تقارير ودراسات

تنظيم جديد للإخوان المسلمين يعمل تحت جناح حكومة أردوغان لتنفيذ عمليات تأثير

في ظلّ طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتنصيب نفسه خليفةً للمسلمين في العالم، تعمل منظمة إسلاموية مقرّها إسطنبول ذات امتداد دولي على تعزيز الأجندة السياسية لحكومته من خلال تصدير الأيديولوجية الإسلاموية المتطرفة، وفي بعض الأحيان تأييد العنف والجهاد المسلح باسم الدين.

المنظمة التي تعمل تحت اسم الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام هي في الواقع مجموعة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى الاستفادة من الاحتجاجات الإسلامية التي اندلعت بسبب حملات التشهير ضد النبي محمد.

في الواقع، تسعى الهيئة إلى تجنيد أتباع جدد لصالح وكلاء الرئيس أردوغان، وتوسيع نطاق حكومته، وتعزيز حملات النفوذ العالمي لتركيا، وجمع الأموال من خلال استغلال حساسيات المجتمعات المسلمة لأغراض سياسية.

ولا يبدو أن الهيئة مسجلة رسميًّا بموجب القانون التركي؛ إذ لا يوجد لها أي سجل لدى وزارة الداخلية، التي تشرف على عمل جميع الجمعيات في تركيا وتجري التحقيقات، عندما يكون ذلك ضروريًّا.

وتكشف الصور من اجتماع عقد مؤخراً في مقر مؤسسة سوسيال دوكو (النسيج الاجتماعي) – المعروفة بتشجيع الجهاد العنيف – عن توجهات الهيئة العالمية لنصرة نبيّ الإسلام وجهودها الرامية إلى تنمية العلاقات مع الجماعات الجهادية التركية لتعزيز أجندتها مع مد نفوذها إلى الخارج.

وقد استضاف الاجتماع، الذي عقد في الرابع من فبراير/ شباط 2025، نور الدين يلديز، وهو رجل دين تركي متطرف دعا إلى الجهاد المسلح وألهم قاتل السفير الروسي في تركيا في عام 2016.

لقد تم حماية يلديز من المتابعة القانونية من قبل حكومة أردوغان، على الرغم من دوره في تطرف ضابط الشرطة التركي مولود ميرت ألتينتاش، الذي اغتال السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة. لم يستجوب المدعون الأتراك يلديز قط، على الرغم من أن القاتل كان يحضر خطبه الخاصة بشكل متكرر. بالإضافة إلى ذلك، كان يلديز يلقي خطباً نارية في مؤسسة شباب تركيا (توغفا) التي تركز على تجنيد الشباب، والتي أسستها عائلة أردوغان.

حتى إن رجل الدين هذا سافر إلى سوريا للقاء جماعات مسلحة، وكثيراً ما ألقى خطباً لدعم الحملات الجهادية العنيفة في مختلف أنحاء العالم، كما دعا إلى زواج الفتيات في سن السادسة، وأصدر فتوى تجيز الإعدام والشنق وقطع الأيدي والأذرع للأشخاص المنتمين إلى حركة غولن، وهي جماعة تنتقد حكومة أردوغان.

وقد حدد موقع “نورديك مونيتور” ضيوف يلديز في اجتماع فبراير/ شباط على أنهم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين المصرية محمد الصغير، ورجل الدين الإسلامي السوداني عبد الحي يوسف، ورجل الدين الموريتاني محمد الحسن بن الددو الشنقيطي. وركز الاجتماع على توحيد جهودهم ومواردهم للترويج للإسلام السياسي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.

إن الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام هي واحدة من العديد من المنظمات الإسلاموية التي يستخدمها الرئيس أردوغان لفرض سلطته خارج حدود تركيا، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا وأوربا. وقد أسسها حوالي 50 إسلاميًّا في أكتوبر / تشرين الأول 2021 بدعم من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والذي يؤيد بقوة جماعة الإخوان المسلمين وفرعها الفلسطيني حماس.

في مؤتمرها الافتتاحي في عام 2021، كان خالد مشعل، زعيم حماس المسؤول عن إدارة المكتب السياسي للحركة في الخارج، المتحدث الرئيس. ويخضع مشعل لحماية وكالة الاستخبارات التركية كلما سافر وأقام في تركيا.

ويقود الهيئة العالمة لنصرة نبيّ الإسلام محمد الصغير، الذي يحمل لقب الأمين العام. ويتمتع الصغير بإمكانية الوصول إلى الرئيس التركي، وله علاقات قوية مع الحكومة التركية، ويلقي خطباً دينية بانتظام لأتباعه عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولديه 1.6 مليون متابع على “اكس”.

إن هذه المنظمة مسيسة إلى حد كبير، فهي تدعم الرئيس أردوغان، وتؤيده أثناء الانتخابات، وتعمل على تقويض الحكومات العربية المعارضة لجماعة الإخوان المسلمين، وتتلقى الدعم المالي واللوجستي والحماية السياسية من الحكومة التركية.

ومن بين مؤسسي المنظمة ياسين أقطاي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ومدير العلاقات الخارجية للحزب في ذلك الوقت. ويعدّ أقطاي، مستشار أردوغان للشؤون العربية، الرئيس التركي خليفة ويرى في جماعة الإخوان المسلمين وكيلاً للدولة التركية.

إن محمد جورمز، الرئيس السابق لهيئة الشؤون الدينية التركية (ديانت)، هو أحد مؤسسي المنظمة أيضاً. وكان جورمز قد نجح في تحويل ديانت، التي تمتلك مليارات الدولارات من الأموال وتسيطر على نحو 90 ألف مسجد في تركيا والخارج، إلى معقل لشبكة الإخوان المسلمين.

المواطن التركي الثالث بين المؤسسين هو أنور كيليشارلان، وهو مجرم مدان حُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف في فبراير/ شباط 2002 بسبب عضويته في حزب الله، وهو تنظيم منفصل عن حزب الله اللبناني ومصنف منظمة إرهابية في تركيا. وقد تدرب كيليشارلان في إيران عام 1987، وتم تكليفه بالخدمة تحت قيادة زعيم حزب الله التركي الراحل حسين فيلي أوغلو، الذي قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة خلال مداهمة منزل آمن في إسطنبول في يناير/ كانون الثاني 2000.

وقد تم حماية كيليشارلان من المتابعة القانونية من قبل أردوغان، الذي ضمن إطلاق سراح جميع أعضاء حزب الله المدانين من السجون التركية كجزء من صفقة تم التوصل إليها مع حزب الله في عام 2014. وهو الآن يقود جماعة إسلامية تسمى “اتحاد العلماء والمدارس الدينية”، والتي تخدم في المقام الأول السكان الأكراد.

علي قره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع لجماعة الإخوان المسلمين، هو أحد مؤسسي المنظمة. وقد أقام قره داغي لفترة طويلة في تركيا، حيث حظي بمعاملة كبار الشخصيات في البروتوكولات الحكومية.

عبد الوهاب إكينجي، أحد المؤسسين، هو أيضاً مواطن تركي. وهو عضو مجلس إدارة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ويعمل كحلقة وصل بين شبكة الإخوان المسلمين والحكومة التركية. كما يدير إكينجي نظيراً تركياً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يُدعى “الجمعية العالمية لعلماء المسلمين”، وهي مسجلة لدى وزارة الداخلية التركية.

وأنشأت الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام مركزاً أكاديمياً في إسطنبول في فبراير / شباط 2023، وخلال حفل الافتتاح، كرمت رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني لعمله الدعوي الذي استمر لعقود. في فبراير / شباط 2004، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية الزنداني على أنه “إرهابي عالمي محدد بشكل خاص”. وذكرت الوزارة أن الزنداني لديه “تاريخ طويل في العمل مع بن لادن، وأنه واحد من قادته الروحيين”. كما تم إضافة اسمه لاحقاً إلى قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للإرهابيين. توفي الزنداني في إسطنبول في 22 أبريل / نيسان 2024 عن عمر يناهز 82 عاماً.

واكتسبت الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام زخماً كبيراً في أعقاب سقوط بشار الأسد في دمشق واستيلاء الزعيم الجهادي أحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام، على السلطة كرئيس جديد لسوريا. وفي 30 يناير / كانون الثاني 2025، نشر الصغير رسالة هنأ فيها الشرع على ما وصفه بـ “الفتح الإسلامي” الذي منّ الله به عليه وشجعه على إقامة الشريعة الإسلامية في سوريا.

المصدر: نورديك مونيتور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى