مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية المستقبليون هم مراهقون يتم تهريبهم من مخيم الهول من قبل أمهاتهم والشبكات المالية المتحالفة مع داعش
على الرغم من التقدم الملحوظ في عمليات الإعادة إلى الوطن في أوائل عام 2023، حيث أعادت 14 دولة مواطنيها، بما في ذلك الأطفال، فإن مسألة مراكز الاحتجاز والمخيمات في شمال شرق سوريا لا تزال تشكل تحدّياً كبيراً لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف المناهض لتنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة. وبالمثل، لا يزال مخيم الهول يشكل أرضاً خصبة لعودة داعش. إن النظام الأمني الصارم وجهود الرصد والمراقبة القوية التي قامت بها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا على مرّ السنين سهّلت على إدارة المخيم الحفاظ على ما يشبه الأمن والاستقرار النسبيين، لكن التأثير الأيديولوجي لتنظيم الدولة الإسلامية وحكمه الإرهابي ينتشر تدريجياً من خلال النساء الأجنبيات المنتميات للتنظيم اللاتي ينقلن إيديولوجية داعش المتطرفة إلى الجيل التالي.
وقد وثق المركز الدولي للتطرف العنيف كيف أن هؤلاء النساء المحتجزات اللاتي يعتبرن من أشد المؤيدات لتنظيم الدولة الإسلامية يحكمن الجزء الملحق من المعسكر بشكل رئيس من خلال تطرف الأطفال الذين تتردد بلدانهم في إعادتهم إلى وطنهم. ترفض النساء العودة الطوعية إلى وطنهن، وتقدم لهن بلدانهن الأصلية خدمة مريبة بحرمان أطفالهن أيضاً من العودة إلى الوطن، وهم الأطفال الذين يجب على الدولة حمايتهم، وعدم تركهم يواجهون مثل هذه الظروف. وفي حين تزعم معظم النساء في المخيمات أنهن قطعن علاقاتهن مع التنظيم أو حتى تخلّين عن أيديولوجيته، فإن بعض النساء المتشبثات بأيديولوجية داعش لا يواصلن تلقين الأطفال مبادئ العنف فحسب، بل ينخرطن أيضاً في الاعتداء والاستغلال الجنسي. يُزعم أن بعض نساء داعش يُجبرن الذكور البالغين الذين لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً على إقامة علاقات جنسية مع العديد من النساء الأكبر سنّاً في وقت واحد لتعزيز عدد مؤيدي داعش الجدد الذين يأملون في إحياء “الخلافة الطوباوية”. ومن بين حالات الحمل التي تنتج أيضاً، قد يكون بعضها عن طريق علاقات غير شرعية مع الحراس وغيرهم من العاملين في المخيمات. ووفقاً لبعض التقارير الإعلامية، فإن السماح للمراهقين بالزواج من هؤلاء النساء بغرض الإنجاب قد تم إضفاء الشرعية عليه في المخيمات بموجب فتوى صادرة عن قاضي شرعي تابع لتنظيم الدولة الإسلامية. والدليل على هذه الممارسة هو 60 ولادة شهرية تتم في مخيم الهول، إلى جانب حالات إضافية من الولادات غير المسجلة، حيث يخفي العديد من النساء في قسم المهاجرين (حيث لا يوجد أزواج مقيمين) حملهن ويلجأن إلى الولادة دون مساعدة من أطباء المعسكر في الخيام بمساعدة المعتقلات.
داخل معسكرات الاعتقال هذه، لا يزال تأثير أيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية يشكل مصدر قلق بالغ. كما إن إعداد الشباب كمقاتلين مستقبليين تحت قيادة الأمهات المؤيدات لتنظيم داعش يشمل أيضاً الاهتمام بقوتهم البدنية ودفعهم نحو تبني العنف. غالباً ما أظهر أطفال المخيمات ميولاً متطرفة. ويسلط تقرير صدر حديثاً عن مجلس الأمن الدولي الضوء على تجنيد الأطفال داخل المخيم من قبل خلايا داعش للقيام بعمليات انتحارية، مما يؤكد أنهم الآن أكثر خبرة من الناحية العملياتية وأكثر تطرفاً وتنظيماً مما يشكل تهديداً متزايداً في المستقبل القريب على أمن هذه المخيمات وعلى الاستقرار الإقليمي والدولي إذا تم تهريبهم إلى معاقل تنظيم الدولة الإسلامية. ونشرت تقارير إعلامية جديدة لقطات من داخل مخيم الهول تظهر خياماً في الزوايا النائية / المعزولة لقسم المهاجرين في المخيم، والتي لا تعمل فقط كـ “مراكز تدريب” لهؤلاء الأولاد المراهقين، حيث يخضعون للتدريب القتالي ويمارسون فنون الدفاع عن النفس، ولكنها تعلّم أيضاً كيفية بناء وتخزين الأدوات البدائية والعيش في ظروف صعبة. إن لقطات بعض الأطفال وهم يعبثون بكاميرات المراقبة داخل المخيمات لمحو أي آثار لحوادث العنف التي يتورطون فيها، وإضرام النار في المدارس أو المراكز التعليمية، هي بمثابة مؤشرات أقوى على ميلهم المتزايد نحو العنف تحت تأثير أمهات مؤيدات لداعش.
لا يمكن التقليل من أهمية الدور الذي تلعبه الأمهات في تلقين أطفالهن الأيديولوجية المتطرفة. تكشف مراقبة القنوات المؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية على تلجرام للنساء من المخيمات عن خطابات تدور حول إدانة النساء غير الملتزمات بالزي الشرعي بسبب “سلوكهن الغربي غير الإسلامي”، ونقل دروس أسبوعية للأطفال حول “عقيدة ومنهجية” داعش، ومناقشة سبل تعزيز قوتهم البدنية حتى يكونوا مستعدين لمحاربة “الأعداء”. ولهذا السبب، يُجبر الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 8 سنوات على ذبح الأغنام بوحشية لتوزيع لحم العقيقة (الذي يتم توزيعه بعد الولادة) كمساعدات، كما أنهم يستهلكون مقاطع فيديو دعائية دموية لتنظيم داعش. وكشفت الصور التي ظهرت مؤخراً في مقطع فيديو دعائي لتنظيم الدولة الإسلامية، حصل عليه المركز الدولي للتطرف العنيف، أولاداً مراهقين يخضعون للتدريب القتالي. علاوة على ذلك، فإن وجود مقاطع فيديو دعائية مرتبطة بتنظيم داعش، تظهر جنوداً أطفالا، تم العثور عليها على أجهزة محمولة تمت مصادرتها من نساء داعش الأجنبيات، يسلط الضوء على النفوذ الأيديولوجي المتصاعد للتنظيم بين النساء والأطفال. بعد أربع سنوات مرهقة في المخيمات منذ وصولهن بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الباغوز في مارس / آذار 2019، ومع مستقبل قاتم أمامهن، تسعى بعض هؤلاء النساء المحتجزات الآن بشكل عاجل للحصول على أموال لإخراج أنفسهن وأطفالهن من المخيمات. وينبع الدافع لتأمين هروب الأطفال جزئياً من غياب خيارات العودة إلى الوطن، مما دفع قوات سوريا الديمقراطية إلى التفكير في نقل القُصَّر الذين تلقوا تعليماً عالياً إلى مراكز إعادة التأهيل المنشأة حديثاً لتخليصهم من تأثير التنظيم والحفاظ على سلامة المخيمات. حتى الآن، قامت إدارة قوات سوريا الديمقراطية بنقل 300 مراهق أجنبي تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً من مخيم الهول إلى مراكز تأهيل أوركيش وهوري في محافظة الحسكة، كما تم سجن العديد من شباب داعش الذكور أيضاً في سجن بانوراما للشباب. تعتبر جماعات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة هذا الفصل المنهجي (انتزاع الأولاد من أمهاتهم) ممارسة غير قانونية وغير أخلاقية دولياً، بحجة أنها تسبب صدمة تعرض السلامة النفسية للأطفال للخطر، مما أدى إلى إثارة جدل حاد بين صانعي السياسة الغربيين وخبراء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فيما يتعلق بتماشي هذا الإجراء مع القوانين الغربية الحالية لحماية الطفل، والتي تنص على أنه يجب حماية الأطفال عن طريق إبعادهم عن الخطر، وسوء المعاملة، والانتهاك الجنسي، وما إلى ذلك، حتى لو كان ذلك يستلزم في بعض الأحيان فصلهم عن أمهاتهم.
وقد أثارت عمليات نقل الصبية المراهقين من قبل السلطات مخاوف متزايدة بين النساء الأجنبيات المحتجزات، وخاصة أولئك المؤيدات بشدة لقضية التنظيم، مما دفعهن إلى تدشين حملات لجمع التبرعات لتنظيم هروب أطفالهن من داخل حدود المعسكر.
ولا يزال كوادر تنظيم الدولة الإسلامية من الذكور والإناث موالين للتنظيم، وينتظرون منذ فترة طويلة عمليات الهروب من السجن، مثل تلك التي جرت في يناير/ كانون الثاني 2022 في سجن الصناعة بمدينة الحسكة في شمال شرق سوريا لجمع شملهم مع مجموعتهم. وفي هذا السياق، من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن العديد من السجناء الأجانب الذكور الذين يقبعون في مختلف مراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، والمعتقلات المحتجزات في المخيمات، كتبوا رسالة مفتوحة إلى خليفة داعش السابق أبو الحسين الحسيني القرشي يتأسفون فيها على تجاهل التنظيم لمحنتهم وعدم بذل “الخليفة” جهداً لتحريرهم من الأسر: “أيها الشيخ والإخوة الكرام، والله أننا نعرف حالكم، لكن كفوا عن تقديم الأعذار! انسوا أي مساعدة مالية، لم نتلق رسالة تعزية واحدة منك! لا نعرف السبب، لكننا قررنا أن نذكرك بنا، واعلم أن هذه آخر رسالة منا إليك!”. يشير هذا بوضوح إلى الإحباط المتزايد لدى المعتقلين من تنظيم الدولة الإسلامية، في ظل عدم تمكنهم، من خلال حملات التبرعات الجماعية، من جمع الحد الأدنى من الأموال لتغطية نفقات معيشتهم الشهرية. ومن الطبيعي بالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية أن خسارة الخلافة وجهت ضربة قوية لخزائنه المركزية، والآن قد لا تكون خزينته في وضع جيد لدعم الاحتياجات المالية اليومية للمحتجزين، ناهيك عن ترتيب رسوم التهريب بالآلاف من الدولارات لعشرات المعتقلين الذين يدعون، أو أكدوا بالفعل، ولاءهم للتنظيم.
عندما نجح تنظيم الدولة الإسلامية في اجتياح محافظة الحسكة في يناير/ كانون الثاني 2022 وحرر العديد من أتباعه، أثار ذلك الآمال والتوقعات بين المحتجزات المؤيدات لداعش بأن يتم إطلاق سراحهن أخيراً على يد “إخوانهن” مما يضع حداً لـ “سنوات البؤس الطويلة” التي أمضينها داخل هذه المخيمات. ومع ذلك، تحولت هذه التوقعات اليوم إلى اكتئاب ويأس مطلقين، وبدلاً من ذلك، حولت النساء انتباههن إلى شبكات الدعم الدولية المتحالفة مع داعش من مناطق جغرافية بعيدة والتي تعمل على تمويل تهريب المراهقين خارج مخيم الهول. بالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، أصبح تهريب الموالين له مهمة شاقة بسبب التكاليف والمخاطر المالية، وحالات الاحتيال، والاحتمال الأكبر للقبض على مقاتليه من قبل سلطات المخيم، وهو ما يتضح من خلال إحباط قوات سوريا الديمقراطية لمحاولات هروب عديدة. وارتفعت تكلفة تهريب عائلة واحدة إلى 30 ألف دولار، بعد أن ضاعف المهربون المبلغ (الذي كان سابقاً 15 ألف دولار)، وذلك رداً على تشديد قوى الأمن الداخلي قبضتها على مخيم الهول. ومع ذلك، يُزعم أن التخطيط وعمليات الهروب المحفوفة بالمخاطر من مخيم الهول قد شارك فيها العديد من الجهات الفاعلة مثل منظمة الإغاثة التركية الشهيرة “مؤسسة المساعدات الإنسانية”، وبعض قوات الأمن الداخلي، والبائعين الذين يخدمون المخيمات والذين لم يتمكنوا من تحمل إغراء الرشاوى الضخمة، وقوات النظام السوري، والجيش الوطني السوري: الوكيل التركي، لجني أرباح ضخمة.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن شبكات تهريب البشر داخل وخارج مخيم الهول تديرها في المقام الأول خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، ويُزعم أنها تتلقى المساعدة من النساء المواليات للتنظيم داخل المخيم. قناة تلغرام باللغة العربية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، والتي تشارك التطورات الأمنية المنتظمة في مخيمات الاعتقال الهول والروج، والتي من المحتمل أن من يديرها مؤيدون مرتبطون بداعش، كثيراً ما تحث النساء على تقديم معلومات حول أفراد أمن قوات سوريا الديمقراطية والمهربين الوهميين الذين استولوا على أموال المعتقلين لتنفيذ عمليات انتقامية ضدهم. وتكشف هذه القناة تفاصيلهم الشخصية مثل أرقام الهواتف والحسابات المصرفية، مما يزيد من حدة التهديدات ضدهم. كما يصدر الموالون لتنظيم داعش إنذارات نهائية للنساء المعتقلات ضد طلاق أزواجهن المسجونين القابعين في سجون شمال شرق سوريا، إلى جانب التهديد بقتل أي شخص يشجع أو يدعم أو يتواصل مع اللاتي يمضين في إجراءات الطلاق. ويبدو أن مناصرات التنظيم اللاتي في أمس الحاجة إلى المساعدة المالية قد حصلن على الدعم من مديري القناة المؤيدين لتنظيم داعش بشرط التوقف عن التعامل والتعاون مع سلطات المخيم وحراس الأمن، مؤكدين أنهن تحت رقابتهم المستمرة. في الواقع، العديد من المحتجزات في المخيمات أشرن إلى خوفهن من الأيدي الطويلة لمؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية على مستوى العالم، الذين يرسلون تقارير من خارج المخيمات عن أي شخص بالداخل يجري مقابلة إعلامية أو يفعل أي شيء للانتقاص من التنظيم، غالباً مع حرق الخيام أو الضرب أو غير ذلك من أشكال الانتقام التي تحدث لأولئك الذين تحدثوا ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وكشفت تقارير سابقة للمركز الدولي للتطرف العنيف أن الكيانات المالية المرتبطة بتنظيم داعش تنسق بشكل وثيق جهود التهريب على مستوى المخيمات مع بعض المعتقلات الأجنبيات. ومن خلال شبكاتهم المالية المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وإفريقيا، يقومون بجمع وغسل أموال بقيمة آلاف الدولارات لإخراج الأطفال والمراهقين من المخيمات. ومن التطورات الأخيرة في هذا السياق أن شبكة روسية تدعم تنظيم الدولة الإسلامية بقوة تمكنت من جمع مبلغ قدره 35 ألف دولار لتسهيل هروب 20 قاصراً، حيث يتطلب كل منهم تكلفة تهريب قدرها 7000 دولار. تم تحويل معظم الأموال المخصصة لحملة جمع التبرعات هذه بالعملة المشفرة والمحافظ المحمولة. ويمكن أيضاً توجيه الأموال من خلال نظام الدفع باي بال، والتحويلات المصرفية المباشرة، وخدمات تحويل الأموال مثل ويسترن يونيون وريا، مع خيار تسليم الأموال مباشرة أيضاً إلى الوسطاء الماليين لتنظيم داعش في النمسا وألمانيا وفرنسا، ثم يقوم هؤلاء بتحويل هذه المبالغ إلى مختلف شركات الخدمات المالية ومكاتب الحوالة في تركيا، حيث تصل الأموال في نهاية المطاف إلى النساء في مخيمات سوريا في شكل صدقات نقدية. وبينما تدعي تركيا أنها أغلقت الكثير من أنظمة الحوالة وأنظمة الدعم الأخرى التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في البلاد، فقد أشار أعضاء سابقون في التنظيم أنه بمجرد وصول الأموال النقدية إلى تركيا تصبح الضوابط المالية سهلة الاختراق، حيث تكون متاحة بشكل أساسي لداعش في سوريا.
ومن المثير للاهتمام أن تقارير تحصيل الأموال الخاصة بشبكات التمويل الداعمة لداعش تظهر أيضاً مقدار أموال التهريب التي خصصتها للقاصرين في المخيمات. تمكنت مبادرة تمويل جماعي روسية أخرى مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية من جمع 10000 دولار في ثلاثة أشهر لسجينة وأطفالها، باستخدام محافظ كيوي الالكترونية في الغالب. وفي الوقت نفسه، قال تنظيم الدولة الإسلامية في مقاطعة خراسان. إنهم لن يستخدموا نظام الدفع كيوي بسبب انخفاض حدود السحب، ويختارون الآن قبول التحويلات المصرفية المباشرة. كما تعهد عدد قليل من المسؤولين عن مبادرات التمويل الجماعي هذه بالولاء لخليفة داعش الجديد أبو حفص الهاشمي القرشي، حيث شارك جامع تبرعات باللغة الألمانية مرتبط بتنظيم داعش في ترجمة خطاب المتحدث الجديد باسم داعش والذي أكد وفاة أبو الحسين الحسيني القرشي.
بالنسبة إلى حملات التمويل الجماعي الروسية والألمانية المرتبطة بتنظيم داعش، والتي تمت ملاحظتها وتوثيقها، تظل العملات المستقرة مثل تيثر هي الخيار الأكثر تفضيلاً لقبول تبرعات العملات المشفرة. قام منظمو حملات جمع التبرعات هذه بتوزيع أدلة احترازية حول إجراء تحويلات آمنة للعملات المشفرة. وتعززت هذه الملاحظات أيضاً من خلال النتائج التي توصل إليها تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتي تعكس استخدام تنظيم الدولة الإسلامية للإصدارات الإقليمية من العملات المشفرة والعملات المستقرة إلى جانب الاستخدام المتزايد للأصول الافتراضية مثل الرموز غير القابلة للاستبدال لجمع الأموال. كما ناقش مؤيدو داعش على منصة روكيت شات كيفية إرسال الأموال إلى التنظيم باستخدام العملة الرقمية مونيرو دون أن تكتشفها وكالات إنفاذ القانون، مع اقتراح آخرين استخدام بورصات العملات المشفرة و”الشبكة الافتراضية الخاصة” للتعتيم على المعاملات. علاوة على ذلك، يبدو أن تحويلات الدفع المباشرة المخصصة لتهريب المعتقلين لا تزال تتم في المقام الأول إلى حسابات المستفيدين من البنوك الروسية، وفي معظم الحالات البنوك التركية، وهو أمر ليس مفاجئاً بالنظر إلى أن تركيا كانت تخضع لتدقيق مكثف لكونها ملاذاً لتمويل الإرهاب الذي تمارسه داعش عبر الحدود. لقد تم وضع البلاد على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي لفشلها في مكافحة غسل الأموال مع “عدم متابعة تمويل الإرهاب”. وقد شارك الوسطاء الماليون في ألمانيا أيضاً إلى حد كبير في غسل الأموال غير المشروعة من أجل إطلاق سراح هؤلاء القاصرين ومساعدة النساء المحتجزات. في الواقع، كشف المركز الدولي للتطرف العنيف في تقريره لعام 2022 عن دور أحد الميسرين الماليين لتنظيم الدولة الإسلامية، وهو مواطن كوسوفي يُدعى كوجتيم بي، والذي تم القبض عليه في مايو / أيار 2023 في ألمانيا مع سبعة مشتبه بهم آخرين لإدارة شبكة مالية حولت 65000 يورو إلى هؤلاء النساء في مخيمات سوريا من أجل مساعدتهن على الهروب من الاعتقال.
ويساعد أنصار داعش من جميع أنحاء العالم، أو أولئك الذين تأثروا بمحنة هؤلاء النساء اللاتي يعشن في ظروف متدهورة، شبكات داعش في تهريب هؤلاء الأطفال وبعض النساء خارج معسكرات الاعتقال هذه.
وفي حين تقدمت دول مثل فرنسا وكندا لإعادة مواطنيها، وخاصة الأطفال، من مخيمات داعش في سوريا، فإن أستراليا وبريطانيا وبعض الدول الأخرى تتخلف عن جهود إعادة مواطنيها. يؤدي هذا التأخير إلى تفاقم الوضع الأمني غير المستقر في مخيمات الاعتقال الكئيبة، التي تفتقر إلى الضروريات الأساسية، مما يجعل النساء والأطفال عرضة للتطرف والعودة لدعم داعش. وفي الوقت نفسه، تهدف النساء المواليات للتنظيم الإرهابي إلى تحقيق أهدافه المتمثلة في التأثير على الأطفال وتجنيدهم مقابل الحصول على موارد مالية لتهريبهم خارج المخيمات وإجبارهم لاحقاً على القتال على الخطوط الأمامية والموت من أجل التنظيم. إن تعرض الأطفال المتزايد لتلقين العناصر المؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية، إلى جانب تفشي العنف والاستغلال والخروج على القانون في المخيمات، أثر بشكل كبير على شعورهم بالأمان والرفاهية النفسية والتعليم والآمال في المستقبل، وهذا ما يضفي مصداقية على الحجة الداعية إلى فصل هؤلاء الشباب الأكبر سناً عن أمهاتهم، على الرغم من ألم هذا الانفصال، ووضعهم في مراكز إعادة التأهيل. وكما هو موضح أعلاه، فإن الجهود المستمرة التي يبذلها تنظيم الدولة الإسلامية من خلال شبكاته المالية وداعميه المخلصين تساعد على تأمين إطلاق سراح أعضائه وأطفاله من الاعتقال، وتربيتهم كمقاتلين جهاديين مستقبليين يشكلون مخاطر أمنية كبيرة على المنطقة وخارجها. إن مستقبل هؤلاء الشباب يعتمد على التحرك الآن لحمايتهم ولحمايتنا من مثل هذه المصائر، وإلا فمن المرجح أن نواجههم مرة أخرى في المستقبل كجنود في ساحة المعركة.
الرابط: