تقارير ودراسات

الإخوان المسلمون في السعودية

تأسس الفرع السعودي لجماعة الإخوان المسلمين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، عندما كانت المملكة العربية السعودية بمثابة ملاذ لأعضاء الجماعة الفارين من مصر والدول العربية الأخرى، حيث أعطتهم المجال لكي يشغلوا مراكز كبرى، خاصة في الجهاز التعليمي والأكاديمي. خلال رحلة إلى المملكة العربية السعودية عام 1948، كان مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا هدفاً لمحاولة اغتيال برعاية مصرية كشفت عنها السلطات السعودية وساعدت على إحباطها. في البداية، حرص الإخوان السعوديون على تجاوز أي اختلافات عقائدية مع النسخة المحلية من الإسلام، وقاموا بتكييف رسالتهم الإسلامية العالمية لتتوافق مع الإيديولوجية الوهابية المحافظة في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، ظلت الدولة السعودية معارضة رسمياً لجماعة الإخوان التي مارست أنشطتها في البلاد بطريقة سرية.

أدى تأثير جماعة الإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية إلى ظهور حركة إسلامية مسيسة تعرف باسم “الصحوة”. وكجزء من أنشطة هذه الحركة، تم نشر مجموعة متنوعة من أدبيات الإخوان، خاصة في الجامعات، والتي لاقت انتشاراً واسعاً. وفي حين نأت حركة “الصحوة” بنفسها رسمياً عن المراكز الأجنبية للإخوان في محاولة لتجنب إثارة الشكوك، ساعد التمويل المحلي على تشكيل منظمات متعددة في الداخل متحالفة مع التنظيم الدولي للإخوان، بما في ذلك رابطة العالم الإسلامي (1962)، والندوة العالمية للشباب الإسلامي (1972)، وغيرها.

خلال هذه الفترة، ورد أن مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين السعودية. ووفقاً للمؤسس المشارك لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري، انضم بن لادن إلى الجماعة في السعودية لكنه طرد لاحقاً منها بسبب تصميمه على القتال مع الجهاديين في أفغانستان في الثمانينيات، وهو موقف كان يتعارض مع أيديولوجية الإخوان في ذلك الوقت.

ومنذ ذلك الحين، واجه الإخوان السعوديون مقاومة أكبر من الحكومة. وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2002، اتهم الأمير السعودي نايف بن عبد العزيز آل سعود ـ وزير الداخلية آنذاك ـ جماعة الإخوان المسلمين بأنها “أصل البلاء في المملكة”، وبأن أفكارها “دمرت العالم العربي”. وبعد انتفاضات الربيع العربي عام 2011، انضم الإخوان رسمياً إلى المتظاهرين، وعندما أطاحت الانتفاضات بنظام مبارك في مصر واستبدلته بحكومة إخوانية منتخبة، زادت العائلة المالكة السعودية مساعداتها للجيش المصري الذي أطاح بحكومة الإخوان بعد عام من انتخابها.

واحتج رجال الدين المتحالفون مع جماعة الإخوان المسلمين في السعودية على الدعم السعودي للجيش المصري. ففي رسالة عامة مؤرخة في 8 غشت / آب 2013، أدان 56 شيخاً “عزل الرئيس المنتخب شرعياً” في مصر واعتبروه انتهاكاً “لإرادة الشعب”. وتابعت الرسالة: “إننا نعرب عن معارضتنا واستغرابنا للطريق الذي سلكته بعض الدول التي اعترفت بالانقلاب.. ومشاركتها في ارتكاب إثم واعتداء تحرمه شريعة الإسلام”. وانتهت الرسالة بملاحظة تحمل في طياتها نبرة التهديد: “ستكون هناك عواقب سلبية على الجميع إذا دخلت مصر في حالة من الفوضى والحرب الأهلية”.

عكست الرسالة العلنية التي وجهها الشيوخ لدعم الإخوان المصريين المشاعر الشعبية على نطاق واسع. وفي أعقاب “مذبحة رابعة” في غشت / آب 2013 في القاهرة ـ التي داهمت فيها قوات الأمن المصرية معسكرات المتظاهرين ـ استبدل آلاف السعوديين صور ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي بعلامة رابعة تضامناً مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية.

وسرعان ما قوبل الدعم الشعبي لجماعة الإخوان المصرية بحملة قمع. في 4 فبراير/ شباط 2014، في خطوة يعتقد على نطاق واسع أنها تستهدف أنصار الإخوان المسلمين، أعلن مرسوم ملكي أن “الانتماء إلى الجماعات الفكرية أو الدينية المتطرفة […] أو إظهار التعاطف مع أفكارها وأساليبها” سيعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشرين سنة.

وفي 7 مارس/ آذار 2014، صنفت المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان المسلمين رسمياً على أنها منظمة إرهابية. وكما هو الحال مع المرسوم، كان يُنظر إلى هذا التصنيف على نطاق واسع على أنه إجراء يهدف إلى تهميش جماعة الإخوان في جميع أنحاء المنطقة وتقليل الدعم الذي تحظى به من الحكومات الغربية. بعد التصنيف، قامت الرياض بقمع نشاط الإخوان بشكل مطرد.

في ديسمبر/ كانون الأول 2015، على سبيل المثال، أمرت السلطات السعودية المدارس بإزالة جميع الكتب التي ألفها علماء ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك يوسف القرضاوي، وسيد قطب، ومؤسس الجماعة حسن البنا. كما كانت المملكة بطيئة في تسليح وتجهيز المتمردين السوريين خوفاً من دعم جماعة الإخوان السورية المتحالفة ضد نظام الأسد. وفي 5 مارس/ آذار 2014، سحبت السعودية سفيرها من قطر احتجاجاً على دعم النظام القطري لجماعة الإخوان المسلمين.

ومع ذلك، كانت هناك أيضاً علامات على تقارب محتمل بين المملكة العربية السعودية وحركة الإخوان المسلمين الإقليمية. ففي يونيو/ حزيران 2015، استقبلت المملكة وفداً رفيع المستوى من حماس، فرع جماعة الإخوان المسلمين في غزة. كما استضافت المملكة عدداً من القادة المنتمين إلى الجماعة، بما في ذلك راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة المرتبط بالإخوان في تونس، وعبد المجيد الزنداني، زعيم حزب الإصلاح المرتبط أيضاً بالإخوان في اليمن.

وفي أواخر عام 2016، أفادت التقارير أن مسؤولين سعوديين التقوا بقادة الإخوان لمناقشة إزالة الإخوان من قائمة الإرهاب. وبحسب ما ورد، خططت المملكة لتطبيع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين مقابل تفاهمات غير محددة بينها وبين والتنظيم الدولي للإخوان.

ومع ذلك، في يونيو/ حزيران 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر ردّاً على دعمها المستمر لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات المتطرفة والإرهابية.

وفي 10 نوفمبر / تشرين الثاني 2020، أعلنت هيئة كبار العلماء في السعودية التي يرأسها عبد العزيز آل الشيخ أن الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وتتبع أهدافها الحزبية وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب”، محذرة من الانتماء إليها أو التعاطف معها.

كرونولوجيا

ـ 1948: أثناء رحلة إلى المملكة العربية السعودية، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا يتعرض لمحاولة اغتيال برعاية مصرية. والسلطات السعودية تساعد على كشف وإحباط المؤامرة.

ـ الثمانينيات: يقال إن أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة فيما بعد، تم طرده من جماعة الإخوان المسلمين السعودية بسبب تصميمه على الجهاد في أفغانستان.

ـ 8 غشت / آب 2013: 56 من رجال الدين، بعضهم متعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين السعودية، ينشرون رسالة تدين “إقالة الرئيس المنتخب شرعياً” في مصر وانتهاك “إرادة الشعب”.

ـ 4 فبراير / شباط 2014: صدور مرسوم ملكي من الحكومة السعودية يعلن أن دعم المنظمات المتطرفة قد يؤدي إلى السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً.

ـ مارس / آذار 2014: المملكة العربية السعودية تعرب عن رفضها للدعم القطري لجماعة الإخوان المسلمين من خلال استدعاء سفيرها.

ـ 7 مارس / آذار 2014: المملكة العربية السعودية تصنف جماعة الإخوان المسلمين رسمياً منظمة إرهابية.

ـ يونيو/ حزيران 2015: المملكة العربية السعودية تستقبل وفداً رفيع المستوى من حركة حماس، فرع جماعة الإخوان المسلمين في غزة.

ـ 1 ديسمبر / كانون الأول 2015: المملكة العربية السعودية تأمر المدارس بإزالة كتب المؤلفين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك يوسف القرضاوي، وسيد قطب، وحسن البنا.

ـ يونيو / حزيران 2017: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر رداً على دعمها المستمر لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات المتطرفة والإرهابية. وبعد أسبوعين، الدول الأربع تصدر قائمة مطالب لقطر تتضمن قطع العلاقات مع الجماعة.

ـ 10 نوفمبر / تشرين الثاني 2020: هيئة كبار العلماء في السعودية تعلن أن الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وتتبع أهدافها الحزبية وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب”.

زر الذهاب إلى الأعلى