تقارير ودراسات

المتشددون في إيران يلتزمون الصمت بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة

يبدو أن المتشددين في إيران، الذين عارضوا منذ فترة طويلة المفاوضات، وأيّ شكل من أشكال التسوية مع الولايات المتحدة، أصبحوا على الهامش بعد أن غير المرشد الأعلى علي خامنئي سياسته، وسمح باستئناف المحادثات بين طهران وواشنطن.

في حين عبرت بعض وسائل الإعلام التابعة لمكتب خامنئي أو الحرس الثوري عن انتقادات محدودة، التزم الفصيل المتشدد الأوسع في البرلمان الصمت إلى حدّ كبير، أو حتى دعم هذا التحول. وأشارت وسائل الإعلام التابعة للدولة إلى بوادر انقسام داخل المعسكر المحافظ المتشدد، مما يشير إلى تراجع نفوذ أولئك الذين ما زالوا يعارضون التواصل مع واشنطن.

في المقابل، رحبت جبهة الإصلاح وشخصيات معتدلة نسبيًّا داخل النظام بهذا التحول، مؤكدة أن خامنئي نفسه أيد المفاوضات.

في 21 أبريل/ نيسان 2025، ألقى الرئيس السابق حسن روحاني، وهو من تيار الوسط، كلمة أمام حشد من حلفائه السياسيين، مؤكداً دعمه الثابت للدبلوماسية مع القوى العالمية. وألقى باللوم على المتشددين في نسف الجهود المبذولة خلال الأشهر الأخيرة من ولايته عام 2021 للتوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن.

قال روحاني إنه خلال المفاوضات التي جرت بين أبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران 2021، كان التوصل إلى اتفاق في المتناول، اتفاق من شأنه رفع معظم العقوبات الأمريكية، وربما حتى شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وأضاف روحاني: “تفاوض الدكتور [عباس] عراقجي في ربيع 2021، وحصل على كل ما طلبناه”. وتابع: “لم تكن ستُرفع العقوبات السابقة فحسب، بل تلك التي فرضها ترامب أيضاً. حتى أنهم كادوا يوافقون على شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، لكن المتشددين عرقلوا ذلك”.

على مدى عقدين من الزمن، هيمن المتشددون على السياسة الداخلية والخارجية لإيران، ويُلامون على نطاق واسع على العقوبات التي أفقرت الشعب، بينما استفادوا هم أنفسهم من اقتصاد إيران الغامض والخاضع لسيطرة الدولة. يعتقد كثير من الإيرانيين أن هذه المجموعة الصغيرة من “الثوريين” الإسلاميين المتطرفين تدين بامتيازاتها فقط لدعم خامنئي والحرس الثوري الإيراني.

سهلت هيئات التدقيق الانتخابي الخاضعة لسيطرة خامنئي هيمنتهم في الانتخابات البرلمانية، وخاصة في انتخابات 2020 و2024، عندما استبعد وكلاء خامنئي مئات المرشحين المعتدلين نسبياً. ونتيجة لذلك، سيطر المتشددون على المجلس التشريعي ومؤسسات رئيسية أخرى، أحياناً بدعم لا يتجاوز 10% من الناخبين المؤهلين. وقد مولت كل من المؤسسات المالية التابعة للمرشد الأعلى والحرس الثوري منصاتهم الإعلامية بسخاء. وهم يسيطرون على ما لا يقل عن عشر صحف ومواقع إلكترونية بارزة، بالإضافة إلى العديد من المنافذ الإعلامية الأصغر حجماً.

على مدار العقد الماضي، عين خامنئي متشددين – معظمهم من حلفاء السياسي المتشدد سعيد جليلي – في مناصب رئيسية، بما في ذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. وبقوة عاملة تقدر بنحو 40 ألف موظف، روجت هيئة الإذاعة والتلفزيون لخطابات معادية لأمريكا، وعارضت التفاوض والتسوية بشأن القضية النووية.

يتفق معظم المحللين الإيرانيين على أن المتشددين ليسوا قوة شعبية ولا مستقلة، بل هم أدوات لأجندة المرشد الأعلى. ولا تنبع قوتهم من الدعم الشعبي، بل من دورهم في إنفاذ أولويات السياسة الداخلية والخارجية للنظام. منذ اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية عام 2017، ازداد دورهم في جهاز القمع الحكومي. وعلى الرغم من أن بعضهم قد يحمل قناعات إسلاموية شيعية صادقة، فإن خامنئي حرص على تعزيز نفوذهم الجماعي.

بسماحه للمحادثات النووية، أجبر خامنئي المتشددين بالتزام الصمت. لكن يبدو أن هذا إجراء تكتيكي، وليس تحولاً جذرياً. لم يفقد المتشددون نفوذهم المؤسسي؛ بل إنهم يحافظون على حضور غير متناسب حتى داخل إدارة الرئيس مسعود بزشكيان، المرشح الأعلى لجبهة الإصلاح.

ولكن في الواقع، يبدو أن خامنئي مستعد لإبقاء ذخيرته جاهزة: يسمح للإصلاحيين “الشرطي الصالح” بالمضي قدماً، في حين يحتفظ بالمتشددين “الشرطي السيئ” في الاحتياط لزيادة الضغوط في اللحظة الأخيرة أو لإفشال المحادثات إذا لم تحقق أهدافه.

 

الكاتب: ماردو سوغوم

https://www.meforum.org/mef-observer/irans-hardliners-mostly-quiet-on-talks-with-the-united-states

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى