تقارير ودراسات

حان الوقت لحظر جماعة إسلاموية تستخدم كندا للتخطيط لعودة الخلافة

في أوائل يناير/ كانون الثاني 2025، اضطرت حركة إسلاموية متطرفة دولية محظورة في ما لا يقل عن اثنتي عشرة دولة إلى إلغاء مؤتمرها في كندا حول كيفية إقامة خلافة إسلامية عالمية من خلال الإطاحة بالحكومات القائمة. وكان هذا هو العام الثاني على التوالي الذي يتراجع فيه المنظمون عن عقد مؤتمرهم السنوي.

وعلى الرغم من أن هذا التطور يعد أمراً مرحباً به، فإنه ليس كافياً. ويتعين على الحكومة الكندية أن تحذو حذو ألمانيا والمملكة المتحدة وتحظر الجماعة التي تقف وراء هذا الحدث: حزب التحرير.

وجاء قرار المنظمين بإلغاء المؤتمر، الذي حمل عنوان “الخلافة: إزالة العقبات التي تؤخر عودتها”، بعد أن أعرب البعض في وقت سابق عن مخاوفهم بشأن الخطر الذي تشكله هذه الجماعة على السلامة العامة والتماسك الاجتماعي. وأكد وزير الأمن العام ديفيد ماكغينتي في 13 يناير/ كانون الثاني أن وزارته تدرس ما إذا كان ينبغي إدراج حزب التحرير كياناً إرهابياً رسمياً في كندا.

الخلافة هي دولة سياسية دينية يعود تاريخها إلى القرن السابع عندما كان جزء كبير من الشرق الأوسط يحكمه خليفة ويخضع للشريعة الإسلامية. يطمح حزب التحرير إلى إعادة إنشاء إمبراطورية عابرة للحدود الوطنية مماثلة تغطي مرة أخرى الشرق الأوسط وكذلك شمال إفريقيا ومساحات شاسعة من وسط وجنوب آسيا.

وفي حين يزعم حزب التحرير أنه يرفض العنف، فإنه يحتفل بالهجمات على القوات الغربية والأمريكية، ويؤيد التفجيرات الانتحارية، وينظر إلى الجهاد باعتباره أداة ضرورية لنقل “رسالة الإسلام إلى العالم”.

يُشار إلى حزب التحرير باعتباره “حزام ناقل” للإرهاب و”أرض خصبة” لتجنيد أعضاء في تنظيم القاعدة، وله سمعة في تشكيل الإرهابيين المستقبليين من خلال أيديولوجيته ودعايته التحريضية. ويقال إن محمد إموازي “الجهادي جون”، عضو تنظيم الدولة الإسلامية، حضر فعاليات الحزب أثناء دراسته في بريطانيا. كما ارتبط العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول، خالد شيخ محمد، والزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، بالحزب، وفقاً لمصادر استخباراتية نقلتها صحيفة “نيو ستيتسمان”.

وعندما صنفته الحكومة البريطانية كياناً إرهابيًّا العام الماضي، أشارت إلى أن حزب التحرير “منظمة متطرفة تعمل بنشاط على تعزيز وتشجيع الإرهاب، بما في ذلك الإشادة والاحتفال بالهجمات المروعة التي وقعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول”.

تأسس حزب التحرير، الذي يتخذ من لبنان مقراً له، في عام 1953 على يد الفقيه الفلسطيني الشيخ تقي الدين النبهاني، بعد أن شعر هو وزملاؤه المتطرفون من جماعة الإخوان المسلمين بأن أيديولوجية الإخوان المسلمين ليست جذرية بما فيه الكفاية. وينشط الحزب، الذي يضم ملايين الأتباع في مختلف أنحاء العالم، في أكثر من 40 دولة، وكان ذات يوم واحداً من أقوى المنظمات الإسلاموية وأسرعها نمواً في أوربا. وقبل حظره في المملكة المتحدة، استخدم الحزب لندن كمقر إقليمي له لاستغلال الحريات النسبية المتاحة في أوروبا لتوجيه أنشطته في الدول الإسلامية، حيث يواجه المزيد من الرقابة.

إن طموحات حزب التحرير لإقامة خلافة عالمية تشبه إلى حد ما طموحات تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش. فكلتا المجموعتين جزء من الحركة السلفية الثورية الإسلاموية، ولكن أسلوبهما في العمل مختلف.

ففي حين يستخدم تنظيم داعش العنف ويتبع أيديولوجية تبرر وحشيته، يهدف حزب التحرير إلى توحيد الأمة من خلال تسليط الضوء على الطبيعة الفاسدة وغير العادلة للأنظمة الغربية والظلم الملحوظ الذي يعاني منه المسلمون في جميع أنحاء العالم.

وعلى النقيض من الأساليب الوحشية التي ينتهجها تنظيم داعش لتحقيق الهيمنة العالمية، فإن حزب التحرير يتبنى نهجاً سرياً في الهندسة الاجتماعية يتألف من ثلاث خطوات. فهو أولاً ينشئ خلايا صغيرة لتلقين الأفراد المجندين تعاليمه، ثم ينشر التعاليم الإسلاموية بين مجموعات اجتماعية أكبر لتحقيق وحدة أيديولوجية أوسع نطاقاً، وأخيراً يتخذ إجراءات ثورية بإسقاط الحكومة.

وقد سبق لأعضاء الحزب أن شاركوا في محاولات انقلاب متعددة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وفي عام 2012، أدين أربعة ضباط في الجيش الباكستاني بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة الباكستانية بسبب ارتباطهم بحزب التحرير.

إن الحظر المتكرر الذي فرض على حزب التحرير وتصنيفه منظمة إرهابية لم يثنه عن أحلامه في الغزو العالمي. على سبيل المثال، تضمنت المواد الترويجية لمؤتمره الذي تم إلغاؤه هذا العام في كندا ملصقات ومقاطع فيديو باللغات الإنجليزية والأردية والبنغالية والتي تروج للتاريخ المجيد للخلافة السابقة. وصور الحزب الغرب وحلفاءه في الشرق الأوسط على أنهم “طغاة” حاقدون “يعملون بنشاط لقمع” المسلمين. كما زعم أن الخلافة وحدها هي القادرة على تحرير فلسطين من “الكيان الصهيوني”. وقد تم حذف كل هذه المواد الترويجية بعد إلغاء الحدث.

وقد تضمنت مقاطع الفيديو الترويجية للحدث رجالاً في سن الخدمة العسكرية من أنصار حزب التحرير وصوراً بدت وكأنها من الحرب في غزة. وينبغي أن تثير هذه التكتيكات التوعوية قلق السلطات لأنها تشير إلى أن الحزب ربما كان يستهدف المسلمين الكنديين المحبطين من خلال التلاعب بمظالمهم حول الصراع في الشرق الأوسط لغسل أدمغتهم وتجنيدهم كمقاتلين أيديولوجيين لقضيته ومن المعروف أن الحزب كان مرتبطاً ذات يوم بحماس وشارك في غسل أدمغة الطلاب الفلسطينيين.

في الوقت الذي تشهد كندا مستويات مقلقة من التطرف الإسلامي، وتحول الشباب إلى الأيديولوجيات الراديكالية، وتهديد إرهابي على مستوى “لم يكن أعلى من هذا قط”، وفقاً لإحدى شركات الاستخبارات في أوتاوا، فإن جماعات مثل حزب التحرير لا تؤدي إلا إلى تفاقم التهديد، وبالتالي لا ينبغي السماح لها بالعمل.

علاوة على ذلك، فإن سعي حزب التحرير إلى استعادة الخلافة الإسلامية من خلال الإطاحة بالحكومات يرقى إلى مستوى التدخل الأجنبي والفتنة. ويعتبر الحزب الجنود الكنديين مجرمي حرب. وتهدد أفعاله استقرار وأمن حلفاء كندا الرئيسيين من الدول العربة والإسلامية. وبالتالي، يتعين على الحكومة الفيدرالية منعه من العمل في كندا واستخدام الموارد الكندية.

إن الأيديولوجية الخبيثة لحزب التحرير ومعتقداته وأهدافه وسجله الحافل كحاضنة للتطرف العنيف تبرر إدراجه كياناً إرهابياً بموجب القانون الجنائي الكندي. لقد نجح الحزب إلى حد كبير في إبقاء أنشطته البغيضة والمزعجة تحت الغطاء، وذلك بفضل تركيز العالم على أقرانه الأصوليين الأكثر شراسة مثل داعش والقاعدة. ومع ذلك، فإنه يشكل خطراً واضحاً على كندا وحلفائها. وأي شيء أقل من الحظر لن يكون كافياً.

الكاتب: جو آدم جورج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى