العلاقة بين كوريا الشمالية وحماس
في 8 يناير / كانون الثاني 2024، تحقق جهاز المخابرات الوطنية في كوريا الجنوبية من أن حماس تستخدم أسلحة من كوريا الشمالية في صراعها مع إسرائيل في غزة. نشرت وكالة الاستخبارات الوطنية صورة لقنبلة صاروخية كورية شمالية من طراز اف-7 مكتوب عليها حروف كورية. بشكل منفصل، قال الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف أسلحة كورية شمالية متعددة، بما في ذلك قذائف آر بي جي مضادة للدبابات، في غزة وإسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر / تشرين الأول. وتنفي وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية، بما في ذلك وكالة الأنباء المركزية، بشدة المزاعم القائلة إن كوريا الشمالية تقوم بتسليح حماس في الحرب الحالية في غزة، لكن الأدلة تشير إلى خلاف ذلك.
السؤال الأول: ما هو تاريخ العلاقة بين كوريا الشمالية وحماس؟
ج1: لكوريا الشمالية تاريخ طويل من العلاقات مع حماس؛ تعود العلاقة بينهما إلى الستينيات عندما بدأت كوريا الشمالية لأول مرة في تقديم المساعدات المالية والتدريب لمنظمة التحرير الفلسطينية. وأعقب ذلك زيارتان منفصلتان رفيعتا المستوى قام بهما زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى بيونغ يانغ للقاء كيم إيل سونغ في السبعينيات والثمانينيات، وأسفرت كلتا الرحلتين عن تدفق مستمر للأسلحة الكورية الشمالية وغيرها من المساعدات للفلسطينيين. وعلى الرغم من أن ارتباط كوريا الشمالية بفلسطين تضاءل بعد الحرب الباردة، استؤنف في عام 2007 بعد سيطرة حماس على قطاع غزة. في يوليو / تموز 2014، عندما شنت إسرائيل عملية “الجرف الصامد” العسكرية في غزة، طلبت حماس المساعدة العسكرية من كوريا الشمالية. وفي صفقة سرية، تلقت حماس صواريخ ومعدات اتصال للاستخدام العسكري من كوريا الشمالية. وبصرف النظر عن نقل الأسلحة والمساعدات المالية والتدريب، فمن المتوقع أن كوريا الشمالية ساعدت حماس أيضاً على بناء مترو غزة، وهو شبكة من الأنفاق تسيطر عليها الحركة للأغراض العسكرية والخدمات اللوجستية والتخزين والنقل.
وتعترف كوريا الشمالية بالسيادة الفلسطينية على كامل الأراضي الإسرائيلية، ولا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وتماشياً مع هذه السياسة، تتمتع كوريا الشمالية بسجل طويل في دعم فلسطين من خلال إدانة العمل العسكري الإسرائيلي بشدة في المنطقة. وأدانت وزارة خارجية كوريا الشمالية العمل العسكري الإسرائيلي خلال المواجهات بين إسرائيل وحماس في الأعوام 2008 و2015 و2021 ووصفته بأنه “جرائم ضد الإنسانية”. ويتجلى دعم كوريا الشمالية لفلسطين أيضاً في المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، حيث صوتت كوريا الشمالية باستمرار لصالح حق فلسطين في تقرير المصير منذ عام 2015.
السؤال الثاني: لماذا تقوم كوريا الشمالية بتزويد حماس بالأسلحة؟
ج2: على الرغم من سنوات الدعم التي قدمتها كوريا الشمالية للفلسطينيين، يبدو أن المال هو الدافع الأساسي. ففي ظل العقوبات الدولية الشديدة، انخرطت كوريا الشمالية في العديد من الأنشطة غير المشروعة لتوليد إيرادات لتمويل برنامج أسلحتها النووية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة لحماس وإيران وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة. إن هجوم حماس الذي وقع في 7 أكتوبر / تشرين الأول هو أحدث دليل على أن تجارة الأسلحة غير المشروعة لها تأثير عميق على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
كما تشجعت كوريا الشمالية بظهور حركة مناهضة للولايات المتحدة، وهي الكتلة التي تضم روسيا والصين وإيران. بعد غزو روسيا لأوكرانيا، على سبيل المثال، سعت كوريا الشمالية إلى تحقيق مكاسب استراتيجية من خلال توسيع التعاون مع روسيا لانتزاع ما تحتاجه من موسكو مع تعقيد الجهود الأمريكية في أوكرانيا. وبالمثل، تبحث كوريا الشمالية عن فرص لتقويض المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط مع الاستفادة من الحرب في المنطقة. وأثار هذا احتمال قيام كوريا الشمالية بتوسيع مبيعات الأسلحة لحماس في أعقاب الأمر الذي أعلنه كيم جونغ أون بدعم الفلسطينيين في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.
السؤال الثالث: هل التعاون العسكري بين كوريا الشمالية وحماس مهمّ بالنسبة إلى الولايات المتحدة؟
ج3: نعم، فعلى الرغم من أن العلاقة بينهما لا تشبه التحالف العسكري الاستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا، فإن تجارة الأسلحة غير المشروعة المتزايدة بين كوريا الشمالية وحماس تشكل مصدر قلق للأمن القومي الأمريكي وقضية عالمية تتعلق بحظر انتشار الأسلحة النووية. بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وغزة، تدعم كوريا الشمالية هذه الصراعات الإقليمية لإطالة أمدها والاستفادة من الطلب النهم على الذخيرة والأسلحة والصواريخ. تعد كوريا الشمالية بالفعل المزود الرئيس لأكثر من 3 ملايين طلقة من الذخيرة وعشرات الصواريخ الباليستية لروسيا من أجل الحرب في أوكرانيا، مقابل كميات لا حصر لها من الغذاء والوقود والتكنولوجيا العسكرية. بالإضافة إلى أنشطتها غير المشروعة الأخرى، ستساعد مبيعات الأسلحة كيم جونغ أون على تأمين إيرادات لتمويل برامج كوريا الشمالية المتنامية للصواريخ والفضاء والأسلحة السيبرانية والنووية.
السؤال الرابع: هل هناك ردود سياسية جيدة بالنسبة إلى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؟
ج4: يمكن للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بذل المزيد من الجهود للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في سياق مجموعة السبع، أو الرباعية، أو المنتدى الاقتصادي بين الهند والمحيط الهادئ لخفض تدفق الأموال إلى النظام، وتطبيق قدر أكبر من التدقيق على الأسلحة الكورية الشمالية التي تساهم في العنف والجريمة في جميع أنحاء العالم. أحد الإجراءات الفورية التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية هو الدعوة إلى إدانة دور كوريا الشمالية في غزة وأوكرانيا في قمة مجموعة السبع المقبلة في يونيو/ حزيران. وتشكل المبادرة الأمنية لمكافحة انتشار الأسلحة فرصة أخرى للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لإقناع شركائهما باستهداف واعتراض شحنات الأسلحة الكورية الشمالية المتجهة إلى مناطق الصراع. ومن الممكن أيضاً الاستفادة من عدم رضا بكين عن العلاقات المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا للتفاوض على صيغة لتضييق الخناق على تجارة الأسلحة غير المشروعة في كوريا الشمالية. وبغض النظر عن الرد السياسي الذي يتبعه الحليفان، فمن الأهمية بمكان معالجة مبيعات الأسلحة التي تقوم بها كوريا الشمالية، سواء لحماس أو لروسيا، بطريقة شاملة، لأن معالجة تدفق واحد فقط من تجارة الأسلحة لا تكفي لضمان السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية وفي جميع أنحاء العالم.
الرابط:
https://www.csis.org/analysis/dprk-hamas-relationship