دعم إيران للحوثيين: ما الذي يجب معرفته؟

عزز الدعم الإيراني القوة العسكرية للمتمردين الحوثيين في اليمن، مما ساعدهم على نشر قواتهم في البحر الأحمر. ويزيد تصعيد الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة على الجماعة من احتمالية المواجهة العسكرية مع إيران.
أصبحت حركة الحوثيين في اليمن، الموالية لإيران، واحدة من أقوى الجهات الفاعلة غير الحكومية في الشرق الأوسط منذ تجدد حرب إسرائيل ضد حماس في عام 2023. إن قدرة الجماعة على مواصلة الضربات التخريبية في البحر الأحمر والتصعيد الأخير في الهجمات الانتقامية الأمريكية تثير أسئلة جديدة حول عدم الاستقرار في المنطقة.
من هم الحوثيون؟
الحوثيون حركة تمرد محلية تسيطر حالياً على ثلث مساحة اليمن وثلثي سكانه. ثاروا على الحكومة المعترف بها دولياً عام 2011 وأطاحوا بها عام 2014. وفي حين تستمر الحرب الأهلية في اليمن حتى اليوم، فإن خطوط المواجهة تجمدت إلى حد كبير. لا يعترف بحكومة الحوثيين، المتمركزة في العاصمة اليمنية صنعاء، سوى إيران. ويشير شعار الحوثيين الشهير، المستوحى من إيران، إلى طموحاتهم التي تتجاوز اليمن: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. وقد صنفتهم الولايات المتحدة جماعة إرهابية.
يُعرف الحوثيون رسميًّا باسم أنصار الله، لكن اسمهم الشائع يشير إلى قادتهم، الذين ينحدرون من قبيلة الحوثيين في شمال اليمن. كانت حركة الحوثيين في الأصل حركة سياسية، ثم تحولت إلى حركة عسكرية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث خاضت حرباً ضد الحكومة اليمنية. يقودون حوالي عشرين ألف مقاتل، هم مزيج من القوات القبلية والقوات الموالية سابقاً للحكومة. تتجذر حركة الحوثيين في المذهب الزيدي، المعروف أيضاً باسم “الشيعة الخمسية”، مما يعني أنها تعترف فقط بالخمسة الأوائل من خلفاء النبي محمد. تمارس الحركة نشاطها بشكل رئيسي في شمال اليمن، حيث تبنت أيضاً عناصر من الإسلام السني. يشكل الزيديون حوالي ثلث سكان اليمن البالغ عددهم أربعة وثلاثين مليون نسمة.
كيف تحالف الحوثيون مع إيران؟
وفقاً لتقديرات بعض الخبراء، بدأ الدعم العسكري الإيراني للحوثيين منذ عام 2009، في خضم حربهم الأولى ضد الحكومة اليمنية. ويتفق معظم الخبراء على أن الحوثيين كانوا يتلقون أسلحة من إيران بحلول عام 2014، وهو العام الذي استولوا فيه على صنعاء. وفي كلتا الحالتين، يُرجح أن التدخل العسكري ضد الحوثيين من قِبل المملكة العربية السعودية، منافس إيران الإقليمي، قد حفز اهتمام طهران المتزايد بالجماعة.
غالباً ما يُطلق على الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران اسم “وكلاء طهران”، لكن العديد من الخبراء يرون أن من الأفضل وصف الحوثيين بـ “شركاء طهران”. صرح مايكل نايتس، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لمجلس العلاقات الخارجية بأن سياسة إيران في “تصدير” ثورتها الإسلامية عام 1979 من خلال رعاية جماعات مسلحة في المنطقة يمنح هذه الجماعات قدراً من المرونة [والاستقلالية]. وأضاف نايتس أن بين الحركة الحوثية والجمهورية الإسلامية تقارب أيديولوجي ومصالح جيوسياسية تدفع الحوثيين إلى مساعدة إيران.
في حين يُكن الحوثيون تقديراً كبيراً للمرشد الأعلى الإيراني والثورة الإسلامية، فإن اختلافات جوهرية تفصلهم عن إيران وشركائها المقربين. لا يمارس الحوثيون المذهب الشيعي الاثني عشري السائد في إيران، مع أنهم، بحسب التقارير، دمجوا المعتقدات الاثني عشرية في تفسيرهم للزيدية. كما أن حركتهم لم تتأسس بمساعدة إيران كما حدث مع جماعات مثل حزب الله اللبناني ومنظمة بدر العراقية.
ما مدى اتساع العلاقة العسكرية؟
تعدّ إيران الداعم الرئيس للحوثيين، حيث تقدم لهم مساعدات أمنية مثل نقل الأسلحة والتدريب والدعم الاستخباراتي. على سبيل المثال، في أواخر يناير/ كانون الثاني 2024، اعترضت القوات الأمريكية شحنة مساعدات عسكرية من إيران إلى الحوثيين، بما في ذلك قطع غيار طائرات مسيّرة، ورؤوس حربية صاروخية، ووحدات صواريخ مضادة للدبابات. تصل هذه المساعدات بشكل رئيس إلى الحوثيين عبر الحرس الثوري الإيراني، الذي يقدم أيضاً المشورة للقيادة العسكرية للجماعة.
بالنسبة إلى الحوثيين، يوفر لهم الارتباط بإيران أسلحة أكثر تطوراً مما يمكنهم الحصول عليه بمفردهم، وخاصة الصواريخ والطائرات المسيرة. عزز الدعم الإيراني قدراتهم القتالية، ما ساعدهم على تحقيق تفوق عسكري والحفاظ عليه داخل اليمن، لكن الخبراء يقولون إن تأثيره كان أكبر في أماكن أخرى. كتبت إليونورا أرديماغني، المحللة في الشؤون الخليجية، في عام 2023: “كان دور إيران حاسماً في تزويد الحوثيين بالأسلحة المتطورة والخبرات اللازمة لبسط نفوذهم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب”.
وكتب الخبير في الشؤون الإيرانية، محمد آية الله طبار، في مجلة “فورين أفيرز” أن الحوثيين يساعدون إيران من خلال تهديد حدود السعودية وحماية السفن الإيرانية في البحر الأحمر، مما يتيح لها التهرب من العقوبات المفروضة على شحن النفط. في الوقت نفسه، يقول الخبراء إن الحوثيين يساعدون على اختبار الأسلحة إيرانية الصنع ميدانياً على خطوط المواجهة في اليمن وفي البحر الأحمر. وكغيرهم من أعضاء المحور [محور المقاومة]، يمنح الحوثيون إيران فرصة إنكار معقولة؛ إذ يعلنون بشكل روتيني مسؤوليتهم عن الهجمات التي يُحتمل أن تكون إيران قد أمرت بها أو نفذتها. على سبيل المثال، يلقي العديد من الخبراء باللوم على إيران في الهجمات على منشآت النفط السعودية التي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها في سبتمبر/ أيلول 2019.
كيف أثرت الحرب بين إسرائيل وحماس في العلاقات؟
فيما وصفه الحوثيون بالدعم العملي لحماس والفلسطينيين، هاجمت الجماعة أهدافاً مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل في البحر الأحمر، بل وأطلقت صواريخ على إسرائيل، مما ألحق أضراراً بالغة بالملاحة الدولية. ووفقاً لبيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حاول الحوثيون شن أكثر من ثلاثمائة هجوم على السفن في البحر الأحمر بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وديسمبر/ كانون الأول 2024. ويقول الخبراء إنه من غير الواضح ما إذا كانت إيران أم قادة الحوثيين هم من أمروا بالضربات الأولية، لكن طهران أعربت عن دعمها القاطع للعمليات، ويُقال إنها تساعد الحوثيين على استهداف السفن.
يثير تهديد الحوثيين في البحر الأحمر قلق واشنطن بشكل خاص، إذ تعد حرية الملاحة مصلحة أمريكية جوهرية. رداً على هجمات الجماعة الأولى على السفن عام 2023، تعاونت الولايات المتحدة – في عهد الرئيس جو بايدن – مع المملكة المتحدة لإطلاق حملة عسكرية مشتركة لقصف أهداف حوثية في اليمن، بينما تولت البعثات البحرية الأمريكية والأوربية حماية السفن في البحر الأحمر. كما شنّت إسرائيل غارات جوية على اليمن عام 2024، استهدفت في معظمها بنى تحتية حيوية مثل محطات الطاقة وإمدادات النفط والمطارات وأبراج المراقبة البحرية.
في مارس/ آذار 2025، شنت إدارة دونالد ترامب هجوماً جديداً على ما وصفته بأهداف عسكرية واستراتيجية للحوثيين في اليمن. وأفادت مصادر حوثية بأن الهجوم أسفر عن مقتل 53 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، بينما أفاد مسؤولون عسكريون أمريكيون بأن كبار قادة الجماعة كانوا من بين القتلى. ولم يتسن التحقق من صحة هذه التقارير بشكل مستقل. ورداً على ذلك، أعلن الحوثيون شن ضربات انتقامية على سفن حربية أمريكية في البحر الأحمر.
يأتي تجدد تبادل إطلاق النار بعد أيام من إعلان الحوثيين أنهم سيستأنفون هجماتهم على السفن الإسرائيلية في الممرات المائية في الشرق الأوسط بعد فشل إسرائيل في الوفاء بالموعد النهائي لاستئناف إيصال المساعدات إلى غزة (توقفت هجمات الحوثيين لفترة وجيزة بعد أن توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في منتصف يناير / كانون الثاني). في بيان بثه التلفزيون الرسمي، نفى الجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، أي تورط في هجمات الحوثيين الانتقامية، قائلاً إن الحرس الثوري “لا يلعب أي دور في وضع السياسات الوطنية أو العملياتية” للجماعات المسلحة المتحالفة معه في المنطقة. كما حذر سلامي من أن إيران سترد “بحزم وقوة مدمرة” على أي تهديد ضدها، دون أن يذكر الولايات المتحدة صراحة. ويقول المحللون إن الحملة الأخيرة لواشنطن، والتي تتضمن تحذيرات مباشرة لطهران بوقف دعم الحوثيين، تمثل تصعيداً كبيراً للصراع من حيث النطاق والحجم.
الكاتب: كالي روبنسون
المصدر:
https://www.cfr.org/in-brief/irans-support-houthis-what-know
