروبية الكبرى.
في 5 يوليو/ تموز 2014، ظهر البغدادي علناً في الجامع الكبير بالموصل، ودعا مسلمي العالم إلى “طاعته” كخليفة. وأعلن البغدادي: “لقد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم […] إذا رأيتموني صادقاً فاتبعوني، وإذا رأيتموني أكذب فانصحوني وأرشدوني […] فإن عصيت الله فلا تطيعوني”.
وكان البغدادي يخضع لعقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعقوبات أخرى. وتم الإبلاغ عن مقتله كذباً في غارة جوية عراقية في أكتوبر / تشرين الأول 2015، وترددت شائعات حول إصابته في غارة جوية للتحالف في يونيو / تموز 2016، وتم الإبلاغ عن مقتله كذباً أيضاً في غارة جوية روسية في مايو / أيار 2017. وأكد المسؤولون الأمريكيون أن البغدادي أصيب بجروح خطيرة في غارة جوية للتحالف في مايو / أيار 2017، مما أجبره على التخلي عن إدارة داعش لمدة خمسة أشهر. أصدر البغدادي تسجيلاً صوتياً في 28 سبتمبر / أيلول 2017 أشار فيه إلى الأحداث الجارية في التسجيل، ليثبت أنه لا يزال على قيد الحياة. وبعد شهر واحد، طردت القوات المدعومة من الولايات المتحدة تنظيم داعش من عاصمته المعلنة في الرقة، سوريا.
في أبريل / نيسان 2018، أصدرت مجموعة من مقاتلي داعش بياناً عبر قنوات التواصل الاجتماعي التابعة للتنظيم جددوا فيه ولاءهم للبغدادي. في 22 غشت / آب 2018، نشرت مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لداعش تسجيلاً صوتياً للبغدادي يدعو فيه أنصار التنظيم إلى “المثابرة” وتنفيذ هجمات منفردة باستخدام القنابل والسكاكين والسيارات في كل مكان. وأشار البغدادي إلى الأحداث الجارية لإثبات أنه لا يزال على قيد الحياة، رغم أن الخبراء لم يتمكنوا على الفور من تأكيد ما إذا كان الصوت الموجود في التسجيل هو صوته بالفعل.
في ليلة 26 أكتوبر / تشرين الأول 2019، داهمت القوات الأمريكية مجمعاً في قرية باريشا في محافظة إدلب السورية بالقرب من الحدود التركية. وفقاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طاردت القوات الأمريكية البغدادي إلى نفق، حيث قام بتفجير سترة ناسفة. وتعرف المسؤولون الأمريكيون على البغدادي من خلال اختبار الحمض النووي للرفات. وقتل البغدادي أيضاً اثنين من أطفاله، عندما انفجرت سترته وفقاً للسلطات الأمريكية، كما قُتل خمسة من أعضاء داعش خلال الهجوم.
وبحسب التقارير، استولت القوات الأمريكية على بيانات ووثائق قيّمة من الغارة. سُميت العملية على اسم عاملة الإغاثة الأمريكية كايلا مولر، التي أسرها داعش عام 2013. وبحسب التقارير، اغتصب البغدادي مولر أثناء أسرها، والتي توفيت عام 2015 أثناء احتجازها لدى داعش.
واعترفت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية بمقتل البغدادي في 31 أكتوبر/ تشرين الأول وأشادت بدوره في توسع داعش بفضل “فتوحاته العسكرية”. وأعلنت أعماق أبو إبراهيم الهاشمي القرشي خليفة جديداً لداعش.