لا تزال أيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية تلهم المتطرفين في جميع أنحاء العالم
قال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إن المهاجم الذي دهس بشاحنته المحتفلين في الحي الفرنسي في نيو أورليانز في ليلة رأس السنة الجديدة كان يحمل علم تنظيم الدولة الإسلامية الأسود.
وتقول السلطات الأمنية إنها تعتقد أن المهاجم تصرف بمفرده، فقتل 15 شخصاً على الأقل في ما تحقق فيه باعتباره هجوماً إرهابياً. كما تسعى السلطات جاهدة لتحديد طبيعة “الإلهام” الذي ربما استقاه من الجماعة المتطرفة السنية الإسلامية التي برزت في بيئة الإرهاب العالمي منذ أكثر من عقد من الزمان.
بحلول عام 2014، استولى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مساحات شاسعة من العراق وسوريا. وفي ظل تفسير التنظيم المتشدد للإسلام، تعرض الآلاف في المنطقة، بما في ذلك الأقليات مثل اليزيديين، للاضطهاد والاستعباد الجنسي والقتل. وامتد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية القاتل إلى أوروبا وخارجها، حيث نفذ عناصر / أو أنصار التنظيم عمليات تفجير وإطلاق نار جريئة في العديد من العواصم، بما في ذلك باريس وبروكسل.
لقد سحق تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة الخلافة التي أعلنها تنظيم داعش قبل أكثر من خمس سنوات، لكن الخسائر الإقليمية ومقتل زعماء التنظيم لم تضع حداً للهجمات التي نفذتها فروعه العديدة أو قطيع “الذئاب المنفردة” التي تبنت أيديولوجيته.
في ما يلي نظرة على تنظيم الدولة الإسلامية، والهجمات التي تورط / أو شارك فيها على مر السنين، والتهديد المستمر الذي يشكله.
كيف نشأ تنظيم الدولة الإسلامية؟
ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في البداية بوصفه جزءاً من شبكة القاعدة، وكان يقوده أبو بكر البغدادي، واسمه الحقيقي إبراهيم البو بدري، رجل الدين العراقي المتشدد وزعيم الجهاديين المتمردين في العراق الذي نصب نفسه خليفة. لقد واجه أولئك الذين يعيشون تحت حكم التنظيم في قوس واسع من العراق وسوريا – وخاصة أعضاء الديانات أو الطوائف الإسلامية الأخرى – عقوبات مروعة: قطع الرؤوس، والصلب، والتعذيب. خلال نفس الحقبة، أخذت المجموعة أيضاً رهائن غربيين، وقتلت العديد منهم، بما في ذلك الصحفي الأمريكي جيمس فولي، الذي قُطع رأسه في عام 2014، وعاملة الإغاثة في ولاية أريزونا كايلا مولر، التي تأكد مقتلها في عام 2015.
في عام 2017، حرر تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة ثاني أكبر مدينة في العراق، الموصل، من قبضة التنظيم، وطارد فلوله في شرق سوريا. وبحلول عام 2019، ومع اقتراب القوات الأمريكية من القبض عليه، قتل البغدادي نفسه في تفجير انتحاري أسفر أيضاً عن مقتل اثنين من أطفاله. وأعلن دونالد ترامب، الذي كان رئيساً في ذلك الوقت، أن الخلافة “اندثرت”.
ما هي بعض أخطر هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في أوربا؟
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، أدت الهجمات المنسقة التي نفذها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في باريس، في قاعة للحفلات الموسيقية وخارج أحد الملاعب، إلى مقتل 130 شخصاً، وبعد أربعة أشهر فقط، أدت تفجيرات المطار ووسائل النقل العام في بروكسل إلى مقتل 32 شخصاً.
كما يُعتقد أن داعش ألهم هجمات أخرى، بما في ذلك هجوم الشاحنة عام 2016 في مدينة نيس على الريفييرا الفرنسية، والذي أسفر عن مقتل 80 شخصاً على الأقل وإصابة مئات آخرين، وهجوم الدهس على جسر في لندن عام 2017، والذي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة العشرات.
هل وقعت هجمات مستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية في الولايات المتحدة؟
في عام 2015، قُتل 14 شخصاً في إطلاق نار في سان برناردينو على يد فريق مكون من رجل وزوجته، وقد أشاد بهما تنظيم الدولة الإسلامية بوصفهما “مناصرين”. وفي عام 2016، أطلق مسلح أعلن مبايعته للبغدادي النار على 49 شخصاً في ملهى ليلي للمثليين في أورلاندو بولاية فلوريدا وقتلهم.
ما الذي يربط منفذ هجوم نيو أورليانز، شمس الدين جبار، بتنظيم الدولة الإسلامية؟
بالإضافة إلى اللافتة السوداء الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية التي عُثر عليها في شاحنته، نشر المحارب القديم في الجيش الأمريكي مقاطع فيديو قبل الهجوم “تشير إلى أنه استلهم” هجومه من داعش وفقاً للرئيس بايدن. ولا يزال التحقيق مستمراً.
ما هو الوضع الحالي لتنظيم الدولة الإسلامية؟
في السنوات التي تلت اجتياح معقله الأخير في شرق سوريا، واجه تنظيم الدولة الإسلامية صعوبة في شنّ عمليات واسعة النطاق، حيث اكتفت قواته المتضائلة بهجمات وعمليات خطف على غرار العصابات في الغالب على الحدود بين العراق وسوريا.
ماذا عن أماكن أخرى من العالم؟
لقد حقق تنظيم الدولة الإسلامية نجاحاً أكبر من خلال شبكته اللامركزية من الفروع التي انتشرت في مختلف أنحاء إفريقيا وأجزاء من آسيا.
ومن بين فروع التنظيم القوية بشكل خاص تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، المعروف أيضاً باسم “ولاية خراسان”، والذي شن هجمات جريئة على نحو متزايد في العام الماضي، بما في ذلك هجوم على قاعة حفلات موسيقية في موسكو في مارس/ آذار، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 140 شخصاً، وتفجير مزدوج خلال موكب جنازة في إيران أسفر عن مقتل نحو مائة شخص.
كما ارتبط تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان بالتفجير الذي وقع في أغسطس/ آب 2021 وأسفر عن مقتل 13 من أفراد الخدمة الأمريكية ونحو 170 أفغانياً أثناء انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.
كيف أثر سقوط النظام السوري على التنظيم؟
لقد أثار سقوط حكومة بشار الأسد مخاوف من عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى الظهور في سوريا، في حين يعتقد البعض أن عودته قد بدأت بالفعل. وعلى الرغم من الضغوط المستمرة من جانب التحالف الأمريكي والقوات المحلية، فإن تقريراً للقيادة المركزية الأمريكية في يوليو/ تموز الماضي ذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية أعلن عن عدد من الهجمات في العراق وسوريا في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 أكثر مما أعلن عنه طوال عام 2023 بأكمله.
وفي سبتمبر/ أيلول، حذر بيان للقيادة المركزية الأمريكية من أن أولوية تنظيم داعش في الوقت الحالي هي تحرير ما يقرب من 9 آلاف من معتقليه المحتجزين في أكثر من 20 مركز احتجاز في مختلف أنحاء سوريا، والذين وصفهم أحد المسؤولين الأمريكيين بأنهم “جيش قيد الانتظار”.
وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا في ذلك الوقت: “إذا تمكن هذا العدد الكبير من مقاتلي داعش من الفرار، فسيشكل ذلك خطراً شديداً على المنطقة وخارجها”.
ما هي أحدث الهجمات التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية؟
في هذا الأسبوع، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال أنه نفذ هجوماً في 31 ديسمبر / كانون الأول باستخدام 12 مسلحاً وسيارتين مفخختين أسفر عن مقتل أكثر من 20 عسكرياً. ويقول الخبراء إنه أكبر هجوم يشنه الفرع الصومالي لداعش حتى الآن. كذلك في مارس / اذار الماضي، أعلنت مجموعة تابعة لداعش تعمل في دولة النيجر في غرب إفريقيا مسؤوليتها عن هجوم قالت إنه أسفر عن مقتل 30 جنديًّا.