كتائب حزب الله في العراق
كتائب حزب الله هي ميليشيا شيعية موالية أيديولوجياً للنظام الإيراني، تعمل بشكل أساسي في العراق، ولها عمليات فرعية في جميع أنحاء سوريا. خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق، والتي بدأت عام 2003، كانت كتائب حزب الله مسؤولة عن “بعض الهجمات الأكثر فتكاً ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف”. كذلك تورطت الكتائب في عمليات قتل واختطاف خارج نطاق القضاء في محافظة الأنبار العراقية، بما في ذلك اختطاف أكثر من 70 صبياً ورجلًا سنياً في 27 مايو/ أيار 2016 من منطقة السجر، وقتل 49 رجلاً من الصقلاوية. وقد سيطر التنظيم حصرياً على منطقة جرف الصقر غربي بغداد، حيث يمنع السكان السنة النازحين من العودة ويدير سجوناً خاصة. في أغسطس 2019، جاء في تقييم لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن كتائب حزب الله تشكل أكبر تهديد لمصالح الولايات المتحدة في البلاد.
بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق في كانون الأول/ ديسمبر 2011، أرسلت كتائب حزب الله مقاتلين للدفاع عن نظام الأسد في سوريا بناءً على طلب قاسم سليماني: القائد السابق لفيلق القدس الإيراني. ومع تحول كتائب حزب الله من قتال القوات الأمريكية في العراق إلى محاربة المتمردين السنة والجهاديين في العراق وسوريا، استمرت في إعطاء الأولوية لأجندتها المناهضة للولايات المتحدة.
في كانون الثاني/ يناير 2018، انضمت كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر إلى وحدات شيعية أخرى لتشكيل حزب “تحالف الفتح” السياسي قبل الانتخابات العراقية في أيار/ مايو 2018. وفاز التحالف بـ 47 مقعداً برلمانياً في الانتخابات، وفي 11 يونيو/ حزيران، شكّل “تحالف الفتح” اتفاقاً ائتلافياً مع تحالف “سائرون” التابع لمقتدى الصدر، والذي فاز في الانتخابات العراقية.
يُعرف عن كتائب حزب الله أنها “الأكثر سرية” ونخبة الميليشيات العراقية ذات الأغلبية الشيعية. وتتمتع بعلاقات طويلة الأمد مع الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني، فيلق القدس، وكذلك مع وكيل إيران في لبنان حزب الله.
بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق في ديسمبر/ كانون الأول 2011، احتفظت كتائب حزب الله بأيديولوجيتها المناهضة للولايات المتحدة. يذكر موقع الكتائب أن الهدف الأول للجماعة “كان ولا يزال: إفشال المشروع الأمريكي في المنطقة، ودحر الاحتلال، وطردهم من العراق مكسورين ذليلين”، كما ظلت كتائب حزب الله معارضة لأي تعاون مع الولايات المتحدة لمحاربة داعش في العراق. على سبيل المثال، في سبتمبر / أيلول 2014، أصدرت بياناً جاء فيه: “لن نقاتل إلى جانب القوات الأمريكية تحت أي نوع من الظروف على الإطلاق. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، بعد هزيمة داعش في العراق، أصدرت بياناً أعلنت فيه أن “عدو الإنسانية، الولايات المتحدة، لم يعد بإمكانهم تدنيس الأراضي العراقية؛ لأن مقاتلي كتائب حزب الله لن يسمحوا لهم بذلك”.
ويعد ولاء كتائب حزب الله لإيران مفتاح أيديولوجية الجماعة. ويذكر تقرير لمؤسسة راند عام 2013 أن “كتائب حزب الله، مثل حزب الله اللبناني، تُستخدم كأداة لـ “تصدير الثورة الإسلامية” كما تمارس في طهران”. تقبل كتائب حزب الله علناً رؤية إيران لولاية الفقيه، وهي عقيدة خمينية تدعو إلى الرقابة الدينية على الحكومة. أعضاء كتائب حزب الله يقسمون يمين الولاء للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، ويقبلونه كزعيم روحي لهم.
واستهدفت كتائب حزب الله بشكل متزايد المملكة العربية السعودية، التي تعتبرها إيران منافساً لها في مشروعها للهيمنة الإقليمية، وانخرطت معها في حرب بالوكالة في اليمن. وفي مايو/ أيار 2019، هاجمت كتائب حزب الله منشأتين نفطيتين سعوديتين. وفي مايو/ أيار 2020، دعا المتحدث باسم الكتائب، أبو علي العسكري، إلى استمرار “عمليات الجهاد” في المملكة العربية السعودية”.
تعتبر كتائب حزب الله أكثر الميليشيات الشيعية العاملة في العراق سرية. لا يُعرف سوى القليل عن هيكلها التنظيمي. تعمل الكتائب رسمياً باسم اللواء 45 التابع لقوات الحشد الشعبي، وتسيطر على اللواء 46 التابع لسرايا الدفاع الشعبي. وبالإضافة إلى أنشطتها العسكرية في العراق، ساهمت كتائب حزب الله بمقاتلين في القوات الموالية للأسد في سوريا، على الرغم من أن الأعداد الدقيقة لهؤلاء المقاتلين غير معروفة.
وتنشط كتائب حزب الله أيضًا عبر الإنترنت. الوحدة 10000 التابعة لها متخصصة في نشر الدعاية عبر الانترنت والقرصنة وجمع المعلومات الاستخبارية مفتوحة المصدر. تم تشكيل مجموعة إلكترونية أخرى، وهي فرقة فاطميون الإلكترونية، في يناير / كانون الثاني 2020 لتنفيذ هجمات إلكترونية من خلال اختراق وتعطيل مواقع الويب وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المعارضة.
وفقاً للحكومة الأمريكية، يتم تمويل كتائب حزب الله بشكل أساسي من قبل حكومة إيران، وعلى وجه التحديد، من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. ورد في تقارير أمنية وإعلامية أمريكية أن كتائب حزب الله تلقت أموالاً من إيران لتمويل هجمات إرهابية ضد الجنود الأمريكيين في العراق، كما أن السوريين الذين يقاتلون في الفرع السوري لكتائب حزب الله يتلقون رواتبهم مباشرة من إيران.
وبحسب ما ورد، قامت كتائب حزب الله أيضاً بتأمين التمويل من خلال عمليات الاختطاف وطلب الفدية، حيث ذُكر أنها احتجزت أكثر من عشرين شخصاً كرهائن في ديسمبر/ كانون الأول 2015، بما في ذلك أفراد من العائلة المالكة القطرية، وأطلقت سراحهم بعد أكثر من عام مقابل دفع فدية كبيرة. وكشفت الوثائق التي تم نشرها في أبريل / نيسان 2018 أن المسؤولين القطريين دفعوا 25 مليون دولار من فدية قدرها 150 مليون دولار إلى كتائب حزب الله في عام 2017.
وتلقى أعضاء كتائب حزب الله تدريبات من الجناح العسكري الخارجي لإيران: فيلق القدس، وكذلك من حزب الله اللبناني. وبحلول عام 2008، كان فيلق القدس وحزب الله اللبناني يديران معسكرات تدريب في أربعة مواقع في إيران (طهران، قم، الأهواز، ومشهد). وهناك، تم تدريب كتائب حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى التابعة لإيران على استخدام الأسلحة الصغيرة والمتفجرات، كما أدار حزب الله اللبناني معسكرات تدريب في جنوب العراق إلى حدود عام 2008. وبحلول عام 2010، واصلت معسكرات التدريب في إيران تزويد كتائب حزب الله بالتدريب المتعلق بالأسلحة الصغيرة والمراقبة وتكتيكات الوحدات الصغيرة والاتصالات. وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2013، ورد أن أعضاء كتائب حزب الله الذين تم تدريبهم، إما في إيران أو لبنان قد ثم نقلهم جواً إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات نظام الأسد. وبحلول عام 2015، كان بعض أعضاء كتائب حزب الله يتلقون تدريباً عسكرياً في قاعدة بالقرب من مدينة سامراء شمال العراق.
في 30 يناير / كانون الثاني 2024، وبشكل مفاجئ، أعلنت كتائب حزب الله في بيان رسمي “تعليق العمليات العسكرية والأمنية على قوات الاحتلال”؛ وذلك “دفعاً لإحراج الحكومة العراقية”. كما أوصى البيان من سماهم “مجاهدي كتائب حزب الله الأحرار الشجعان”، بـ”الدفاع السلبي (مؤقتاً)، إن حصل أي عمل أميركي عدائي تجاههم”.
وكانت الولايات المتحدة، التي صنفت وزارة خارجيتها كتائب حزب الله كمنظمة إرهابية أجنبية عام 2009، قد وجهت الاتهام مباشرة للكتائب وحملتها مسئولية مقتل 3 مواطنين أميركيين وإصابة نحو 24 آخرين في الهجوم الذي استهدف “البرج 22″، وهو قاعدة عسكرية تؤوي قوات أمريكية بمخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية خلال يناير/ كانون الثاني 2024، وذلك رداً على الحرب الإسرائيلية الجارية على غزة منذ أكتوبر / تشرين الأول 2023.